عجبا أمر اعلامنا في هذه المرحلة . كنا نأمل أن يغفر الشعب ، و ينسى ما فعلته معاول الهدم لوسائلهم و التي هي ملكا للشعب في العهود السابقة ، لأن " الجميع " كما يُشيعون مجبرون و لم يكن بيدهم خيار غير خيار الانحناء . كانوا لا يملكون إرادة الفعل و لا التفكير و لا الابداع .. قالوا بأن طاقة تحمّلهم ليست تماثل طاقة اولئك الذين "طحنتهم " آلة القمع دون أن تكسر إرادتهم . أولئك "مصطفون" لمهمة عظيمة ، أما هم فهم " مصطفّون " لأمر جلل في قادم الأيام ! لا يصبرون لا على سجن و لا على نفي و لا على جوع و لا على ضرب .. فهم لم يتعلموا " قيم التضحية " و إن ضحوا بكرامتهم . و لم يتعلموا " قيم العطاء " و إن أعطوا الدنية , و لم يتعلموا " قيم النضال " و إن ناضلوا من أجل تلميع صورة الدكتاتور . لم يتعلموا " قيم استقلالية الاعلام " و ان استقلوا عن هموم و معاناة و عذابات الشعب . لم يتعلموا " أبجدية الاعلام الموضوعي " و إن أبدعوا مصطلح " المؤقت" ! ربما كان استخدام وصف " المؤقت " في المراحل الاولى بعد الثورة له دلالات موضوعية و مصاغة . أما بعد انتخابات المجلس التأسيسي فالاصرار على الاستخدام الهجين لهذا الوصف مع مؤسسة الرئاسة و الحكومة له دلالة بارزة و غير وحيدة بأن اعلامنا موجه و منحاز و أداة موظفة سياسيا و ايديولوجيا. ربما نختلف مع الحكومة في نوعية و حجم و توقيت التعيينات الاعلامية الجديدة . و لكن لا نختلف معها حول ضرورة التعديلات و سرعتها . و لها الحق القانوني الكامل باتخاذ كل الاجراءات الضرورية للاستجابة لارادة الشعب في اعلام مستقل و موضوعي و حرفي. خاصة بعد أن "مجّ" الشعب من الاستماع ليلا و نهارا لتلك المصطلحات و التحليلات و التعليقات المشبوهة و التي لا يعرف دلالتها و خلفيتها من يتصدر لقراءتها . أقدّر بأن " مهندسي" الاعلام العمومي اليوم ، كانت لهم قناعة أن النهضة أساسا لن تتجرأ على فتح معارك متعددة في الوقت نفسه و إن كانوا يجذبونها إلى ذلك حتى تتشتت جهودها و يشغلونها عن المهام الأساسية لتخرج من هذه التجربة بخفي حنين ، و ويوقفون قطار الاصلاح الذي ما ان تسلم كل وزير لمهامه إلا و هاله حجم الفساد و الافساد الذي ينخر البلد. فإن لم تسقط النهضة بالثورة المضادة التي يستعملون فيها كل الوسائل المتاحة دون قيود أخلاقية و لا قانونية و إن أدى ذلك إلى غرق السفينة . فإن لم تسقط بذلك ستأتي النهضة إلى الانتخابات القادمة و قد أحرقت كل سفنها . الحل في سرعة الاستجابة لخيارات الشعب ، و الشعب سيحمي ثورته و سيحمي من أوكلوه أمانة الحفاظ عليها . أما التردد فمقتلة للثورات .. ابراهيم بالكيلاني ( النرويج )