تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أندعُ التّنزيل من السُّنَّةِ و القُرآنِ الكريم و نأخذ برأي الدّكتور عدنان إبراهيم ؟؟؟ محمد الحبيب مصطفى الشايبي

[أندعُ التّنزيل من السُّنَّةِ و القُرآنِ الكريم و نأخذ برأي الدّكتور عدنان إبراهيم ؟؟؟ محمد الحبيب مصطفى الشايبي ]أم قراءةُ التّاريخ تُصاغُ من جديد مناصفةً بين الدّكتور الكبيسي و الدكتور عدنان إبراهيم، لإرباك فقه أهل السّنة و الجماعة و هم يرتدُون عباءاتهم و يعتلُونَ منابرهم و يُحسَبُون على جماعتهم ؟!
قراءة بين السُّطور في ما كتبه الإعلامي بقناة الجزيرة الأستاذ عليّ الظفيري حول الدكتور عدنان إبراهيم و رؤية نقديّة لما قدّمه عن إنتاجه الفكريّ و محاولة النّفخ في صورة الرّجل حتّى كأنّ شأوه في العلم لا يُبلغ، مع إقرارنا ببلاغة الرّجل و تميّزه فصاحة و بلاغةً و إقناعًا لبعض الأوساط مع مواقفه التي لا يُحسدُ عليها، يؤخذ منها نذرًا و يُردُّ عليه جلّها !
للتّاريخ قراءات ذاتيّة و للحقيقة قراءة واحدة موضُوعيّة، قدّمه لنا بأنّهُ اللألمعي صاحب الكريزما و الرّأي الثّاقب و المُتألِّق في استيعاب حجج من يناوئُ فكره، هكذا نفخ الأستاذ عليّ الظُّفيري في صورة الدكتور عدنان إبراهيم حينما كتب مقالا عنه و قدّمه عبر قناة الجزيرة في برنامجه في العُمق، على أنّهُ شدّ الكثير من الشّباب و خاصّةً من أبناء الخليج العربي، و أنا أريد أن أطرح سؤالاً على الأستاذ عليّ الظفيري: أيُّ شريحة هذه التي تفاعلت مع الدّكتور عدنان إبراهيم و في أيِّ قُطرٍ من الخليج العربيّ ؟ لعلّ الأستاذ عليّ الظّفيري يُشير إلى مسكوتٍ عنه هنَا و يقصد شباب ذوي العقيدة الشّيعيّة و تحديدًا أبناء البحرين الحبيب ! في هذا البرنامج الذي يتناول فيه حقيقةً أروع الموضوعات الرّاهنة، و الإشكالات المحيطة بالأمّة من الدّاخل و الخارج بالإستعانة بعقولٍ نيّرة و مفكّرين يحملُون الرّأي و الرّأي المُخالف ينفذُون إلى عمق التّحليل و يُقدّمُونَ ما ينتظرُهُ الشّارع العربيّ من تحليل و تفكيك و حلُول إزاء مشاكله و همومه المعيشة.
الجديد في تناول القضايا الخِلافيّة، التي لا نرى بُدًّا في طرحها، لأنّها تعتبرُ ضربًا من إيقاظ الفتنة، لأنّ الاختلاف فيها أزليّ مصداقًا لقول الحقِّ تعالى: " و لو شاء ربُّكَ لجعلَ النّاسّ أُمة واحدة و لا يزالُونَ مُختلِفين (118) إلاّ من رحِمَ ربُّكَ و لذلك خلقَهُم و تمّتْ كلِمةُ ربِّكَ ...(119) " ( سورة هود )، و من يظنُّ أنّهُ سيُوفِّقُ سيقع حتمًا في التّلفيق و يغرق بين سطور التّاريخ ولا من مجير لهذا المأزق!
