بسم الله الرحمان الرحيم، يمارس بعض المتصدرين لمنابر الاختصاص القانوني سياسة قضم التوافقات للوصول إلى دستور منبت عن الإطار الحضاري الذي يسن فيه. فبعضهم نادى طويلا بإدراج الكونية ولم يقل يومها بأنها ستكون في صورة إدراجها في تناقض مع مضامين أخرى حاضرة بالتوطئة، ونادى بإعادة التنصيص على مدنية الدولة ولم يقل يومها بأنها ستكون في تنافر مع الفصل الأول أو مع الفصل المقرر لرعاية الدولة للدين. واليوم وقد أدرج ضمن مراجع التأسيس ما كان "ساميا"من القيم الإنسانية ومن مبادئ حقوق الإنسان الكونية وأضيف فصل يخص مدنية الدولة أصبح الحديث عن تذبذب في الرؤية وتعارض بين تلك المضامين. في كلمة إنها سياسة الشبر ثم الذراع. بالنسبة لي شخصيا فأنا لا أرى تناقضا بين تلك المضامين. ولكني أعتقد بأن بعضها وخاصة منها تلك المضامين التي يمكن أن تكون عرضة مستقبلا لقراءة منحرفة تجنح بها بعيدا عن المقبول من عامة شعبنا وتذهب بها مذهبا يصدم وجدان العامة ويتناقض مع هوية البلاد، أعتقد أن تلك المضامين ما كان لها أن تنال موقعا داخل النص الدستوري إلا وهي متجاورة مع المضامين المتأصلة في وجدان الشعب المتجذرة في هويته. ووجود اللاحقة مرتهن بوجود السابقة. إن الاختيار السليم فيما أرى هو الجمع بين ما يروج البعض لكونه يتضمن تناقضا أو تذبذبا في الرؤية، في حين يحقق ما أراه من توليف بين أصالة وانفتاح. أما منطق التعلل ببعض الموجود في النص الدستوري لتبرير المطالبة بإدراج غيره وما إن يدرج الثاني حتى ينبري نفس الأشخاص للمطالبة بسحب الأول من النص فهو منطق "دخّلني نخرّجك" الذي لا يمكن أن يكون أساسا للتوافقات ولن يترتب عليه إلا التشكيك في صفاء النوايا. الحبيب خضر عضو المجلس الوطني التأسيسي