من المشاكل الكبرى التي يعيشها الوطن القبلي زحف العمران على الأراضي الفلاحية وانتشار الأحياء الفوضوية التي تفتقر إلى أبسط مرافق الحياة مثل الإنارة والمياه الصالحة للشراب والصرف الصحي. وقد تحولت الكثير من الأراضي المنتجة إلى منازل عشوائية حتى بات الفلاحون الذين يمتلكون أراض قريبة من المدينة يسعون إلى إهمالها أملا في بيعها كأرض صالحة للبناء دون تجهيز أو ترخيص لان ذلك أجدى وأربح. إحدى المواطنات اشترت قطعة ارض فلاحية مجاورة لمدينة سليمان، وتستعد لتحويلها إلى مسكن رغم أنها تعلم أنها غير مهيأة للسكن وليس لها شاهدة ملكية، وقالت مبررة: «سعيت إلى الحصول على قطعة ارض صالحة للبناء في احد التقاسيم المهيأة لكني فشلت بسبب الغلاء حيث يتراوح ثمن المتر المربع بين 200 و300 دينار زيادة على أن التقاسيم كبيرة إذ أن اصغرها يتجاوز 240 متر مربع مما يعني أن ثمنه يتجاوز الأربعين ألف دينار وهذا مبلغ كبير جدا مقارنة بإمكانيات زوجي الذي يعمل بناء، فنحن لا نستطيع توفير ثمنه لذلك لم نجد بديلا عن شراء 130 مترا مربعا في هذه التقاسيم الفوضوية مقابل 100 دينار للمتر المربع الواحد وهو ما يعني أنها في المتناول وسأشرع في البناء هذه الصائفة». وأضافت: «اعرف أن البلدية سوف لن تمكننا من رخصة بناء لكني سأبني مثل الآخرين دون رخصة إذ أني مللت الكراء وأريد أن أوفر لأبنائي منزلا خاصا».مواطن آخر اشترى قطعة ارض في ارض فلاحية تابعة لمدينة منزل بوزلفة وبنى بها مسكنا لا يتمتع بعد بالماء والصرف الصحي أما التيار الكهربائي فيحصل عليه من احد الجيران، وقد قال لنا: «سعيت للحصول على قطعة ارض مجهزة لكني فشلت بسبب الغلاء وكبر المقاسم لان المشرفين عليها لم يفكروا في ضعاف الحال ومع هذا فليس لي عمل قار ولا يمكنني أن أحصل على قرض من البنك ولهذا لا أملك من حل إلا شراء أرض فلاحية في حي عشوائي حتى استطيع أن أوفر لأبنائي منزلا. وقد بحثنا في أسعار التقاسيم المعدة للبناء في ولاية نابل فوجدناها مرتفعة نسبيا حيث تتراوح بين 500 و300 دينار للمتر المربع الواحد بالمناطق السياحية والحضرية الراقية و200 دينار للمتر الواحد بالتقاسيم المتاخمة للمدن وبالنظر في مساحة التقاسيم وجدنا أنها جميعا فوق ال250 مترا مربعا مما يعني أن اصغر مقسم يتجاوز ثمنه 50 ألف دينار وهو مبلغ كبير جدا يعجز عنه أصحاب الدخل المحدود.وسألنا احد الباعثين العقاريين عن سبب اعتماد مقاسم كبيرة فأرجع المسؤولية إلى «الجهات المسؤولة» باعتبارها تضع شروطا وتحدد المساحات. لكن مصدرا مقرب من هذه الجهات المسؤولة أكد لنا أنها لا تضع شروطا بل إن الباعثين العقاريين يتهربون من المقاسم الصغيرة تجنبا لخسارتهم الأرض إذ أن المقاسم الصغيرة تجبر الباعث على جعل الأنهج اكبر وتجبره على ترك موقف للسيارات وهو ما يرفضه.
كل مدن ولاية نابل تشهد توسعا عمرانيا فوضويا باتجاه الأراضي الزراعية، كما تشهد تذمرا من الفئات الشعبية بسبب ارتفاع أسعار الأرض الصالحة للبناء وكبر المساحات للمقاسم.. لذلك نناشد السلط التدخل لحل مشكلة الفئات الشعبية وحماية الأراضي الفلاحية وذلك ببعث تقاسيم مهيأة تراعي المقدرة الشرائية للمواطنين ذوي الدخل المحدود.