كاد خطأ صيدلي بمنطقة سيدي البشير أن يتسبب في كارثة صحية لمواطنة دفعها المرض الى زيارة الطبيب. ويتمثل هذا الخطأ في اسناد دواء مغاير لما كتب في الوصفة الطبية ومضر وخطير لحالتها الشيء الذي تسبب لها في آلام مضاعفة وانعكاسات سلبية وضع لها تدخل الطبيب للمرة الثانية حدا بتنبيه أهلها لضرورة تغيير الدواء الخاطئ. وحسب ما جاء في الوصفة الطبية فإن الدواء الذي أسنده الطبيب هو دواء «تيوفينيكول» Thiophenicol المتمثل في حقن إلا أن الصيدلي أسند لها دواء مغايرا لما جاء في الوصفة وهو «تيوفلين» Théophylline في شكل فتائل. وما زاد خطورة هذا الدواء حدّة هو أن الطبيب أسند للمريضة دواء آخر في نفس الوصفة في شكل فتائل ويسمى «أزوتين» Azothine فاجتمع الدواءان المماثلان ليشكلا خطورة أكبر على المريضة باعتبار أنها أخذت جرعات مضاعفة من نفس العائلة. عائلة الدواء واكتشف الخطأ الفادح الطبيب المسند للوصفة حين عايدته المريضة للمرة الثانية بعد تعكّر حالتها وشحوبها الواضح وانقطاع شهية الأكل عندها. وصرّح بأن المريضة كانت ستتعرّض لمخاطر صحية فادحة لو استمرّت في أخذ الدواء لأكثر من يومين متتالين. وأمام خطورة الحادثة وفداحة الخطإ الذي تسبّب فيه الصيدلي ونظرا لتعلق الأمر بصحة وحياة مواطنة ليس لها من ذنب غير أن المرض دفعها للجوء الى الأدوية، فإن السؤال يطرح كيف يمكن أن تكون صحة وحياة المواطنين لعبة في أيدي بعض المهنيين الذي يفترض أنهم مؤهلون لعدم الخطإ؟ والإجابة عن بعض من تساؤلاتنا اتصلنا بالأطراف المعنية المتمثلة في هيئة الصيادلة وإدارة التفقدية الصيدلية بوزارة الصحة العمومية لطرح مثل هذه الاشكاليات. طلاسم الوصفة أفاد مصدر مأذون من هيئة الصيادلة أن الخطأ يمكن أن يحدث بالنسبة للصيدلي كما يحدث في عديد الاختصاصات الأخرى لكن هذا لا ينفي تحمّل الصيدلي مسؤولية خطئه. وأضاف أن العمادة سوف تعقد اجتماعا في غضون هذا الاسبوع لدراسة الشكوى التي وردت من المواطنة وسوف تُتّخذ في شأنها جميع الاجراءات اللازمة. واعتبر أن خطأ الصيدلي يمكن أن ينتج عن الوصفة الطبية التي يكتبها بعض الأطباء في شكل هو أشبه بطلاسم حيث يصعب على الصيدلي قراءتها، أو قراءتها بطريقة خاطئة. وذكر أن الطين يزداد بلّة جراء استحالة مهاتفة الصيدلي (الذي يعمل ليلا) الطبيب بسبب عدم توفر الهاتف الشخصي. وطالب في مثل هذه الحالة الأطباء بإعطاء هواتفهم الشخصية للمرضى للاتصال بهم عند الضرورة ولمساعدة الصيدلي على الاتصال به أيضا عند صعوبة قراءة الدواء وخلص الى القول بأنه مهما يكن من أمر فإن الصيدلي مطالب في حالة الشك بالاتصال بالطبيب للتثبت. وختم بأن العمادة تصلها بعض التشكيات من هذا النوع وغيره وهي في كل مرة تحاول التعامل مع الملف بكل جدية. نقص في المراقبين وأفادت السيدة دليلة درغوث مديرة ادارة التفقدية الصيدلية أن الرقابة لا يمكن أن تحلّ محلّ مسؤولية كل مهني والقانون أعطى للصيدلي عديد الصلاحيات كإعطاء دواء جنيس ومماثل في حالة فقدان الدواء المطلوب. وأضافت أن الصيدلي باستطاعته اعطاء بعض أنواع الأدوية بدون وصفة وهذه الصلوحيات لا تمنعه من المسؤولية عند الوقوع في الخطإ. وذكرت أن التشكيات التي تصل الادارة فيما يتعلق بإعطاء أدوية خاطئة تكون غالبا نتيجة غموض خط الطبيب الذي كتب الوصفة لكن مهما يكن من أمر فإن الصيدلي مطالب بالاستيضاح من الطبيب عبر اتصال مباشر قبل اسناد الدواء. وعن ردّة فعل الادارة في مثل هذه الحالات قالت : «في حالة حصولنا على شكوى نقوم بدراسة الموضوع ولو تأكدنا أن هناك إخلالات نقترح على وزير الصحة العمومية إحالته على هيئة الصيادلة للمحاكمة»، وبناء عليه يمكن لهذه المواطنة التقدم بشكوى الى الادارة للنظر فيها». وحول أشكال العقاب أفادت أن هناك طريقتين تتمثل الأولى في العقوبة التأديبية التي تتفرع الى الحصول على انذار وتوبيخ وأقصاها غلق الصيدلية أو الى مطالبة الصيدلي بالاستئناف أثناء تعرضه الى عقوبة قاسية من الهيئة. وتتمثل العقوبة الثانية في توجه المواطن الى المحكمة للقيام بقضية عدلية. وحول كيفية مراقبة الصيادلة من قبل الادارة قالت : «تقوم الادارة بإرسال متفقدين بصفة دورية وعند حدوث اخلالات وعلى المستوى المركزي بتونس الكبرى توفر الادارة مراقبين فحسب كما توفر مراقبا واحدا لمجموعة من الولايات ليراقبوا القطاع العام والخاص». وقالت ان التشكيات التي تصل الادارة أغلبها يتعلق برفض الصيدلي اعطاء أدوية مؤثرة للمرضى أما الأخطاء المتعلقة بقراءة الوصفة فهي قليلة. وعموما تظل صحة وحياة المواطن التونسي فوق كل المبررات والمطلوب تكثيف أعوان المراقبة ليتمكنوا من متابعة عمل الصيادلة والتأكد من سلامة تكوينهم وملاءمتها مع تطور الأدوية.