الميناء التجاري برادس محل متابعة من قبل سلطة الإشراف    مدرب الكاميرون: "دربي إفريقي قوي بين الكاميرون وكوت ديفوار سيحسم على جزئيات"    كأس امم افريقيا 2025 :منتخب بنين يفوز على بوتسوانا 1-صفر    محرز الغنوشي: طقس ممطر أثناء مباراة تونس ونيجيريا...هذا فال خير    بُشرى لمرضى الأبطن: 3 مخابز ونقطة بيع في هذه المنطقة    وزارة النقل: شحن الدفعة الأولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين قريبا    كأس أمم إفريقيا 2025: السودان وغينيا الاستوائية في اختبار حاسم لإنعاش آمال التأهل    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    عاجل/ حجز يخوت ودرجات نارية فاخرة: تفاصيل تفكيك وفاق دولي لترويج المخدرات يقوده تونسي..    عاجل/ مسجون على ذمة قضية مالية: هذه الشخصية تقوم باجراءات الصلح..    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية: محرز بوصيان يواصل رئاسة اللجنة    وليد الركراكي: التعادل أمام مالي "محبط"    الرياض تحتضن الدورة 12 للجنة المشتركة التونسية السعودية    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    عاجل/ بعد اعتراف الكيان بأرض الصومال: حماس تصدر هذا البيان وتفجرها..    إيقافات جديدة في فضيحة مراهنات كرة القدم    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    كميات الأمطار المسجّلة خلال ال24 ساعة الماضية    قابس: نجاح جديد بقسم طب العيون بالمستشفى الجامعي بقابس    عاجل/ تنبيه: انقطاع التيار الكهربائي غدا بهذه المناطق..    حصيلة لأهمّ الأحداث الوطنية للثلاثي الثالث من سنة 2025    كرهبتك ''ن.ت''؟ هذا آخر أجل لتسوية الوضعية؟    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    قابس: تقدم مشروع اصلاح أجزاء من الطرقات المرقمة بنسبة 90 بالمائة    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    التشكيلة المحتملة للمنتخب التونسي في مواجهة نيجيريا    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    بعد ليلة البارح: كيفاش بش يكون طقس اليوم؟    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    تنفيذا لقرار قضائي.. إخلاء القصر السياحي بمدنين    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    ألمانيا.. الأمن يطلق النار على مريض بالمستشفى هددهم بمقص    فرنسا.. تفكيك شبكة متخصصة في سرقة الأسلحة والسيارات الفارهة عبر الحدود مع سويسرا    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    نشرة متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..#خبر_عاجل    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    الأحوال الجوية: وضع ولايات تونس الكبرى ونابل وزغوان وسوسة تحت اليقظة البرتقالية    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    السجن المؤبد لصاحب شركة وهمية أغتصب طالبة وقتلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"النظرات الواقعيّة": عبدالحميد العدّاسي
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 11 - 2009

[للأخ عبد الحميد العداسي أقول أخي نحن في حاجة لقراءة واقيعيه لكل مبادرة وبكل هدوء... ماذا تريدون منا أن نبقى ننتظر السراب... ننتظر الجمود... ننتظر السقوط... إننا في حالة موت سريري... عليه لا بد ممن يجد في نفسه القدرة على الفعل والمبادرة فليفعل.. وليذهب اللجوء السياسي للجحيم والله نسأل أن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق... الله نسأل أن تطوى هذه الصفحة الأليمة من حيات كل لاجئ تونسي بعودة قريبة لتونس الحبيبة... ]
فقرة خصّني بها الأخ عبد الجليل السعيدي، أحد الإخوة الأربعة الممضين على "نداء حقّ العودة" في ردّ له على تعليقات المعلّقين (وكنت واحدا منهم) على ذات النّداء...
