يشهد العالم كل لحظة تطوّرا وتغيّرا في كل مكوّناته وخاصة منها تلك التي تتعلق بالحياة اليومية. ولأن الطالب احد اهم العناصر الفاعلة في المجتمع فإنه يعيش كل حين متغيّرات مختلفة في حياته الجامعية. وقد لا يفقه هذا الاخير كنه ما يحدث حوله فيقع فريسة للركود والجمود. فأي دور للطالب في التأثير في متغيّرات حياته اليومية؟ «الشروق» طرحت هذا السؤال على عدد من المتدخلين والمشاركين في الندوة الفكرية «المتغيّرات في حياة الطالب» التي نظمتها التعاونية الوطنية للطلبة التونسيين يوم الجمعة 23 أفريل الجاري بالحي الجامعي باردو . *إعداد: اسماعيل الجربي السيد عماد الزواري مسؤول عن خلية الاعلامية والانترنات بتعاونية الطلبة: الطالب يؤثر في متغيّرات العصر مثلما تؤثر فيه... تونس الشروق : يرى السيد عماد الزواري مسؤول عن خلية الاعلامية والانترنات بالتعاونية الوطنية للطلبة التونسيين أنّه يفترض ان تكون هناك علاقة جدلية بين الطالب وكل ما يحيط به من متغيّرات في مختلف المجالات. فالطالب حسب قوله يتفاعل مع المتغيّرات اخذا وعطاء. وهي (المتغيرات) تؤثر فيه وفي الوقت نفسه يؤثر فيها. ويضيف قائلا: «حين يكون الطالب فاعلا فانه ينأى بنفسه عن التقبّل السلبي. وهذا بدوره يجعله يحسن توظيف المتغيرات لاستغلالها كشخص مستقل بذاته وكفرد داخل المنظومة المجتمعية». ويواصل السيد الزواري قائلا: «تبدو مسؤولية الطالب اليوم اكبر مقارنة بالاجيال السابقة. ففي العقود الماضية كانت الفرص المتاحة للطالب لاكتساب المعرفة مثلا محدودة جدا باعتبار ان الوسائل كانت قليلة اذكر مثلا الكتاب والتلفزة... أما اليوم فالوسائل متعددة وهي متطوّرة الى ابعد الحدود لذلك فإن المسؤولية الملقاة على عاتق الطالب كبيرة جدا». ويذهب محدّثنا الى اعتبار أن الطالب هو في طليعة القوى الحيّة وأصبح اليوم احد أهم عناصر المجتمع المدني لذلك فإن الجميع ينتظر منه الاضافة وليس الاستهلاك فحسب. ويقول في هذا السياق: «عقلية الاستهلاك ليست من مبادئ الطالب فهو فاعل ومتجدّد». وعبّر السيد عماد الزواري عن خشيته من أن تتحوّل «الطفرة الرقمية» والقفزة المعلوماتية التي يشهدها المجتمع الشبابي اليوم في تونس الى موضة وتصبح هذه «الثقافة» الرقمية مستهلكة وبالتالي استهلاك احد أهم مصادر المعرفة. ويضيف قائلا: «أرى انه من واجب هذه الفئة المجتمعية ان تطوّر وتجدّد وتبتكر وتسعى الى تحقيق الابداع في هذا المجال أقصد اثراء هذه الثقافة من خلال تصميم المواقع على شبكة الانترنات وليس الابحار فقط... هناك مواقع تونسية كثيرة نرغب من الطالب ان يكون فيها شريكا فيطوّرها بما يتماشى وتطلّعاته وانتظاراته. *** السيد رشاد الخرباشي رئيس التعاونية الوطنية للطلبة التونسيين: الطالب المتواكل لا مكان له في الواقع المتغيّر تونس الشروق : يشدّد السيد رشاد الخرباشي رئيس التعاونية الوطنية للطلبة التونسيين على ضرورة القضاء على عقلية التواكل لأنه حسب رأيه لا مكان اليوم للطالب المتواكل في ظل المتغيّرات التي تطرأ كل حين على الحياة الطلابية خاصة وعلى المجتمع عامة. ويضيف السيد الخرباشي قائلا: «هناك ضغوطات يومية يعيشها الطالب وهي تلك التي تتعلّق بالسكن والمنحة والنقل والمطعم وغيرها، هذا بالاضافة الى الدراسة فكل سنة تنضاف شعب جديدة الى قوائم الشعب الاخرى لذلك فإن الطالب الذي يكتفي باستهلاك ما يقدّمه له الاخرون من خدمات وامتيازات هو طالب غير متوازن». ويواصل محدثنا قائلا: «من المهم جدّا ان يكون لدينا في تونس حوالي ثمانية آلاف جمعية لكن من المؤسف ايضا ان نسبة الشباب الذي استقطبته هذه الجمعيات هي 2 فقط!». ويحمّل السيد رشاد الخرباشي الشباب ومنه فئة الطلبة المسؤولية في ضرورة الاخذ بأسباب التطوّر والتجديد والبحث عن التقدّم والرقي ومن خلال ذلك التأثير في كل المتغيّرات التي تطرأ على الحياة الطلابية. ويربط السيد الخرباشي بين هذا الدور وبين ضرورة ممارسة العمل الجمعياتي كأحد اهم مكوّنات المجتمع المدني. ويواصل قائلا: «التطوّر الذي تشهده الجامعة التونسية اليوم في كل المجالات وخاصة في مستوى التواصل مع الطلبة يفرض على هؤلاء حذق اللغة الرقمية لضمان علاقة تتماشى ولغة العصر. اقصد بكلامي موضوع المنحة الجامعية والتسجيل واعداد