الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    عاجل/ بعد اعتراف الكيان بأرض الصومال: حماس تصدر هذا البيان وتفجرها..    إيقافات جديدة في فضيحة مراهنات كرة القدم    8 قنوات مفتوحة تنقل مباراة تونس ونيجيريا اليوم في كأس أمم إفريقيا    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية: محرز بوصيان يواصل رئاسة اللجنة    الإتحاد الإسباني لكرة القدم يسلط عقوبة قاسية على نجم نادي إشبيلية    مدرب جنوب أفريقيا: صلاح قال لي إنه فوجئ باحتساب ركلة الجزاء لمصر    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    الرياض تحتضن الدورة 12 للجنة المشتركة التونسية السعودية    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    قابس: نجاح جديد بقسم طب العيون بالمستشفى الجامعي بقابس    عاجل/ تنبيه: انقطاع التيار الكهربائي غدا بهذه المناطق..    قابس: تقدم مشروع اصلاح أجزاء من الطرقات المرقمة بنسبة 90 بالمائة    عاجل/ بشرى سارة لمستعملي وسائل النقل..    حصيلة لأهمّ الأحداث الوطنية للثلاثي الثالث من سنة 2025    أبرز الأحداث السياسية في تونس في أسبوع (من 20 ديسمبر إلى26 ديسمبر 2025)    كرهبتك ''ن.ت''؟ هذا آخر أجل لتسوية الوضعية؟    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    بعد ليلة البارح: كيفاش بش يكون طقس اليوم؟    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    الركراكي: التعادل أمام مالي كان محبطًا لكنه سيكون مفيدًا مستقبلاً    التشكيلة المحتملة للمنتخب التونسي في مواجهة نيجيريا    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    تنفيذا لقرار قضائي.. إخلاء القصر السياحي بمدنين    مانشستر يونايتد يتقدم إلى المركز الخامس بفوزه 1-صفر على نيوكاسل    طقس السبت.. انخفاض نسبي في درجات الحرارة    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    ألمانيا.. الأمن يطلق النار على مريض بالمستشفى هددهم بمقص    فرنسا.. تفكيك شبكة متخصصة في سرقة الأسلحة والسيارات الفارهة عبر الحدود مع سويسرا    مزاجك متعكّر؟ جرّب هذه العادات اليومية السريعة    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    الإتفاق خلال جلسة عمل مشتركة بين وزارتي السياحة والفلاحة على إحداث لجنة عمل مشتركة وقارة تتولى إقتراح أفكار ترويجية ومتابعة تنفيذها على مدار السنة    نشرة متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..#خبر_عاجل    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    الأحوال الجوية: وضع ولايات تونس الكبرى ونابل وزغوان وسوسة تحت اليقظة البرتقالية    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    القيروان: حجز كمية من المواد الغذائية الفاسدة بمحل لبيع الحليب ومشتقاته    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور الدين البحيري ل «الشروق» : «النهضة» أخطأت حين زجّت بأبنائها في الحكم
نشر في الشروق يوم 13 - 03 - 2013

بين حكومة استقالت وأخرى تشكّلت انتقادات وتشكيكات ومدّ وجزر وتجاذبات عديدة إضافة الى ما حفّ بها من أزمات مرّت بها عديد الأحزاب لعل أهمها حزب الأغلبية والشريك الأكبر في الحكم..

«الشروق» حاورت وزير العدل في الحكومة المستقيلة والمستشار السياسي لرئيس الحكومة الجديدة السيد نور الدين البحيري حول الحكومة السابقة وسألته عمّا يخالج المواطنين من انتظارات من الحكومة الجديدة إضافة الى حقيقة الوضع في حركة النهضة وما عرفته في المدة الأخيرة من حديث متنام عن صراع أجنحة وإمكانية التصدّع.
سيدي الوزير، بعد مخاض عسير تشكّلت الحكومة الجديدة فما الذي سيتغيّر بين الحكومة السابقة ونظيرتها الجديدة؟

