الرباط(رويترز)الفجرنيوز:قد لا تتمخض الضغوط على ليبيا لوقف موجات الهجرة غير المشروعة التي تنطلق من شواطئها الى شيء يذكر بعد ان تحولت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا المطلة على البحر المتوسط الى منطقة جذب للافارقة الفقراء وهم في طريقهم الى الحلم الاوروبي. وتقول المنظمة الدولية للهجرة ان هناك 1.5 مليون مهاجر يعملون بصورة غير مشروعة في ليبيا حيث تتنامى الصناعات الخدمية وتنشط عمليات البناء بعد خروج البلاد من سنوات من العقوبات. وينظر كثير منهم الى ليبيا كوطن مؤقت يمكن ان يدخروا فيه المال لرحلة بحرية الى أوروبا على أمل الحصول على رواتب أعلى تنتشل أسرهم من الفقر. وتقدر جماعات مدافعة عن حقوق المهاجرين عدد من يعبرون الى ايطاليا سنويا بنحو 100 ألف. وترصد قوات حرس السواحل بعض الزوارق المتهالكة المكدسة بالمهاجرين ويرسل من على متنها الى مراكز ايواء المهاجرين اما الاقل حظا فلا يصل أبدا الى الشط. وفي أواخر مارس اذار غرق زورق وسط رياح عاتية ويخشى مقتل أكثر من 200 مهاجر. وتأمل منظمات الاغاثة في تفادي حوادث مماثلة اعتبارا من الشهر القادم حين تبدأ ايطاليا وليبيا دوريات مشتركة في البحر. كما تأمل الحكومات الاوروبية في ان يدفع تحسين العلاقات مع ليبيا حكومة طرابلس الى تشديد الرقابة على المهاجرين المقيمين في أراضيها. ويقول محللون ان هذه الامال غير واقعية لانه على ليبيا ان تنظم دوريات حدودية بطول 4300 كيلومتر والكثير من هذه الاراضي على حدود مناطق صحراوية شاسعة يغيب عنها القانون في النيجر ومالي. والى الشمال يمتد ساحل ليبيا المطل على البحر المتوسط بطول 1700 كيلومتر والكثير من هذه المناطق مهجورة وهو ما يجعلها مناطق مثالية لانطلاق زوارق المهاجرين دون رصدها. ويقول المحلل سامي زبتية رئيس (اعرف ليبيا) ومقرها طرابلس "حتى الغرب بكل بنيته التحتية وقدراته يكافح للسيطرة على المهاجرين. الامر بالنسبة للمهاجرين هو الموت البطيء او المجيء الى ليبيا. لا أعرف كيف ستقدر ليبيا على اغلاق الباب في وجوههم بالكامل." ومازلت ليبيا قادرة على استيعاب العمالة فهي تضخ عائدات الطاقة في عملية استبدال لبنية تحتية مستهلكة وبناء المنازل والمدارس والمطارات والمستشفيات. وأعلن البنك المركزي الليبي الشهر الماضي انه يتوقع نمو الاقتصاد في القطاع غير النفطي هذا العام بما يتراوح بين 6 و8 في المئة مبرزا قدرة البلاد على التكيف في مواجهة الازمة المالية العالمية. تحتشد مجموعات من مواطني غينيا وساحل العاج والكونجو ونيجيريا قرب مواقع الانشاء في العاصمة الليبية وقد حملوا عددهم على أمل الحصول على عمل. ولا يتحدث غالبية المهاجرين العربية لكن هذه ليست مشكلة في أعمال البناء وغسل السيارات وطلاء الجدران وكنس الارصفة. فأربعة أشهر من هذا العمل تدر عليهم دخلا يوازي أجر عام في جامبيا وفقا للمعلومات التي جمعتها المنظمة الدولية للهجرة من المهاجرين أنفسهم. وسعت ليبيا الى تطبيع علاقاتها مع الحكومات الاوروبية منذ انهاء العقوبات لكن محللين يرون ان الزعيم الليبي معمر القذافي قد يتردد في شن حملة على المهاجرين. فهو حريص على صورته كنصير للافارقة المغلوبين على أمرهم في مواجهة القوى الغربية ودعا الى اقامة الولاياتالمتحدة الافريقية على غرار الولاياتالمتحدةالامريكية لمكافحة الفقر وحل الصراعات. وحين انتخب القذافي رئيسا للاتحاد الافريقي في فبراير شباط طالب أوروبا بمساعدة القارة السوداء على توفير فرص أفضل للشبان اذا كانت تريد حقا الحد من الهجرة غير المشروعة. وفي العام الماضي اتهم دولا أوروبية بقتل مئات المهاجرين باغراق زوارقهم عمدا. وتقول الجماعات المدافعة عن حقوق المهاجرين ان الخطة التي طبقت في اوائل عام 2008 لاجبار العمال الاجانب الذين لا يحملون تأشيرات صحيحة على مغادرة ليبيا لم تحقق الكثير وان عمليات الطرد لا تتفق بسهولة مع صورة القذافي كنصير للافارقة. وقال مصطفي الفيتوري وهو محلل سياسي يعمل في طرابلس واستاذ جامعي "ليبيا تتبنى القضية الافريقية منذ بعض الوقت. قلنا للافارقة.. هذا (ليبيا) وطنكم هذه بلادكم وافريقيا غنية. وكان لهذا أثر كالمغناطيس على الافارقة." وجعلت الحكومة اليمينية في ايطاليا من أولوياتها شن حملة على المهاجرين وتأمل في مزيد من التعاون من جانب طرابلس بعد ان وافقت روما العام الماضي على دفع خمسة مليارات دولار تعويضا عما ارتكبته من أفعال خلال فترة استعمارها لليبيا التي استمرت من عام 1911 حتى عام 1943 . لكن ثبت من قبل ان مشكلة الهجرة هي ورقة رابحة في يد طرابلس لا تريد التخلي عنها. وقال زبتية "السيد القذافي ومعه كل الحق لم يحجم عن استخدام الهجرة كورقة تفاوض. من الناحية الاخلاقية هو يشعر ان الهجرة من أفريقيا الى أوروبا هي أقل ما يمكن ان يفعله الغرب مقابل كل السنوات التي استعمر فيها أفريقيا."