لحقوق الجامعيين التونسيين مراد رقية تقدّم الجمهورية التونسية نفسها في المحافل الدولية،ومنذ حصولها على الاستقلال على أنها البلد المبادر والرائد السبّاق في مجال التشريعات الاجتماعية والمجلّات المنظمة والمؤطرة للحقوق المختلفة بدءا بمجلّة الأحوال الشخصية مرورا بمجلة حقوق الطفل وحقوق المعوقين،وصولا الى الصندوق الوطني للتضامن الذي نال اعجاب وثقة المجتمع الدولي مجتمعا من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بانشاء صندوق عديل ورديف هو الصندوق العالمي للتضامن. وطالما أن قطاع التعليم العالي الذي شرف منذ عقود بتوليه من قبل أساتذة وزملاء لنا كان القاسم المشترك بينهم هو الاشتغال بتدريس الحقوق والاجتهاد فيها حصولا على صفة الخبير المحلي،وحتى الخبير الدولي في مجالات فقه القانون الدستوري والاداري خاصة وطالما أن الجامعيين التونسيين الذين كان من المفترض والبديهي أن يمثلوا نخبة وصفوة المجتمع التونسي في بداية الألفية الثالثة أصبحوا دون عناء من جانبهم قطاعا مهمشا ماديا ومهنيا ومعنويا وهم يستعدون خلال سنة2008 للاحتفال بخمسينية انبعاث الجامعة التونسية،ويمكن حوصلة هذه المعاناة في أوجهها الثلاث كالآتي، *التفقير المادي،اذ أصبح الجامعيون على اختلاف رتبهم من صنف الموظفين المهترئة طاقتهم الشرائية،يعيشون على السلفات والقروض الشخصية،ويرتدون الملابس المستعملة المشتراة هي أيضا بأثمان متصاعدة من الأسواق الأسبوعية والمعبّر عنها ب"الفريب"،يحلمون بالحياة الكريمة التي يشاهدون في السلسلات المتلفزة،وبالانفاق على أبنائهم بعد اجتياز امتحان البكالوريا على حسابهم الخاص لعدم التمتع بالمنح لاعتبارهم من الفئات"المحظوظة" غير المستحقة للمساعدة وهو ما زاد في تردي أوضاعهم مقارنة بالأصناف الوظيفية الجامعة في مداخيلها بين الرواتب المجزية والهبات والهدايا وخاصة"الرشوة" التي أصبحت مرض العصر والتي لا يستفيد منها الا الموظفون المتحملون لمسؤوليات رقابية أو تحكيمية؟؟؟ *التهميش المهني،تصرّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا التونسية على مقاطعة النقابة العامة للتعليم العالي،وترفض محاورتها في المسائل المادية والمهنية على السواء،المادية لضمان تفقير وتدجين السلك الجامعي التونسي وجعله يبتلع كل الأفاعي والثعابين المقدمة له،والمهنية لضمان تمرير واسقاط الاصلاحات المفروضة من الدوائر الخارجية مثل "منظومة امد"والذي حاولت اظفاء الشرعية عليه من خلال شراء ولاء وخدمات فريق من الأساتذة"الجهابذة"المتعطشين للسطوة والنفوذ والمجد،المتولين لمهام ادارية داخل اللجان المختلفة"السيادية"،أو المسؤوليات الرقابية بامتياز كالعمادات ونيابات العمادات ومجازاتهم ترقيات ومهام وسفرات مدفوعة الاقامة ومصروف الجيب تطبيقا لمبدأ"اطعم الفم تستحي العين".فيتحمّل هذا الصنف"المتعاون" بامتياز،الذائب في حب الادارة وكسب رضاها،ضامنا التمديد والتأبيد بعد التقاعد تدريساأو مهام رقابية ادارية وشبه علمية من خلال اللجان التي تفشت فيها المحسوبية والزبائنية،وتبادل الخدمات المهتوفة أو المشحونة الكترونيا؟؟؟ *التهميش المعنوي،لقد كان من نتيجة التفقير المادي والتهميش المهني شعور الجامعيين التونسيين بنكبة وغبن حقيقييين أدت الى تراجع مكانتهم مجتمعيا مقارتة بالأصناف الموازية التي تستغل مهامها الرقابية والتحكيمية الابتزازية حصولا على الرفاه المادي ذي المصدر المشبوه والسطوة المضمونة من خلال المسؤوليات المختلفة اضافة الى الامتيازات الوظيفية منحا وسيارات وترقيات معجّلة وهدايا وهبات غير محاسب عليها من مصالح وزارة المالية التي تبالغ في تغريم الجامعيين باخضاعهم الى نسب ضريبية ما أنزل الله بها من سلطان اثقالا لكاهلهم وتسريعا لبلوغ"العدالة الجبائية" غير الموجودة الى يومنا هذا؟؟؟ فأين الجامعيين التونسيين من كل ذلك،لهذا فنحن نطالب من منطلق معاناتنا وحرماننا من حقوقنا المحجور عليها ونحن في سنة الخمسينية،برغم تدريس العديد منا لمادة حقوق الانسان بمختلف الشعب الجامعية، نطالب باصدار مجلة لحقوق الجامعيين التونسيين المحاصرين نقابيا،المفقّرين ماديا،المهمشين مهنيا ووظيفيا،الملاحقين اداريا،المساومين بامتياز على الترقيات من الانتداب وحتى التقاعد الممدد للمتعاونين والمرنين،والمضمون في موعده للنقابيين والرافضين الخنوع وتقبيل الأيادي،والقبول بالأمر الواقع الرديء الكريه،والمفروض بسلطة القانون،برغم تولي شؤوننا من قبل زملاء قانونيين أبلوا البلاء الحسن تدريسا وفقها اجتهاديا،فهل نطمع في تلبية هذا الطلب حتى نلتحق بالشرائح ذات الأولوية ،وان كانت المجلّات كما يعلم الجميع ليست الضامن الوحيد والحقيقي لاحترام الفصول والتراتيب الواردة بها ؟؟؟