في البداية لا بدّ من الاشارة الى أن واقع بلادنا أصبح يحتاج الى تغيير في الحكومة وذلك أساسا لتفعيل أهداف الثورة حتى يشعر الشعب بثمراتها ويتمتع بها والحكومة السابقة بذلت ما في وسعها لتحقيق كل الأهداف النبيلة التي يتطلع إليها الشعب لكن ما تعرّضت إليه من عراقيل تظافرت عديد العوامل الداخلية والخارجية في توفيرها خاصة من ناحية الأزمة الاقتصادية وتراكم المشاكل بما أوجد صعوبة في حلها أو على الأقل بعض البطء في حلّها أثر في نجاعة عمل الحكومة السابقة وبعد استخلاص الدروس والعبر من تجربة الحكومة الأولى ستسعى الحكومة الجديدة الى تحقيق تطلعات المواطن ووضعت أربع أولويات هي توفير الأمن وتكريس علوية القانون الهدف الثاني هو تسريع نسق التنمية في كل الجهات خاصة منها التي عانت طويلا من التهميش وذلك بتفعيل كل البرامج التنموية والمشاريع وضخ الأموال المرصودة في ميزانية السنة الماضية والسنة الحالية والتي تعطل توفيرها لأسباب إدارية، الهدف الثالث إرساء العدالة الانتقالية والمحاسبة وتفعيل العفو العام وردّ الاعتبار الى شهداء والجرحى والى كل من عانى من الاستبداد، أما الهدف الرابع وهو الأهم فهو وضع رزنامة دقيقة لإجراء الانتخابات القادمة في أفق أقصاه ديسمبر المقبل وهذا يمرّ حتما عبر وضع دستور توافقي لكل التونسيين والتونسيات بمختلف توجهاتهم ومرجعياتهم دستور يضع البلاد على سكّة الحداثة ويرسم لها مستقبلا زاهرا وقبل ذلك إرساء كل الهيئات المنتظر تشكيلها مثل هيئة القضاء وهيئة الاعلام وهيئة الانتخابات وأيضا إرساء حوار مفتوح على الجميع حتى لا يحرم أي تونسي من أن يعطي رأيه فيها يخص حاضر بلاده ومستقبلها والغاية طبعا هي إجراء انتخابات شفافة وديمقراطية.

هل تعتبرون تلك الدروس التي استخلصتموها من تجربة الحكومة السابقة ومواطن الخلل التي وقفتم عليها في عملية تقييمكم لعملها إقرارا منكم بأن الحكومة السابقة فشلت في ما أوكل إليها من مهام أو على الأقل في بعض منها؟

التقييم بعد كل تجربة ضروري واستخلاص الدروس وتحديد مكامن الخلل لا يعني إقرار بفشل الحكومة السابقة لأنه كما قلت آنفا حكومة السيد حمادي الجبالي لم تدخر جهدا لتحقيق كل تطلعات المواطنين وانتظاراتهم وفي ظرف سنة لا يمكن أن نطلب من أي حكومة إصلاح مشاكل وعلاّت تراكمت لسنين طويلة فعمل سنة لا يصلح فساد خمسين سنة ولكن حتى نكون واقعيين لا بدّ من دراسة وتقييم المرحلة السابقة حتى لا نكرّر نفس تلك الأخطاء أو نفس ذلك التمشي وإلا ما الداعي إذن لتحوير الحكومة وضخ دماء جديدة فيها فنحن سنسعى الى تحسين ما نحقق ومزيد تكريسه وفي المقابل نعمل أيضا على تفادي المعوقات التي حالت دون تحقيق كل انتظارات الشعب.

كنتم أحد المشاركين البارزين في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة التي شهدت ماراطونا من المفاوضات فلو تضعونا في صورة تلك المفاوضات وتفسّرون لنا تراوح المواقف خلالها بين المتفاوضين ومن الرفض الى القبول ومن القبول الى الرفض؟