هَبْ أنّك تتموضعُ صُلبَ نسقٍ فكري أنت تناوئهُ حقيقةً بمواقفك و قراراتك صراحة لا مجازًا و لا افتراءً و تتدّعي أنّكَ سليل هذا النّسق الفكريّ ( و أعني الفضاء السُنِّي الذي يدّعي الدكتور عدنان إبراهيم التّمسّك به رغم أنّه يفكِّكُ حلقاتهِ خِرزَةً خِرْزة ! و ليس لي أن أُخرِجَهُ منه و لا لأحدٍ له ذلك و لكن لي حُريّةُ التّقييم الذي ينجم عنه تصنيف حتمًا، شئنا ذلك أم أبَيْنَا ) و لا ينوي الحياد عنه أبدًا كما أعلن ذلك صراحة و هو أول من يهاجم أهمّ لبناته و قواعده، و ينتهِكُ خطوطهُ الحمراء انتهاكًا سافِرًا، كذلك شأن الدّكتُور عدنان إبراهيم و الدّكتور الكبيسيّ، يتموضعان في حِجْرِ الفضاء السُّنِّيِّ و يتبجّحُون بانتمائهم لأهل السُّنّةِ و الجماعة، و ليس في ذلك قدحًا لشخصيهما البتّة، معاذ الله، بل هكذا أقرأُ ما أفصحا عنه، و قرأ فريق كبير يُعدُّ السّواد الأعظم في الأُمّة، بمتابعتي المتواضعة لما يقُولون و لما يُرجحُون على المنابر و على الهواء، فأنا أختلف معهما و لا يُفسِدُ الاختلاف للودِّ قضيّة، فربّمَا أصبتُ في ما أكتب و ربّما أخطأوا فيما يروِّجُون، و الفكر حمّال للخطأ و حمّالٌ للصّواب و ربَّما أخطأتُ في التّحليل و هم المصيبُون ؟
فالإختلاف سنّةُ الله في خلقه، جُبِلَ عليها الإنسان كما أسلفت في تضمين الآية الكريمة، و لله الحكم في ما نختلفُ فيه يوم القيامة و للجمهور الفصل و حقُّ الاختيار، و لما لا التّصنيف ما دام في كنف الإحترام المُتبادل بعيدًا عن التّجريح و الوصف المبتذل، فليس ذلك من أدبيّات التّحليل و لا النّقد!
لم يستطع النّسقّ الشيعي شقّ التّيار السُّنيِّ من الخارج على مَرِّ السّنين و يطرحه موضع تساؤل، فتسلّلَ إليه من الدّاخل، فما يطرحه هؤلاء يؤيّدُ ما نقول، الدكتور عدنان إبراهيم ليس فريدًا فيما يطرح و إنّما يُوجد على السّاحة ممن فُتِحت لهم قنوات خليجيّة ضخمة بأبواق تصدعُ لإرباك أهلّ السّنّة و الجماعة، قالها من قبله الدكتور الكبيسيّ على الملإ عليك أن تختار إمّا أن تكون مع شيعة عليّ و إمّا أن تكونَ مع شيعة قتلة عليّ و الحسين، فوضع بالتّالي كلاًّ في خانته و يلذعُون كُلَّ من يصنِّفهُم في خانة ما ! و هم قد صنّفُوا الخلق إلى خانتين خانة أهل الجنّة الذين تمنّى الدكتور الكبيسي أن يُحشَر معهم ظنًّا منه أنّهم هم أهل الجنّة دون غيرهم، و تمنّى للمتحدث أو المتحدّثة على الهوءا مباشرة أن يُحشَرَ في زمرة قتلة عليّ و الحسين و يقصدُ بذلك زمرة معاوية الذين صنّفهم من أهل النّار حسب ظنِّه و قراءته للتّاريخ و هُم " النّواصِب " حسب تعبيره و يعني أهل السنّة و الجماعة الذين يترضّون على سيدنا معاوية و سيدنا عمرو بن عاص رضي الله عنهما و أرضاهما، و بالتّالي من يُحسِنُ الظّنَّ بأصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أمثال معاوية الذي يريدُون إخراجه من دائرة الصّحابة بكلّّ ثمن و بكلّ الحيّل و الوسائل، مع أنّ هذه المحاولة لن تنطلي على عاقل، فما وقفنا على من مات من علمائنا الأجِلاّء رحمهم الله على هذا التّصنيف الذي يُقصي بصفة مزاجيّة من يُريد من دائرة الصّحابة و ينتقي من يعظّمه منهم و من يصبُّون غضبهم عليه! و لا أظنُّ أنّ هؤلاء ارتقواْ مُرتقًا يضاهئُونَ به هؤلاء السّوامق في كلّ مناحي حياتهم و إبداعاتهم و اجتهاداتهم !
