أثارت حادثة اختفاء رحمة عطية منذ يوم السبت الفارط هي وصديقتها شكوك عائلتها في أن تكون قد تعرّضت لعملية تغرير وذلك تحت عنوان الجهاد في سوريا أو ما يعرف «بجهاد النكاح»... وكانت عائلة تونسية أخرى سجّلت منذ أشهر قليلة اختفاء ابنتها وهي في عمر الزهور فهل يمكن أن يكون قد فتح في تونس عبر الدعوات الوهابية باب «الجهاد» للفتيات بعد سنوات رفعت فيها مكانة المرأة وتعليمها؟
«الشروق» تحدّثت الى والد رحمة السيد عامر عطيّة بعد أن بثّ عبر شبكات «الفايس بوك» دعوة الى الحكومة لحماية الشباب والفتيات الصغيرات اللاتي قد يكنّ ضحية شبكات تجنيد الجهاديين الى سوريا، والد رحمة أطلق صرحة استغاثة ويقول أن ابنته لا تتجاوز 16 ربيعا وقد ذهبت يوم السبت الماضي للقاء صديقتها في العاصمة لكن الفتاتين اختفتا علما وأن الفتاة الأخرى لا تتجاوز بدورها 17 سنة وهما تدرسان.
وأضاف والد رحمة أن ابنته ليست مغالية في الدين لكن لها زملاء ملتحون في المعهد وقد نبّهه بعض أصدقائها أنها قد تكون ضحية للشبكات الموجودة في تونس لتجنيد «المجاهدين» خاصة وأنها جميلة وعلى خلق كبير مما قد يكون حرّك أطماع البعض لا قدر ا& . سألنا والد رحمة عن مدى اهتمامها بشبكات التواصل فقال إن «علاقتها ب الفايس بوك عادية». وعموما لا يوجد جديد عن حادثة اختفاء الفتاتين رغم تواتر المكالمات التي تصل الى الأب لكنها لا تحمل في غالب الأحيان حقائق دقيقة.
مسألة مستجدّة
«الشروق» اتصلت بالاستاذ هادي يحمد اعلامي مختص في الجماعات الجهادية لمعرفة مدى تهديد ظاهرة «جهاد النكاح» لفتياتنا فذكر أن عدد الحالات ليس متواترا لذلك لا يمكن الحديث عن ظاهرة منتشرة ولاحظ أن مسألة جهاد النكاح طرحت لأوّل مرّة على لسان شيخ سعودي أصدر فتوى شاذّة لا يتبنّاها بقية علماء الدين. والواضح أن المقصود منها أن الفتيات السوريات المقيمات هناك يمكنهن مآزرة المجاهدين عبر الزواج بهم لساعات. لكن في الاطار التونسي لم يثبت صدور فتاوى أخرى تجيز هذه النوعية من الزواج، لكن تبقى بعض الفتيات المتدينات في تونس غامضات على مستوى تأثّرهن بالفكر والفتاوى الغريبة. كما لا يمكن اعتماد نموذج اختفاء فتيات وتوقّع التحاقهن ب «الجهاد» وتبقى مسألة غير مؤكدة ولا ترقى الى الظاهرة.
علما وأنه في سوريا صدرت عديد الفتاوى من التيار الوهابي الجهادي تنادي بتمكين المجاهدين من المساعدة على مهمتهم بتزويجهم «لساعات» وفقهيّا يعدّ هذا النوع من الزواج لدى الشيعة «زواج المتعة» لكنّه لا يصحّ عند أهل السنة...
غسيل المخ
سألنا مصدرنا هل يمكن القيام بغسيل المخ للفتيات واقناعهن بذلك فأجاب بأن غسيل المخ في التيارات الدينية مسألة سهلة خاصة بالنسبة الى المراهقين والمراهقات الذين لم يتكوّن لديهم فكر نقدي وتنقصهم الثقافة الدينية... وهذه الفتاوى لا تخفي النظرة التقليدية لوظيفة المرأة في الفكر السلفي إذ تجعل من الفتاة أو المرأة وسيلة لتلبية حاجيات الرجل سواء في حال السلم او الحرب عبر نصرته.
تعدّد الزوجات
وفي نفس الاطار من الفتاوى التي ظهرت في الفترة الأخيرة في سوريا إباحة تعدد الزوجات السوريات باعتبار نقص عدد الذكور الذين يموتون في الحرب ولا تخفي هذه الفتاوى التبريرات الشرعية لتوظيف المرأة.
علاقة الزواج بالجهاد
ويبدو أن هذه الفتاوى تأتي لتشجيع الجهاديين على الإقدام على الحرب وعدم عزوفهم عنها وليكون فكرهم مركزا فيها بعيداعن التفكير في الغرائز التي قد تفقد المقاتل تركيزه لذلك يتم مؤازرة جهدهم حسب مصدر الفتاوى بتزويجهم ولو لساعات من فتيات مراهقات... قبل اللقاء الموعود «بحور العين» في الجنة.