أولا مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة كانت أقصر من تشكيل سابقتها لأننا على الأقل محكومون بالمدة التي حددها القانون المؤقت لتنظيم السلط والتي لا تتجاوز الخمسة عشرة يوما ونحن خيّرنا أن نتحاور مع الجميع حتى مع من قرّر عدم المشاركة فيها وذلك للاستماع الى كل الآراء خاصة أن عديد الأحزاب لها مخاوف من عدم السعي الى الانتخابات وتمّ اتهامنا برغبتنا في إطالة أمد الحكومة ونحن نتفهم كل ذلك وكان لا بدّ من أن نتحاور مع الجميع وأن نستمع الى تخوفاتهم والى مؤاخذاتهم حتى نرسل رسائل طمأنة الى الجميع أننا لن نتخلى عن المسار الديمقراطي واننا قبل غيرنا نريد إجراء الانتخابات المقبلة بأسرع ما يمكن ووضع الدستور الذين يرضي الجميع بأسرع ما يمكن إضافة الى أن شأن البلاد لا يخص حركة النهضة فحسب أو ««الترويكا»» أو من يشاركهم في الموقف والرؤية بل يهم الجميع حتى من يخالفوننا الرأي والتصورات لذلك حاورنا الجميع واستمعنا الى الجميع وسعينا الى إرضاء الجميع في تشكيل الحكومة لذلك قبلنا بالتنازل عن وزارات السيادة ووضعنا برنامج عمل وجد القبول من قطاع واسع في المشهد السياسي للبلاد وأدخلنا تغييرات على شكل الحكومة وجدت صدى طيبا لدى عديد الأطراف وآمل أن يرضي عمل الحكومة المقبلة كل الأطراف وأن نصل الى الهدف المنشود وهو إجراء الانتخابات في أفق ديسمبر المقبل كأقصى حدّ وهذا التزام من الحكومة أمام الشعب سنبذل كل ما في وسعنا للإيفاء به وأكثر من ذلك سنبذل كل ما في وسعنا حتى تكون الانتخابات القادمة في مستوى تطلعات الشعب وكافة النخب السياسية في البلاد بأن تدور في كنف الديمقراطية والشفافية وأن يختار الشعب من يريد بكامل الحرية.

ألا ترون سيدي الوزير ان محتوى المفاوضات والأطراف المشاركة فيها كانت بنسبة كبيرة في سياق مبادرة رئيس الحكومة المستقيل؟

نحن لسنا في قطيعة مع التجربة السابقة بل نحن أبناؤها والاخ حمادي الجبالي اجتهد وقدم مبادرة سعت حركة النهضة الى تطويرها.

لماذا لم يتم تطويرها بوجود السيد حمادي الجبالي؟

هذا ليس قرارنا اي ان تكون بوجود السيد حمادي الجبالي او بدونه بل كان قرار مجلس الشورى الذي رأى ان يتم تكليف شخص آخر بمهمة رئاسة الحكومة فتم اختيار السيد علي العريض.

لكن السيد حمادي الجبالي قدم شروطا ليقبل بتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة وهذه الشروط لم تقبل فخير الجبالي الابتعاد ليحل محله علي العريض هذا الأخير يعمل الآن وفق تلك الشروط؟

السيد حمادي الجبالي لم يقدم شروطا لأنه لا أحد بإمكانه ان يشترط على مؤسسات الحركة من أكبر القيادات الى أصغرها . الأخ حمادي كان عنده تصوّر يشاركه فيه البعض داخل الحركة وبما انه كان هنالك تباين واضح بين خيار السيد الجبالي وخيار مؤسسات الحركة ممثلة في مجلس الشورى والمكتب التنفيذي وحين تم الحسم في مسألة طبيعة الحكومة وطريقة تشكيلها وتركيبتها والحدود القصوى التي لا يمكن المساس بها او تعديها وعرض ذلك على الأخ الجبالي رفض واعتذر بكل لطف عن تولي المهمة وقد حضر اجتماع مجلس الشورى الذي أقرّ ما رفضه الجبالي وكان كل ذلك يعكس تفهما من الأخ الجبالي لخيارات مؤسسات الحركة حتى وإن رفض التوجّه والخيارات.

