لو سي نجيب الذي يكنّ له كثير من الناس ونحن منهم احتراما كبيرا قبل الانتخابات باعتباره رجلا حقوقيّا تقدّميّا مناضلا و حداثيّا ديمقراطيّا مكابرا يؤمن بفكرة التداول السلمي على الحكم وكان من المستميتين في الدفاع عنها , نصح مؤيّديه ومناصري حزبه بتأييد عمل الحكومة الفائزة في الانتخابات لا عرقلتها وتجنّب توتير الأجواء داخل المجلس التأسيسي كما اتّضح جليّا للعيان عبر التلفزيون أثناء النقل المباشر للمناقشات والمشادات التي وصلت إلى حدّ الامتناع عن التصويت والتهديد بالانسحاب . في حين كنّا نأمل أن يكون دوركم وأنتم في المعارضة بنّاءا وليس معرقلا تهديميّا . لو سي نجيب كما يدّعي يفكّر في مصلحة البلاد ولا تحرّكه أطماعه الدفينة ولا أنانيته المفرطة ولا الدوائر الغربيّة التي لا تنظر بعين الرضا دخول البلاد عهد الديمقراطيّة الحقيقيّ لا الديمقراطيّة الزائفة أو ديمقراطيّة الزنادقة ودعاة الإباحية والانحلال الأخلاقي والخلقي وضرب الهويّة , دعا مناصريه إلى شدّ إزر الحكومة لبناء تونس التي دمّرها حكم الطاغية لكان حالنا أفضل بكثير و لكانت وتيرة إعادة البناء أسرع . يا سي نجيب لم نسمع يوما أن حزبكم استمات في المطالبة بوجوب تطهير الإعلام البنفسجي الموجه من رموز الفساد وأزلام الحكم البائد , وهو الذي نفخ في صورتكم وفي صور أتباع نهجكم وميزكم على من يخالفونكم الرأي حتّى ملّت وجوهكم وهاجرت منابركم الأغلبيّة الساحقة من المشاهدين والمهتمّين بالشأن السياسي الداخلي و الذين لا مطلب لهم سوى تطهير هذا الجهاز وإعادة هيكلته وتحسين أدائه وإلا سيدفع حزبكم والأحزاب المناوئة الثمن غاليا في الاستحقاقات الانتخابيّة القادمة نتيجة عدم اصطفافكم وتأييدكم للمطالب الشعبيّة وإيثاركم الوقوف إلى جانب المستهترين والمارقين ودعاة الفتنة الشيء الذي سينعكس سلبا وستكون له آثارا مدمّرة على مستقبل القوى السياسيّة العلمانيّة المتطرّفة التي تطالب بالحرّية المطلقة وحشرت الإسلام ومؤيديه في خانة الأعداء الذين يجب محاربتهم بكلّ الوسائل وأقذر الطرق . وهذا عيبكم الكبير والذي لم أجد له تفسير . يا سي نجيب كيف خبرتم ومن أين علمتم أن إسلاميي "المغرب الشقيق" أكثر قدرة من إسلاميينا على تسيير شؤون بلدهم .أسألكم هل مؤيدو الأحزاب العلمانيّة في المغرب تعمّدوا في أيّ من المناسبات التشكيك في نوايا حزب الإصلاح والتنمية ذو التوجه الإسلامي والذي يرأس الحكومة ويقود البلاد حاليا . هل تطاولت فضائياتهم وجرائدهم على الإسلام وسخرت من المقدس و من مؤيديه ؟ إلى حدّ علمي رموز الأحزاب العلمانيّة المغربيّة ومؤيديهم يحترمون الدين ويجلّون رجالاته و يعرفون أحجامهم ويحترمون قواعد اللعبة السياسيّة وهم أكثر نضجا وتعقّلا من علمانيينا وليبراليينا المنفلتين ولا يزايدون على الهويّة ويحترمون دين البلاد. يا سي نجيب اتضح للجميع أنك تجيد اللعب على الحبال . أو نسيت تحالفك مع الإسلاميين في تونس ؟ وهل فاتك أنّك كنت متهما من " اليسار الراديكالي " الذي يعادي الفكر الديني عداءا تاريخيّا والذي تغازله اليوم وتصطفّ إلى جانبه وتتآمر معه لإرباك وتعطيل عمل الحكومة مع العلم أنّه هو الذي دعاك " نجيب الله " وبأنّك وأنت تؤدّي مناسك "الحجّ " قد أدّيت " البيعة " لرئيس التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ؟ كنت تظن وتصرّ على أن تكون رئيسنا المرقوب وأنت الذي بدأت حملتك قبل بدايتها بشهور واحتلّت صورتك العملاقة وعلى يمينك الأخت "ميّة " كل الساحات العموميّة وبذلك تجاوزت كلّ محضور وظننّا جميعا أنك تتعاطى تجارة لن تبور وأنّك تلعب لعبة المقبور بتأييدك الأعمى لدعاة السفور , واعلم أنك مهما فعات ومهما راوغت و" لليسار" تملّقت لن تخرج اليوم وغدا من صراعك المحسور إلاّ بخاطر كسير وأمل في الوصول إلى سدّة الحكم جدّ عسير . يا سي نجيب تعلم ونعلم نحن الذين اقتدينا ولازلنا بالغرب وأدرنا ظهورنا للإسلام ولا زلنا أنّ السياسي اللبيب و المؤمن بالديمقراطيّة الحقّة والمتشبّع بمبادئ الحريّة والعدالة الاجتماعيّة عادة عندما يخسر حزبه في أيّ من الانتخابات سواء كانت برلمانيّة أو رئاسيّة يستقيل منه بعد مراجعة نقديّة لإستراتيجية حزبه الخاسر للاعتبار , وقد يهجر العمل السياسي نهائيّا وهي دعوة ملحّة ونصيحة صادقة لسي نجيب الذي أكنّ له الودّ وأمثاله من رؤساء الأحزاب الفاشلة بترك المجال للوجوه الشابة علما أنّ كرسي الحكم أو المنصب غير دائم , كما آل إليك اليوم سيؤول إلى غيرك غدا . الأستاذ المتقاعد : محمد علي القايدي باجة : في 28 فيفري 2012 . تونس