البريد التونسي يتيح خلاص معاليم التسجيل المدرسي 2025/2026 عن بعد عبر المحافظ الرقمية "ء – دينار"    13 أوت: دخول مجاني إلى المواقع الأثرية والمتاحف    المرأة التونسية تحتفي بعيدها الوطني: تاريخ من النضال والتغيير    في بالك : مشروع قانون جديد يقسم المسؤوليات المنزلية بين الزوجين!    من مجلة الأحوال الشخصية إلى القمة: قصة نجاح المرأة التونسية    جمعية النساء الديمقراطيات تدعو إلى تطوير مجلة الأحوال الشخصية وحماية مكتسبات المرأة    تقارير اعلامية تُشكك في وجود مرتزقة كولومبيين في السودان    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية تكرّم الرياضيين المتوّجين في الألعاب الافريقية المدرسية    البوندسليغا: ليفركوزن يتعاقد مع جناح ألكمار الهولندي    باريس سان جيرمان توتنهام : من أجل الظفر باللقب الأول في الموسم الجديد    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    هيئة الصيادلة تطلق منصة رقمية ذكية لتسهيل ولوج المواطنين إلى صيدليات الاستمرار    عاجل : دراسة طبية تحذّر من مسكن آلام يستعمله الملايين    وزارة الصحة تعمم منصة Njda.tn لتسريع التدخلات الطبية وإنقاذ الأرواح    الترجي الجرجيسي يكشف عن موعد جلسته العامّة التقييمية    ترامب وبوتين في ألاسكا: من أرض روسية سابقة إلى مسرح لمباحثات السلام المحتملة    موجة حرّ استثنائية تضرب فرنسا والسلطات تعزز الإجراءات الوقائية    بطولة أمم إفريقيا للمحليين – السودان يكتسح نيجيريا برباعية ويتصدر مجموعته    إيقاف مراقب جوي فرنسي عن العمل لقوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    طقس اليوم: أمطار مُنتظرة ببعض الجهات بعد الظهر والحرارة تصل إلى 39درجة    إدارة ترامب تتجه لإعلان "الإخوان المسلمين" جماعة إرهابية...    جمهور مهرجان صفاقس الدولي يعيش أجواء كوميدية مع مسرحية "بينومي S+1" لعزيز الجبالي    اليوم.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمتاحف    نابل ..تراجع صابة عنب التحويل بنسبة تتراوح بنسبة 25 و 30%    هل عجزت تفقديات الشغل عن ردع المخالفين؟ يوسف طرشون يطلق صيحة فزع    ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم    نجدة TNخدمة رقمية لإنقاذ مرضى الجلطات القلبية في كل الولايات    القصرين: اصطدام بين شاحنة ثقيلة وحافلة على جسر سبيطلة    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    وادي مليز: مهرجان شمتو للتراث والفنون بوادي مليز يحتفل بعيد المرأة    عضو بلجنة تنظيم مهرجان صفاقس يرفع شكاية ضد "نوردو"    توننداكس يتراجع مع إقفال الثلاثاء بنسبة 26ر0 بالمائة    تحذير لمستعملي الطريق السيارة أ3: أشغال صيانة بداية من الثلاثاء    عاجل/ وزارة الصحة تعلن نجاحها في تفعيل خدمات المركز الطبي عن بعد    عاجل/ مصر تعلن عن 15 شخصية فلسطينية ستُدير غزة ل 6 أشهر    حجز كميات كبيرة من الأجبان والزبدة محفوظة بطرق غير صحية بولاية جندوبة    الاولمبي الباجي يستضيف رسميا مستقبل قابس بملعب بوجمعة الكميتي    المرأة التونسية في عيدها الوطني بين رصيد مجلة الأحوال الشخصية ومقتضيات التمكين الحقيقي    سمكة الأرنب السامة غزت شاطئ نابل.. خطر على صحة التوانسة!    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    ارتفاع درجات الحرارة يرجع بداية مالتاريخ هذا    وفاة المتسابق الإيطالي ماتيا ديبيرتوليس في دورة الألعاب العالمية    عاجل: استئناف حركة المترو بصفة عادية بعد إصلاح العطب الكهربائي    إحباط محاولة تهريب 36 كلغ من مخدّر "الزطلة" بميناء حلق الوادي الشمالي    قابس: العثور على جثة شاب مفقود منذ أسبوع داخل بئر عميقة    عاجل: 8 بطاقات إيداع بالسجن... اعترافات صادمة من التلميذ المتورط في فضيحة التلاعب بالتوجيه الجامعي    هزة أرضية جديدة ب4 درجات تضرب هذه المدينة    استعدادات المنتخب التونسي للكرة الطائرة لمونديال 2025 بالفلبين    تنبيه/ بحر مضطرب اليوم.. والحذر مطلوب عند السباحة..!    