كان السيد الباجي قايد السبسي أول المدعوين للتحاور من طرف رئيس الحكومة المكلف ثم نجد في المقابل رفضا لضم حركته الى الحكومة مما أثار احتجاجه واحتجاج عديد الأطراف فلو تفسّر لنا هذه المفارقة؟

دعوة قايد السبسي لم تكن في إطار الرغبة في تشريكه في الحكومة وقايد السبسي نفسه لم يطرح إمكانية مشاركته في الحكومة او مشاركة حزبه. ونحن هنا نفرّق بين أمرين بين المشاركة في الحكومة وبين التحاور مع كل الاحزاب والتعايش معها وحركة نداء تونس حركة معترف بها ولها وزنها في البلاد وهذا يفرض الاستماع الى آراء هذه الحركة وشواغلها لأن المشاركة في الحكم تقتضي حدا أدنى من التفاهم حول عديد النقاط مثل تقييم طبيعة المرحلة الحالية او حول برنامج عمل سياسي واقتصادي او حول قضية العدالة الانتقالية او الموقف من النظام البائد ورموزه ومن يتشاركون في الحكم في اي بلاد يختارون بعضهم البعض حسب درجة الالتقاء حول عديد النقاط والمفاهيم لكن كل هذا لا يلغي ضرورة الاستماع الى الجميع مهما كانت توجهاتهم لأن من حق كل الاحزاب ان تبلغ رأيها الى الحكومة حول كل القضايا كما ان من يرفض المشاركة في الحكومة لا يعني ذلك أن يصبح عدوا فسواء كان داخل الحكومة او خارجها او داخل المجلس التأسيسي او خارجه يجب الاستماع الى الجميع لأن لأي حزب الحق في قبول المشاركة في حكومة ما أو في رفضها دون ان يعني ذلك ان يتم إقصاؤه.

السيد رئيس الحكومة المكلف قال بأنه سيشكل حكومة لكل التونسيين وكان هنالك حديث عن تحالف خماسي او رباعي او توسيع «الترويكا» الى أكبر مدى لكن الحصيلة لم تكن كذلك؟

أنا أعتقد ان «الترويكا» تم توسيعها لأن التنوّع في الحكومة ليس بعدد الاحزاب فقط فالحكومة الحالية فيها «الترويكا» كما انها تحظى بدعم كتلة الحرية والكرامة وحركة وفاء وأيضا ان شاء الله التحالف الديمقراطي كما لا استبعد دعمها من الحزب الجمهوري وما قلص عدد الاحزاب داخلها ليس رفض المشاركة فيها بل عديد الاحزاب أكدت أنها متفقة على برنامج الحكومة الجديدة وأكدت مساندتها لها من خارجها إضافة الى ذلك الحكومة ضمت كفاءات وطنية متنوعة مثل السيد رشيد الصباغ والوزير الشاب الجمالي كما ضمت بعض الكوادر مثل السيد مهدي جمعة وهو كفاءة لا مجال للشك فيها والسيد سالم الابيض وهو شخصية معروفة ومشهود لها بالكفاءة بل أنه في عديد الأحيان لم يخف تمايزه عن حركة النهضة. فالحكومة الجديدة ضمنت من خلال تركيبتها تأييدا شعبيا وتأييدا من عديد المنظمات من المجتمع المدني وأيضا تأييدا من عديد الحساسيات السياسية وهذا كفيل بأن يعطي للحكومة الجديدة دفعا ممتازا للمضي نحو تحقيق كل الأهداف.

لكن مواقف بعض الأحزاب المعارضة لم تتغير من الحكومة رغم ما جاء فيها من جديد؟

طبعا نيل رضى الجميع غاية لا تدرك ولا يمكن لأي حكومة ان تنال رضى كل الحساسيات السياسية لكن اعتقد ان الحكومة الجديدة ومن خلال ما تعرفه من تنوع في المرجعيات السياسية وايضا تمثيلها لكل جهات البلاد تقريبا وضمها لطاقات هامة وشخصيات محل احترام سيجعلها تنال نسبة معتبرة من الرضا وايضا نحن دائمو الاستماع الى كل النقد الموجه الينا ونعمل على تقريب وجهات النظر مع الجميع ونسعى الى ان ننال رضى أكبر وتوسيع دائرة المساندين للحكومة اذا أحسنت طبعا.
وزارات السيادة منحت في أغلبها الى رجال قضاء وبحكم توليك في الحكومة السابقة لحقيبة وزارة العدل اضافة الى دورك البارز في تشكيل الحكومة الجديدة، هل يمكن ان نربط على أساس ذلك علاقة ما بين التعيينات وبينك أنت؟

وأي علاقة لهذا بذاك؟ كما ان الوزراء الذين تمّ اختيارهم ليس لأنهم قضاة بل لأنهم أولا كفاءات لا يرقى إليهم الشك ولهم القدرة على اعطاء الاضافة للعمل الحكومي ونحن سعينا بالاتفاق مع الجميع الى اختيار الأكثر كفاءة والأكثر نيلا لثقة الناس.

