في أجواء ربيع الثورات العربية الذي مازال يسوده الارتباك والاشتباك ومحاولات إعادة إنتاج النظم المستبدة المنهارة ، في أجواء التشويه المتعمد والتشكيك المتعمق والتفتيت للصف الوطني داخل بلدان الربيع العربي ، في أجواء الانفلات الأمني والتردي المعيشي التي تعانيه دول الثورات لتصل رسالة العقاب والتأديب المرفوضة بسبب الخيار الثوري ، في هذه الأجواء تطل علينا الذكري 64 للنكبة الأولى "مايو 1948 م"، ذكرى احتلال الأرض وطرد الشعب ونهب الثروات وقطف الثمرات ، ذكرى لن تنساه شعوب الأمة من المحيط إلى الخليج رغم المعاناة اليومية في كل مجالات الحياة ، تحل علينا الذكرى 64 لتستدعي معها العديد من التحولات النوعية والمكتسبات القومية على المستوى الإجرائي والاستراتيجي نحو قضيتنا الأولى والمركزية "تحرير فلسطين" التحولات النوعية ** انهيار المقوِّم المعنوي الذي قامت عليه دولة الكيان الصهيوني "أن إسرائيل قدرٌ لا فكاك منه"، وانتقل الكيان من مربع الحدود إلى مربع الوجود، كما انهار المقوم المادي بأن جيشه لا يُقهر بالفشل العسكري المتكرر أمام فصائل المقاومة الإسلامية وفي المقدمة كتائب القسام ** حضور المرجعية الإسلامية وبفاعلية لقيادة تيارات المقاومة بعد عقود من الإقصاء؛ ليتمَّ التكافؤ بين المشروعين الصهيوني والإسلامي على المستوى المرجعي "مع الفارق" ** فشل المسار التفاوضي رغم سلسلة التنازلات التي قدَّمها فريق المساومة؛ لدرجة وصل فيها إلى أن يكون الوكيل الحصري للاحتلال في التعامل الأمني ** فشل الرهان على إخراج حماس من المعادلة بل ترسيخ قاعدة لا فكاك عنها "لا حل دون حماس والمقاومة ". ** الصمود المبهر للمقاومة وشعب غزة أمام الحصار الظالم والحرب الآثمة التي شارك فيهما العدو والشقيق والصديق، سواء بسواء. ** تعثر المشروع الصهيوأمريكي على المستوى الإستراتيجي؛ بالانتقال من سيناريو تقسيم المنطقة إلى استدعاء دول وقيادات بديلة ثم الارتباك الحالي بسبب الثورات العربية التي تجتاح المنطقة ** فشل الحسم العسكري في فلسطين وكل بلدان المنطقة، وتغير لغة الخطاب الصهيوأمريكي من الاستعلاء والغطرسة إلى إبداء التواصل والمهادنة؛ كما صرح أوباما "لا يمكن إطفاء النار بمزيد من اللهب ... مثل تركي" ** انحسار الحلم الصهيوني من إسرائيل الكبرى "من النيل إلى الفرات" إلى دولة تل أبيب الآمنة ، ثم التنازل عن بعض الأرض مقابل الأمن وحسن الجوار ** الدعوة إلى مرجعية جديدة وبديلة للمقاومة بعد ترهُّل وانكسار المنظمات التاريخية بعد رحيل جيل المؤسسين وفساد الأبناء الوارثين. ** الاصطفاف الشعبي وبعض النخبوي حول تيار المقاومة المسلَّحة في الدول المحتلة والمقاومة السلمية في العديد من دول الاستبداد والفساد. ** التوظيف الأمثل للفرص المتاحة للمفاوض الحمساوي بداية من قوة الجبهة الداخلية لشعب غزة، مرورًا بالتعاطف الشعبي العربي والإنساني، وانتهاءً بالحالة النفسية المنهارة والمتراجعة للكيان الصهيوني. ** النجاح المبهر وغير المسبوق في الدبلوماسية العربية التي تتعامل مع الكيان الصهيوني "راجع ملف تبادل الأسرى بشاليط" ** إعطاء المزيد من الأمل للشعوب العربية ولكل أحرار العالم بأن الحقوق لا تمنح لكنها تنتزع ، أكدتها المقاومة ونفذتها دول الربيع العربي ** المجتمع الفلسطيني في الداخل والشتات بشكل عام هو مجتمع فتي، تصل فيه نسبة من هم دون عشرين عاما إلى نحو 70% من السكان، وهو ما يعبر في حد ذاته عن قوة كامنة مقابل مجتمع يهودي يميل ولو بتدرج بطيء نحو الشيخوخة والكهولة ... من أخطر التحولات النوعية ** المجموع العام للشعب العربي الفلسطيني حوالي 93%، يعيشون داخل حدود فلسطين التاريخية وفي النطاق المحيط بها في دول الطوق العربية، بمعنى أن اللاجئ الفلسطيني خارج فلسطين ما زال على مرمى حجر من وطنه التاريخي... مرابط لن يغادر خلاصة الطرح ... راهن الكيان الصهيوني بكل ما يملك من أدوات وموارد وأنظمة وقواعد ، إلهاء أو إنساء الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة حقوقه المشروعة بل الشرعية في تحرير البلاد والعودة لأرض الوطن ، لكنه فوجئ أن هذه الحقوق عصية على النسيان!خاصة بعد سقوط أنظمة الحكم التي ظلت طوق النجاة وصمام الآمان لدولة الكيان مدير مركز النهضة للتدريب والتنمية*