وزارة الخارجية.. الوضع الصحي للفنان ''الهادي ولد باب الله'' محل متابعة مستمرة    طقس الليلة    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    ماذا في اجتماع وزيرة الصناعة بوفد عن الشركة الصينية الناشطة في مجال إنتاج الفسفاط؟    حجز أطنان من القمح والشعير والسداري بمخزن عشوائي في هذه الجهة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    القيروان: الأستاذ الذي تعرّض للاعتداء من طرف تلميذه لم يصب بأضرار والأخير في الايقاف    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    النظر في الإجراءات العاجلة والفورية لتأمين جسر بنزرت محور جلسة بوزارة النقل    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    الترجي الرياضي: يجب التصدي للمندسين والمخربين في مواجهة صن داونز    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    عاجل: زلزال يضرب تركيا    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    عاصفة مطريّة تؤثر على هذه الدول اعتباراً من هذه الليلة ويوم غد السبت    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور الدين البحيري ل «الشروق» : «النهضة» أخطأت حين زجّت بأبنائها في الحكم
نشر في الشروق يوم 13 - 03 - 2013

بين حكومة استقالت وأخرى تشكّلت انتقادات وتشكيكات ومدّ وجزر وتجاذبات عديدة إضافة الى ما حفّ بها من أزمات مرّت بها عديد الأحزاب لعل أهمها حزب الأغلبية والشريك الأكبر في الحكم..

«الشروق» حاورت وزير العدل في الحكومة المستقيلة والمستشار السياسي لرئيس الحكومة الجديدة السيد نور الدين البحيري حول الحكومة السابقة وسألته عمّا يخالج المواطنين من انتظارات من الحكومة الجديدة إضافة الى حقيقة الوضع في حركة النهضة وما عرفته في المدة الأخيرة من حديث متنام عن صراع أجنحة وإمكانية التصدّع.
سيدي الوزير، بعد مخاض عسير تشكّلت الحكومة الجديدة فما الذي سيتغيّر بين الحكومة السابقة ونظيرتها الجديدة؟

في البداية لا بدّ من الاشارة الى أن واقع بلادنا أصبح يحتاج الى تغيير في الحكومة وذلك أساسا لتفعيل أهداف الثورة حتى يشعر الشعب بثمراتها ويتمتع بها والحكومة السابقة بذلت ما في وسعها لتحقيق كل الأهداف النبيلة التي يتطلع إليها الشعب لكن ما تعرّضت إليه من عراقيل تظافرت عديد العوامل الداخلية والخارجية في توفيرها خاصة من ناحية الأزمة الاقتصادية وتراكم المشاكل بما أوجد صعوبة في حلها أو على الأقل بعض البطء في حلّها أثر في نجاعة عمل الحكومة السابقة وبعد استخلاص الدروس والعبر من تجربة الحكومة الأولى ستسعى الحكومة الجديدة الى تحقيق تطلعات المواطن ووضعت أربع أولويات هي توفير الأمن وتكريس علوية القانون الهدف الثاني هو تسريع نسق التنمية في كل الجهات خاصة منها التي عانت طويلا من التهميش وذلك بتفعيل كل البرامج التنموية والمشاريع وضخ الأموال المرصودة في ميزانية السنة الماضية والسنة الحالية والتي تعطل توفيرها لأسباب إدارية، الهدف الثالث إرساء العدالة الانتقالية والمحاسبة وتفعيل العفو العام وردّ الاعتبار الى شهداء والجرحى والى كل من عانى من الاستبداد، أما الهدف الرابع وهو الأهم فهو وضع رزنامة دقيقة لإجراء الانتخابات القادمة في أفق أقصاه ديسمبر المقبل وهذا يمرّ حتما عبر وضع دستور توافقي لكل التونسيين والتونسيات بمختلف توجهاتهم ومرجعياتهم دستور يضع البلاد على سكّة الحداثة ويرسم لها مستقبلا زاهرا وقبل ذلك إرساء كل الهيئات المنتظر تشكيلها مثل هيئة القضاء وهيئة الاعلام وهيئة الانتخابات وأيضا إرساء حوار مفتوح على الجميع حتى لا يحرم أي تونسي من أن يعطي رأيه فيها يخص حاضر بلاده ومستقبلها والغاية طبعا هي إجراء انتخابات شفافة وديمقراطية.

