فتح معرض الكتاب الدولي أبوابه للعموم يوم الجمعة 23 أفريل في قصر المعارض بالكرم وسجلت نهاية الاسبوع إقبالا منقطع النظير من العائلات التونسية التي أقبلت على المعرض بشكل جماعي لاقتناء الكتب وخاصة كتب الاطفال والكتب الموازية للبرامج المدرسية وكتب الطبخ وكتب التحاليل السياسية خاصة حول أحداث 11 سبتمبر وحرب الحلفاء على العراق وقراءات في المشهد العراقي المثخن بالدماء والجراح. الجولة بين أجنحة المعرض تقودنا الى عدد من الملاحظات والاستنتاجات أولها الاقبال المنقطع النظير على كتب الاطفال كما لاحظنا حضورا مكثفا لنوعية من الكتب تهتم بالسحر والشعوذة والتحاليل غير العقلانية لظواهر سياسية مثل كتاب يتحدث عن نهاية دولة اسرائيل في القرآن الكريم! فالملاحظة البارزة هي الحضور المكثف لدور النشر اللبنانية والسورية والمصرية وهي الدور الاكثر مبيعا في غياب لدور النشر التونسية التي اضطر عدد منها الى كراء أجنحة مشتركة بسبب غياب القارئ مثل دار سحر ودار محمد علي الحامي ولعل الدور الوحيدة التي تسجل اقبالا من الجمهور هي دار المعارف ودار الشباب بسبب توفر الكتاب العربي وكتب الاطفال فيهما وأغلب الكتب على صلة بالبرامج المدرسية أما الدور الاخرى التي تقدم الكتاب الابداعي التونسي مثل دار تبر الزمان ودار المعرفة ودار سيراس ودار الجنوب فالاقبال عليها محدود رغم أن هذه الدور هي الوحيدة تقريبا الآن الى جانب سحر ومحمد علي الحامي التي تقدم الكتاب التونسي. ** الكتاب التونسي تائه ! فجولة سريعة في المعرض تؤكد لنا أزمة الكتاب التونسي فحتى الاصدارات الجديدة ضاعت في زحمة الكتاب المدرسي وكتب ولعب الاطفال فكان من المفروض أن تخصص إدارة المعرض جناحا للاصدارات التونسية الجديدة مع تنظيم حفلات توقيع ويكون هذا الجناح مجانا لتقديم الكتاب التونسي مع لقاءات مع الكتّاب التونسيين من أصحاب الاصدارات الجديدة. إن الغائب البارز في المعرض هو الكتاب التونسي وخاصة الكتاب الابداعي: رواية قصة شعر... وعندما نتحدث عن الغياب نقصد غياب الدعاية والصيغة الباردة التي تقدم بها هذه الاصدارات، في حين نجد معارض دولية أخرى للكتاب مثل معرض فرانكفورت يحتفي بالاصدارات الجديدة في جناح خاص مع صور للكتّاب ولقاءات معهم فمعرض الكتاب لا يمكن أن يتحوّل الى مجرد سوق للبيع والشراء في غياب القيمة الثقافية للكتاب. ** بشكل سرّي ؟! كما لاحظت ان دور النشر السورية واللبنانية خاصة لا تشهر الاسعار وهذه ملاحظة كنا أبرزناها في دورات سابقة لكن مازال الحال على ما هو عليه... الى جانب ارتفاع ثمن الكتب اللبنانية والسورية ويبقى المنقذ الوحيد للقارئ هي الاصدارات المصرية التي تعتبر الاقل ثمنا في المعرض. لكن هذه الملاحظات لا يمكن أن تحجب نقاطا إيجابية في المعرض وخاصة جناح المكتبة الالكترونية لدار الكتب الوطنية والاقراص الموجهة للطفل الى جانب ورشة القراءة التي تنظمها إدارة المطالعة العمومية ويشرف عليها خبراء في المطالعة فهذه الورشة سجلت نهاية الاسبوع إقبالا منقطع النظير للاطفال وهذا شيء إيجابي لابد من تثمينه. معرض الكتاب الدولي سيغلق أبوابه يوم 2 ماي وقبل تنظيم الدورة القادمة لابد أن تبادر وزارة الثقافة والشباب والترفيه الى تنظيم ندوة دراسية تجمع فيها الكتّاب والاعلاميين والناشرين لتصوّر مستقبل معرض الكتاب من أجل خدمة الكتاب التونسي أولا وأخيرا.