توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    بلدية مدينة تونس: تواصل اشغال الصيانة بعديد المناطق التابعة لها    إيران تستخدم صاروخ "خيبر" لأول مرة في ضرب إسرائيل    عاجل: ترامب يعلن ضرب 3 منشآت نووية إيرانية ويهدد بالمزيد    كل ما يمكن معرفته عن الضربة التي وجهتها أمريكا للمنشآت النووية الإيرانية ؟    الرقبي 7 – كأس الأمم الإفريقية بموريشيوس 2025: فوز لتونس في الدور الثاني    القيروان: وفاة أب بعد سماعه خبر نجاح ابنته في الباكالوريا    ارتفاع طفيف في درجات الحرارة الأحد لتتراوح بين 29 و38 درجة    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    كاس العالم للاندية: مبابي يغيب عن التدريبات مجددا وقد لا يشارك أمام باتشوكا    نسبة النجاح في المعاهد الخاصة تقدر ب 13 بالمائة بالمعاهد الخاصة خلال الدورة الرئيسية لإمتحان باكالوريا 2025    104 مترشحا بصفة فردية يحجزون مقاعدهم في مدرجات التعليم العالي    إيران: لا تلوث إشعاعي بعد القصف الأمريكي على منشآت نووية    مونديال الأندية (المجموعة الخامسة) : مقابلة ريفر بلايت و مونتيري بدون فائز (فيديو)    كأس العالم للاندية.. فلومينينسي البرازيلي ينتصر على أولسان الكوري الجنوبي    ترامب يوجه خطابا للأمة والعالم بعد قصف منشآت إيران النووية    أنصار الله.. على واشنطن تحمل تبعات هجومها على المواقع النووية في إيران    التلفزيون الإيراني: تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة    بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي.. الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين    شعبة الرياضيات تتصدر نتائج الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025 بنسبة نجاح بلغت 74.93 بالمائة    وزارة الفلاحة تحذّر    شارع الفل ببن عروس.. خزنة توزيع الكهرباء خطر محدّق؟    اختصاص تكويني جديد    منظمة الأطباء الشبان ترد على بيان وزارة الصحة: ''مطالبنا حقوق.. لا إنجازات''    قصور الساف .. «حكايات القهوة» بدار الثقافة البشير بن سلامة .. سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون .. صابر الرباعي في الافتتاح وغزّة حاضرة    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    استخدام المروحة ''عكس المتوقع'': الطريقة الأذكى لتبريد المنزل في الصيف    كأس العالم للأندية 2025: برنامج مباريات السبت 21 جوان    حملة رقابية مشتركة بشاطئ غار الملح: رفع 37 مخالفة اقتصادية وصحية    الميناء التجاري بجرجيس مكسب مازال في حاجة للتطوير تجاريا و سياحيا    بكالوريا 2025: نجاح ب37% فقط... ورياضيات تتفوّق ب74.9%    النادي الافريقي: انتخاب محسن الطرابلسي رئيسا جديدا    عاجل: بداية الإعلان عن نتائج الباكالوريا عبر الإرساليات القصيرة    الدورة 56 لمهرجان الساف بالهوارية ستكون دورة اطلاق مشروع ادراج فن البيزرة بالهوارية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو (مدير المهرجان)    المنستير: انطلاق المسابقة الدولية في التصوير الفوتوغرافي والفيديو تحت الماء بعد تأجيلها بيوم بسبب الأحوال الجوية    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    المهدية : تنفيذ عمليات رقابية بالمؤسسات السياحية للنهوض بجودة خدماتها وتأطير مسؤوليها    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    فيديو من ميناء صيادة: نفوق كميات هامة من الأسماك بسبب التلوث    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع التعليم الأليم - بقلم/ توفيق أبو شومر
نشر في الفجر نيوز يوم 10 - 01 - 2012

أعترف بأن الخبر الذي أوردته كل الصحف الإسرائيلية يوم الاثنين 9/1/2012 هو الذي أعاد إلى شهيتي الكتابة عن التعليم وحاله في بلادي. وعندما أكتب عن التعليم فإنني أشعر بالراحة بعد المقال بوقت قصير ، أُفرِّج فيها عن كربتي وضائقتي النفسية بسبب نظام التعليم، قبل أن أستعيد الواقع الأليم لنظام التعليم في وطني وفي كثير من دول العرب ودول نائمة أو نامية أخرى كثيرة!
ما أكثر المقالات السياسية، والتحليلات والأبحاث والدراسات والندوات التي تختص بالسياسة وبعض الشؤون الثقافية والاجتماعية، وما أقل الأبحاث والدراسات التي تختص بالتربية والتعليم!!