وقد رددت عليه بما قد يكون كافيا، غير أنّني أردتّ الرّجوع إلى الموضوع من أجل التوقّف عند نقاط أراها مهمّة، وخطيرة لا سيّما في هذا الزّمان الذي دفع الواقع فيه النّاس إلى "القراءات الواقعيّة" المائلة الفاقدة للتوازن... وعندي فرق كبير وبيّن بين النّظر إلى الأمور بواقعيّة من أجل اتّخاذ الأسباب وحسن استعمال الوسائل المتاحة بهدف عدم الوقوع في الأسوإ أو الخلوص إلى الفشل... وبين النّظر إلى الواقع على أنّه شرّ لا بدّ منه وعلى أنّه ممرّ إجباري لا نستطيع اجتنابه أو المرور من غيره أو أنّه – وهو الأسوأ والأكثر شيوعا – المآل المحتوم الذي لا يجتنب إلاّ بالخروج من فضاء ما تحت السماء الدنيا!... نعم قد يكون ذلك كذلك في بعض الوضعيات الشخصية الخاصّة الضيّقة، كأن تجد نفسك عاطلا عن العمل بعد أن كنت بالأمس نشيطا فيُلجئك الواقع كما في بلاد إقامتنا مثلا إلى الدراسة أو حضور بعض الكورسات أو غيرها من الأنشطة التي قد لا تتماشى مع ميولاتك وكفاءتك وتخصّصك، ولكنّ ذلك جزئي بالمقارنة مع ما نتكلّم عنه!... فواقعنا اليوم في تونس وحسب أغلب الذين زاروا والذين اقتربوا منه ولامسوه يقول بأنّه من شبه المستحيل أن يتنازل رأس النّظام عن السلطة، وعن تنفيذ برامجه التي أضرّت كثيرا بالأخلاق التونسية الإسلامية، وهو – وإن مات – سوف يترك من ينوبه ليطمئنه في قبره على ثمار بذوره الفاسدة في تونس، وهذا التوصيف أو هذه القراءة للواقع صحيحة مائة بالمائة وهناك ما يسندها... ولكن!!! أيكون من نتائج حسن قراءة الواقع وفهمه التسليم بالخنوع إلى الظالم والدخول معه في إجراءات تطبيع (مجرّد إجراءات)، قد يكون خطرها على تونس شبيها بخطر التطبيع مع اليهود(*) على غير اليهود...

لست أرفض مشاريع الصلح أو العودة ومقالاتي السابقة دالّة على ذلك لمن أراد الوقوف مع الحقّ، ولكنّي أرفض تسليم نفسي وجعلها قابلة للاستعمال من أجل طمس آثار الظلم والاستمرار فيه وعليه فأكون - لا قدّر الله – ممّن ساهم في قتل مؤمن بشطر كلمة ... والنّظام التونسي يعي جيّدا حرص الجميع على الصلح والمصالحة والعودة... ويعي جيّدا استعداد الجميع لطيّ صفحة الماضي بما فيها من مآس ودماء... ولكنّه لا يريد السعي في ذلك (أي في تحقيق ذلك)، نتيجة خوفه من الصلاح ومن الحريّة ومنّا... فلعلّ صلاح التونسيين يفقده محبّة التونسيين الذين إنّما "أحبّوه" في العصا الغليظة وفي الرشوة الساحقة وفي الاختطاف والسجن وفي النفي والتغريب وفي السطو والتجويع والمراقبة وفي القتل والتقتيل... ولعلّ صلاح التونسيين يبطل الكثير من القوانين الجائرة التي سنّها لمّا رأى تونس قد امتلأت بشخصه وزوجه وولده وأصهاره وزبانيته وفسّاقه... ولعلّ صلاح التونسيين يجعل بعض صداقاته تتأثّر فتتراجع لغة هنا وثقافة هناك وديانة هنا وتديّن هناك ومشاريع هنا وأرباح هناك وفضائيات هنا وإذاعات هناك!...
وإنّي إذ أرى أنّ عودة رئيس البلاد عن الظلم واردة وممكنة وقد يجعلها الله سبحانه وتعالى – إن أراد به خيرا ورحمة - قريبة، فأحسب أنّ مؤشّر ذلك سوف يتّضح من خلال تصرّفاته مع أهلنا في الدّاخل!...
