يمكن ان نتقبل ان تضعف النهضة او حكومتها من اجل تونس و يمكن ان نتقبل تنازلاتها و نتفهم و ان لم تقدم شرحا او توضيحا لكثير من التنازلات.... و لكننا لا يمكن ان نفهم او نتفهم ان يكون "التعذيب مستمرا بعد الثورة و الحكومة حكومة النهضة شاءت ام أبت" و لن تقبل كل أعذار الدنيا و ان تم تقديمها لانه لا يمكن التهرب من المسئولية لمن أراد ان يحملها انها أمانة و حملها يتطلب حزما و إرادة قوية و لا يمكن قبول ان تمتلئ صفحات "الاعلام بكل أنواعه" بصور المعذبين و المشوهة أجسامهم من التعذيب ... و الحكومة و النهضة اخر من يعلم او أنهما عاملين (اذن من طين و الاخرى من عجين) .... و انا شخصيا لا اهتم كثيرا هنا ان كان من تم تعذيبه بهذه الطريقة البشعة و الوحشية مجرما حقاً او بريئا، بائع مخدرات او حتى إرهابيا لانه اذا كان هناك احترام للقانون فيجب اتباع القانون و ليس قانون الغاب او قانون "العهد البائد" و أساليبه.... ان العدل أساس الحكم و الله سبحانه يقصم ظهر الظالم و ملكه و ان كان مسلما و يديم ملك العادل و ان كان كافرا ... تلك قاعدة كان الأحرى و الاولى بالنهضة انتهاجها مهما كانت الأسباب على الأقل ما دامت في الحكم، مثلما هي ارتأت ان تتنازل و يهان من يتصدرون الحكم فيها فقط من اجل إرساء الديمقراطية او ليس من الديمقراطية و الحرية ان يحترم الانسان ، ان يتم احترام المواطن مهما كان توجهه و انتماؤه و مهما كان مركزه الاجتماعي .... و ان احترام القانون لن يتم بالكيل بمكيالين لان الميزان يختل بهكذا طريقة، قال تعالى (والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان. )... يمكن ان يغفر الانسان اي تقصير و يمكن ان يتم التنازل عن اي طلب الا ان يهان المواطن التونسي بعد الثورة مثلما كان يهان قبلها ... و ان تم التفريط في كثير من مطالب الثورة فان كرامة الانسان و عدم إهانة المواطن البسيط قبل "ذا الشأن" أساس المطالب و فتيل الثورة.... و مادام هناك في تونس من يعصي أوامر القضاء على الملأ و يذهب الى المحكمة حسب الوقت الذي يراه هو و ليس عند تنفيذ الامر ثم يخرج (يدز في صدرو) تحيط به كوكبة اكثر عددا ممن يحيطون برئيس الدولة و لن يتم بخصوص ذلك و لا بخصوص الاتهامات الخطيرة التي من اجلها تم استدعاؤه شيئا ... و ما دام يتم تعذيب المواطنين أبرياء او غير ابرياء بطرق بشعة و لا يتم محاسبة من قام بالتعذيب حتى يرتدع و يكون عبرة لغيره ... و ما دام لا يتم تطبيق القانون الا على المستضعفين ... فان الثورة على وشك ان تفشل .... لسائل ان يسال لماذا كل هذا التشاؤم؟ و لكن الجواب على ذلك ابسط من السؤال نفسه لان الذي قام بثورة يمكن ان يصبر على تحسين معيشته و يتفهم ان تصحيح ما تم إفساده من العهد البائد سيتطلب وقتا و لكنه لا يمكن ان يصبر على الاهانة و التعذيب و أوج الثورة لازال يشتعل في نفسه... كلنا مطالبون بمراجعة حساباتنا لانه بالمراجعة يتم تصحيح المسار قبل فوات الأوان...