باريس:"هل يمكنكم أن تمدوني بالآيات التي تتحدث عن الهجرة؟" هكذا تطلب "ياسمين" ويجيبها مالك ببعض الآيات، ويقول لها إن الهجرة كانت في البداية إلى الحبشة ولم تكن إجبارية، ثم جاءت هجرة المسلمين إلى المدينة وكانت إجبارية. "ولكن ماذا عن الهجرة من فرنسا اليوم؟ -تعقب أخرى- هل هي إجبارية؟".. هكذا بدأت بعض مواقع ساحات الحوار السلفية الفرنسية تطرح تداعيات محتملة بعد قانون مرتقب يمنع البرقع والنقاب بفرنسا. وبينما أجاب الكثيرون عن السؤال بالرغبة "في الهجرة" من فرنسا اعتبر الإمام زهير رزق الله أحد رموز التيار السلفي في فرنسا في لقاء خاص مع شبكة "إسلام أون لاين.نت" أن الذين يقفون وراء إثارة قضية البرقع ربما كانوا يريدون أصلا التقوية من وتيرة الهجرة التي بدأت منذ مدة". طالع أيضا ساركوزي: النقاب استعباد للمرأة
ومثلت منابر الحوار على الإنترنت أحد أبرز المساحات التي يعبر بها شباب التيار السلفي الفرنسي عن همومه وموقفه من قضية إمكانية منع البرقع المثارة حاليا بفرنسا.. فعلى الموقع السلفي الفرنسي "إسلامي.كوم" طرح المكنى "الحارث" سبرا للآراء على زوار الموقع محتواه: "بالنسبة للأخوات بفرنسا ماذا أنتن فاعلات فيما لو صدر قانون يمنع النقاب بفرنسا.. هل تغادرن البلاد؟ أم تنزعن النقاب؟". وبدأت مداخلات كثيرة تعبر عن رغبة في "الهجرة" من البلاد تراود الكثير من شباب وشابات التيار السلفي في فرنسا كعروض العمل التي تطرح هنا وهناك في المواقع مثل عرض عمل في المملكة العربية السعودية طرحه المكنى "سمير"، أو "التفكير في مشروع في الجزائر" تطرحه "رحاب"، وفي صفحة أخرى يطرح أحد المتصفحين خدماته ويقول إنه يوجد في القاهرة حاليا ويمكنه المساعدة على إيجاد شقق للإيجار للإخوة والأخوات الذين يريدون القدوم سواء بغرض "الدراسة" أو بغرض "الهجرة". ومن جهته قال الشيخ زهير رزق الله: "إن الهجرة تمثل أحد الخيارات المتاحة بالنسبة لشباب التيار السلفي بفرنسا". ولفت في حديث مع شبكة "إسلام أون لاين.نت" إلى أن "وتيرة الهجرة بدأت أصلا وبالعشرات في السنوات الماضية بسبب كل هذه التضييقات التي لحقت بالمسلمين، وربما كان أحد أهداف من يريدون سن قانون يمنع النقاب بفرنسا هو التسريع من وتيرة الهجرة". وعن الوجهات التي يتجه إليها سلفيو فرنسا قال رزق الله: "هناك البلدان الأصلية التي لا تمنع النقاب مثل المغرب والجزائر، وهناك بلدان مشرقية أخرى مثل السعودية ومصر وسوريا وغيرها". الأرض الموعودة! وتحت عنوان "مصر الأرض الموعودة للسلفيين" أفردت جريدة ليبراسيون الفرنسية يوم 30-6-2009 تحقيقا عن ظاهرة إقبال السلفيين الفرنسيين على مصر بغرض تعلم العلوم الشرعية واللغة العربية، وقالت الصحفية: إن العديد منهم انتهى بهم المقام بمصر عن طريق الزواج بمصريات أو مصريين. وكان الخبير الفرنسي "ريمون جاليت" قد قدر في بحث له في كتاب "ما هي السلفية؟" الذي صدر هذا العام بفرنسا عدد السلفيين الفرنسيين الموجودين في مصر بحوالي 500 شخص، وهو ما يمثل 10 بالمائة من عدد الجالية الفرنسية بها. وحول وجود بدائل أخرى بخلاف الهجرة يقول رزق الله: "إن التيار السلفي الغالب في فرنسا لا يرى إمكانية إيجاد أي مخارج فقهية مع إمكانية سن قانون يمنع النقاب، وبالتالي فإن البعض سيقبل بالواقع تحت باب المضطر، والبعض الآخر ربما سيهاجر بالرغم مما تطرحه الهجرة من مشاكل كثيرة، وخاصة أنها تتطلب الكثير من التضحيات والأموال التي لا يقدر العديد على تحملها". وشهد الجدل حول البرقع والنقاب بفرنسا تطورا نوعيا على إثر تهديد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي مؤخرا بضرب المصالح الفرنسية، ردا على القرار الفرنسي بتكوين لجنة برلمانية يراد منها حظر النقاب والبرقع في الشارع الفرنسي. وكان نواب ينتمون إلى اليمين الحاكم "التجمع من أجل الحركة الشعبية" وإلى اليسار المعارض في البرلمان "الحزب الاشتراكي" والحزب الشيوعي الفرنسي قدموا مقترح "تكوين لجنة تحقيق حول تطبيقات لبس البرقع والنقاب على التراب الوطني"، ولقي هذا المقترح ترحيب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي اعتبر "أن البرقع غير مرحب به بفرنسا". هادي يحمد إسلام أون لاين.نت