هل سيحضر محمّد الغرياني الأمين العام السّابق لحزب المخلوع جلسات الحوار الوطني بعد انضمامه لحزب نداء تونس ؟ هل سنجده يتوسّط رموز الجبهة و النّهضة في الجلسات الحواريّة ليفصل بينهم و يقوم بدور الوساطة و تقريب وجهات النّظر و التّسامح و القبل بين الفرقاء ؟ و الله و رجعت أيّامك يا تجمّع يا معذّبهم يا مهشتكهم يا مبشتكهم ... و لا عزاء لمن سيجرؤ بعدها على ترديد نشيد المرحوم إمام : شيد قصورك ع المزارع من كدنا وعمل إيدينا الخمارات جنب المصانع والسجن مطرح الجنينة واطلق كلابك في الشوارع واقفل زنازينك علينا وقلّ نومنا في المضاجع أدي احنا نمنا ما اشتهينا واتقل علينا بالمواجع احنا اتوجعنا واكتفينا وعرفنا مين سبب جراحنا وعرفنا روحنا والتقينا عمال وفلاحين وطلبة دقت ساعتنا وابتدينا نسلك طريق مالهش راجع والنصر قريب من عنينا النصر أقرب من إدينا يبدو أنّ هذه الأغنية لم يعد لها معنى لأنّ صاحب القصيد نفسه أرتدّ عن مضامينها و أصبح حليفا حميما للعسكر المنقلب يمجّد أفعاله العظيمة في القتل و الاعتقالات و التعذيب ... هذا زمن الردّة ... حين يصبج جلادو الأمس همزة الوصل و الفصل و القصل بين "ّ الثوريين " المتنازعين على غنائم سلطة لم تتشكّل بعد و لم يتفتّق برعمها الأوّل ... مازالت بين كمّاشات أعوان منظومة الفساد و الاستبداد العنكبوتيّة ... و هكذا يعود الاستبداد من البوّابة العريضة للثّورة في أبهى حلّة الفارس المنقد الذي يأتي على فرسه الأبيض في حمّى الأزمة و وطيس الحرب الأهليّة ليعيد الأمور إلى نصابها و السّلطة لأهلها و الفرحة للشّعب و " بالأمن و الأمان يحيا هنا الإنسان " ... فلنستقبل السياسيين الثوريين من اليسار و اليمين الذين عاشوا بحلم الثّورة على الاستبداد طول عمرهم النّضالي حتّى جاءتهم بدون حول منهم أو قوّة على أجساد شباب تونس الغضّ الذي لم يتشكّل وعيه في الدكاكين الحزبيّة الضيّقة و حوانيت الأيديولوجيا فاقدة الصلوحيّة : لنهتف لهم بكلّ ما في الفرح من طاقة و فجاجة و تخمة و ألوان فاقعة و شماريخ مدوّية : فرحانين .. فرحانين .. فرحانين كل ثورة وإحنا دايما فرحانين اللي ماتوا فى المعارك .. فرحانين واللي حضر واللي شارك.. فرحانين واللي ساكنين الخنادق.. فرحانين والي ماسكين على المبادئ.. فرحانين واللي شايلين شوق لفكرة.. فرحانين واللي حاملين هَمّ بكرة.. فرحانين اللي كلمتهم أمانة.. فرحانين واللي معدتهم جعانة فرحانينإحنا ملح الأرض وتراب العجين كل صناع الورود والمبدعين فرحانين عد موج البحر ونجوم الليالي عد رمل الأرض واكتر من السنين قولوا قولوا .. فرحانين كل ثورة وإحنا دايما فرحانين قولوا قولوا .. فرحانين و كلّ ثورة و احنا ديما فرحانين ... !!! نعم فرحانين فرحانين و القلب مترع بالأسى و الأنين ...