في العراق تنضج تجربة مدنية نضالية غير مسبوقة. العراق الذي عاني الأمرين طيلة العقد الماضي، والي تعرض لجرائم لاحتلال والإرهاب ولزرع الاحتلال الأميركي بذور الطائفية دستوريا، ينتفض الآن سلميا ضد إرث هذا العقد كله. ولا أعتقد أن بإمكان أحد أن يرهب الشعب العراقي الذي تحصّن من الخوف بعد أن عبر الجحيم ذاته في السنوات الأخيرة. والملفت أمران: أ. نضج الخطاب السياسي للمجتمع الأهلي، ولا- طائفيته. 2. الإصرار الناضج أيضا على سلمية التحرك. وربما نضيف ثالثا ان المجتمع الأهلي يفوق الأحزاب نضجا. يدرك المعتصمون في الأنبار وديالى وغيرها أن طريقهم للنجاح هو تحويل هذه الحركة الى حركة وطنية عراقية شاملة. وهذا ممكن وهذا هو المستقبل. إذ تجمع الهوية العراقية عرب العراق مع كرده، ولكن الهوية العربية والهوية والمواطنة العراقية تجمع بين سنته وشيعته. الشيعة العرب هم عرب ويجب ان تفهم إيران هذا. ولا تنازل لا عن هذه الحقيقة ولا عن وحدة العراق وسيادته. إن الرد على السلوك الإيراني السياسي المصلحي الطائفي في العراق هو الموقف العربي والوطني العراقي الديمقراطي ضد الطائفية. وليست تركيا هي الرد على إيران في العراق، ولا إقامة تحالف سني تركي كردي مع المنتفضين السلميين . فهذه كلها تحالفات تكيتيكية عابرة تقود استراتيجيا إلى تقسيم العراق وتشظيه، وربما وتدمير المشرق كله. الطريق الذي يؤكد عليه قادة التحرك الأهلي المدني في الولايات المنتفضة كما أسمعهم وأصغي إليهم بانتباه واحترام هو التحالف بين القوى الديمقراطية العراقية ضد سياسات الاحتلال وسياسات المالكي السلطوية والفاسدة والطائفية. لقد أصبح المالكي أحد رموز الطائفية المقيتة في المشرق، أما الحراك الشعبي العراقي السلمي فقد يتحول الى رمز من رموز رفض العرب للطائفية. وهذا هو العراق التاريخي الذي نعتز به.