مشاريع التخرج والبحوث وغيرها من الأمور التي تتطلب من الطالب معرفة بأبجديات الشبكة العنكبوتية. لذلك نحن بصدد تركيز وحدة متكاملة للاعلامية والانترنات بالتعاونية. ولا نرمي من هذه الوحدة الى «تعليم» أو تنظيم دروس في هذا المجال لفائدة الطلبة، بل نطمح الى تحقيق التطوير، وتوظيف هذه الآلية لاكتشاف الافاق المستقبلية للثقافة الرقمية. فنحن نفترض ان يكون جل الطلبة عارفين بأبجديات الاعلامية والانترنات لأن من لا يحذق اليوم هذه التكنولوجيا فهو أميّ. وحتى نفسح المجال للطالب للتعرّف على أهمية دوره في التأثير في متغيّرات العصر فتحنا أبواب خلايا التعاونية لكل ابناء الجامعة كما أن النوادي الثقافية التي بعثناها يديرها الطلبة بنسبة تفوق 80 وعموما فإن أسرة التعاونية أغلبها من الطلبة والمتخرّجين الجدد لأننا نؤمن بأن كل عمل بالتعاونية يجب ان يكون من الطالب والى الطالب *** الطالب نزار قتلاني: المطلوب تطويع المتغيرات بما يخدم مصلحتنا تونس (الشروق) : يقول الطالب نزار قتلاني الممثل عن الطلبة بالهيئة المديرة للتعاونية ان دور الطالب في عملية التعاطي مع المتغيرات التي تطرأ على حياته كفرد من المجتمع هو دور تفاعلي. ويضيف قائلا : «يجب ان لا ننكر ان هذه المتغيرات تفرض نفسها على الطالب، لذلك فإن دوره هنا يكمن في عدة نقاط لعل أهمها ضرورة توفر روح المبادرة والعزيمة للتعاطي معها (المتغيرات) وفهمها والاخذ بأسباب التأثير فيها وتطويعها لما يخدم مصلحته». ويضيف الطالب نزار قائلا : «الطالب المتوازن يبحث دائما عن الوسائل التي تحقق له ذاته ونحن اليوم نعيش عصرا متطورا جدا لذلك فإن وسائله وأدواته تفرض علينا ان نكون مواكبين لما يحدث حولنا. وأرى ان الطالب الذي لا يؤمن بهذه الفكرة هو غير واع بأهمية دوره في المجتمع وقبل ذلك دوره للنهوض بحياته اليومية. المسألة واضحة جدا والمطلوب منا أوضح بكثير». *** المنسّقة الثقافية حنان الكلابي: الطالب يبحث دائما عن التجديد والتطوير تونس الشروق : تذهب المنسّقة الثقافية السيّدة حنان الكلابي الى اعتبار ان الثورة التكنولوجية والطفرة المعلوماتية التي يشهدها العصر وكل المتغيّرات التي تطرأ كل حين على الحياة الطلابية تجعل الطالب في بحث دائم عن التجديد والتطوير، وهذا في حد ذاته عنصر ايجابي. فهذه العملية التفاعلية تفرز علاقة واعية ومتطوّرة بين الطالب ومحيطه، مثلما تقول السيدة حنان. وتضيف قائلة: «أصبح الطالب اليوم يبحث عن وسائل العصر الحديثة كالانترنات والاعلامية وغيرها وفي المقابل اصبح لا يميل كثيرا لكل ما هو عادي في نظره». ففي السابق كانت الانشطة التي تشد الطالب هي الانشطة الادبية والرياضية اما اليوم فإن هذه الانشطة لم تعد تستقطب الطلبة كثيرا وانما هناك بحث دائم عن الانشطة المستحدثة او غير العادية وأعني بها الانشطة التي تخرج بالطالب من محيطه الى محيط وفضاء آخر. فمثلا مع الانترنات يُبحر الطالب عبر كل انحاء العالم في وقت قصير جدا كما أن النشاط الكشفي أيضا يخرج بالطالب من البنايات الى الطبيعة وهكذا فإن طالب اليوم يمكن اعتباره عنصرا فاعلا ومؤثرا في المتغيّرات التي تطرأ على حياته. *** المنسقة الثقافية منى غنّام: الطالب واع بضرورة التأثير في واقعه تونس (الشروق) : تعتبر المنسّقة الثقافية الآنسة منى غنّام أن الطالب أصبح اليوم واعيا بواقعه بما يحتوي عليه من متغيرات مطردة. وتضيف قائلة : «أصبح الطالب يرغب في ان يكون عنصرا فاعلا وطرفا مؤثرا في هذا الواقع المتغير.. فهو يسعى دائما الى فهم عناصر هذه المتغيرات ودخول معتركها بثقله. ويتجلى لنا ذلك خاصة من خلال بحث الطالب الدائم عن الكيفية الناجعة لتمضية أوقات فراغه. أعني بكلامي هذا محاولة الطالب الدائمة لفهم كل ما يدور حوله. وهذا يعني أنه واع بأن الأحداث حوله تتسارع وان التطور التكنولوجي يسير بنسق سريع لذلك نراه يبحث من حيز الى آخر عن السبيل او الكيفية التي يستطيع من خلالها ان يطور نفسه. الطالب يدرك جيدا ان هناك تحديات يجب عليه تخطيها، وهو في نفس الوقت لم يعد يقبل على بعض الانشطة الثقافية العادية وانما هو يرغب في أنشطة جديدة مستحدثة ومتطورة... وهنا يجب التأكيد على ان دوره في هذا المجال كبير وهام والا فإنه يصبح «مستهلك سلبي» ليس الا...».