الجزائر :لا تزال قضية إقالة مدير التلفزيون الجزائري السابق حمراوي حبيب شوقي تثير الجدل، خاصة بعد أن وجه رسالة تظلم إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وهو سلوك مكتسب لدى المسؤولين الذين تتم إقالتهم بطريقة مثيرة للجدل. علمت 'القدس العربي' من مصادر مطلعة أن المدير السابق للتلفزيون يكون قد أراد السفر للإقامة إما بباريس أو ببيروت، غير أن جهات عليا طلبت منه البقاء في الجزائر إلى غاية استكمال إجراءات التحقيق التي شرع فيها منذ مغادرته منصبه، حول طرق التسيير والصفقات المبرمة خلال فترة ترؤسه للتلفزيون. من جهة أخرى تناقلت بعض الصحف الجزائرية خبرا بشأن رسالة وجهها حمراوي إلى الرئيس بوتفليقة، والتي ضمنها شكوى مما تعرض له من ضغوط انتهت بتنحيته، مشيرا إلى أن جهات عليا في الدولة طالبته بالتراجع عن إبعاد عدد من المسؤولين داخل التلفزيون، وهو الأمر الذي رفضه. وذكرت الصحف ذاتها أن حمراوي اشتكى لبوتفليقة تعرضه إلى إهانة من مسؤول كبير في الدولة، مؤكدا أنه كان ضحية 'وشاية' نقلت إلى الرئيس بوتفليقة. وأوضحت مصادر 'القدس العربي' أن المسؤول الذي اشتكاه حمراوي مقرب جدا من الرئيس بوتفليقة، وأنه من العبث الاعتقاد أن الرئيس سيقف إلى جانب مدير التلفزيون السابق، غير أن قراءة أخرى لهذه الشكوى تعتبرها محاولة لاتقاء شر الأيام القادمة، في إطار التحقيق الذي شرع فيه، أكثر من اعتبارها محاولة للعودة إلى منصبه السابق. وعلى جانب آخر ذكرت المصادر أن المسؤولين السابقين بالتلفزيون، وعددهم أربعة، الذين أقالهم المدير السابق وكان ذلك سببا في بداية متاعبه، عادوا إلى مناصبهم 'معززين مكرمين'. وقد عقد مجلس إدارة التلفزيون أمس الأحد اجتماعا طارئا لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه. ويعزز رجوع هؤلاء المسؤولين إلى مناصبهم القديمة بعد أربعة أيام فقط من إقالة مدير التلفزيون المعلومات التي سبق وأن نشرتها 'القدس العربي'، بشأن لجوئهم إلى جهات عليا، وكشفهم خبايا التسيير داخل التلفزيون على طريقة هدم المعبد على الجميع. وحسب جريدة 'الشروق' (خاصة) فإن مدير التلفزيون السابق قال في الرسالة التي بعثها للرئيس بوتفليقة انه أحد فرسان الرئيس 'يضعني حيثما شاء، في الميمنة أو الميسرة، أو المقدمة أو المؤخرة'، وأضاف: سأدافع عنه مثل خالد بن الوليد بقناعة وصدق وإخلاص'. الغريب أن الرئيس بوتفليقة هو من وقع مرسوم إنهاء مهام حمراوي كمدير للتلفزيون، ورغم أن معلومات كثيرة تشير إلى أنه قدم استقالته، إلا أن وسائل الإعلام التابعة للدولة لم تنشر أو تذع أي خبر عنها، بل اكتفت بالحديث عن عملية تنصيب المدير الجديد عبد القادر علمي. من جهة أخرى يمكن القول أن مراسلة الرئيس واستجداءه بعد الإقالة تحولت إلى سلوك يمارسه المسؤولون المخلوعون، تماما مثلما وقع مع أمين الزاوي مدير المكتبة الوطنية السابق الذي وجه رسالة شكوى عبر الصحف إلى الرئيس بعد إقالته. وكانت محاضرة الشاعر السوري أدونيس ودعوته إلى الجزائر في قلب العاصفة التي أزاحت الزاوي من المكتبة الوطنية قبل حوالي شهر، هذا الأخير قال أيضا بأنه كان ضحية وشاية وأكاذيب نقلت للرئيس، موجها الاتهام إلى وزيرة الثقافة. الشاعر أدونيس ألقى محاضرة عن الممانعة، غير أن بعض رجال الدين اتهموه بالزندقة والإلحاد، وقالوا بأنه اعتدى على الإسلام وأساء إليه. الزاوي اقترف ما هو أكبر عندما اعترف ( في إطار محاولة تبييض نفسه) بأنه أرسل محاضرة الشاعر السوري إلى الرئاسة قبل أن يلقيها، وهو اعتراف أساء له، على اعتبار أن كثيرين تضامنوا معه من باب الديمقراطية وحرية التعبير، غير أن ما قاله كشف عن تصرف بيروقراطي محض. كما أن المذيع الشهير بالتلفزيون الجزائري حفيظ دراجي وجه رسالة إلى الرئيس بوتفليقة مباشرة بعد مغادرته للتلفزيون قبل أشهر قليلة، وذلك بعد أن نشرت عنه بعض الصحف معلومات تقول بأنه سيترشح للرئاسة في 2009، وهو ما سارع المذيع إلى نفيه، مؤكدا على أنه لم يسبق وأن خطر بباله أن ينافس بوتفليقة على كرسي الرئاسة! وكان دراجي قد اشتكى في رسالته للرئيس من 'المؤامرة' التي تعرض لها داخل التلفزيون، من أولئك الذين أضحوا يسمون 'مراكز القوى'، وهم أنفسهم الذين عصفوا بحمراوي من على رأس التلفزيون.