شركة عجين الحلفاء والورق بالفصرين : إعادة تشغيل معدات أساسية كانت خارج الخدمة منذ سنوات    توزر: إعطاء إشارة انطلاق أشغال تهيئة وصيانة مبيت المدرسة الإعدادية بتمغزة    عاجل/ جمعية القضاة تدعو إلى الإفراج عن المسعودي..    ناج من حادث الجزائر يروي لحظات الرعب : تفاصيل صادمة    اعلامي سعودي يفاجئ رونالدو بهذه الهدية الغريبة    نحو هدم نزل البحيرة بالعاصمة..    حجز 4 محركات ضخ وقوارير غاز منزلية بمنطقة الزقب بأوتيك..    هام/ وزارة المالية تطرح أصنافا جديدة من الطوابع الإلكترونية..    قبلي: حجز 7 أجهزة تكييف فردي خلال حملة رقابية مشتركة    كرة اليد: جناح الترجي يمضي للنجم الساحلي    عاجل بالفيديو: أمطار رعدية في حمام الأغزاز من ولاية نابل...توخي الحذر مطلوب    تونس تحقق أربع ذهبيات: وفاء المسغوني تتألق في وزن -62 كغ    عندما تسحر "الزيارة" جمهور مهرجان صفاقس الدولي    احذر.. النوم المفرط قد يدمّر صحتك بدل أن يحسّنها!    المرصد الوطني للمناخ يُحذّر...نابل، سوسة، المنستير وزغوان الأكثر تأثراً بحالة عدم الاستقرار    عاجل/ نواب بالبرلمان يقررون مقاضاة هؤلاء المسؤولين..    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة النادي الصفاقسي    علاش ''اللبن الرائب'' حاجة باهية لصحة الجسم في الصيف؟    تصل إلى 40 مم: أمطار أحيانا غزيرة بهذه المناطق بعد الظهر    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي الإفريقي في مواجهة النجم الساحلي    وزارة الصحّة تدفع نحو تطوير الطب النووي وتحقيق الاكتفاء الدوائي    مونديال الكرة الطائرة لأقل من 21 سنة: تونس تنهي مشاركتها في المركز 22    اتحاد تطاوين يتعاقد مع اللاعب ريان القديري    حملة وطنية لمراقبة ''الكليماتيزورات'' تسفر عن حجز آلاف الوحدات غير المطابقة...شنيا لحكاية؟    قيس سعيّد: لا تسامح في الفساد ولا تراجع عن المحاسبة    عاجل/ حادث مرور مروع بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    عاجل: قمة بوتين وترامب بألاسكا.. محادثات مثمرة بلا أي اتفاق رسمي    ترامب: الرئيس الصيني أبلغني أن بكين لن تغزو تايوان خلال رئاستي لأمريكا    أكثر من 300 وفاة في هذه الدولة بسبب السيول    أمل حمام سوسة يعزز صفوفه باللاعب فادي سليمان    فظيع/ مقتل إمرأة واصابة زوجها وابنها خلال معركة..!    تركيا.. إيقاف 42 شخصا في إطار تحقيقات فساد ببلدية إسطنبول الكبرى..#خبر_عاجل    دراسة تحذّر من ظاهرة صحية خطيرة مرتبطة بعطل نهاية الأسبوع    الكرملين يعلن انتهاء المحادثات بين بوتين وترامب    ترامب: واشنطن لن تفرض رسوما جمركية على شركاء موسكو التجاريين    عاجل: نزل البحيرة، رمز تونس المعماري، يواجه الهدم    بالمناسبة: صوفية قامة وطنية    في حفل بمهرجان سوسة الدولي : بين الجمهور وزياد غرسة علاقة وفاء دائمة    بسبب مواقفه الداعمة للكيان الصهيوني...إلغاء حفل فنان جامييكي بقرطاج وتعويضه بفيلم للفاضل الجزيري    تنقيح الأمر المتعلق بآلات إثبات نسبة الكحول    تاريخ الخيانات السياسية (47) ..وزراء و أمراء زمن الخلافة العباسية يحتكرون السلع    عاجل/ قتلى وجرحى إثر سقوط حافلة بمجرى وادي في الجزائر    الحملة الوطنية لمراقبة أجهزة تكييف الهواء الفردية تفضي الى حجز أكثر من 3380 مكيف هواء وتسجيل 146 مخالفة    حجز أكثر من 3380 مكيفا غير مطابق للشروط الفنية    الفنان صابر الرباعي يختتم مهرجان المنستير الدولي    الليلة: أمطار بهذه المناطق والحرارة تتراوح بين 22 و32 درجة    عاجل: وزارة التربية تكشف تفاصيل حركة النقل الوطنية 2025 للقيمين العامين    حفوز: إصابة شخص بطلق ناري من بندقية صيد    علاش سوم ''الكرموس والعنب'' ارتفع العام هذا؟    عاجل/ كارثة طبية..مسكّن ألم ملوّث يُودي بحياة 96 مريضا..!    القبض على شاب قتل والده ودفن جثته في القصرين    وزارة الاسرة تنظم باليابان فعالية للتعريف بأبز محطات الفعل النسائي على امتداد مختلف الحقبات التاريخية    عاجل: أحلام الإماراتية توضح للتونسيين حقيقة أجرها في مهرجان قرطاج    الرّهان على الثقافة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن في صراع مع الحضارات رقية القضاة
