تحول إلى ليبيا من أجل لقمة العيش ومن أجل عائلة لا سند لها إلا هو.. لكنه هناك تعرض إلى هجوم مسلح جعله يعود جريحا إلى بلده تونس ليعانق البطالة من جديد. مكرم الجديدي، شاب يافع في ريعان الشباب قاطن بالصخيرة قادته الظروف الإجتماعية للإلتحاق بالقطر الليبي لمجابهة مصاعب الحياة ولتأمين قوت عائلة تتكون من 12 فردا: أب وأم طاعنان في السن و9 إخوة منهم من مازال يزاول تعليمه ومنهم من يعيش بطالة متواصلة.
مساء 12 فيفري 2013 يوم ما يزال يذكره بكثير من الألم والخوف والرهبة نتيجة ما عاشه من رعب، لحظات عصيبة صارع فيها الموت لولا ألطاف الله وإحتمائه صحبة رفاقه بركن من أركان أحد الغرف التابعة لمنزل كان اكتراه منذ وصوله إلى الأراضي الليبية .
«مكرم» (27 سنة) حدثنا عن أصل الحكاية ليسرد ما يلي: « بداية المأساة كانت عندما طرق أحد المسلحين المنزل عندما كنت صحبة 3 أشخاص من أصيلي ولاية المنستير بمنطقة «السعدية» بالأراضي الليبية حين كانت الساعة تشير إلى التاسعة والنصف من ليلة 12 فيفري الفارط، المسلح أشهر سلاحه مباشرة عنوة وبالقوة عبر شباك صغير ليمطر المكان بوابل من الرصاص الحي بإستعمال «كلاشنكوف» كان يديرها يمنة ويسرة ليصيب ذراعي اليمنى الذي أخترقته رصاصة لتصيب رفيقي بكتفه حين كنا جميعا في وضع انبطاح في حالة ذعر وخوف ورهبة .. الإصابة الغادرة جعلتني ورفيقي نطلق صيحات جعلت المسلح يغادر المكان ظنا منه أن أحدنا قد فارق الحياة.
ويضيف المصاب ما عشناه بعد ذلك كان لا يقل هولا عن مواجهة الرصاص، إذ بقينا نتخبط في دمائنا دون أن يتمكن رفاقنا من إسعافنا ولا حتى نقلنا للمستشفى بناء على نصيحة صاحب المنزل من إمكانية تصفيتنا ليلا، ولم يكن أمامنا غير اكتراء سيارة للعودة فجرا إلى تونس... ويتابع مكرم حديثه ليضيف: «كانت ساعات عصيبة من الألم و المعانات قبل أن ندرك مدينة بنقردان أين تلقينا الإسعافات الأولية بعد 10 ساعات من الحادثة..». الشاب مكرم التقيناه بملف طبي في حالة إحباط ويأس، تكاليف باهظة لقائمة من الأدوية، مواعيد أسبوعية تجبره على الإنتقال من الصخيرة إلى صفاقسالمدينة (80 كلم) وأكد لنا أنه كثيرا ما التجأ إلى السلط الجهوية (الوالي) والمحلية (معتمد الجهة) لطلب المساعدة دون جدوى، صيحة إستغاثة يطلقها هذا الشاب الحزين لما أصبح عليه وضعه الصحي دون ذنب أقترفه..