لو تحدثنا بعقلانية و دون حساسية مفرطة و دون تعصب أعمى و لكن حديث العقل و حديث المصلحة العامة، لو تحدثنا بهذه الثوابت سنقول ان تونس التي لم تستسلم للاحتلال الأجنبي هي هي تونس التي لم تستلم لحكم الفرد و حكم الدكتاتورية و على طول مدة الاحتلال الفرنسي ( 1881 -1956) كانت تونس تهوج و تموج بالرغم ان مدة الهيجان و الميجان طالت 75 سنة لكي تأخذ تونس حريتها و تتخلص من كابوس الاحتلال و كذلك كان الامر بالنسبة لحكم الدكتاتورية( 1956-2011) حيث هاجت تونس و ماجت و قدمت ضحايا رجالا و نساءا في هيجانها و ميجانها تماماً كما فعلت في فترة النضال الاول من اجل الاستقلال ، ذلك ان الشعب التونسي يعشق الحرية و يكره العبودية و ان للحرية ثمن و في كلا الفترتين دفعت تونس فاتورة الحرية باهظة لكن دون أسف إنما بكل فخر و اعتزاز.... ان تونس و رجالها و نساءها أحرار يعشقون عيشة الحرية و يتنفسونها كما يتنفسون الهواء... و تونس الان في فترة التحظيرات الأولية للخروج من فترة حكم الفرد و الدكتاتورية الى فترة حكم الجماعة (الاحزاب) و الديمقراطية... ان هذا المخاض الذي امتد هذه السنين الطويلة و كلف هذه التكاليف الباهظة لا يجب ان تذهب الآلام و التضحيات التي تمت فيه سدى و هباءا منثورا بل يجب على التوانسة العاشقين للحرية ان يجدوا المخرج السليم لهم لكي يعيشوا في حرية و سلام .... لا بد انه اذا حدثنا أنفسنا حديث الصدق، لا بد ان نخرج بنتيجة ان تونس لا يمكن ان تحكم الا بالتوافق و التداول و إشراك الجميع و دون إقصاء لكائن من كان من ابنائها او فئات مجتمعها... و ان كنت لم ات بجديد الا ان هذا المفهوم لكي يصبح واقعا ملموسا يتطلب صبرا و تضحيات أرجو ان لا يكون ثمنها مثل الأثمان التي تم دفعها في المرحلتين السابقتين. و لسوف يكون الثمن باهظا كلما طال التناوش و عدم الإسراع في الاتفاق و لكن العقل يقول لماذا دفع كامل الفاتورة مادام في النهاية اننا سنصل الى نفس الهدف سواءا ااطلنا المدة و بالغنا في دفع الثمن كاملا او قصرنا و تناولنا و اكتفينا بما تم دفعه الى حد الان... ان العقل السليم و التفكير السديد يقول انه لطالما كان الامر سيان فما علينا الا التوصل الى الاتفاق سريعا و اليوم اليوم قبل غد..... ان البدايات دائماً صعبة و نحن في تونس الان في بدايات ترسية قاطرة تونس على سكة السلامة و ما ان ترسو القاطرة على السكة و تنطلق حتى تأمن تونس و تنسى قليلا هيجانها و ميجانها و ان شاء الله يعيش التوانسة حريتهم و يحيون حياتهم في سلام و وئام مثلهم مثل بقية الشعوب المتقدمة العاملة و الكادحة بنشاط و همة و التي تفرغ كل طاقاتها في العمل الجاد الدؤوب عوضا عن المضاهرات و المهاترات و التقاتل. عاشت تونس حرة دائماً و عاش أهلها في سلم و وئام أبدا. ابراهيم ميساوي