القهوة ''الكحلة'' مش للكل: 5 فئات لازم يبعدوا عليها..شكونهم؟    ابن الفاضل الجزيري يكشف عن وصية والده: الحاضرون في الجنازة باللون الأبيض    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    مهرجان قرطاج الدولي 2025: فرق فنية شعبية من ثقافات مختلفة تجتمع في سهرة فلكلورية    لأول مرة في إيران .. خلاف علني بين "الحرس الثوري" والرئيس بزشكيان    ابراهيم بودربالة يحضرعرض بوشناق في مهرجان سوسة الدولي    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دوائر الفساد وطبائع الاستببداد توفيق الشريف
نشر في الفجر نيوز يوم 24 - 01 - 2012

تعتبر" سوزان روز أكرمان" صاحبة كتاب " الفساد والحكم" أن من أعقد مظاهر الفساد السياسي هو ذلك الذي يتخذ شكلا هرميا، من رأس النظام الى القاعدة المرتبطة به، وكلما تتبعنا الشبكة نزولا الى السفح كلما توسعت قاعدته أكثر وصعب تفكيكها
من هنا تكمن صعوبة اجتثاث بؤر الفساد لعدم ترابط عضوي بين خلايا القاع، فهي أشبه بالشبكات المستقلة في حركتها، لكنها تتفاعل مع قمة هرم الفساد التي تبدو أكثر انغلاقا على نفسها وتماسكا. والرابطة التي تؤلف شبكة الفساد في القمة تستمد قوتها من سلطة الحكم نفسه، وتشمل الدائرة العائلية الضيقة مثل علاقة عائلات المافيا التي تمثل رابطة الدم نواتها الصلبة
كما أن هذه العلاقة محكومة بضوابط يرسمها" الكابو"( الزعيم) وعدم افشاء الأسرار أو ما يعرف بقانون "أوميرتا" وحركات القرد الثلاث، مما يكسبها قدرة على العمل في سرية لبسط نفوذها وتوسيع مجالها الحيوي.
في الحالة التونسية كان تشكل دائرة الفساد( في محيط الرئيس المخلوع) أسبق في النشأة والتشكيل من دائرة الطرابلسية، فهذه الأخيرة فرخت من جلباب النواة الأولى عبر المصاهرة بين العائلتين لتنتشر في ما بعد في شكلها الأخطبوطي من خلال نفس الدائرة الدموية التي احتكرت السلطة كمقبض للفساد بأجهزته الادارية والاعلامية والقضائية والتشريعية والحزبية، وهي التي تمثل في مجملها القوة الحقيقية للتحكم في مقدرات الدولة الاقتصادية
ولو تعمقنا أكثر في تفرعات شجرة العائلة فان " فساد القصر" لم يخرج عن دائرة رابطة الدم والمصاهرة التي تشابكت مصالحها على امتداد عقدين لتصبح على غاية من التنظيم، ومناطق النفوذ والهيمنة، وما اكتشف في خزائن القصر يؤكد أنها دويلة داخل الدولة لها ودائعها المالية، وشركاتها وعقاراتها( الأراضي الفلاحية والنزل، وشركات الطيران، والسيارات وغيرها)
شبكات النواة الصلبة
وبدرجة أقل في هرم التسلسل نزولا الى القاعدة نجد الدائرة الثانية التي تمثل الجهاز التنفيذي( وزراء ومحامون ومستشارون، وقضاة، واداريون باعتبارها قبضة الفساد على الأرض والواقع، فاذا كانت قبضة النواة الصلبة في القصر هي الممسكة بخيوط اللعبة فان الدائرة التي أشرت اليها هي الأخطر لأنها عصية على المحاسبة والتجريم لسبب مدروس يفسره المثل العامي" تبديل السروج فيه راحة"
المتحكمون في مفاصل الدولة باعتبارهم منفذين لارادة " عصبة الفساد" وللتغطية على فساد اللاعبين الرئيسيين متحركون في الأدوار والمناصب في أجهزة الأمن والتجارة والصناعة والسياحة وأملاك الدولة والتجهيز والاسكان والفلاحة
