الضغط النفسي أو «الستراس» ليس مرضا في حد ذاته ولكنه مرحلة قد تقود الي الاصابة بأمراض خطيرة إن لم يتم التعامل معها بجدية. وحسب آخر الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 60 من سكان العالم يعانون من «الستراس». وتبين الدراسات أن معظم ضحايا «الستراس» من النساء وذلك بسبب تراكم الأعباء التي باتت ملقاة على كاهل المرأة في ظل تطورات العصر. فالمرأة اليوم تجد نفسها ممزقة بين مقتضيات العمل وواجباتها داخل أسرتها كأم وزوجة مما يضعها أمام معادلة يصعب التوفيق بين طرفيها. وهو ما يولّد بداخلها لشعور بعدم الرضا عن وضعها ليتحول مع الوقت الى إرهاق نفسي متواصل. وإن لم تعمل المرأة على ايجاد طريقة تخرجها من متاهة هذا الشعور فإنها ستصاب بالضغط النفسي وكل ما ينتج عنه من مضاعفات أهمها الاكتئاب المزمن. «الشروق» طرحت هذا الموضوع على مجموعة من السيدات اللاتي كشفت بعضهن عن طريقتهن الخاصة في الخروج من دائرة الضغط النفسي في حين اعترفت أخريات بأن الضغط دفع بهن الى عيادة الطبيب النفساني. قصتي مع «الستراس» تعترف «هدى» وهي أستاذة بالثانوي بأن الضغوط تحيط بكل جوانب حياتها، فهي تعمل بمنطقة تبعد أكثر من عشرة كيلومترات عن مقر سكناها وهو ما يحتّم عليها انتظار الحافلة صباحا ومساء وهذا وحده كفيل بتدمير الأعصاب حسب قولها وتضيف هدى : «انها دائما في سباق مع الزمن منذ الساعات الأولى من اليوم حيث تستيقظ لإعداد افطار زوجها وأولادها قبل أن يذهب كل واحد لشؤونه، حتى في داخل قاعة الدرس تجد نفسها مشدودة الى عقارب الساعة حرصا على انهاء الحصة في الموعد المحدد، قبل أن تنطلق رحلة العودة الى البيت وتحضير طعام العشاء وغداء اليوم الموالي. وتزداد الضغوط على هدى مع اقتراب موعد امتحانات أبنائها، حيث تجد نفسها مطالبة بمساعدتهم على المراجعة. ونتيجة لهذه الدوامة تقول هدى : «كدت أصاب بانهيار عصبي لولا ايماني باللّه أولا وقوة إرادتي، فقد أصبحت عصبية جدا وهجرني النوم طويلا، لكني عرفت كيف أخرج من هذه الوضعية».وعن كيفية حدوث ذلك تقول هدى أن الأمر تطلب منها الكثير من الارادة، حيث جلست مع نفسها طويلا وأخذت في البحث عن حلول لوضعها. فاهتدت الى فكرة تسجيل نفسها بإحدى القاعات الرياضية، وأصبحت تزاول الأيروبيك مرتين في الأسبوع، وهو ما ساهم بشكل كبير في تخليصها من التوتر والرفع من معنوياتها. وذكرت أخريات أنهن يقاومن الضغط بوسائل مختلفة كالمطالعة والاستماع الى الموسيقى.. أو التحدث الى الصديقات، وقالت احداهن أن التسوق هو أفضل وسيلة لديها للإفلات من قبضة «الستراس». في عيادة الاخصائي النفساني غير أن البعض وقعن ضحية هذا الغول الذي يسمى الضغط ولم يخرجن منه إلا بمساعدة الأخصائي النفساني. ةمن بين هؤلاء : الآنسة «س» وهي طالبة جامعية تكاثرت عليها الضغوط بسبب بعض المشاكل العائلية من جهة وقلقها باقتراب موعد الامتحانات تقول «س» أنها وجدت نفسها تغرق في بئر بلا قرار، في ظل انعدام كل حلول لوضعيتها، ورغم محاولة التماسك أحسّت بنفسها تنهار فجأة وهو ما حملها الى عيادة الطبيب النفساني. وعن هذه التجربة تقول «س» لقد وجهني الطبيب الى كيفية التفكير بطريقة ايجابية والتعاطي بواقعية مع مشاكلي، وأكثر شيء تعلمته منه هو التفاؤل والاعتقاد بأن الغد سيكون أفضل من اليوم، وهذه كلمة السر التي يجب أن يرددها كل من يقع فريسة المشاكل والضغوط، لأن الاستسلام هو الطريق نحو الموت. كانت هذه تجارب البعض ممن وقعوا في قبضة «الستراس» فماذا يقول الطب النفسي؟ يؤكد أحد المختصين في الطب النفسي أن الستراس ليس مرضا بل هو مرحلة عابرة يجب التنبه لها والخروج منها بطرق مختلفة. ويشير هذا الاخصائي الى أن الضغط النفسي لا علاقة له يضعف الشخصية بل هو مرتبط بأحداث أو بمشاكل اقتصادية أواجتماعية يصاحبها فقدان للأمل في امكانية التغيير والاصلاح. وينصح نفس الاخصائي النساء المعرضات للاصابة بأعراض «الستراس» بضرورة الترفيه عن النفس، كالخروج مع الصديقات والاستماع الى الموسيقى أو ممارسة أي نشاط محبّب خاصة الرياضة، مع ضرورة التمتع بالحياة والنظر إليها نظرة ايجابية ملؤها التفاؤل والإيمان بغد أفضل ومغالبة الصعاب بالإرادة والأمل.