بدأت خلال الايام الماضية محاكمة شقيقتين تورطتا في قضية القتل العمد مع سابقية القصد حسب مقتضيات الفصل 201 و202 من المجلة الجنائية وقد مثلت المظنون فيهما امام الدائرة الجنائية بمحكمة قفصة الابتدائىة بحالة ايقاف صحبة عدل اشهاد تورط معهما. تعود وقائع هذه القضية الى سنة 2001 وتحديدا ليلة عيد الفطر عندما اقدمت الشقيقتان على تخدير وقتل موظف سام باحدى الوزارات. وأفادت الابحاث الاولية ان المظنون فيها صرّحت بأنها على علاقة حميمة مع الهالك الذي سبق وتقدّم لخطبتها من اهلها قبل تحوله الى «فرنسا» للعمل حيث اصبح يراسلها كما ارسل لها توكيل تصرف في محل سكناه «ببرج السدرية» الى غاية رجوعه الى ارض الوطن وتوليه منصبا هاما باحدى الوزارات. كما تفيد الوقائع ان احدى المتهمتين خامرتها فكرة الاستفادة اكثر من هذه العلاقة ماديا والتزوّج بالهالك قبل ان يترك سبيلها ففاتحت شقيقتها في الموضوع وتم الاتفاق بينهما على استدراج الهالك واستضافته في المنزل وتخديره ثم انتزاع توكيل مفوض في جميع ممتلكاته يحرّر بواسطة عدل اشهاد. واستقر الحال بين الشقيقتين على يوم 15 ديسمبر لتنفيذ جريمتهما واستعمال مادة «الكوخرة» المتوفرة في بعض مقابر الجنوب كوسيلة لتخدير الهالك كما تكفلت اختها بالتنسيق مع عدل الاشهاد واحضاره للمنزل بما انها مثقفة ودارسة في الطب مما يسهّل طريقة تخاطبها مع العدل واقناعه للقيام بمهمته. اليوم الموعود تم استدعاء الهالك يوم الواقعة الى منزل المظنون فيها بأحد احياء قفصة حيث ارسى سيارته بالمستودع الخلفي ثم دخل المنزل وتوجه الى غرفة النوم لتغيير ملابسه وفي الاثناء كانت احدى الشقيقتين تحضّر مادة «الكوخرة» مع الشاي بالمطبخ ثم تقوم بخلطه مع عصير الفراولو وتقدّمه للهالك كما قدّمت في نفس الوقت كأس عصير عادي الى شقيقتها واتصلت عبر الهاتف بكاتب عدل الاشهاد ثم غادرت المنزل لاحظاره على اثر ذلك عقد اجتماع بقاعة الجلوس حيث تم تحرير توكيل مفوض بين الهالك واحدى المتهمتين بمقتضاه تصبح المظنون فيها قادرة على التصرف بحرية في ممتلكات الهالك وذلك بعد ان مدّته ببطاقة تعريفها الوطنية وبطاقة الهالك ثم قامت المظنون فيها بالامضاء في دفتر عدل الاشهاد وأوهمته ان الطرف الثاني (الهالك صاحب التوكيل) شخصية هامة ولا يمكنه الظهور للامضاء بحضوره. واخذت الشقيقة دفتر التعريف بالامضاء معها من قاعة الجلوس الى غرفة النوم اين يتواجد الهالك ممددا على الفراش بمعية المظنون فيها وقامتا بنسخ امضائه وتدليسه على الدفتر الا ان عدل الاشهاد ربما بقصد اخفاء تآمره مع الشقيقتين اصرّ على وجوب البصمة في الدفتر علاوة على الامضاء للهالك وهو الامر الهين للشقيقة خاصة انه كان بحالة تخدير ولم يبد اية مقاومة. وقد مكنت احداهما عدل الاشهاد من مبلغ 25 دينارا مقابل أتعابه ثم رافقته خارج المنزل. الاصرار على القتل اثر مغادرة المظنون فيها المنزل للسهر قامت الشقيقة بتفقد الهالك الذي وجدته يتحرك فأعطته كوبا ثانيا من مادة «الكوخرة» ومزجتها بالكحول بدأ على اثرها الهالك بالتقيء ولم يكفها ذلك بل عمدت الى مده بكوب ثانية ثم وضعت موقدا من الفحم بنفس الغرفة التي تم تخديره بها واغلقت الباب كما قامت بسدّ جميع المنافذ «الهوائىة» لكي يختنق. محو الآثار في اليوم الموالي لوقوع الجريمة وهو يوم عيد وعلى اثر تفقد احداهما الهالك والتأكد من وفاته قامت بمساعدة المظنون فيها بحفر قبر بحديقة منزلها وتواصلت عملية الحفر من الساعة الخامسة والنصف صباحا الى حدود الساعة الرابعة مساء وقامت الشقيقة باخراج الاتربة وساعدها في ذلك ابنها بينما كانت المظنون فيها تجر الجثة ووضعتها ببساط من القماش الى ان تم ايصالها الى «الحفرة» «القبر» ثم رمت فوق الجثة 3 قطع «كنتول» وردمتها بالتراب. وقد تم تشخيص كل هذه المراحل للجريمة من طرف جملة المظنون فيهم وبحضور ممثل عن النيابة العمومية بابتدائىة قفصة. اكتشاف الجريمة على اثر غياب الهالك وعدم التحاقه بعمله بدأ التساؤل عنه وعن سبب غيابه الى ان تم الاتصال بالمظنون فيها باعتبار العلاقة الحميمة بينهما الا انها انكرت قدومه وزيارتها غير ان آثار عجلات سيارة الهالك امام مستودع منزل المظنون فيها جلبت انتباه اعوان الامن الذين اصرّوا على استكشاف المستودع فوجدوا السيارة الادارية عندها انطلقت الابحاث التي افضت الى الكشف عن جريمة الحال. وبالتحرير على المظنون فيها انهارت واعترفت بكامل تفاصيل الجريمة مثلما سبق بسطها، وتعهدت على اثر ذلك فرقة مقاومة الاجرام بقفصة تبعا لأنابة عدلية صادرة عن قاضي التحقيق للبحث والتحري وكشف جميع ملابسات هذه القضية. وقد اعترفت المظنون فيها وشقيقتها بجرمهما في كامل اطوار البحث خلافا لعدل الاشهاد الذي تمسك بالانكار. المحاكمة بعد استيفاء جميع الابحاث اللازمة تمت احالة الشقيقتين وعدل الاشهاد على انظار الدوائر الجنائىة بالمحكمة الابتدائىة بقفصة التي رأت تأخير القضية لجلسة لاحقة بناء على طلب لسان الدفاع للاطلاع وإعداد وسائل الدفاع كما طلب الافراج المؤقت عن عدل الاشهاد وهو ما رفضته النيابة العمومية.