فمن يستبيحُ سبَّ الصّحابة أو شتمهم أو التجنّي عليهم زورًا و بُهتانًا بأنّهم سبب ما نحن فيه من شِقاق إنّما يُعدُّ ذلك فِرْيةً تُردُّ على مُدّعيها و هي تنمُّ عن قراءةٍ للتّاريخ الإسلامي، قراءة منتقاة لا تمتُّ إلا الموضُوعيّة بصلة، و قد كان لأهل الحديث رواية و دراية و المحقّقين منهم من كذّب و ضعّف الأحاديث التي تنبني عليها أهمُّ المواقع الفاصلة التي كانت سببا في هذا التّصدّع و خاصّة موقعة الجمل أو موقعة صِفِّين و من كان وراءها، و هم الغافقي قاتِلُ سيدنا عثمان بن عفّان ذي النُّورين رضي الله عنه و أرضاه بمكرٍ و تدبير من ابن السّوداء اليهُوديّ الأفّاك عبد الله ابن سبأ الذي غلت مراجِلُ الحقد في صدرهِ، و ادّعى الإسلام في ظروف غامضة، فكان سبب الفتنة في قتل ثالث الخلفاء الرّاشدين رضوان الله عليهم أجمعين و إشعال فتيل موقعة الجمل و قد ذكر ذلك بكلّ إسهاب الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله في " الإصابة " بعدما حاصر قتلة سيدنا عثمان رضي الله عليه و على آله و صحبه و سلّم خمسة أيّام تحت إمرةِ اللّعين الغافقيّ قاتِلُ ذي النّورين، فبايع المُهاجرُون و الأنصار سيّدنا علي رضي الله عنه و أرضاه، و بايع طلحة و الزُّبير رضي الله عنهما حواريي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم علِيًّا بالمدينة المُنوّرة، و بعد يومين من البيعة طلبا حواريا رسول الله صلّى الله عليه و على آله و صحبه و سلّم عليًّا رضي الله عنهم أن يُقيمَ الحدَّ على قتلة عُثمان و رفض معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما البيعة في الشّام ليس طمعًا في الخلافة، فهو لم يدّعيها و لم يطلبها من أحد، فلم يكن إلاّ عاملاً على الشّام حينئذ، بل قرن البيعة شريطة أن يُقيم سيدنا علي رضي الله عنه الحدّ على قتلة سيدنا عثمان رضي الله عنه، لمّا أرسلت السّيدة نائلة زوج سيدنا عثمان رضي الله عنهما قميص ذي النّورين مُخضّبًا بدمائه الزّكيّة و أصابِعُها فيه التي قطّعها لها الأفّاكون إبّان قتل عُثمان رضي الله عنه، فعلّق القميص على المنبر و بكى بُكاءً شديدًا و بكى من معه من الصّحابة رضوان الله عليهم و قامُوا لمُبايعة سيدنا معاوية بن أبي سُفيان ليس على الخلافة و إنّما على المُطالبة بدم عثمان و من هذه النّقطة المفصليّة نشب الخِلاف، و اختلفت الرّوايات بين المُحاباة و المُجافاة و لكن أئمة مثل ابن الأثير رحمه الله و الإمام ابن كثير و الحافظ بن عساكر و الإمام الذّهبيّ رحمهم الله الذين نقلُوا لنا بكلّ أمانة مع أنّ البشر يُخطئُ و يصيب و يؤخذ منه و يُردّ عليه بدليل قاطع لا افتراءً ! فنشب الخلاف من خلال الرّواية، فكان سبب الخلاف في هذه الرّواية التي ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله في " الإصابة " يعُود إلى ابن السّوداء الذي أشعل نار الفتنة في الفريقين يوم حادثة الجمل، فما خرج الفريقان