هل تعتبرون تلك الدروس التي استخلصتموها من تجربة الحكومة السابقة ومواطن الخلل التي وقفتم عليها في عملية تقييمكم لعملها إقرارا منكم بأن الحكومة السابقة فشلت في ما أوكل إليها من مهام أو على الأقل في بعض منها؟

التقييم بعد كل تجربة ضروري واستخلاص الدروس وتحديد مكامن الخلل لا يعني إقرار بفشل الحكومة السابقة لأنه كما قلت آنفا حكومة السيد حمادي الجبالي لم تدخر جهدا لتحقيق كل تطلعات المواطنين وانتظاراتهم وفي ظرف سنة لا يمكن أن نطلب من أي حكومة إصلاح مشاكل وعلاّت تراكمت لسنين طويلة فعمل سنة لا يصلح فساد خمسين سنة ولكن حتى نكون واقعيين لا بدّ من دراسة وتقييم المرحلة السابقة حتى لا نكرّر نفس تلك الأخطاء أو نفس ذلك التمشي وإلا ما الداعي إذن لتحوير الحكومة وضخ دماء جديدة فيها فنحن سنسعى الى تحسين ما نحقق ومزيد تكريسه وفي المقابل نعمل أيضا على تفادي المعوقات التي حالت دون تحقيق كل انتظارات الشعب.

كنتم أحد المشاركين البارزين في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة التي شهدت ماراطونا من المفاوضات فلو تضعونا في صورة تلك المفاوضات وتفسّرون لنا تراوح المواقف خلالها بين المتفاوضين ومن الرفض الى القبول ومن القبول الى الرفض؟

أولا مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة كانت أقصر من تشكيل سابقتها لأننا على الأقل محكومون بالمدة التي حددها القانون المؤقت لتنظيم السلط والتي لا تتجاوز الخمسة عشرة يوما ونحن خيّرنا أن نتحاور مع الجميع حتى مع من قرّر عدم المشاركة فيها وذلك للاستماع الى كل الآراء خاصة أن عديد الأحزاب لها مخاوف من عدم السعي الى الانتخابات وتمّ اتهامنا برغبتنا في إطالة أمد الحكومة ونحن نتفهم كل ذلك وكان لا بدّ من أن نتحاور مع الجميع وأن نستمع الى تخوفاتهم والى مؤاخذاتهم حتى نرسل رسائل طمأنة الى الجميع أننا لن نتخلى عن المسار الديمقراطي واننا قبل غيرنا نريد إجراء الانتخابات المقبلة بأسرع ما يمكن ووضع الدستور الذين يرضي الجميع بأسرع ما يمكن إضافة الى أن شأن البلاد لا يخص حركة النهضة فحسب أو ««الترويكا»» أو من يشاركهم في الموقف والرؤية بل يهم الجميع حتى من يخالفوننا الرأي والتصورات لذلك حاورنا الجميع واستمعنا الى الجميع وسعينا الى إرضاء الجميع في تشكيل الحكومة لذلك قبلنا بالتنازل عن وزارات السيادة ووضعنا برنامج عمل وجد القبول من قطاع واسع في المشهد السياسي للبلاد وأدخلنا تغييرات على شكل الحكومة وجدت صدى طيبا لدى عديد الأطراف وآمل أن يرضي عمل الحكومة المقبلة كل الأطراف وأن نصل الى الهدف المنشود وهو إجراء الانتخابات في أفق ديسمبر المقبل كأقصى حدّ وهذا التزام من الحكومة أمام الشعب سنبذل كل ما في وسعنا للإيفاء به وأكثر من ذلك سنبذل كل ما في وسعنا حتى تكون الانتخابات القادمة في مستوى تطلعات الشعب وكافة النخب السياسية في البلاد بأن تدور في كنف الديمقراطية والشفافية وأن يختار الشعب من يريد بكامل الحرية.

