لم تخل بعض صفحات الفايسبوك المعروفة بتشددها من المغالاة في محاولة التقليل من اغتيال المناضل شكري بلعيد.. حتى ان البعض استنكر صفة «الشهيد».. وهو ما أرجع أسئلة حول تسيب الخطاب الديني المتشدد في «انفجار» الوضع وتهديد بدخول الارهاب الى أرض تونس. تحدث الاستاذ الدكتور يوسف بن رمضان دكتور في علم الاجتماع ومختص في الاعلام عن تفاعل التونسيين مع ما حدث من اغتيال شكري بلعيد ووصول ما كنا نشاهده من عنف وارهاب في بلدان أخرى ضمن ظاهرة «عولمة الارهاب». واعتبر انه وبفضل وسائل الاعلام أصبح كل المتقبلين يعيشون الحدث بنفس الطريقة.. وان الانسان العادي يتقبل الحدث ويصبح في اتفاق مع ما تجمع عليه وسائل الاعلام. وقال ان حادثة الموت والدفن تتحول الى موضوع الشاشات.
خطاب الوعّاظ
أمام الاهتمام الاعلامي الكبير لوسائل الاعلام بتغطية حدث اغتيال المناضل شكري بلعيد واشتراكها في تأبينه واطلاق صحية تحذير، تصاعدت بعض الأصوات من بعض الوعاظ والخطباء المتقدمة لهذا الاهتمام ووصف البعض هذا الاهتمام بغير المبرر، بل ان بعض الأصوات المتشددة قالت انه لا تجوز له صفة الشهادة.. واتهمه آخرون بعدم «الايمان». وكان بعض المقربين قد استنكروا هذه الأصوات واعتبروا انه لا يمكن التشكيك في ايمان المرحوم. وسخر آخرون من توزيع من يدعون الايمان لصكوك الايمان والدخول في قلوب المسلمين.
وقال الدكتور يوسف بن رمضان ان الاهتمام بأحد الوعاظ او غيرهم ينطلق من انتظارات وبحث كل متلقي عن الخطاب الذي يهمه... وان تنوع القنوات يجعل لكل فرد ضالته. واعتبر ان انتشار وصعود أصوات المتشددين ناجم عن تهميش المفكرين والمثقفين المعتدلين في وسائل الاعلام وعدم اعطائهم المكانة اللازمة. واعتبر ان أغلب مجتمعات العالم لم تعط نوعا من التثمين الرمزي لرجال الفكر والدين وهو ما يجعلها «في ضلالة» وان هؤلاء بإمكانهم لعب دور الوسط وقد يكون هذا التغييب مقصودا.
صكوك الايمان
حول بعض الأصوات المتشددة التي اعتبرت شكري بلعيد وغيره من غير المؤمنين والتي ذهبت حتى الى تحريم الصلاة عليه او تعزية أهله، استنكر الدكتور ابراهيم الهادفي الكاتب العام للمجلس الأعلى الاسلامي سابقا تكفير مسلم لمسلم.. وقال إنه لا يستطيع إنسان أن يكفّر إنسانا فالايمان في القلب ولا يمكن أن يطلع على قلب أي أحد سوى اللّه، ولا يجوز في العقيدة أن ترمي الآخر بالكفر. وقال إن التكفير يرجع على من ادّعى كفر الآخر ولم يكن الحال صحيحا فالقلب لا يعلمه إلاّ اللّه. واستشهد «لا تُظهر الشماتة في أخيك فيعافيه اللّه ويبتليك».
من جهة أخرى، تحدث السيد ابراهيم الفقيه الباحث الاسلامي عن تحريم القتل في الاسلام من أجل الأفكار والمنافع الدنيوية وأن عقوبة القتل من غير حقّ ولا عدل العذاب العظيم.
وأكد على شعار الاسلام هو الدعوة من خلال الموعظة الحسنة.. وأن اللّه سبحانه دعا رسوله الي التذكير مؤكدا أنه غير قادر على السيطرة على الآخرين {فذكّر إنّما أنت مذكّر وليست عليهم بمسيطر}.
أما في ما يتعلق بالشهادة فقال إن الشهيد هو من يدافع عن الاسلام ويموت بالمساجد في سبيل الاسلام فإذا مات في المعترك دون حاجة في نفسه ومقصد للحصول على المال أو تحقيق أهداف دنيوية فهو شهيد. وأضاف بأن تجاوز المفهوم الى من يدافع عن الأفكار والمبادئ لا وجود لها في النصوص الشرعية.
من جهة ثانية تطلق الشهادة حسب باحثين في الاسلام على كل من يقتل دفاعا عن الدين وعن المذهب الحقّ.. أو يتمّ اغتياله لإيمانه أو لسبب له علاقة بالدين.. والذي يقتل ظلما وعدوانا ولو بصورة عشوائية ولم يكن المقصود شخصيا فهو أيضا يعامل معاملة الشهيد إن كان مؤمنا في عقيدته. وذهب بعض الباحثين الي اعتبار من قتل لقيامه بشهادة الحق في اللّه حتى قيل فهو شهيد.