الرباط(المغرب)رشيد خشانة:أسفرت الإنتخابات البرلمانية في المغرب عن تقدم حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الاسلامية بزعامة عبد الاله بن كيران على باقي الأحزاب، وخاصة حزب الأصالة والمعاصرة الذي يقوده فؤاد عالي الهمة صديق الملك محمد السادس. ويُرجح أن يشكل العدالة والتنمية والحزب الثاني في الترتيب، حزب الاستقلال، ائتلافا حكوميا جديدا انطلاقا من مرجعيتهما الاسلامية، وربما سيُستبعد حزب عالي الهمة من الحقائب الوزارية، لكن بعض حلفائه من مجموعة الثمانية، التي نافست حزب بن كيران في الإنتخابات، قد يُدمجون في الحكومة ائتلافية، وخاصة التجمع الوطني للأحرار القريب تاريخيا من القصر. ولا يُعرف هل سيكلف الملك بن كيران تشكيل الحكومة أم سلفه سعد الدين العثماني الذي يبدو أكثر اعتدالا بحسب المراقبين. لكن مصدراً مغربياً قريباً من زعيم حزب العدالة والتنمية الاسلامي كشف أن العاهل المغربي محمد السادس يتوقع أن يستقبل عبد الإله بن كيران الثلاثاء. غير ان المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه قال إن الاستقبال الملكي لا يعني بالضرورة تعيين بن كيران رئيسا للحكومة المقبلة. غير ان الأسئلة التي تتردد في الشارع المغربي تتعلق بما إذا كانت التشكيلة الجديدة وما سبقها من إصلاحات دستورية، كفيلا بامتصاص الحركات الإحتجاجية وتلبية مطالب حركة 20 شباط (فبراير) وإن جزئيا، وبالتالي جعل البلد في منأى عن رياح الثورات العربية. استباق التداعيات الربيعية والواضح أن الملك مضى في طريق الإصلاحات، بما في ذلك إجراء انتخابات مبكرة، بدفع من بلدان مجلس التعاون الخليجي التي تسعى لضم المغرب والأردن إليها، إلا أنها لا ترغب بأن ترى أيا من أعضاء المجلس يتعرض لهزات. ويتردد في المجالس المغربية أن القصر كان يرغب بتعزيز فرص الأحزاب القريبة منه كي تشكل حاجزا أمام "العدالة والتنمية"، غير انها أخفقت، ما جعل التعاطي مع الحزب الأصولي المعتدل "شرا لابد منه" بحسب رئيس الفريق البرلماني للحزب حسن الداودي. ويلتقي "العدالة والتنمية" مع "الاستقلال في مواجهة تحالف الأحزاب الثمانية، إذ حمل امحمد الخليفة، الوزير السابق والقيادي البارز في حزب الاستقلال، على التحالف الثماني قائلا إنه "قرر مغالطة الشعب المغربي باختياره لأحزاب من اليساريين والاشتراكيين (حلفاء له) من أجل الخداع وإعطاء بعض المشروعية لمساره المعروف، ولكن المغاربة يعرفون أن هذا التكتل جيء به من أجل الانتخابات فقط". خمسة محاور بالمقابل أكد مصطفى الخلفي الذي أشرف على لجنة إعداد البرنامج الإنتخابي ل"العدالة والتنمية" ل أن المغرب بإمكاناته البشرية ورصيده الحضاري وقدراته الطبيعية وموقعه الجغرافي مؤهل لضمان الكرامة لأبنائه وتحقيق التنمية واكتساب موقع متميز ضمن الدول الصاعدة. وأضاف أن هدف الحزب هو "التمكين للحكامة الجيدة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخارجية، والقائمة على الديموقراطية الحقيقية والمسؤولة، المنطلقة من قراءة متجددة لمرجعيتنا الإسلامية وهويتنا المغربية المتعددة المكونات، من أجل استثمار أمثل للإمكانات والفرص".ويتمحور برنامج "حزب العدالة والتنمية"، الذي يحمل شعار " من أجل مغرب جديد .. مغرب الحرية والكرامة والتنمية والعدالة"، حول خمسة محاور أساسية من أبرزها مواصلة بناء الدولة الديموقراطية ومكافحة الفساد، عن طريق التأهيل الدستوري والتشريعي والمؤسساتي، والنهوض بنظام الحكامة ومكافحة الفساد، وإصلاح الإدارة وإعادة الاعتبار للخدمة العمومية وإرساء الجهوية (المناطقية) المتقدمة، مع إعادة الاعتبار للموارد البشرية والنهوض بدورها في الحياة العامة والإدارة العمومية والنهوض بفعالية السلطة القضائية وتوفير شروط نزاهتها وتكريس عهد جديد في مجال الحريات وحقوق الإنسان. كما ركزت محاور البرنامج، بحسب الخلفي، على بناء "اقتصاد وطني قوي وتنافسي ومنتج وضامن للعدالة الاجتماعية"، وكذلك "إقامة مجتمع متماسك ومتضامن ومزدهر، قوامه أسرة قوية وامرأة مكرمة وشباب رائد، وبناء ريادة الجامعة المغربية في التكوين والإشعاع والبحث العلمي، والعمل على تعميم التغطية الصحية وتيسير الولوج إلى خدماتها وتحسين جودتها وترشيد الإدارة الصحية". وطبقا للبرنامج المعلن للحزب سيتم الترفيع من الحد للأدنى للرواتب إلى 3000 درهم والحد الأدنى للمعاشات إلى 1500 درهم، كما تعهد الحزب بالاحتضان المدرسي لأسر برنامج "مدن بدون صفيح" والمقدر عددها ب 350 ألف أسرة، بالإضافة لترفيع معدل الدخل الفردي ب 40 في المائة في الخمس سنوات القادمة. وأكد الحزب أيضا أنه ينوي تحسين ترتيب المغرب في مؤشر مناهضة الفساد العالمي من 85 إلى 40، وتحسين ترتيب المغرب في مؤشر التنافسية إلى 60 ومؤشر سهولة الأعمال إلى 70 ، مع إنجاز إصلاح ضريبي شامل لفائدة ذوي الدخول الضعيفة والمتوسطة والمقاولات المنتجة.