لكن سيدي الوزير الكفاءات ليست محصورة في قطاع القضاء فقط بل هم موجودون في كافة القطاعات؟

هذا أكيد لكننا حين وجدنا استعدادا من هذه الكفاءات لتولي هذه المهام الصعبة لم نتأخر في الاتصال بهم وعرض المهمة عليهم وقد قبلوها مشكورين بصدر رحب وأعيد وأكرر ان اختيار هؤلاء القضاة لتولي المناصب الوزارية ليس لأنهم قضاة بل لأنهم كفاءات وايضا مشهود لهم بالاستقلالية والبعد عن التجاذبات الحزبية وتم اختيارهم برضى كافة الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة.

هل تعتقد ان المهلة التي منحها لحكومته رئيس الحكومة المكلف والتي تنتهي بنهاية هذا العام كافية لتطبيق برنامجها او على الاقل ما اعتبرته أولويات وهي بسط الامن وتحقيق التنمية والتشغيل والتحكم في الاسعار وادارة حوار وطني كبير وموسع اضافة الى ملف العدالة الانتقالية والاصلاح ومقاومة الفساد والمحاسبة؟

سنبذل قصارى جهدنا مع كافة شركائنا ومع كافة مكونات المجتمع المدني والأحزاب من اجل تحقيق تلك الاهداف وهذا ممكن جدا اذا وضع الجميع اليد في اليد لأن بلادنا تحتاج جهدا من الجميع وليس من «الترويكا» فقط بل كل من موقعه قادر على المساهمة في تحقيق تلك الاهداف. الحكومة بالعمل البناء والاستماع الى كل الأطراف والمعارضة بلعب دور الرقيب والموجه ومكونات المجتمع المدني بالنصح وتوفير الاجواء الملائمة.

اذن حسب كلامك حكومة الجبالي لم تنجح في مهمتها وهي التي عملت لأكثر من سنة لأنها لم تتبع هذا المنهج الذي ذكرته؟

أنا لم أقل ان حكومة السيد الجبالي فشلت بل حققت نجاحات معتبرة تؤكدها الارقام ولكن الآن نحن أمام مرحلة جديدة أعقبت مرحلة كثر فيها المد والجزر فعلى الجميع ان يدركوا ان الانتقال الى المرحلة المقبلة واجراء الانتخابات وصياغة الدستور تحتاج الى عمل مكثف من الجميع بلا استثناء كل من موقعه لتحقيق تلك الاهداف وعلى الحكومة ان تستفيد من الاخطاء السابقة وايضا على المعارضة ان تستفيد من اخطائها لأن الفشل اذا حدث لا قدر ا& فإن مسؤوليته تقع على عاتق الجميع كما ان النجاح للجميع نصيب في تحقيقه.

خلال فترة توليك لحقيبة وزارة العدل طالتك عديد الانتقادات حول عدم بعث لجنة للقضاء الى حد الآن واتهامات بتدخل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية اضافة الى ما حدث في بعض السجون من تعذيب او مشاكل أدت الى وفاة سجينين سلفيين فبماذا ترد على كل هذه الاتهامات؟