نشر في الفجر نيوز يوم 15 - 02 - 2012

الحضارة نتاج إنساني متعدد الجوانب والمجالات واسع التاثير كبير التأثر، وهو تعبير ينم عن مدى حضور وتاثير امة من الأمم، في زمن من الأزمان ، بحيث تترك أثرا واضحا وجليا يسطر ويكتب في التاريخ الإنساني الممتد عبر قرون وآماد ،هي عمر الإنسانية على وجه البسيطة ،وهو تأثير يختلف سلبا وإيجابا بحسب مصادر إثراء وبناء وإنشاء هذه الحضارة ، إذ كلما زادت واقعية وعدالة ومراعاة تلك المصادر لحاجات الإنسان وفطرته ، كلما امتد وطال وخلد عهد تلك الحضارة وتميزها ، ولأن تاريخ الإنسانية مرتبط إرتباطا وثيقا بحضارتها ، فإنه من غير الممكن ان يذكر ذلك التاريخ دون إيضاح أثر ومآثر هذه الأمة او تلك ،ولان التاريخ الحضاري للأمم مرتبط أشد وأوضح مايكون بعقائدها ، فإن تنوع الأثر الحضاري للأمم لازم الإختلاف والتباين، وليس بالضرورة الاصطدام والتقاطع والرفض الكامل ، بل هو توارد وتتابع الامم بعقائدها وثقافاتها وآثارها المختلفة وفق تدبير العزيز الحكيم الذي جعل عمارة الارض قرونا تتلو قرونا مع اختلاف الشرائع وتباينها ما بين حق وباطل عند الله سبحانه فالقران يقر بوجود حضارات واستخلافات وامم سابقة اثارت الارض وعمرتها وهو ماعبر عنه القران الكريم بقوله سبحانه وتعالى[واثاروا الارض وعمروها أكثرمما عمروها]ومع أن الحديث عن هذه الحضارة جاء في معرض السير في الأرض والإعتبار بنتائج الإعراض عن رب الخلق [الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى] إلا أن القرآن قد أقر لهم بالبناء والإعمار والتأثير.
وهو أيضا ما أوضح ووثق المباديء التي تقوم عليها حضارة الأمة الاسلامية ، فهي لا تلغي الآخر ولا تقيم له المذابح الجماعية في حركة خرقاء يظن بأنها ستلغي الإسلام كدين وتمحوه كنور وحضارة ، بل تتعايش معه وتبني بمعيته دون ادنى انسلاخ من ثوابتها الشرعية، وهو أيضا ما يجعلها في موقع الديمومة والتجدد والتأثير والتميز الإنساني والفكري ، المادي والروحي، العبادي والعقائدي والتشريعي،[لكم دينكم ولي دين ] وهو كذلك ما اعطاها ميزة الإمتداد والقبول والإحترام في نفوس المنصفين ،يقول[ بول كيندي] في كتابه[ الإعداد للقرن الحادي والعشرين] [الإسلام ظل لقرون طويلة قبل نهضة اوروبا يقود العالم في الرياضيات والعلوم وعلم الجغرافياورسم الخرائط والطب ، وفي الكثير من علوم الصناعةوغيرها ، في الوقت الذي لم تكن امريكا واليابان تمتلكان شيئا من ذلك.
وعلى الرغم من أن التاريخ الإنساني لم يعرف حضارة إنسانية عقائدية قائمة على منهج هو أعدل أاشمل وأرحم ،أكثر تفهما لخصوصية الإنسان ولاأرحب مدى لحريته من الحضارة الإسلامية، وعلى الرغم من شهادات المنصفين من مسلمين وغيرهم، وعبر ازمنة متفاوتة، بان الحضارة الإسلامية لم تلغ حضارة الآخر، ولم تحاربها ولم تمحو وجودها، ولم تتنكر لحسنها ، ولم تنف الخيرية تماما منها ككل، ولم تنتحل لنفسها ما فعله وقام به وأنتجه غيرها من الحضارات ، إلا أنه يتصاعد من هنا وهناك ، نغم نشاز يتهم حضارتنا ويقصد الإسلام كدين ،بما هي وهو منه براء، وتسمع في محافل كثيرة وكبيرة، ما لا يسعنا أن نسميه إلا الإدعاء ومحض الإفتراء والبهت البين، في حق حضارتنا الزاهية الزاهرة المشرقة العادلة، فهي عندهم حينا سارقة لتاريخ الأمم وحينا محاربة لتطور الحياة وازدهار مناحيها، وحينا معارضة ومصادمة لكل نتاج إنساني ،بسبب تخلفها العقائدي والتشريعي والأناني[بحسب ادعاءهم] ، وهذا ما ابطله المنصفون واوضحه المهتمون بجلاء الحقائق وإيضاحها، وهو ما نقول به كأصحاب وحملة وصناع وورثة هذه الحضارة العظيمة البنائية الإنسانية بامتياز.
