كيف تصبح مواطنا فعّالا؟ كيف تكتسب مهارات الممارسة الديمقراطية؟ كيف تدير الحوار والتفاوض وتقبل الاختلاف؟ كانت أبرز محاور الدورة التدريبية المنتظمة مؤخرا بسوسة حول المواطنة والديمقراطية. جمعية «تونسيات» فرع سوسة ومركز دراسة الاسلام والديمقراطية نظّما مؤخرا دورة تدريبية حول المواطنة والديمقراطية شارك فيها 26 من الناشطين في مختلف جمعيات المجتمع المدني، والمنتمين الى حقول مختلفة من حقوقيين ورجال تعليم وطلبة ومتخصصين في مجالات الفلاحة والهندسة والتنمية البشرية.
خصوصية الدورة أنّها لم تعتمد طريقة التلقين أو حتى المشاركة في ادارة الحوار بين المكوّنين والمتدربين بل كانت عبارة عن جملة من الورشات التي انقسم فيها المشاركون الى مجموعات تتغير بتغيّر التمارين والمواضيع التي تم الخوض فيها، وه وما خلق حيوية كبيرة وأسهم بشكل واضح في تنمية قدرات الأطراف المشاركة على التواصل والاستماع الى الرأي المخالف.
وتمحورت الدورة التدريبية حول معاني الديمقراطية في علاقتها بالاسلام والعلمانية وحقوق الانسان والمواطنة ودور المرأة في ادارة الشأن العام وموقعها على الساحة السياسية وحول الفساد والتعسف في استعمال السلطة وكيفية الحدّ من ذلك.
وقد اعتمد المكوّنان محمد الحبيب المستيري وشادية فاخر أساليب جمعت بين الطرافة والتشويق والحث على التفكّر واستخدام العقل وصولا الى استخلاص النتائج من جملة الصور أو الفرضيات التي تم تقديمها للمشاركين.
وتضمنت الدورة تدريبا حول حل بعض الاشكالات البلدية بهدف تمكين المواطنين من ممارسة دورهم كمواطنين فاعلين عبر التقدم الى المجلس البلدي بمقترحات أو تصورات تهم مشاغل أحيائهم أو بالاعتراض على مشاريع تنوي البلدية اقامتها مع تقديم الحجج المناسبة وممارسة حقهم في المشاركة في صنع القرار عبر آلية الاستفتاء تكريسا لمفهوم الديمقراطية التشاركية أو الديمقراطية المحلية.
وتدرّب المشاركون على صياغة مشروع لميثاق حقوق الانسان بأجياله الثلاثة (الجيل الأول: الحقوق المدنية والسياسية، والجيل الثاني: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والجيل الثالث: الحق في التنمية والبيئة السليمة).
كما انقسم المشاركون في اليوم الأخير للدورة الى 5 مجموعات وتدربوا على تشكيل أحزاب وصياغة بيان انتخابي والتقدّم الى الانتخابات التي أفرزت توزّع الأصوات بشكل غير متوازن بين المجموعات وهو ما يعني أنّ البعض غيٍّ من رأيه وانتخب حزبا غير الحزب المنتمي اليه، وهذا ما اعتبره المكوّنان مؤشرا ايجابيا ودليلا على نجاح الدورة في تكريس روح القبول بالآخر والتحاور معه واحتمال تغيير المواقف بناء على ما يقدمه الآخرون من مواقف وآراء. وقد أجمع المشاركون في الدورة على نجاعة مثل هذه الورشات ودورها في خلق فاعلية على مستوى الممارسة الديمقراطية.