ألا ترون سيدي الوزير ان محتوى المفاوضات والأطراف المشاركة فيها كانت بنسبة كبيرة في سياق مبادرة رئيس الحكومة المستقيل؟

نحن لسنا في قطيعة مع التجربة السابقة بل نحن أبناؤها والاخ حمادي الجبالي اجتهد وقدم مبادرة سعت حركة النهضة الى تطويرها.

لماذا لم يتم تطويرها بوجود السيد حمادي الجبالي؟

هذا ليس قرارنا اي ان تكون بوجود السيد حمادي الجبالي او بدونه بل كان قرار مجلس الشورى الذي رأى ان يتم تكليف شخص آخر بمهمة رئاسة الحكومة فتم اختيار السيد علي العريض.

لكن السيد حمادي الجبالي قدم شروطا ليقبل بتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة وهذه الشروط لم تقبل فخير الجبالي الابتعاد ليحل محله علي العريض هذا الأخير يعمل الآن وفق تلك الشروط؟

السيد حمادي الجبالي لم يقدم شروطا لأنه لا أحد بإمكانه ان يشترط على مؤسسات الحركة من أكبر القيادات الى أصغرها . الأخ حمادي كان عنده تصوّر يشاركه فيه البعض داخل الحركة وبما انه كان هنالك تباين واضح بين خيار السيد الجبالي وخيار مؤسسات الحركة ممثلة في مجلس الشورى والمكتب التنفيذي وحين تم الحسم في مسألة طبيعة الحكومة وطريقة تشكيلها وتركيبتها والحدود القصوى التي لا يمكن المساس بها او تعديها وعرض ذلك على الأخ الجبالي رفض واعتذر بكل لطف عن تولي المهمة وقد حضر اجتماع مجلس الشورى الذي أقرّ ما رفضه الجبالي وكان كل ذلك يعكس تفهما من الأخ الجبالي لخيارات مؤسسات الحركة حتى وإن رفض التوجّه والخيارات.

كان السيد الباجي قايد السبسي أول المدعوين للتحاور من طرف رئيس الحكومة المكلف ثم نجد في المقابل رفضا لضم حركته الى الحكومة مما أثار احتجاجه واحتجاج عديد الأطراف فلو تفسّر لنا هذه المفارقة؟

دعوة قايد السبسي لم تكن في إطار الرغبة في تشريكه في الحكومة وقايد السبسي نفسه لم يطرح إمكانية مشاركته في الحكومة او مشاركة حزبه. ونحن هنا نفرّق بين أمرين بين المشاركة في الحكومة وبين التحاور مع كل الاحزاب والتعايش معها وحركة نداء تونس حركة معترف بها ولها وزنها في البلاد وهذا يفرض الاستماع الى آراء هذه الحركة وشواغلها لأن المشاركة في الحكم تقتضي حدا أدنى من التفاهم حول عديد النقاط مثل تقييم طبيعة المرحلة الحالية او حول برنامج عمل سياسي واقتصادي او حول قضية العدالة الانتقالية او الموقف من النظام البائد ورموزه ومن يتشاركون في الحكم في اي بلاد يختارون بعضهم البعض حسب درجة الالتقاء حول عديد النقاط والمفاهيم لكن كل هذا لا يلغي ضرورة الاستماع الى الجميع مهما كانت توجهاتهم لأن من حق كل الاحزاب ان تبلغ رأيها الى الحكومة حول كل القضايا كما ان من يرفض المشاركة في الحكومة لا يعني ذلك أن يصبح عدوا فسواء كان داخل الحكومة او خارجها او داخل المجلس التأسيسي او خارجه يجب الاستماع الى الجميع لأن لأي حزب الحق في قبول المشاركة في حكومة ما أو في رفضها دون ان يعني ذلك ان يتم إقصاؤه.