إن القوى التي تسعى للسيطرة على العالم بكل مقدراته البشرية والمادية وفق ما يسمى بالقوى النفعية أو الراسمالية تسعى دائبة الى تزوير الحقائق وقلب الصورة الحقيقيةإالى ضدها فتتهم الحضارة الإسلامية بالتعارض والتصادم مع الحضارات الاخرى، وبصورة واضحة وجلية لايتردد أحد منظري الراسمالية وهو [هنتجتون ] المنظر الرأسمالي الشهيروصاحب كتاب{ صدام الحضارات} أن يجاهر بأن مشكلة حضارته مع الإسلام كدين فيقول في كتابه[ان المشكلة ليست مع الأصوليين الإسلاميين وحدهم، بل انها تكمن في الإسلام نفسه] ولقد اصاب هذا المنظر برأيه فطالما ان الاسلام هو مرجعية الأمة فانها لن تكون حقلا خصبا لهذه السموم المادية او تلك حتى ولو ارتدت زي التقدم المادي ، والحضارة النفعية ،وحتى لو تزينت بكل ما يلمع ويبهر من الشعارات الزائفة ،التي تتغنى بحقوق الانسان وسعادة البشرية.
إن موضوع الصدام مع الحضارات ،ورفضها جملة وعدم التأثر والتاثير بها ادعاء فندته ولا تزال، كل تلك الصور من التعايش والتفاعل الإنساني بين الاسلام كدين وحضارة وفكر ،وبين غيره من الأمم والشعوب ، فما يزال قلب أوروبا ينبض بتلك المآثر الفكرية والفنية، ولا تزال تلك المنائر والمنابر تنتصب شامخة في وجه كل دعي كاذب، لتقول للتاريخ من هنا مر قوم قلوبهم عابقة بالتوحيد، وعقولهم عامرة بالإبداع ،وايديهم صناع ماهرة في رسم وجوه حضارية متميزة للتألق الإنساني في اروع إبداعاته، وأدق تفاصيله الراقية ، تقول للذين يدعون بأن الاسلام عائق أمام الحضارة الإنسانية، حين كانت بلادكم تغط في غيبوبة الوهم ،وتغرق في مستنقعات الجهل، وتلغ في دماء الأبرياء، وتقتات على شقاء الفقراءوالمكدودين ، كان بنوا ديني يبنون لكم موروثا ثقافيا إنسانيا بكل القيم الرفيعة، ويشيدون في قلب كيانكم إرثا حضاريا مجيدا خالدا، تمشون في مناكبه وتتيهون على الزمان به ، من هنا مر الإسلام بعدله ورحابته، وهنا أقام قرونا، ليعلِم المكبلين بقيود العبوديةوالاقطاع ،كيف يصوغون جراحهم الحانا تطلب الحرية ،ويعلم المظلومين كيف يقفون طودا شامخا في وجه امواج الظلم ،وهم يسمعون كلمات الله الخالدة المحررة للأرواح تتردد في جنبات الاندلس ،وتملا رحاب اوروبا[ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم]
الحضارة الإسلامية التي تصنف اليوم على ايدي منظري الرأسمالية ،بانها ايديولوجيا مثيرة للكراهية محاربة للتقدم ومتصادمة محاربة للحضارات الاخرى ، هي الحضارة الوحيدة القائمة على أساس متين من{ التقوى} والتي هي قوام العدل البشري ، وهي الميزان الذي اعتمدته هذه الحضارة المشرقة ،في تقرير مايؤخذ وما يرد من الحضارات والمعتقدات الأخرى، فالزبديذهب جفاء هباء ،ويتلاشى بفعل ظلمه او جهله اوأنانيته أو تنافره مع مصلحة الإنسان كإنسان ،واما ماينفع الناس بكل اطيافه ومشاهده ومشيداته واثاره ، فيمكث في الارض ثابتا القا مؤثرا ولو كره المبطلون مصداقا لقوله تعالى{أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض} .
نعم المشكلة في الإسلام نفسه مع تلك القوانين الظالمة للبشرية ،ولا أسميها حضارات لأن الحضارة هي الحضور الإنساني الباني، والمنتج والراعي والمراعي لمصالح البشرية كلها، وليس لمصالح طبقة أنانية جشعة صنعت نظاما نفعيا جائرا، ثم فرضته كمصطلح حضاري زائف في حركة ردة إلى عصور الإقطاع ولكن بمسميات حديثه ،وعليه فإن عبارة ومصطلح صراع الحضارات هو مفهوم نفعي إجتثاثي لكل ما يمت إلى الحضارة الإسلامية بصلة ،وهذا المفهوم غطاء فكري لسياسة الهيمنة الأمريكية الرأسمالية على مقدرات العالم، والتي لاتجد لها معوقا أشد وانكى من الإسلام، مهما حاولت تطويعه أوتطويقه أو تسييره عبر تصدير الفكر الليبرالي ،واحتواءها لبعض التيارات المسماة بالإسلامية، تحت مسمى التحديث والتطوير والاإنسجام مع الآخر، فلا مبدل لكلمات الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.