مازالت الأيام حبلى بالأحداث الجسام ، تدفع إلينا يوماً بعد يوم بما في رحمها بالقبيح والحسن ، لكنها طبيعة الأيام والثورات والأشياء ، تحديات جسام تواجهها مصر الدولة بمؤسساتها العريقة ومصر الثورة بمطالبها وأشواقها الطموحة ، تنجح تارة وتخفق أخرى ، لكنها أيضاً طبيعة الأشياء ، تحديات من داخل الوطن ، من أبنائه وقادته ، ومن جواره حيث أصدقائه وأخوته ومن الخارج حيث خصومه وأعداءه ، الأحداث تؤشر لإصرار أمريكا على تجميد مصر في مربعها الوظيفي المرسوم لها دون تحرك يمنة أو يسرة ، أمريكا ومن حولها من دول المصالح مازالت مصرة أن تكون مصر ودول المنطقة سوق تجاري للمنتج الأمريكي خاصة السلاح وأن تكون ثروات مصر والمنطقة المخزون الاستراتيجي للاقتصاد الغربي وأن تكون مصر والمنطقة حامية وضامنة لحدود ووجود الكيان الصهيوني ، على هذه الخلفية غير النقية كانت أحداث القرصنة الأمريكية على السيادة المصرية بتواطؤ رسمي وأهلي مصري متعدد الأطراف ، هذه القرصنة أصابت مصر الشعب بصدمة وشرخ في عزته وكرامته وشموخه ، هذه القرصنة أصابت مؤسسات الدولة العريقة " القضاء – المجلس العسكري – الحكومة " بتصدعات وشروخ سحبت منها المزيد من رصيد الثقة ، هذه القرصنة تحاول لترسيخ المزيد من الهيمنة الأمريكية والصهيونية والمزيد من الرضوخ المصري الرسمي ، هذا هو المشهد العام ، راهنا كثيراً على القضاء في رد المظالم وإنصاف أصحاب الحقوق ورد أموال الدولة التي هربت ، فجاءت الصدمة كالزلزال تنسف هذا الأمل ، وراهنا كثيراً على المجلس العسكري لدوره الرائد في حماية الثورة فجاءت الصدمة تؤكد انه أدمن التصرفات المنفردة والغريبة والمرتبكة بل والمريبة ، راهنا قليلا على حكومة الجنزوري تقديراً للموقف وتفهماً لطبيعة المرحلة فجاءت الصدمة لتعلن أن هذه الحكومة أصبحت عبئاً مضافاً على كاهل المصريين وثورتهم الرائعة ، وعلى سطح المشهد تظهر الغطرسة الأمريكية في انتهاك السيادة المصرية لترسخ هي الأخرى لسعة الفجوة الموجودة في العلاقات المصرية الأمريكية ، الأحداث التي جرحت مشاعر وكرامة المصريين تؤكد جملة من المطالب والضمانات حفاظاً على مصر الدولة والثورة والتاريخ ، منها : ** فتح ملف القضية فوراً وإحالة المتورطين للقضاء العاجل والعادل ** شفافية الممارسات والإجراءات وطرح الحقائق والمعلومات فهي حق للشعب ** التدخل الفوري لبرلمان الثورة خاصة لجنة العلاقات الخارجية لرسم سياسة جديدة للعلاقات مع أمريكا تحفظ لنا المكان والمكانة والتعامل بكل الندية والاحترام المتبادل حفاظاً على السيادة والمصالح المشتركة ** انتزاع مجلس الشعب اختصاصاته دون صادم حتى لا تسحب هذه الأخطاء من رصيد المجلس "قد يكون هذا مقصوداً" ** سحب الثقة أو إقالة حكومة الدكتور الجنزوري لكم المخالفات والتجاوزات الأخيرة فضلاً عن إخفاقاته المتكررة في تحقيق المطالب التي كلف من أجلها ** حتمية الاستكمال الفوري للتحول الديمقراطي وعودة المجلس العسكري بملفاته العلنية والسرية إلى موقعه الوحيد والمقدس في حماية الأمن القومي المصري خلاصة الطرح ... الأحداث الأخيرة مقصودة ومتعمدة للمزيد من الاشتباك والارتباك وتمزيق النسيج الوطني وشغل الرأي العام عن مطالبه الجوهرية ، وبالتالي إتاحة الفرص لأعداء الثورة وخصومها بالحركة في المساحات الفارغة ، الأحداث الأخيرة مارست أمريكا فيها القرصنة ورضخت مصر الرسمية ويبقى الرهان كل الرهان على صمود شعب مصر البطل بقيادة البرلمان المنتخب ، المصدر الوحيد للشرعية ، لذا وجب التنويه. مدير مركز النهضة للتدريب والتنمية*