السيد رئيس الحكومة المكلف قال بأنه سيشكل حكومة لكل التونسيين وكان هنالك حديث عن تحالف خماسي او رباعي او توسيع «الترويكا» الى أكبر مدى لكن الحصيلة لم تكن كذلك؟

أنا أعتقد ان «الترويكا» تم توسيعها لأن التنوّع في الحكومة ليس بعدد الاحزاب فقط فالحكومة الحالية فيها «الترويكا» كما انها تحظى بدعم كتلة الحرية والكرامة وحركة وفاء وأيضا ان شاء الله التحالف الديمقراطي كما لا استبعد دعمها من الحزب الجمهوري وما قلص عدد الاحزاب داخلها ليس رفض المشاركة فيها بل عديد الاحزاب أكدت أنها متفقة على برنامج الحكومة الجديدة وأكدت مساندتها لها من خارجها إضافة الى ذلك الحكومة ضمت كفاءات وطنية متنوعة مثل السيد رشيد الصباغ والوزير الشاب الجمالي كما ضمت بعض الكوادر مثل السيد مهدي جمعة وهو كفاءة لا مجال للشك فيها والسيد سالم الابيض وهو شخصية معروفة ومشهود لها بالكفاءة بل أنه في عديد الأحيان لم يخف تمايزه عن حركة النهضة. فالحكومة الجديدة ضمنت من خلال تركيبتها تأييدا شعبيا وتأييدا من عديد المنظمات من المجتمع المدني وأيضا تأييدا من عديد الحساسيات السياسية وهذا كفيل بأن يعطي للحكومة الجديدة دفعا ممتازا للمضي نحو تحقيق كل الأهداف.

لكن مواقف بعض الأحزاب المعارضة لم تتغير من الحكومة رغم ما جاء فيها من جديد؟

طبعا نيل رضى الجميع غاية لا تدرك ولا يمكن لأي حكومة ان تنال رضى كل الحساسيات السياسية لكن اعتقد ان الحكومة الجديدة ومن خلال ما تعرفه من تنوع في المرجعيات السياسية وايضا تمثيلها لكل جهات البلاد تقريبا وضمها لطاقات هامة وشخصيات محل احترام سيجعلها تنال نسبة معتبرة من الرضا وايضا نحن دائمو الاستماع الى كل النقد الموجه الينا ونعمل على تقريب وجهات النظر مع الجميع ونسعى الى ان ننال رضى أكبر وتوسيع دائرة المساندين للحكومة اذا أحسنت طبعا.
وزارات السيادة منحت في أغلبها الى رجال قضاء وبحكم توليك في الحكومة السابقة لحقيبة وزارة العدل اضافة الى دورك البارز في تشكيل الحكومة الجديدة، هل يمكن ان نربط على أساس ذلك علاقة ما بين التعيينات وبينك أنت؟

وأي علاقة لهذا بذاك؟ كما ان الوزراء الذين تمّ اختيارهم ليس لأنهم قضاة بل لأنهم أولا كفاءات لا يرقى إليهم الشك ولهم القدرة على اعطاء الاضافة للعمل الحكومي ونحن سعينا بالاتفاق مع الجميع الى اختيار الأكثر كفاءة والأكثر نيلا لثقة الناس.

لكن سيدي الوزير الكفاءات ليست محصورة في قطاع القضاء فقط بل هم موجودون في كافة القطاعات؟

هذا أكيد لكننا حين وجدنا استعدادا من هذه الكفاءات لتولي هذه المهام الصعبة لم نتأخر في الاتصال بهم وعرض المهمة عليهم وقد قبلوها مشكورين بصدر رحب وأعيد وأكرر ان اختيار هؤلاء القضاة لتولي المناصب الوزارية ليس لأنهم قضاة بل لأنهم كفاءات وايضا مشهود لهم بالاستقلالية والبعد عن التجاذبات الحزبية وتم اختيارهم برضى كافة الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة.

