استطاعت الولاياتالمتحدةالامريكية، أن تجعل من دراما العراق كوميديا ايضا، تنتزع البسمة من بين دموعك الجارية وتشرح قلبك وهو مكلوم! ومن المصائب تأتي احيانا القهقهات، ومن رحم المأساة تولد أحيانا حالة من البسط، ومن داخل مجلس الحكم الانتقالي يوفّر مسرح الدمى المتحركة، ما يبلغ ذروة المأساة ثم يتحوّل الى ذروة السخف... وليس غريبا بالمرّة، أن لا ينحل مجلس الحكم الانتقالي في العراق، وأن ينتقل الى مدينة «الديزناي لاند» الامريكية، ليواصل تسلية المشاهد الامريكي بعد ان سلّى طويلا شعب العراق بقراراته المرفوضة من قبل بريمر، او بتلك التي حازت اعجابه وموافقته، واستطاعت ان تمرّ من تحت سيفه الذي يسمّى فيتو! وليست قرارات المجلس العتيد هي التي تحوّل القبض الى بسط، والسّأم الى انشراح والملل الى ترفيه، لا بل وايضا خطابه السياسي الذي يستطيع ان يجمع بين كل المفارقات وأن يزاوج بين كل المتناقضات، وأن يحمل الشيء وضدّه، الاحتلال والتحرير، والمقاومة والارهاب، والاقليمية والعروبة، والاسلام والمخابرات الامريكية، والقرار الوطن وواشنطن، والشعب والطائفة. وهات من هذه ا لطرائف التي تنسي الناس في عبقرية جحا، وفي لطف أبي دلامة، وفي خفّة روح أشعب. فليس غريبا ان يحدّثك اعضاء الموقّر مجلس الحكم، صباحا عن الاحتلال وعشية عن التحرير، وهم تارة يسمّون المقاومة مقاومة، وتارة يرونها ارهابا، وهم طورا عرب ومسلمون وطورا عراقيون ليبراليون. وهم مع قرارات بريمر وضدّها، وهم مع اهلهم في الفلوجة والنجف لكن ايضا مع المحرر المحتل، ومع التواجد الامني الامريكي احيانا ومع التواجد «الشرطي» العراقي احيانا اخرى! ولا احد رأى منّا مشهدا كهذا، الا في أفلام الكرطون، ومسلسلات الاطفال، ولا أحد منا يذكّره هذا المسرح الا بالعظيم ميكي ماوس، والطريفين «توم» و»جيري» اللذين يتخاصمان في اليوم مائة مرّة، ويتصالحان مثلها! وقد يأتي يوم يشتاق فيه العراقيون لدماهم السياسية، خصوصا بعد أن بدأ المخيال الشعبي يستنبط منهم اطرف الحكايات وأندر النوادر التي لم تتوفر حتى في عهود الدولة العباسية، الثرية بمن يقدر على اضحاك الميّت ذاته، وعلى زلزلة القبور! ولعلّه من رحمة الله بخلقه ان يروا ميكي ماوس في مجلس الحكم!