إلاّ للإصلاح لا كما يدّعيه البعض إنّما خرج سيدنا معاوية رضي الله عنه و معه أمّ المؤمنين عائشة و حواريا رسول الله صلّى الله عليه و على آله و سلّم إلاّ للإصلاح و ليس لطلب الخلافة لمُعاوية، فنجح ابن السّوداء الحاقد على الإسلام و رموزه و المسلمين بمكره أن يُوقِعَ الفريقين ليُذيق بعضهم بأس بعض، بعد ما أغار على جيش عليّ رضي الله عنه و أغار على جيش سيدنا معاوية رضي الله عنه غيلةً حتّى يظنَّا الفريقان شَرًّا بعضهم ببعض و أنّ كُلَّ فريقٍ يظُنُّ أنّ الآخر قد نكث عهده، فيقاتل بعضهم الآخر، هذا بكلّ إيجاز ما أورده الحافظ ابن حجر رحمه الله في " الإصابة " و بذلك تختلِفُ قراءتُكَ للأحداث و للتّاريخ بحسب المناهل التي أخذت منها، فإن كان معينك هؤلاء الجهابذة و الأحبار، فهذه هي روايتهم في هذه القِصّة الرئيسة التي ستُحدّدُ معالم التوجّهات حتّى العقديّة منها، كما أسوق أخرى الأحداث التي لا تقلُّ أهميّة و أثّرت شديد التأثير على المذاهب فيما بعد، فأنتجت الفضاء الشّيعي الذي ينهل من مناهل غير مناهلنا فاختلفت أحكامهم عن أحكامنا و آراؤهم عن آرائنا، و الإختلاف سُنّةٌ ربّانيّة ماضيةٌ إلى قيام السّاعة، فليس العيب أن نختلف و لكن العيب أن نقدح ما يتبنّاه غيرنا فلا إكراه في الدّين !
كما ضعّفَ العُلماء الرّبّانيُّون و أوعية العلم رواية و دراية بعض ما يعتمدُ عليه الدّكتور عدنان إبراهيم و الدكتور الكُبيسي و كثير من الباحثين لما ساقه الإمام الطّبري رحمه الله لاعتماده على بعض الرّوايات الضّعيفة و الغريبة و حتّى الموضوعة، و ليس ذلك قدحًا في الإمام معاذ الله و لكن هذا مُستقَرُّ رأيِ فريق لا بأسَ به من أهل الحديث و علماء الجرح و التّعديل و إليه نُنيخُ فهمنا، الذين طعنُوا في المتن و السّند الذي اعتمد عليه في رواية حادثة التّحكيم التي يعرِضُ فيها أول السّند " عن أبي مِخْنثْ لوط بن يحيى قال حدّثني أبو جَنَادْ الكلبيّ أنّ أبا موسى الأشعريّ و عمرو بن العاص اجتمعا بمكان اسمه تومة الجندل و اتّفقا على أن يخلعا عليًّا من الخلافة و معاوية من الخلافة " و هذا أوّلُ المينِ، إذ أنّ معاوية رضي الله عنه لم يكن خليفة آنذاك و لم تقع مبايعته حتّى يعزل عمرو بن العاص صاحبه ؟ ثمَّ يحرقُ علماءُ الجرحِ و التّعديل السّند الذي اعتمد عليه الإمام الطّبري رحمه الله ورقة ورقة في هذه الرّواية، بِدءًا بأبي مِخنَث هذا الذي قال فيه الإمام الذّهبيّ رحمه الله إخباريٌّ تالف، و قال فيه إمام الجرح و التّعديل: يحيى بن معين رحمه الله: ليس بثقة، و قال فيه حبرُ علم الجرح و التّعديل أبو حاتم: متروك، بل حينما سُئِلَ عنه نفض يديه و قال: و هل يسأل أحد عن هذا ! ثُمّ فككَّ هؤلاء الجهابذة السّند فردًا فردًا ليقفوا عند تضعيف السّند، فأبو جناد أيضا قال فيه الإمام الذهبيّ و البُخاريّ و النّسائي رحمهم الله ضعيف، فهل نعتدُّ بما يقُولُه الدّكتُور عدنان و الدّكتور الكُبيسيّ و نُكذِّبُ هؤلاء الأئمّة و أحبارُ الأُمّة ؟؟؟