هل تعتقد ان المهلة التي منحها لحكومته رئيس الحكومة المكلف والتي تنتهي بنهاية هذا العام كافية لتطبيق برنامجها او على الاقل ما اعتبرته أولويات وهي بسط الامن وتحقيق التنمية والتشغيل والتحكم في الاسعار وادارة حوار وطني كبير وموسع اضافة الى ملف العدالة الانتقالية والاصلاح ومقاومة الفساد والمحاسبة؟

سنبذل قصارى جهدنا مع كافة شركائنا ومع كافة مكونات المجتمع المدني والأحزاب من اجل تحقيق تلك الاهداف وهذا ممكن جدا اذا وضع الجميع اليد في اليد لأن بلادنا تحتاج جهدا من الجميع وليس من «الترويكا» فقط بل كل من موقعه قادر على المساهمة في تحقيق تلك الاهداف. الحكومة بالعمل البناء والاستماع الى كل الأطراف والمعارضة بلعب دور الرقيب والموجه ومكونات المجتمع المدني بالنصح وتوفير الاجواء الملائمة.

اذن حسب كلامك حكومة الجبالي لم تنجح في مهمتها وهي التي عملت لأكثر من سنة لأنها لم تتبع هذا المنهج الذي ذكرته؟

أنا لم أقل ان حكومة السيد الجبالي فشلت بل حققت نجاحات معتبرة تؤكدها الارقام ولكن الآن نحن أمام مرحلة جديدة أعقبت مرحلة كثر فيها المد والجزر فعلى الجميع ان يدركوا ان الانتقال الى المرحلة المقبلة واجراء الانتخابات وصياغة الدستور تحتاج الى عمل مكثف من الجميع بلا استثناء كل من موقعه لتحقيق تلك الاهداف وعلى الحكومة ان تستفيد من الاخطاء السابقة وايضا على المعارضة ان تستفيد من اخطائها لأن الفشل اذا حدث لا قدر ا& فإن مسؤوليته تقع على عاتق الجميع كما ان النجاح للجميع نصيب في تحقيقه.

خلال فترة توليك لحقيبة وزارة العدل طالتك عديد الانتقادات حول عدم بعث لجنة للقضاء الى حد الآن واتهامات بتدخل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية اضافة الى ما حدث في بعض السجون من تعذيب او مشاكل أدت الى وفاة سجينين سلفيين فبماذا ترد على كل هذه الاتهامات؟

