ثقف الشيء سوّاه أي وعاه فتملّكه فأحسن التصرف فيه و يُفترض اصطلاحا أن يكون متصدِّروا المشهد العام في المجتمعات الأقدر على إنارة السّبيل للبقية ولا يبدو أغلب هؤلاء أهلاَ لقطر الواقع العربي نظريا وعمليا : - لم يتبصروا والأمر هيّن أنّ الغرب يعاملنا مسلمين عربا وفقط ، فما عالَ من ليس من الطّيف الإسلامي منهم سبيلا للحرب عليه فصار كمن يفقأ عينيه بنفسه وكالذي يُقاتل أخاه : أوليس من يعطل عمل النهضة في تونس والإخوان في مصر كمن يُقوّض بغباء تاريخي صرحه الذاتي ؟ أليست مصائب في وطننا الكبير وفوائد للصهيونية عدونا الأول إلى يوم الحساب ؟ على هؤلاء أن يرتقوا حتى الحد الأدنى من الوطنية فتكون المصلحة العليا المجردة من الدّين كما في الغرب قاسما مشتركا للجميع ولتكن أقصى الإختلافات وحتى التناقض مع " الإسلاميّين" بتنافس المشاريع المجتمعية المؤسّسةِ بالمقوّمات العلمية المنهجية وليكن صراع واع نزيه لا يضرّ بالسّقف الوطني الواحد الموحّد وباحترام الثوابت الدينية التاريخية والهوية العربية و لا يكون خال من الأطروحات وتستعمل فيه أحيانا لاأخلاقيّات ويَحيدُ بالعربة التي تُقِلُّ الجميع عن مسارها البنائي السليم و لا يكون هؤلاء بيادق صهيونية جاهلة ونأمل أن لا نتّهم أحدا بتعمّد ذلك. - يقترح البعض ويُروّج أنّ السياسة لا تكون متدينة وهذا لبّ ما يسعى إليه العدوّ فصراعنا الوجودي معه هو محاسن أخلاقنا ولم يبلغ أيّ مجتمع نجاح السّاسة المسلمين ولن يقع ذلك ، فمتى كان الحاكم وأيّ مسؤول وموظّف في أيّ موقع ومكانة وطنيا فلا يوالي الأعداء ولا يسرق ولا يرتشي ولا يزنى بمن تشاركنه العمل ولا يُهدر المال والوقت الوطنيين أفلح في ما عُهد إليه وثبّت رؤاه التسييرية وضَمِنَ استمرار سلطته . - ينقسم المجتمع العربي بين من حَسُنَ إسلامهم والبقية فمن يخشى يوما تتقلب فيه الأبصار وتذهل الأم عن رضيعها يدرك أنه راع مسؤول عن رعيته قبل أن يحاسبه القانون الوضعي فيحرص بأقصى طاقته الإنسانية على أداء أمانته أينما كان سرا قبل العلانية فلا يعقل أن نساويه بمن يضرّ بوطنه في سبيل مصالحه الخاصّة ويعتقد أن له إيديولوجيّةً عليه الدفاع عنها ورعايتها فيصير ألعوبة مغيبة الإدراك وهو سم دُسَّ له كما يصرح بذلك بنو صهيون في بروتوكولاتهم "إنّ من بين مواهبنا الإدارية التي نُعدها لأنفسنا موهبة حكم الجماهير والأفراد بالنظريات المؤلفة بدهاء، وبالعبارات الطنانة ، وبسنن الحياة وبكل أنواع الخديعة الأخرى : إننا نقصد أن نظهر كما لو كنا المحرّرين للعمال ، جئنا لنحررهم من هذا الظلم ، حينما ننصحهم بأن يلتحقوا بطبقات جيوشنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين ، ونحن على الدّوام نتبنى الشيوعية ونحتضنها متظاهرين بأننا نساعد العمال طوعًا لمبدأ الأخوة والمصلحة العامة للانسانية ، وهذا ما تبشر بها الماسونية الاجتماعية " فالصّهيونية تقوّض الشّرعيات وتندس في السّياسة والمال والإعلام وأينما طالت وتبثّ الرذيلة بمطلاقية مفهومها سعيا للسيطرة على العالم...