أنا أتحدّى أيّا كان ان يثبت اي تدخل للسلطة التنفيذية في عمل القضاء ولكن هنالك من سعى الى التدخل في عمل القضاء بالضغط على وزير العدل سواء بالتدخلات او بالمسيرات التي حدثت احتجاجا على حكم قضائي ما ووزارة العدل في كل ذلك لم تتدخل ولو في مناسبة لتغيير حكم ما أو ممارسة أي ضغط على أي قاض رغم أن الجميع بما فيهم «الترويكا» لجؤوا الى الاعلام والى الشارع للضغط على القضاء لذلك رأينا أمام وزارة العدل مظاهرات متناقضة واحدة تدافع عن العلمانيين وأخرى عن السلفيين وثالثة مع سجناء من النهضة ورابعة ضدهم ولم نستمع الى أي طرف بل هنالك من ضغط علينا لاطلاق سراح فلان أو علان و للاحتجاج عن دعوة شخصية ما للمثول أمام القضاء والوزارة. لم نستمع الى أي أحد وأنا شخصيا كنت صارما ومؤمنا باستقلالية القضاء ولم أسمح لأي شخص بالتدخل في عمل القضاء ولم أتدخل لدى أي قاض للتأثير على سير قضية ما بل انني اتهمت من بعض أنصار حركة النهضة بعدم التدخل من أجل اطلاق سراح موقو في الحركة في تطاوين وكان شعاري دائما «طبق القانون» حين أتحدث مع أي قاض بل هنالك من قدم الينا قائمة في الترقيات للقضاة أو قائمة في القضاة الذين يجب اعفاؤهم وأنا أحتفظ بها الى حد الآن للتاريخ وأنا أعتقد أن نجاح الثورة وتكريس الديمقراطية بالبلاد يتم حتما عبر تكريس استقلالية القضاء لذلك لم أقبل بأي تدخل في عمل القضاء رغم انه مورس على الوزارة ضغط من الجميع من احزاب في السلطة أو خارجها ومن منظمات بعضها يدعي الدفاع عن القضاة وعن استقلاليتهم.
بعد الثورة حدثت عديد الانفلاتات الأمنية واحراق مقرات للأمن ومحاكم ومؤسسات أخرى اضافة الى كشف عديد المخابئ للأسلحة ولأطراف شاركت في مواجهات مسلحة لكن الى حد الآن لم نسمع أو نر محاكمات لمرتكبي تلك الافعال أو على الأقل الى أين وصلت فيها التحقيقات.
التحقيقات جارية وبعض القضايا تم البتّ فيها ومن تم تقديمه الى القضاء لابد أن يبتّ في أمره حسب القانون فتتم تبرئته ان كان بريئا أو ادانته ان كان مدانا.

لنتحدث الآن عن حركة النهضة خاصة بعد مبادرة الجبالي التي احدثت زلزالا فيها مازالت هزاته الارتدادية متواصلة لعل آخرها استقالة أبي يعرب المرزوقي ورسالته شديدة اللهجة فهل تعتقد أن تماسك الحركة صار موضع تساؤل بعد أن كانت عصية على الخلافات رغم ما فيها من اختلافات؟

حركة النهضة مازالت متماسكة والدليل أن مبادرة حمادي الجبالي لم يعقبها أي انشقاق ولو حدثت في حزب آخر لتشظّى ذلك الحزب الى شظايا عديدة لا يمكن جمعها لأن الاختلافات في حركة النهضة تحل داخل مؤسساتها وكل المنتسبين الى هذه الحركة يؤمنون بفكرة الاصلاح من الداخل وليس بالانشقاق كما أن تعدد الافكار فيها والرؤى عامل اثراء وليس عامل فرقة وضعف لأننا داخل المؤسسات نتناقش ونتحاور ونختار الأصلح الذي يرضىبه الجميع.

لكنكم سيدي الوزير فزتم بثقة مجلس الشورى في انتخابات اختيار خليفة للجبالي على رأس الحكومة في الدورتين الانتخابيتين ثم فجأة ثم ترشيح علي العريض بدلا عنكم فما تفسيركم للأمر؟

لا لم يتم اختيار علي العريض بصفة مفاجئة بل بناء على مشاورات مع شركائنا في الحكم ومشاورات داخل مجلس الشورى راعت جميع الظروف وتم اختيار علي العريض بناء على كفاءته ورأى فيه الجميع القدرة على توفير كل ظروف التوافق للنجاح في المرحلة المقبلة وأنا شخصيا لي الثقة المطلقة في قدرة علي العريض على النجاح لأنني عملت معه سابقا في الحركة الى أن سجن سنة 1990 ودافعت عنه سنة 1987 حين كان محكوما عليه بالاعدام بعد أن تم الافراج عليّ واعرف قوته وحرصه على النجاح وقدرته على العمل البناء.