أنا أتحدّى أيّا كان ان يثبت اي تدخل للسلطة التنفيذية في عمل القضاء ولكن هنالك من سعى الى التدخل في عمل القضاء بالضغط على وزير العدل سواء بالتدخلات او بالمسيرات التي حدثت احتجاجا على حكم قضائي ما ووزارة العدل في كل ذلك لم تتدخل ولو في مناسبة لتغيير حكم ما أو ممارسة أي ضغط على أي قاض رغم أن الجميع بما فيهم «الترويكا» لجؤوا الى الاعلام والى الشارع للضغط على القضاء لذلك رأينا أمام وزارة العدل مظاهرات متناقضة واحدة تدافع عن العلمانيين وأخرى عن السلفيين وثالثة مع سجناء من النهضة ورابعة ضدهم ولم نستمع الى أي طرف بل هنالك من ضغط علينا لاطلاق سراح فلان أو علان و للاحتجاج عن دعوة شخصية ما للمثول أمام القضاء والوزارة. لم نستمع الى أي أحد وأنا شخصيا كنت صارما ومؤمنا باستقلالية القضاء ولم أسمح لأي شخص بالتدخل في عمل القضاء ولم أتدخل لدى أي قاض للتأثير على سير قضية ما بل انني اتهمت من بعض أنصار حركة النهضة بعدم التدخل من أجل اطلاق سراح موقو في الحركة في تطاوين وكان شعاري دائما «طبق القانون» حين أتحدث مع أي قاض بل هنالك من قدم الينا قائمة في الترقيات للقضاة أو قائمة في القضاة الذين يجب اعفاؤهم وأنا أحتفظ بها الى حد الآن للتاريخ وأنا أعتقد أن نجاح الثورة وتكريس الديمقراطية بالبلاد يتم حتما عبر تكريس استقلالية القضاء لذلك لم أقبل بأي تدخل في عمل القضاء رغم انه مورس على الوزارة ضغط من الجميع من احزاب في السلطة أو خارجها ومن منظمات بعضها يدعي الدفاع عن القضاة وعن استقلاليتهم.
بعد الثورة حدثت عديد الانفلاتات الأمنية واحراق مقرات للأمن ومحاكم ومؤسسات أخرى اضافة الى كشف عديد المخابئ للأسلحة ولأطراف شاركت في مواجهات مسلحة لكن الى حد الآن لم نسمع أو نر محاكمات لمرتكبي تلك الافعال أو على الأقل الى أين وصلت فيها التحقيقات.
التحقيقات جارية وبعض القضايا تم البتّ فيها ومن تم تقديمه الى القضاء لابد أن يبتّ في أمره حسب القانون فتتم تبرئته ان كان بريئا أو ادانته ان كان مدانا.

لنتحدث الآن عن حركة النهضة خاصة بعد مبادرة الجبالي التي احدثت زلزالا فيها مازالت هزاته الارتدادية متواصلة لعل آخرها استقالة أبي يعرب المرزوقي ورسالته شديدة اللهجة فهل تعتقد أن تماسك الحركة صار موضع تساؤل بعد أن كانت عصية على الخلافات رغم ما فيها من اختلافات؟

حركة النهضة مازالت متماسكة والدليل أن مبادرة حمادي الجبالي لم يعقبها أي انشقاق ولو حدثت في حزب آخر لتشظّى ذلك الحزب الى شظايا عديدة لا يمكن جمعها لأن الاختلافات في حركة النهضة تحل داخل مؤسساتها وكل المنتسبين الى هذه الحركة يؤمنون بفكرة الاصلاح من الداخل وليس بالانشقاق كما أن تعدد الافكار فيها والرؤى عامل اثراء وليس عامل فرقة وضعف لأننا داخل المؤسسات نتناقش ونتحاور ونختار الأصلح الذي يرضىبه الجميع.

لكنكم سيدي الوزير فزتم بثقة مجلس الشورى في انتخابات اختيار خليفة للجبالي على رأس الحكومة في الدورتين الانتخابيتين ثم فجأة ثم ترشيح علي العريض بدلا عنكم فما تفسيركم للأمر؟

لا لم يتم اختيار علي العريض بصفة مفاجئة بل بناء على مشاورات مع شركائنا في الحكم ومشاورات داخل مجلس الشورى راعت جميع الظروف وتم اختيار علي العريض بناء على كفاءته ورأى فيه الجميع القدرة على توفير كل ظروف التوافق للنجاح في المرحلة المقبلة وأنا شخصيا لي الثقة المطلقة في قدرة علي العريض على النجاح لأنني عملت معه سابقا في الحركة الى أن سجن سنة 1990 ودافعت عنه سنة 1987 حين كان محكوما عليه بالاعدام بعد أن تم الافراج عليّ واعرف قوته وحرصه على النجاح وقدرته على العمل البناء.

