قضت احدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإدانة شخص وسجنه مدة خمس سنوات بعد تورطه في جريمة محاولة القتل العمد مع سابقية الترصد. المتهم في الأربعينات من العمر متزوج وله ستة أبناء يعمل بنّاءً بالحضائر من أصيلي احدى مدن أقصى الشمال الغربي، اتفق يوم الواقعة على عقد لقاء مع أحد أقاربه، والتقيا بمقهى يجتمع فيه البناؤون وطالبي العمل بجهة المرسى. وتبادلا أطراف الحديث حول مواضيع الشغل ومواضيع شتى الا انه أثناء ذلك بدرت نقاط اختلاف بين القريبين، اشتد خلالها الكلام والصياح حتى بلغتا مداهما بأن تعمّد القريب الضيف وهو المتضرر في قضية الحال الى اطفاء عقب سيجارته على جسد مضيفه، فلم يقدر هذا الاخير على الرد، نظرا لقوة البنية الجسدية لخصمه، تدخل بعض الحاضرين وفضوا النزاع بالحسنى بينهما وذهب كل منهما الى حال سبيله. الا ان المتهم في هذه القضية رأى في ما تعرض له اهانة، لذلك قرر الانتقام ورد الاعتبار لنفسه، فتسلح للغرض بسكين، وظل يراقب غريمه حتى بلغ مكانا خال من المارة فلحق به وباغته من الخلف ليسدد له ثلاث طعنات متتالية، أصابت الاولى الرأس والثانية أصابت الكتف فيما كانت الطعنة الثالثة في الصدر، فخارت قوى المتضرر وسقط أرضا مضرّجا بالدماء، الا ان قدوم سيارة من بعيد جعلت الجاني يعتقد ان أعوان الامن قد حلّوا فلاذ بالفرار. تم نقل المصاب الى المستشفى حيث احتفظ به الأطباء تحت العناية المركزة كما تم اسعافه ومعالجته الى ان استجاب للعلاج، ونظرا للطابع الاجرامي لاصابة المتضرر اتصل المسؤولون بالمستشفى بأعوان الامن الذين حلّوا على عين المكان، كما أبلغوا ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي أذن بفتح محضر تحقيقي، وحرر المحققون على المتضرر الذي أفاد بأنه تعرّض الى عدة طعنات من الخلف صادرة عن أحد أقاربه، وأدلى بهوية الجاني ومكان اقامته، وتنقل أعوان الامن الى اقامة الجاني حيث ألقوا عليه القبض. وبجلبه الى مركز التحقيق والتحرير عليه، اعترف بما نسب اليه وصرّح بأنه تعرّض الى اهانة من قبل غريمه بعدما تعمد اطفاء عقب سيجارة على جسده، كما أفاد بأنه تسلّح بسكين وظل يراقب ضحيته الى ان اختلى به في مكان مقفز وباغته بعدد من الطعنات حتى خارت قواه وسقط أرضا. وبعد انهاء الابحاث في شأنه أحيل المتهم على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس لمزيد التحري، حيث تراجع عن أقواله التي كان قد أدلى بها لدى باحث البداية، وأنكر أن يكون قد طعن المتضرر بواسطة سكين، اذ صرّح من جديد بأنه تعرض الى اعتداء واهانة من قبل قريبه بينما كانا جالسين بإحدى مقاهي مدينة المرسى، وان عددا من الحاضرين تدخلوا لفض النزاع. وأضاف بأنه اثر الانتهاء من المعركة بقي الغضب والغيض يلاحقانه، فانطلق خلف غريمه ونشبت بينهما معركة تولى على اثرها دفع قريبه الذي سقط أرضا فأصابه بعض الحجر. ممثل النيابة العمومية رأى وجها للإدانة في أقوال المتهم خاصة امام شهادة شاهدين أكدا الرواية الاولى التي مفادها تعمده طعن المتضرر بسكين من الخلف، وأمام تمسك المتضرر بأقواله، أصدر ضده بطاقة ايداع بالسجن ووجه له تهمة محاولة قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية الترصد وهو ما ساندته دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي قررت احالة المتهم على الحالة التي هو عليها صحبة أوراق القضية على احدى الدوائر الجنائية المختصة لمقاضاته من اجل ما نسب اليه. وبمثوله خلال الايام القليلة الماضية أمام الهيئة القضائية تمسك المتهم بما كان قد أدلى به لدى قلم التحقيق متراجعا بذلك عن تصريحاته المسجلة عليه امام باحث البداية، اذ أفاد بأن الاهانة التي تعرض لها من قبل المتضرر هي الدافع وراء المعركة التي نشبت بينهما ونفى ان يكون قد طعنه بسكين متمسكا بأنه دفعه دفعا فسقط على الارض واصطدم بحجر أحدث له جروحا بليغة. وعاضده في أقواله محاميه الذي أكد ان الاختبار الطبي تضمن نسبة للضرر لم تتجاوز العشرين بالمائة وشكك المحامي في أقوال المتضرر والشهود، نافيا ان يكون منوبه قد استعمل سكينا للاعتداء على خصمه، وطلب لسان الدفاع من هيئة المحكمة عدم اعتبار ما اقترفه منوبه من قبيل محاولة القتل العمد مع سابقية الترصد وانما الاعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه سقوط دون العشرين بالمائة. فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبقا لفصول الاحالة ولائحة الاتهام. فقررت المحكمة ختم الترافع في القضية وحجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم لتقرر اثر ذلك ثبوت ادانة المتهم والقضاء بسجنه مدة خمسة أعوام.