انتظم بفضاء جامعة الحزب الجمهوري بالمهدية بمناسبة عيد الاستقلال لقاء فكري قدم فيه الأستاذ عبد المجيد قابوس لمحة عن تاريخ الحركة الوطنية لخصت نضال الشعب التونسي منذ الحماية الفرنسية إلى الاستقلال. وأكّد الأستاذ عبد المجيد قابوس في مداخلته التي أتت في إطار الذكرى 57 للاستقلال على أن تاريخ الحركة الوطنية ارتكزت منذ إرهاصاتها الأولى على مقومين أساسيين كان لهما دور حاسم وجذري في تحديد أشكال النضال الوطني وذلك من خلال طبيعة النخب التي قادت الحركة الوطنية منذ انتصاب الحماية سنة1881 إلى حدود الاستقلال سنة 1956، مقدّما البرنامج النضالي من خلال جداول تفصيلية أسفرت عن سؤال جوهري وعميق عن طبيعة هذه النخب من حيث انتمائها الاجتماعي وكيف أثرت في مسيرة النضال الوطني؟
كما تطرق الأستاذ قابوس في مداخلته لمختلف مراحل النضال الوطني موضحا خصوصية كل مرحلة دون التغافل عن مميزات الوضع الداخلي والدولي الذي ميز كل مرحلة والنتائج المترتبة عنها. وقد أفرزت هذه المداخلة التاريخية القيَمة نقاطا جدَ مهمة، ومضيئة في تاريخ النضال الوطني حيث استخلص المتتبع لهذه المداخلة أن النخب القيادية تحوّلت من نخب ميسورة ذات تكوين تقليدي إلى نخب عصرية قريبة في انتمائها الاجتماعي إلى الجماهير الشعبية، وكذلك أكدت على نمو الوعي الوطني وتجذره عبر المطالبة بتشريك التونسيين في إدارة شؤون البلاد دون إهمال للمطلب الرئيسي ألا وهو الاستقلال، مبيّنا تحول النضال من مقاومة ثقافية نخبوية إلى نضال مؤطر حزبيا ونقابيا إلى أن تحوّل إلى كفاح مسلح ضد المستعمر الغاشم.
وقد مثلت هذه المداخلة قراءة تأليفية لتاريخ الحركة الوطنية أكد من خلالها أعضاء جامعة الحزب الجمهوري على أن الاهتمام بالطروحات الفكرية، والمداخلات الثقافية له دور كبير في تكريس الحس النقدي، وإرساء قيم الديمقراطية بهدف تحقيق غاية رئيسية هي مدنيّة الدولة، مع التشديد على أن الحوار والجدل، ومقارعة الحجة بالحجة وفق تعبيرهم هي الأسس الحقيقية لبناء الدولة الديمقراطية.