أما الخبر الذي أوردته كل الصحف الإسرائيلية، فهو موافقة الحكومة الإسرائيلية على تقليص ميزانيات كل الوزارات بنسبة 4,5% واستثمار الفائض الذي يصل إلى حوالي خمسة مليارات من الشواقل في مجال التعليم المجاني للأطفال بدءا من السنة الثالثة من أعمارهم، أي في رياض الأطفال، وفق معطيات الإحصاء ومراكز الدراسات والأبحاث، التي أشارت إلى الخلل في هذه المجال، وهو الخلل الذي يمس( روح ومستقبل الشعب اليهودي) كما جاء في الإعلام! ويمس شعارَ وهدف إسرائيل من التعليم الذي رفعوه عام 1949:
" التعليم مصنع صياغة روح الأمة"
ما يحدث عندنا هو العكس تماما، فنحن (نُعوِّم) تعليم رياض الأطفال،والتعليم الابتدائي ونخصخصه ، ونخضعه لاجتهادات المجتهدين، ونتركه للمستثمرين من التجار، أو من بعض الكتل والتيارات والأحزاب التي توظِّفُهُ لخدمة تياراتها، ونسمح لكل من هبَّ ودبَّ أن يفتح روضة أطفال، أو حتى مدرسة خاصة،في بيته الخاص، وفي غرف مخصصة لنوم شخص واحد، ونحشر فيها عشرين طفلا، ليتولى هو تنشئة أبنائنا التنشئة الأساس، والتي تعتبر البنية الرئيسة لأرواحهم وأذواقهم ومستقبلهم، وتوسعت الخصخصة لتشمل كذلك حتى الكليات والجامعات والمعاهد ، حتى ولو كانت غير معتمدة تعليميا، وفق المواصفات العالمية، ولا تملك الأبنية الصالحة للتعليم، وليس عندها الكادر المؤهل من المدرسين والأسائذة، اعتمادا على أن هذه المؤسسات التعليمية ستتمكن في النهاية من الضغط على الجهات المختصة، وتحصل في النهاية على الاعتراف من هذه الجهات، بقوة الخريجين وبعضلاتهم، وبمراجعاتهم وثوراتهم وانتفاضاتهم، وهكذا يكسب المغامرون الذين افتتحوا المدارس والمعاهد والكليات الاستثمارية، في نهاية الأمر ربحين؛ ربحا ماديا من جيوب الطلاب، وآخر معنويا بالإعتراف الرسمي تحت التهديد ثانيا!
علينا أن نُعرِّضَ تعليمنا للشمس حتى نكشفه، إذا أردنا أن نعيش مستقبلنا، فما استقيته من أفواه المدرسين والطلاب، يدعو للكآبة والألم، فالمعلمون مقهورون لأن مرتباتهم تقع في أسفل الدرجات، أما الطلاب، فهم الأكثر قرفا من التعليم، فما أكثر الذين يستعجلون العطلات، ويكرهون المدارس، وما أكثر الطلاب، الذين يشتكون من العنف الموجه ضدهم من قبل زملائهم، أو من قبل مدرسيهم الذين ما يزالون يعتمدون أسلوب التعليم تحت وقع العصى!
لقد اعتاد طلابنا أن ينتقموا من المناهج والمدرسين بإلقاء كتبهم ودفاترهم في الشوارع بعد دقائق من انتهاء الاختبارات، كصرخة احتجاج على عملية التلقين والتجريع التي تتم في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا.
ونتيجة لاحتقار المجتمع لمعلمي أبنائه بإضعاف مرتباتهم، وجعلهم في آخر السلم الوظيفي، فقد تحولوا إلى مدرسي( شنطة) أو حقيبة، أي يحملون كتبهم الآلية في أياديهم ويلفون على البيوت والمنازل، يدرسون أبناء القادرين بأجر ليتمكنوا من الحياة، وهم بهذا قد صاروا يشبهون السبَّاكين وعمال صيانة المنازل والبيوت السكنية، وهؤلاء قد يتمكنون من جعل أبنائنا ينجحون في الاختبارات، وذلك بتدريبهم على تقنيات الإجابة عن أسئلة الامتحانات، ولكنهم لن يُغنوا عقولَ أبنائنا بالثقافة والوعي، وشتان بين الأمرين!!
تحولت عقولُ أبنائنا الطلاب من حالتها الصحية، وهي أن التعليم يصقل العقل، ويُحضِّر المتعلم، ويُعده للمستقبل، كامرأة ورجل وطني مخلص قادر على البناء؛ إلى عقول وظيفية تشبه الإسفنج تمتصُّ المقررات( المنفرة) ثم تعصرها على ورقة الاختبارات، وتعود كما كانت جافية خاوية.
وأخيرا دائما أكرر مراتٍ ومرات الأسئلة:
هل تعليمنا السائد تعليم صالح لقيادة عربة مستقبلنا؟ أم أنه يجرنا إلى الخلف عقودا طويلة من الزمن؟
ما الأهداف من تعليم أبنائنا؟ فهل الهدف هو أن يحصلوا على وظيفة ومرتبة اجتماعية، لزيادة الفخر الأسرى فقط لا غير؟ وهل هناك أهداف أخرى من تعليمنا، غير الهدف الرئيس وهو، أن يحصل أبناؤنا على وظائف حكومية ميرية؟
أم أن الهدف هو إعادة صياغة عقولهم، وتهذيبها، وجعلها قادرة على فهم لغة العصر، ووسائل ارتياد حلبة المنافسات في مجال الابتكارات والاختراعات، وعدد المبدعين الأكفاء؟
إن مقياس الأمم والأوطان والشعوب يكون بحجم ما يُستثمَر في مجال التعليم،من استثمارات مادية ومعنوية، لأن ما يُنفق على التعليم ، إنما يُنفق بالفعل على الأبناء!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.