في عصر “التحولات الثورية" حققنا بفضل الله و ارادة الشعب و تنافس الاعلام ما حققته الديمقراطيات المستقرة بعد عقود اي حرية المعلومة و حرية النفاذ الى خصوصيات الشخصيات العمومية حاكمة ومعارضة وهو امر جيد ...كلما عرفنا خصوصيات المشتغلين في الشان العام استطعنا ان نكون اكثر واقعية في التعامل مع “السياسيين" و “نشطاء الحقل العمومي" عندنا لنكتشف انهم بشر ...فلنجازف بالقول ان اغلبهم عندنا بشر في الحد الادنى لعلة في هيكلية في طبائع الانتظام السياسي في بلادنا العربية المشمولة ببركات الدولة “الوطنية" بخياراتها التربوية و الثقافية و مخرجاتها البديعة ...يمكن ان تكون سياسيا من مرجعية دينية ولكنك مع ذلك يمكن ان تسرق او تكذب او تفسق اذا جعلت السياسة طلبا للسلطة من اجل السلطة لا غير كما يمكن ان تكون يساريا ولكنك يمكن ان تقبض الرشوة تحت الطاولة و تتحالف مع من هم ضد الطبقة التي تنحاز اليها عندما يتحول الفعل السياسي عندك مماحكة مع خصم مقابل تريد قهره او افتكاك السلطة منه ويمكن ان تكون عروبيا قوميا و تتحول الى قطري جهوي مهملا الاستراتيجي في معاركك السياسية ويمكن ان تتمعش بلا حياء من “جمعيتك " و منظمتك التي خصصتها للنضال الحقوقي و الاجتماعي ...السياسيون و النشطاء عندنا هم بشر عاديون وانا شخصيا اعرف تماما انهم بشر حقيقيون و عدد كبير منهم ممن عرفتهم وخبرتهم وعاشرتهم هم بشر تماما تحركهم دوافع السياسة في ادنى مظاهرها كما حددها فرويد كتحقيق للرغبات الجنسوعدوانية وهذا امر طبيعي ...الاصل في السياسة “الرشيدة" بالمعنى المعاصر و الحديث و القديم للكلمة ان تكون اخلاقا كذلك بمعنى ان السياسي الرشيد يجب ان يكون ملائكيا قدر الامكان اذا اراد ان يضمن لنفسه حب الناس ..الاذكياء و المهفات و عباقرة السياسة سيضحكون تماما من هذا التعريف غير “الماكيافيلي" للسياسة و يمكن ان يقولوا لك بانك واهم ولذلك ستظل فاشلا في اكل الكتف السياسي من موضع اكله ...و الحق ان معرفتهم المحدودة بالفكر السياسي و بتاريخ السياسة تجعلهم لا يعلمون ان السياسة في معناها الاصلي هي الاخت الرضيعة للاخلاق ..الافكار الكبيرة التي نجحت في التحول الى مشاريع وطنية كبيرة و انتصرت بالمعنى الدقيق للانتصار السياسي هي الافكار التي حملها ودافع عنها قادة ملائكيون طهوريون شبيهون بالقديسين في حياتهم الخاصة و العامة ولنتذكر مانديلا و غاندي ونهرو و ديغول و عبدالناصر و تشافيز و اردوغان و امهاتير و القائمة تطول شرقا و غربا ...اما “الفهلويون" و “المهفات" و “المعلمية" في السياسة و في فساد السيرة و السريرة فينتصرون مؤقتا في قاموس السياسة المفتوحة الان على عيون الناس و لكن نفس هذه العيون هي التي ستفقأ اعينهم ...افعلوا السياسة كما لو كنتم تؤدون صلاة في معبد حتى لو بقيتم وحدكم ...سياتي زمان على هذه الامة تتمكن فيه من كنس طبقة سياسية تدربت في مدارس السياسة كغنيمة و تكمبين و قلة حياء و ووصولية شخصية او حزبية ...الذكاء و الحيلة في السياسة هي في ترك الحيلة ...