أصدر أمس المرصد الوطني لاستقلال القضاء تقريرا حول ملابسات المصادقة على الفصل 78 من قانون المالية الجديد والاشكاليات القانونية المترتبة عن إقراره من ذلك تأثيره على القضايا المنشورة لدى المحكمة الادارية والتعدّي على اختصاص رئيس الحكومة. الاشكاليات القانونية للفصل 78
ذكر المرصد التونسي لاستقلال القضاء أنه توجد اشكاليات قانونية مترتبة عن إقرار الفصل 78 من قانون المالية لسنة 2013 الذي نصّ على أنه مع مراعاة مقتضيات الميزانية المصادق عليها بعنوان المجلس الوطني التأسيسي تضبط المنح المسندة الى رئيس المجلس الوطني التأسيسي ولنائبيه والى عموم أعضاء المجلس بقرارات من رئيس المجلس الوطني التأسيسي. من هذه الاشكاليات القانونية هي مخالفة الفصل 78 مع مقتضيات القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية.
وجاء في تقرير المرصد أن قانون المالية لسنة 1989 الصادر بمقتضى القانون عدد 145 لسنة 1988 المؤرخ في 31 ديسمبر 1988 قد اقتضى في فصليه 72 و73 أن رئيس مجلس النواب وأعضاءه يتقاضون منحا شهرية طيلة المدة النيابية تضبط بأمر وأنه يجوز لأعضاء مجلس النواب وبطلب منهم أن تحدد منحهم على أساس الأجور والمرتبات والمنح التي يتقاضونها في رتبهم بالوظيفة العمومية مما يعني أن تدخل رئيس المجلس الوطني التأسيسي بمقتضى قرارات لضبط منح النواب استنادا الى أحكام الفصل 121 من النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي قد أوقع هذا المجلس في دوامة من الأخطاء القانونية كان من السهل تجنبها بمواصلة العمل بالأمر التطبيقي لقانون المالية لسنة 1989. مخالفات أساسية
ولاحظ المرصد أن المصادقة على الفصل 78 قد أدّت الى تعقيد الوضع التشريعي في هذا المجال بسب ما ترتّب عنها من مخالفات أساسية وهي إقرار الاختصاص لرئيس المجلس الوطني التأسيسي الذي يبقى غير مؤهل لاتخاذ التراتيب المتعلقة بمنح أعضاء المجلس المذكور وأن تدخله بصورة أصلية لاتخاذ مثل تلك القرارات مخالف للقانون.
ومن هذه المخالفات التعدّي على اختصاص رئيس الحكومة من ذلك أن ضبط الأجور والمنح من اختصاص السلطة الترتيبية العامة أي رئيس الحكومة حيث ينص الفصل 17 من القانون التأسيسي في فقرته الثانية على أن الحكومة تسهر على تنفيذ القوانين ويصدر رئيسها الأوامر ذات الصبغة الترتيبية والفردية التي يمضيها بعد مداولة مجلس الوزراء واعلام رئيس الجمهورية. عدم دستورية الفصل 78
اعتبر المرصد التونسي لاستقلال القضاء أن الفصل 78 المذكور غير دستوري باعتبار عدم مطابقته مع احكام «الدستور الصغير» الذي أقر الاختصاص في هذه المادة لرئيس الحكومة دون غيره.
من أهم الاثار الناتجة عن صدور الفصل 78 تطهير القرارات الواقع ايقاف تنفيذها لسببين اثنين هما عدم اختصاص السلطة المصدرة لتلك القرارات ومخالفتها لمبدإ عدم رجعية القرارات الادارية طالما أن الفصل المذكور فوض لرئيس المجلس صلاحية ضبط المنح وأجاز كذلك أن يكون لتلك القرارات مفعول رجعي.
ويتضح من القرارات الصادرة في مادة توقيف التنفيذ أنها لم تتأسس فقط على عدم اختصاص رئيس المجلس الوطني التأسيسي في اصدارها وهو ما تم تصحيحه تشريعيا وانما كذلك على مخالفة تلك القرارات خاصة لقانون التقاعد والحيطة الاجتماعية ومجلة الضريبة ومجلة الصرف بخصوص القرار المتعلق بمنح الممثلين لدوائر انتخابية خارج الجمهورية من بين اعضاء المجلس ومبدأ عدم رجعية القرارات الادارية التي تقتضي أن لا يسري القرار على الماضي وأن لا ينتج آثاره الا من تاريخ صدوره ولمبدإ المساواة بين النواب.
وتبعا لذلك ذكر التقرير أنه في صورة تقديم الطاعن في القضايا الاصلية لنفس المطاعن التي تمسك بها في قضايا توقيف التنفيذ فإن الدائرة الابتدائية بالمحكمة الادارية سوف تصرح بالغاء القرارات المعنية بالنزاع لعدم شرعيتها وخاصة للأسباب المتصلة بمخالفة قانون التقاعد والحيطة الاجتماعية ومجلة الضريبة ومجلة الصرف.