فلا يُعاديها حقيقة غير الإسلام. - يُدرك المثقف المتبصر أنّ تونس في طريق تحقيق ثورة أخلاقية ضدّ الفساد والإجرام بمرحلية وتمشّي سيستغرق ما يلزمه من الوقت فسبحانه وتعالى تفرّد بكن فيكون ولا يقال أنها "دخلت في حائط " في تعبير غير ذي سند ومنهج يتجاوز التشاؤم لبثّه في نيّة وسعي لإفشال المشروع الإسلامي فيبرز العجز عن مقارعة محاسن الأخلاق ومجمل تطبيقاتها : أحكم ما في السياسة وأعدل ما في العلاقات الإجتماعية وأرقى ما في الثقافة وأصلح ما في التربية ، وللجميع تتبّعُ الأخطاء وتسجيلها فمحاسبة من في السلطة بمسؤولية ووطنية فهم بشر خطاؤون بحكمة خالقهم الكامل ويتميزون عن غيرهم بحسن النوايا والمقاصد فالسّلوك . - بعد ثورة وفي مسار مباشر للتطهير والبناء تمتدّ كل الأيادي وتنتفي الإيديولوجيات و لا يجب أن يعنى أيّ كان بمن يقود العربة بل المهم أن تسير والجميع يساعد على السّلامة والثّبات فأيّ عبقرية أبدعها " مثقفون تونسيون " بمصطلح " المعارضة " وبسلوكاتها ؟ أرفض نتائج انتخابات نزيهة برهان ثقافة ووعي بالديمقراطية ؟ أترويج دستور موازي عبقرية وطنية ؟ وهل إغلاق المؤسّسات الإقتصادية والتّسبب في آلاف العاطلين الجدد إبداع في خدمة البلاد ومساهمة في بنائها ؟ أليس تسويق صورة كارثية مجلبة للإندساس الخارجي وخدمة للصهيونية ولو عن جهل ؟ - أبَلَغَكُم عنهم إدراكهم وتثمينهم ودعوتهم جماهيريا لماهيّة العمل الوجودية فارتباطه الجدلي الوثيق بالمحصّلة العامّة الوطنية وترجمانها قوة إقتصادية فسياسية تُحَرِّرُ المجتمعات من طواغيت العالم ومسيّريه أعداء الشعوب ؟ أليس العمل كفيل بتحقيق ذات الإنسان وكينونته الأرضية فالمجتمعية وما تأخّر العرب والمسلمين إلا لابتعادهم عن الكتاب والسّنة فإهمالهم للعمل والأخذ بالأسباب فتواكلهم الكارثي؟ ليدرك مُناهضوا المشروع الإسلامي أنّ مدى حصانة المجتمعات العربية والإسلامية اقتصاديا كبيت يحمي من فيه باختلافات أهله إيديولوجيا ويمكن للجميع التعايش بتميّزات يجب أن تحفظ المصلحة العليا وليتبصروا أنّ الصهاينة مهما بلغت تناقضاتهم الداخلية فلم ولن تلحق الأذى بمجمل مشروعهم وسبق أن أطلقت شرطتهم النار سنة 1967 على متظاهرين منهم ضدّ العنصرية عندهم فقتلت منهم عددا وحال اندلاع الحرب ضدّ مصر عبد الناصر تخندقوا متكاتفين . فليبرهن من ادّعى التّثقف عن وعي تامّ وإدراك متكامل للمصلحة الوطنية العليا وليحافظ كلٌّ ما أراد على اختياراته الإيديولوجية باحترام للمُقدّسات .