هل يمكن ان نتحدث عن أجنحة متنافرة داخل حركة النهضة خاصة أن هنالك حديثا عن سحب للثقة من المكتب التنفيذي للحركة؟

نعم هنالك أجنحة داخل الحركة لكن ليست متنافرة بل متقاربة ومتفقة على اختيار القرار الأسلم والأنجع فإذا كان وجود أفكار وتصورات متعددة يعني وجود أجنحة فنحن لنا أجنحة لكن كأجنحة الطيور كلها تتعاون ليحلق الطائر عاليا فنحن في حركة النهضة لسنا مصابين بداء النمطية بل هنالك افكار متعددة ورؤى متعددة تتحاور وتتناقش داخل مؤسسات الحركة التي هي الحكم الذي يرضى الجميع بقراراته.

لكن هنالك من يرى أن تعيينكم كمستشار سياسي لرئيس الحكومة المكلف هو انتصار للشق الرافض لهيمنة شق علي العريض على صناعة القرار داخل الحركة وأن مهمتكم الأساسية هي فرض رقابة على رئيس الحكومة حتى لا تكون قراراته أحادية الجانب اي التي يقررها الشق المناصر له في الحركة؟

أولا قرارات الحكومة وبرامجها لا تخص النهضة فحسب بل لنا شركاء في الحكم لهم رأيهم وتصورهم لمختلف القرارات والبرامج وهذا يعني ان علي العريض ليس مستفردا بصناعة القرار داخل الحكومة كما أن الحديث عن مراقبتي له لا معنى له فالسيد علي العريض له من الكفاءة والقدرة على العمل بما يغنيه عن وجود رقيب لكنني أمارس دوري في الحكومة كمستشار سياسي وفق ما تقتضيه مصلحة البلاد ككل وليس مصلحة حركة النهضة فقط ونحن في الحركة بلا استثناء نريد النجاح للحكومة لأنه نجاح للبلاد وللشعب وللثورة وأيضا لنا كحركة ولبقية شركائنا في الحكم.

بعد أكثر من سنة في الحكم ما هو تقييمكم لأداء حركة النهضة؟

أعتقد انها أصابت في مواضع وأخطأت في أخرى كأي عمل بشري وكأي تجربة إنسانية أصابت في تحقيق قدر عال من التوافق بالتشارك في الحكم مع أحزاب أخرى وكرّست بذلك طريقة جديدة في الحكم أشادت بها عديد الأطراف داخليا وخارجيا.. أصابت حين سارت باعتدال وتروّ في فتح الملفات والمحاسبة ولم تسقط في التشفي والانتقام رغم فداحة ما تعرضت له سابقا من ظلم ورغم أن هذا التشمي رفضته عديد الأطراف داخل الحركة وأيضا خارجها من عديد الأحزاب أصابت في المحافظة على عديد المكاسب المحققة في المجتمع التونسي.

وأين أخطأت تحديدا؟

أخطأت حين زجّت بخيرة أبنائها في تجربة الحكم.

يعني أننا عدنا من جديد الى صواب مبادرة الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط؟

لا ليس هذا المقصود رغم أن مبادرة الجبالي فيها عديد الايجابيات ولكن كان على الحركة أن تحتفظ ببعض أبنائها للاستفادة من كفاءاتهم في مجالات أخرى.

هل هذا اعتراف منك بأن تجربة الحكم أضرّت نوعا ما بالحركة وأصابتها بالتهرئة؟

تجربة الحكم تجربة مهمة ومفيدة والى حدّ الآن نحن سائرون فيها بتوفيق كبير من اللّه جلّ وعلا والأكيد أننا سنستفيد منها أكثر خاصة أنها لم تصب الحركة بأي تصدّع خلاف ما وقع لعديد الأحزاب في عديد الدول ومنها تونس إذ لا ننسى أن تجربة الحكم قسمت الحزب الدستوري بين بورقيبيين ويوسفيين ونحن مازلنا منسجمين وسنبقى بحول اللّه.

كلمة أخيرة؟

أتمنى التوفيق للجميع لما فيه خير البلاد والعباد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.