والذين يتكلّمون عن الخمول وعن الجمود الذي باشرنا حتّى أردانا ميّتين موتا سريريا – كما أشار إلى ذلك الأخ عبدالمجيد السعيدي - لا يمكنهم التغافل عمّا يقع في البلاد – وإن على المستوي النخبوي – من حراك لافت، أجبر الآلة الحاكمة على ردّ الفعل أكثر من مرّة سواء لدى الهيئات أو حتّى عبر الإنترنيت الذي يجرّمون مريديه... وعليه فليس قلّة الحركة هي ما ينقص المشهد في تونس، ولكنّ الذي ينقصه بالأساس هو عدم جهوزية النّظام الحاكم إلى الاقتناع بأهمّية المصلحة العامّة للبلاد... ولسنا (نحن المغتربين) بأكثر من الذين هم في الدّاخل ولا بأهمّ منهم حتّى يُسمع لنا أو يتفطّن لحركتنا المرجو القيام بها ولا يُسمع لهم أو يتفطّن لحركتهم!.. وإن حصل ذلك من النّظام الحاكم فأبان من نفسه استعدادا للتحاور معنا ولاستقبالنا والسماح لنا بالكتابة في بعض الدوريات الموالية أو المعارضة له، فإنّما هي عندي مناورة خبيثة تتآلف مع المناورات التي يُجريها مجرمو الاحتلال والحرب في فلسطين والعراق وأفغانستان!.. وأربأ بنفسي وبإخوتي (وإن اختلفنا في الرّأي) أن نشارك في تلك المناورة فنكون قد لبسنا لبوس الكارازايات وآباء الأمازن في دنيا الخزي والعار!...
أرى أنّ المعادلة سهلة الفهم: الانفراج داخل البلاد يعني صلاح حال الحاكم، وصلاح حال الحاكم يعني بالضرورة اقترابه من المحكوم واقتراب المحكوم منه، فإنّما نفرنا منه لفساده ولسواد صنائعه... والانفراج لا يعني مجرّد الإفراج عن مساجين سجنوا ظلما أو السماح لموقع افتراضي بالعمل أو رفع نسبة "المعارضة" في البرلمان إلى نسبة مائوية يقرّرها كاره المعارضة!... لا ليس ذلك كذلك، وإنّما هو إحساس التونسي بأنّه قد صار إنسانا حرّا مسؤولا معتزّا بانتمائه لبلده لا يخاف إلاّ من الله سبحانه وتعالى... وأمّا إطلاق سراح المساجين وغيرها من الأعمال المرغّبة أو المطمّعة في أيّام من السنة دون أخرى فإنّما هي أعمال لا يُثني عليها إلاّ فاقدُ إحساس أو منعدمُ مسؤولية، إذ كيف نثني على ظالم علِمنا من ديننا أنّه لن تتحقّق توبته إلاّ بأربع ثلاث منها معلومة مع الله سبحانه وتعالى ورابعة معلومة كذلك وهي مع مَن ظلم، وتتمثّل في إرجاع كلّ الحقوق والاعتذار بنيّة طلب العفو... ووالله لن يقدر الظالم – مهما بذل - على ردّ الحقوق إلاّ بعفو صاحب الحقّ!... ولقد عجبت هنا لنداء الإخوة – حفظهم الله – كيف يتكلّمون عن عفو خاص يترجّونه من سيادة الرّئيس!... سبحان الله العظيم!...
أقول: لعلّها "النظرة الواقعيّة" المتأنّية كما تمّ تنبيهي!.. ولكنّي أنبّه من ناحيّتي إلى أنّ في فلسطين تجربتين كلتيهما واقعيّة، فلننظر منهما ما يناسبنا ثمّ لنلتحق بأبي العبد أم بأبي مازن، وإنّي لأنصح باتّباع أبي العبد..، فقد تعوّدنا في تونس على الجوع من خلال إضرابات الجوع!... أريد أن أقول بأنّه ليس من الضروري أن يكون الصامت جامدا والصاخب صاحب المبادرات متحرّكا... وأريد أن أقول كذلك بأنّي لست ضدّ المبادرات ولكنّي ضدّ انقلابها - بشكل من الأشكال - خادمة للظلم!... وأختم بالتنبيه إلى وجوب احترام الأولوات: ليكن خير النّظام مع المعسر قبل الموسر ومع القريب قبل البعيد، فإنّ الخير مع المعسر صدقة ومع القريب صلة وصدقة، وهو مع الموسر مجاملة ونفاق ومصلحة واستدراج رخيص، ومع البعيد - دون القريب طبعا – سفه وعقوق!...(**) أسأل الله صلاح أمورنا...
(*): كنت أجتنب استعمال لفظ اليهود درءا لسوء فهم قد يحصل هنا أو هناك وكنت أستعمل للغرض لفظ الصهاينة أو أعداء الإنسانية، غير أنّ الصهاينة أوضحوا أنّهم يهود!...
(**): المعسر القريب: هم أهلنا في الدّاخل، فإنّهم يعانون أضعاف ما نعاني رغم بعدنا عن الأهل، وأحسب أنّ جني ثمرة ما والاستئثار بها دونهم لهو من أحطّ الأعمال وأسقطها... ولكن هم ثمّ نحن!...
عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.