والمتمعن في الفترة التاريخية من عمر النظام يجد أن حركة نقل الوزراء ( ليست عقابية) بل كانت تتم من خلال ترقيات في أغلبها، ولم يكن ذلك خيارا عبثيا لأن اقصاء رموز الواجهة يعني توليهم مناصب المقاعد الخلفية لتلميع صورة النظام ظاهريا وتولي هؤلاء مهام أكثر تعقيدا في الظل
والذين تولوا مناصب للمهمات الأيادي القذرة هم من " الأيادي النظيفة"- كما يقال عن المافيا الايطالية، وربما يتساءل المرء قبل الثورة وانكشاف المستور عن" اقالة" وزير في الواجهة وتوليه خطة في الظل، وكان السائد آنذاك أنه " مغضوب عليه" ويتضح بعد توليه منصبا أهم أن كل خيوط اللعبة محبوكة سلفا
والتفسير المنطقي لما كان يدور هو أن تدوير( من الدوران) بعض الوزراء على المناصب كان بايعاز من الرئيس المخلوع أو " حاكمة الأطلال" لاستهداف قطاع بعينه أو تمرير قانون أو عقد صفقة تمنح للعائلة حق وضع اليد بشكل لا شبهة فيه، وتغطي على التلاعب، وهذا حيوي لتغذية " السيستام"
الأقربون أولى بالكعكة
وتتمتع بالحصانة. اننا أمام أخطر المؤامرات التي يعد لها في الخفاء بتحالفات جديدة ومناورات تنم عن رغبة في الانقضاض على السلطة هناك في الدائرة القريبة من القصر من كان يعرف تحت اسم " السيد 20 في المائة "وهذا شائع في أوساط كثيرة، وحتى يحظى هؤلاء سواء من كانوا في الواجهة أو المقاعد الخلفية بنصيب مجز من الكعكة، كانوا يتصرفون وفق منطقين تضخيم قيمة الكعكة أو قضمها مثلما تفعل الفئران( بأمر المستفيد ومباركته)
ولم يعد خافيا اليوم على التونسيين أين ذهبت قطع الكعكة منذ 1987 وما علينا الا أن نطبق مقولة" أنى لك هذا؟" وسنرى أن هؤلاء لم يكن بمقدورهم جمع الثروات وبناء القصور وهذا العيش الرغيد من الكسب المشروع والرواتب المعلومة للمناصب الوزارية
اذا كان هؤلاء"البارونات" من بقايا النظام طلقاء، ولا يخضعون لمساءلة القضاء فاننا حتما أمام" مؤامرة" تستهدف ثورة التونسيين التي باتت مخترقة بالمفهوم المخابراتي، من جهات فرخت من صلب" السيستام" وهي ما أطلقت عليها اسم" الخلايا النائمة" اذ استطاعت بعد ثورة الحرية والكرامة أن تصنع بنفسها ما يشبه تخلي الثعبان عن جلده ليبدو في ثوب جديد عبر حزب جديد أو جمعية الخ...
هذه عناصر الشد الى الخلف تتحرك اليوم جهارا في واضحة النهار لاعاقة مسار الثورة، وتعطيل المحاكمات، ولتمكين أفراد من عائلة المخلوع ومن والاها من المفسدين من دخول تونس وتفريغ حسابات أرصدة في جيوب بعيدة عن المشهد.
من الذي يدفع بسخاء لحركات الفوضى في الجهات، وتأليب الفئات المهمشة للايحاء بانفلات الأوضاع الأمنية والاجتماعية وعدم الاستقرار؟ وهل أن قرارات الحكومة لا تعكس ضغوط " الأيادي الخفية" في ما نحن مقبلون عليه؟ ما كشف عنه السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة مؤخرا يوحي بأن دواليب " الجهاز" عادت لتشتغل بتواطؤ من الخارج عبر أيادي الداخل، وقد أثبتت عدة مؤشرات أن تهريب الأموال كان يتم بطريقة ممنهجة وعبر الحقائب الدبلوماسية من خلال غطاء السفارات التونسية بالخارج على غرار الاستيلاء على مقر القنصلية التونسية بباريس وتحويله الى اقامة خاصة علاوة على القضية الجارية بين أيدي عميد قضاة التحقيق حول تهمة غسيل أموال من قبل مجموعة منظمة والانخراط في عصابة مفسدين والتي دعيت فيها للمكافحة مع السيد أحمد بن مصطفى سفير تونس السابق بدولة الامارات العربية المتحدة بشأن المبالغ التي تولت تهريبها منذ سنة 2006 إلى هذا البلد والتي تقدر بأكثر من مليار من المليمات إلى جانب امتلاك مطعم فاخر بنفس البلد.
لا شك أن تتبع دوائر الفساد لا يقتصر على اجتثاث هذه الطبقة التي تعتبر نفسها وريثة شرعية للحكم بل يسري ذلك على الأبناء في هذه العائلات، فقد ورثوا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.