مرت سنتان على نجاح الثورة المباركة وهروب زين العابدين بن علي لكن لا شيء تغير عند أهالي مكثر حيث مازالوا يعانون من الفقر والبطالة والتهميش. لقد شارك أبناء مكثر في الثورة وقاموا بعديد الاحتجاجات بعد هروب بن علي مطالبين بإيجاد حلول كفيلة بإنقاذهم من الفقر والبطالة لكن لم يجدوا التفاتة جدية الى أوضاعهم الاجتماعية الصعبة.
لئن عاش جل شيوخ مكثر وكهولها في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة بين فقر وخصاصة وتهميش، فأبناؤهم ينتظرون نفس المصير طالما لم توجد رغبة صادقة من طرف حكومات ما بعد الثورة لحل مشكلتي الفقر والبطالة، وهو ما دفعهم الى الاحتجاج ثم الاحتجاج عسى أن تتغير أوضاعهم المعيشية أما الزيارة الرئاسية التي أداها الرئيس المنصف المرزوقي الى مكثر والتي علق عليها الاهالي آمالا كبيرة فلم يجن منها أبناء مكثر الا الشعور بالاحباط واليأس من امكانية تحسين أوضاعهم الاجتماعية.
إن كل أبناء مكثر يدفعون ضرائب فمن لا يدفع ضرائب مباشرة يدفع ضرائب غير مباشرة لكن الفقراء والبطالين لا يجنون شيئا من عائداتهم ذلك ان عائدات هذه الضرائب توزع على فئات غير الفقراء والبطالين وفي مجالات أخرى فالمنتمون الى منظمة اتحاد الصناعة والتجارة ينالون نصيبا من عائدات هذه الضرائب في شكل دعم للمستثمرين بحوالي 25٪ من قيمة المشروع ونسبة من أجور العمال الجدد لديهم والفلاحون الكبار ينالون نصيبا من عائدات هذه الضرائب عند شراء آلة حاصدة او جرار في شكل دعم بحوالي 25٪ والموظفون بالقطاع العام والوظيفة العمومية والمتقاعدون ينالون كل سنة نصيبا من هذه الضرائب في شكل زيادات في الاجور والجرايات.
ولا يجني الفقراء والبطالون شيئا من عائدات هذه الضرائب وكأن نصيبهم تسدد به الديون الخارجية للدولة وتعبد به الطرقات وتبنى به الجسور والسدود.
فهل من العدل ان يحرم الفقراء والبطالون من حقهم في عائدات الضرائب؟
أليس من حقهم نصيب من عائدات الضرائب يصرف اليهم كل شهر في شكل منحة اجتماعية أو منحة بطالة في انتظار توفير الشغل اليهم؟
إن مكثر فلاحية بامتياز وبها مواد انشائية مثل الرخام حيث بالامكان اقامة مصنع لقطع وصقل الرخام وبها مواقع أثرية يمكن الاعتناء بها والتعريف بها لتصير قبلة للسياحة الثقافية، لكن ان نقول ان مكثر فلاحية بامتياز هذا لا يعني ان المصانع التي يمكن اقامتها بمكثر لابد ان تكتسي الصيغة الفلاحية ذلك أن كل الدول الأوروبية كانت وما تزال فلاحية لكن أقيمت في تلك الحقول مصانع مختلفة تصنع المعدات الميكانيكية والكهربائية والصيدلانية وغيرها وبالتالي وجب اقامة مصانع بمكثر كافية لحل مشكلة البطالة وتبقى هذه المصانع ملكا للدولة، تعين هذه الحكومات مديرين على هذه المصانع فيتولى هؤلاء ترويج المنتوج داخل البلاد وخارجها.
إن على حكومات ما بعد الثورة الاعتماد على هذا الخيار لحل مشكلة البطالة ذلك ان المستثمرين الخواص عازفون عن الاستثمار بهذه الجهة وبالتالي وجب على حكومات ما بعد الثورة تحمل مسؤوليتها لحل مشكلة البطالة بتشييد مصانع ملكا للدولة.