هل يمكن ان نتحدث عن أجنحة متنافرة داخل حركة النهضة خاصة أن هنالك حديثا عن سحب للثقة من المكتب التنفيذي للحركة؟

نعم هنالك أجنحة داخل الحركة لكن ليست متنافرة بل متقاربة ومتفقة على اختيار القرار الأسلم والأنجع فإذا كان وجود أفكار وتصورات متعددة يعني وجود أجنحة فنحن لنا أجنحة لكن كأجنحة الطيور كلها تتعاون ليحلق الطائر عاليا فنحن في حركة النهضة لسنا مصابين بداء النمطية بل هنالك افكار متعددة ورؤى متعددة تتحاور وتتناقش داخل مؤسسات الحركة التي هي الحكم الذي يرضى الجميع بقراراته.

لكن هنالك من يرى أن تعيينكم كمستشار سياسي لرئيس الحكومة المكلف هو انتصار للشق الرافض لهيمنة شق علي العريض على صناعة القرار داخل الحركة وأن مهمتكم الأساسية هي فرض رقابة على رئيس الحكومة حتى لا تكون قراراته أحادية الجانب اي التي يقررها الشق المناصر له في الحركة؟

أولا قرارات الحكومة وبرامجها لا تخص النهضة فحسب بل لنا شركاء في الحكم لهم رأيهم وتصورهم لمختلف القرارات والبرامج وهذا يعني ان علي العريض ليس مستفردا بصناعة القرار داخل الحكومة كما أن الحديث عن مراقبتي له لا معنى له فالسيد علي العريض له من الكفاءة والقدرة على العمل بما يغنيه عن وجود رقيب لكنني أمارس دوري في الحكومة كمستشار سياسي وفق ما تقتضيه مصلحة البلاد ككل وليس مصلحة حركة النهضة فقط ونحن في الحركة بلا استثناء نريد النجاح للحكومة لأنه نجاح للبلاد وللشعب وللثورة وأيضا لنا كحركة ولبقية شركائنا في الحكم.

بعد أكثر من سنة في الحكم ما هو تقييمكم لأداء حركة النهضة؟

أعتقد انها أصابت في مواضع وأخطأت في أخرى كأي عمل بشري وكأي تجربة إنسانية أصابت في تحقيق قدر عال من التوافق بالتشارك في الحكم مع أحزاب أخرى وكرّست بذلك طريقة جديدة في الحكم أشادت بها عديد الأطراف داخليا وخارجيا.. أصابت حين سارت باعتدال وتروّ في فتح الملفات والمحاسبة ولم تسقط في التشفي والانتقام رغم فداحة ما تعرضت له سابقا من ظلم ورغم أن هذا التشمي رفضته عديد الأطراف داخل الحركة وأيضا خارجها من عديد الأحزاب أصابت في المحافظة على عديد المكاسب المحققة في المجتمع التونسي.

وأين أخطأت تحديدا؟

أخطأت حين زجّت بخيرة أبنائها في تجربة الحكم.

يعني أننا عدنا من جديد الى صواب مبادرة الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط؟

لا ليس هذا المقصود رغم أن مبادرة الجبالي فيها عديد الايجابيات ولكن كان على الحركة أن تحتفظ ببعض أبنائها للاستفادة من كفاءاتهم في مجالات أخرى.

هل هذا اعتراف منك بأن تجربة الحكم أضرّت نوعا ما بالحركة وأصابتها بالتهرئة؟

تجربة الحكم تجربة مهمة ومفيدة والى حدّ الآن نحن سائرون فيها بتوفيق كبير من اللّه جلّ وعلا والأكيد أننا سنستفيد منها أكثر خاصة أنها لم تصب الحركة بأي تصدّع خلاف ما وقع لعديد الأحزاب في عديد الدول ومنها تونس إذ لا ننسى أن تجربة الحكم قسمت الحزب الدستوري بين بورقيبيين ويوسفيين ونحن مازلنا منسجمين وسنبقى بحول اللّه.

كلمة أخيرة؟

أتمنى التوفيق للجميع لما فيه خير البلاد والعباد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.