تحول الاحتفال ب"يوم الشهداء" في تونس الى مواجهات اوقعت 15 جريحا بين الشرطة والمتظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة، في حين اعتبر الرئيس المنصف المرزوقي مستوى العنف "غير مقبول"، مؤكدا مساندته للحكومة.واستمرت المواجهات عدة ساعات واستخدمت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في شارع بورقيبة الذي صدر امر بمنع التجمع فيه. واشارت حصيلة من مصدر طبي مساء الاثنين الى اصابة 15 شخصا على الاقل، فيما اكدت وزارة الداخلية في بيان نشرته مساء الاثنين اصابة 8 شرطيين بجروح. وقال المرزوقي في تصريح نقله التلفزيون الرسمي "فعلا هذا المستوى من العنف غير مقبول (..) انا اسف كل الاسف للجرحى من المتظاهرين السلميين". والقى باللوم على المتظاهرين الذين تحدوا منع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة وعلى الشرطيين الذين فرقوهم بعنف. وقال "هناك قضية لي ذراع، لا يمكن لي ذراع الدولة، دورالبوليس حماية المتظاهرين وليس ضربهم. هم اولادنا والامن هو امن الثورة. لا اقبل المبالغة في استعمال العنف". واضاف ان "ما لا يقل عن عشرة من رجال الامن اصيبوا وتم العثور على سيارة فيها كوكتيل مولوتوف" في مكان التظاهرة. وقال "انا اساند الحكومة التي تعمل ليل نهار. تونس مريضة لكنها بصدد التعافي. بعض الاطراف تريد ان تغرق البلاد. انا اطالب بشىء من روح المسؤولية حتى نعبر المسار الصعب. غير مقبول ان نطلب من حكومة ما زالت في حطة رجلها في الركاب ان نقول لها ديغاج (ارحلي)". واضاف "كلنا على باخرة واحدة في العاصفة وامامنا انشالله الله مرفأ سلام". وشاهد تونسيون مصدومون لجاوا الى المقاهي والمتاجر، مشاهد عنف لم يروا مثلها منذ اشهر في العاصمة التونسية وسط غازات مسيلة للدموع وهجمات نفذها شرطيون على دراجات نارية يحملون هراوات، وعمليات توقيف وضرب متظاهرين بعنف. واندلعت المواجهات في الساعة العاشرة صباحا في شارع الحبيب بورقيبة الذي تحول الى رمز الثورة التونسية وحيث التجمعات ممنوعة منذ 28 اذار/مارس بقرار من وزارة الداخلية. وتلبية لنداءات بثت عبر الشبكات الاجتماعية، تجمع مئات الرجال والنساء والمسنين والشبان لاحياء "يوم الشهداء" في ذكرى القتلى الذين سقطوا خلال تظاهرة شهدتها تونس في التاسع من نيسان/ابريل 1938 وقمعتها حينها السلطات الاستعمارية الفرنسية بشدة. كما طالبوا باعادة فتح الشارع امام التظاهرات. وفي اجواء متوترة ردد المتظاهرون الذين لف بعضهم اعلاما تونسية كبيرة حوله "لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب" و"اوفياء اوفياء لدماء الشهداء" وركضوا في الشارع. وقال محسن بن هندة السبعيني لفرانس برس قبل بدء الاطلاق الكثيف للغازات المسيلة للدموع "نحن من حرر تونس ولا يحق لهم حظر المسيرات السلمية". وفر المتظاهرون عبر الشوارع المتفرعة عن الحبيب بورقيبة ولجاوا الى المقاهي لكن سرعان ما تشكلت المجموعات مجددا وخصوصا في شارع محمد الخامس المؤدي الى الحبيب بورقيبة. وردد الناس "ديغاج، ديغاج" بمعنى "ارحل" وهي العبارة التي كانت شعار الثورة التونسية بينما كان الغضب يسود المتظاهرين. وقالت يمينة المحامية وهي تجهش بالبكاء ان "ما يجري اليوم رهيب" وصاحت "اننا مسالمون ويحظرون علينا شارع بورقيبة لكنهم يفتحونه امام السلفيين". وقد حظر التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة منذ حوادث تخللت تظاهرة اسلاميين هاجموا فنانين. وقد فرقت الشرطة السبت بعنف حاملي شهادات عاطلين عن العمل حاولوا التظاهر في ذلك الشارع. وصرح الرئيس السابق للرابطة التونسية لحقوق الانسان مختار الطريفي لفرانس برس "اشعر بالاستياء. الناس الذين جاءت بهم الثورة الى الحكم هم الذين يمنعوننا من التظاهر". واضاف "انه حقا ليوم حزين". ورفعت فتاة يافطة كتب عليها "بامكانك ان تطلق النار على الشعب لكنه سينهض من جديد!. وقال متظاهر اخر باشمئزاز "انظروا هذه تونس الحرية، تونس النهضة". وافادت صحافيتان هما مراسلة اسبوعية لو بوان الفرنسية ورئيسة تحرير موقع كابيتاليس التونسي انهما تعرضتا لتحرش عناصر من الشرطة. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية خالد طروش "لن نسمح بانتشار الفوضى. يستطيع الناس التظاهر في مكان آخر غير شارع بورقيبة". واوضح ان قوات الامن، تطلق الغازات المسيلة للدموع "تفاديا لمواجهات اخطر" وان المتظاهرين رشقوا الشرطة باشياء والقوا زجاجة حارقة دمرت حافلة شرطة. وفي اجواء احتفالية تعارضت مع اعمال العنف في وسط المدينة، القى زعيم حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي كلمة عصر الاثنين في مراسم اخرى لاحياء "يوم الشهداء" اقيمت في ساحة "9 افريل"، دعا فيها التونسيين الى "الصبر" واعطاء الفريق الحاكم "الفرصة" مقارنا الدولة ب"مبان خاربة تحتاج الى نسف واعادة بناء". ولم يتحدث على الاطلاق عن المواجهات الجارية في وسط تونس. غير ان رئيس الوزراء حمادي الجبالي الذي شارك في الاحتفالية اكد ان الحكومة "تسيطر على الوضع" في اشارة الى الصدامات في العاصمة، مشددا على ان "المعركة الحقيقية هي من اجل التنمية وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي". كما حذر "الذين يراهنون على خلاف" بين قوى الامن وحكومته مؤكدا انهم "مخطئون" مشيرا الى عملية الصياغة الجارية لدستور "يمثل فيه جكيع التونسيين". وطالب حزب التكتل اليساري المتحالف مع الاسلاميين الى فتح تحقيق في الاحداث و"طالب بالتعرف الى هويات المدنيين المشبوهين الذين شاركوا في قمع المتظاهرين". واتهمت عدة شخصيات "ميليشيات" النهضة، الامر الذي نفاه الحزب الاسلامي.