نظمت الغرفة الفتية العالمية بالتعاون مع جمعية الشفافية بالمهدية ندوة علمية نهاية الأسبوع الفارط بأحد نزل المدينة حملت عنوان «الشعير المستنبت.. تقنيات الانتاج وفرص الاستثمار» بمشاركة عدد من الخبراء، والمهنيين. استعرض الأستاذ «محمد الجدلاوي» المستشار الدّولي في برامج التنمية والموارد البشريّة ومدير متخصص في التصرف الاداري والمالي ورئيس منظمة حلول استراتيجية في بداية مداخلته الصّعوبات التي واجهت المنظمة لنقل تقنية الشعير المستنبت بدون أرض الى تونس، لكن بفضل الاتصالات ومساعدة خبراء أصدقاء من الولاياتالمتحدة الأمريكيّة ودول أمريكا اللاتينيّة تمّ التمكن من «تونسة» هذه التكنولوجيا بنسبة 100 بالمائة معتمدة على الكفاءات التونسيّة.
وأوضح الأستاذ الجدلاوي أنّ طريقة انتاج هذا العلف بسيطة وسهلة تتم أوتوماتيكيا ويُمكن استيعابها بسرعة وهي في متناول مربيّ الحيوانات حتّى من غير المتعلمين منهم. وتتمثل هذه التقنية في انتاج طن من علف الشعير الأخضر طازجا يوميا في مساحة 50 مترا مربّعا فقط على مدى السنة في بيوت مغلقة، وتحتاج غرفة صغيرة لانتاج طن واحد يوميا من هذا العلف عاملا واحدا لتشغيلها ولمدّة 4 ساعات فقط على أنّ يتم ضبط نسبة الرطوبة بها في حدود 70 بالمائة ودرجة الحرارة بين 18 و21 درجة، ومن الناحية الانتاجية كشف خبير التنميّة أنّ الكيلوغرام الواحد من بذور الشعير ينتج من 8 الى 16 كيلوغرامات من العلف الأخضر المستنبت، موصيا باجتناب استعمال البذور القديمة أوذات نوعيّة غير جيّدة لأنّها تتسبّب في التعفن، وناصحا بضرورة استعمال البذور المحليّة التي أثبتت التجارب مردوديتها الجيدة.
وعند تعرضه لمميزات هذا العلف الجديد على مستوى تغذية الحيوانات أكّد الأستاذ الجدلاوي أنّ هذا العلف البديل هو شعير أخضر مستنبت طبيعي وطازج، حيث لا يتم بتاتا استخدام المبيدات، وقد ثبتت جدواه علميا وغذائيا واقتصاديا وهو علف نموذجي عام يستعمل لتغذية جميع أنواع الحيوانات العاشبة (عجول تسمين أبقار حلوب دواجن عربي أرانب جمال خيول..)، وبامكانه تعويض العلف المركز حسب الحيوان بنسبة تتراوح بين 70 و100 بالمائة، كما أنه يساعد على الزيادة في الانتاجية من الحليب واللحم تتراوح بين 10 و20 بالمائة، اضافة الى ارتفاع نسبة الخصوبة وخاصة «التعشير» عند الحيوان بنسبة تصل الى 60 بالمائة.
وحسب التحاليل العلميّة والتجارب العلميّة المسجلة في مراكز البحوث يزيد هذا العلف الأخضر المستنبت بدون أرض من مقاومة الحيوان للأمراض لأنّه غني بالأنزيمات، ويقلل من نسبة الوفيات أثناء الولادة.
وفي ذات السياق أشارت هويدة منصّر أستاذة بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بسليانة ومشرفة على متابعة المشاريع الى المردودية الاقتصادية وكلفة الانتاج لهذا العلف الجديد موضحة أن تكلفة انتاج طن من العلف الأخضر يستهلك فقط 400 لتر من الماء في حين يحتاج انتاج طنّ من الأعلاف الخضراء بالطريقة التقليدية قرابة 34 ألف لتر من المياه.
وتنتج مساحة 50 مترا مربّعا في السّنة ما ينتجه تقريبا 10 هكتارات من الأراضي الزراعيّة، مؤكدة أنّ كلفة انجاز مشاريع انتاج ألف كيلوغرام من الشعير المستنبت على مساحة 50 مترا مربعا يصل الى 25 ألف دينار تكفي لتغذية 50 رأسا من البقر الحلوب و50 رأس غنم .
وباعتبار اعتماد أغلب مربيّ الأبقار والحيوانات بولاية المهدية نمط التربية خارج الضيعة الذي يملكون 5% من القطيع الوطني، اضافة الى ارتفاع أسعار بيع الأعلاف المركبة، زيادة على محدوديّة الموارد المائيّة بالجهة، وملوحة نسبة هامة من الموارد المتاحة، وتشتت الملكية، وصغر المستغلات الفلاحية فإن جملة هذه الأسباب حدّت من امكانية تنويع الزراعات خاصة العلفية وهو ما ساهم في عجز الميزان العلفي في حدود 50 بالمائة .
هذه الصعوبات أدّت بأغلبيّة الفلاحين الصّغار الى بيع جزء كبير من قطيعهم بسبب غلاء العلف وشحّه ليبقى الحلّ النهائي لمشكلة الأعلاف في تونس وجهة المهدية بصفة خاصة حسب رأي المختصين مشروع استنبات الشعير دون أرض بشروط أولها مراجعة للمقاييس الواردة بمجلة التشجيع على الاستثمارات الفلاحية خاصة اسناد منحة لاقتناء الأبقار بالمناطق البعلية باعتبار أغلب المربين يعتمدون على التربية خارج الضيعة، واحداث خطّ بنكي خاص لتمويل هذه المشاريع، والاعفاء الكلّي لديوان الفلاحين الصغار والمتخلدة بذمتهم عند التعاضديات والمجامع التنمويّة الفلاحية والشركات الخاصة، وتغيير كراس الشروط لانتاج الأعلاف المصنعة في نطاق قانون تربية الماشية ليدمج استنبات العلف الأخضر دون تربة زراعية، وتعميم التجربة ودراسة جدوى للمشروع من طرف وزارة الفلاحة وتكثيف الارشاد لدى المربين قصد مساعدتهم على اكتساب ثقافة الاستنبات دون أرض.