فحُكمُكَ على الوقائع هي نتاج لأيّ قراءةٍ قرأتها للتّاريخ، فإن اعتمدت على سبيل المثال على هذه الرّواية التي سقتها للإمام الطّبري رحمه الله، فتبني على هذا النّوع من الرّوايات دون التّثبّب و التّحقّق من أهل الإختصاص سيؤدّينا حتمًا إلى نتائج و مواقف شتّى و لعلّ أشنعها قذف و سبّ أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، و النّيل من صحابة رسول الله صلّى الله عليه و على آله و صحبه و سلّم كالموقف الذي يتبناهُ شيخُ نفسِهِ كما يُطلقُ على ذاته، الدّكتور عدنان، فهذه نرجسيّةٌ تُحسبُ له أو عليه؟ من جرّاء قراءته للتّاريخ الإسلامي التي لا تخلُو من الذّاتيّة و ذلك ليس مدعاةً للخلاف...
و إن يُنكِر صراحة بأنّهُ شيعي، فليس التّصريح أو النّفيّ باللّسان أو بالقلم على الملإ بأنّه ليس شيعيًّا هو الذي يُبعِدُ عنه التّصنيف في خانة الفضاء الشّيعي، بل تفسيره لفهمه قراءة التّاريخ هي التي تحيلُ السّامع و القارئ و المُتلقّي عُمومًا بهذا الإنطباع أي بالتّصنيف، كرهت أم أحببت فإنّك ستوضع في خانة ما يومًا ما، مكانةً يحفظُها لك التّاريخ، فمن برّأ نفسه من الإعتزال لم يُغني عنه صنيعه في ذلك شيئًا، لأنك حسب التّاريخ ما يُطلِقُهُ النّاس عليك و ليس ما تُطلِقُهُ أنتَ على نفسك، فالنّاسُ يحكمون عليك من خلال عيونهم لا من خلال عينيك !
صحيح الكلّ يؤخَذُ منه و يُردّ إلا صاحب هذا القبر إشارة إلى قبر رسول الله صلّى الله عليه و على آله و صحبه و سلّم، كما كان إمام دار الهجرة يقول رحمه الله تعالى.
أزواج رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و رضي الله عنهن أجمعين يتمتّعن بحصانة إلاهيّة أقرّها الوحيان، قرآنًا و سُنّةً، فهل نشكِّكُ في نصوصنا قطعية الدّلالة و قطعيّة الثّبُوت و نستأنسُ برأي الدكتور عدنان إبراهيم ؟
و كذا شأنُ صحابة رسُول الله الذين لم يميّز بينهم أئمّة الأمّة في خيريتهم على مرّ القرُون، و إن أقرّ القُرآن صراحة أنّهم ليسُوا سواء من قبل الفتح و من بعده و لكن كلٌّ وعد الله منهم الحُسنى، أي خيريّتُهم ليست محلّ جدال بل هي محلّ إجماع الأئمة و إجماع الأُمّة على مرّ تاريخها، بل أنّ علماءنا وصفُوا من يتجرّأ على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و على آله و صحبه و سلّم، رضي الله عنهم و رضُوا عنه بالزّندقة و بأشنع الأوصاف...فما بالُكَ بمن يتجرَّأ على أمّهات المؤمنين، و خاصّةً حِبّةُ رسُول الله صلّى الله عليه و سلّم و قُرّةُ عينه أمُّنا عائشة، فالإجابة تجدها عند الإمام ابن القيّم في كتابه زاد المعاد، في الصّفحة 40 (طبعة دار ابن حزم ): " و اتّفقت الأُمّة على كُفرِ قاذِفِها "... لمَّا برَّأها القُرآن الكريم صراحة من حادثة الإفك...
محمد الحبيب مصطفى الشايبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.