رام الله :خاض الفلسطينيون معركة ديبلوماسية ضارية مع اسرائيل في الحلبة الأوروبية في شأن مشروع القرار السويدي الخاص بالقدسالشرقية، لكن خلافات واضحة ظهرت بين قادة السلطة على نتائج المعركة المتمثلة في البيان الختامي لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي. ففيما اعتبره الرئيس محمود عباس «مبهماً»، وهاجم مساعده الطيب عبد الرحيم الموقف الفرنسي منه، اعتبره رئيس الحكومة الدكتور سلام فياض «انتصاراً للحق الفلسطيني». ويعزو مراقبون التناقض الظاهر في الموقف الفلسطيني من القرار الى عاملين، اولهما عدم الرضى عن التراجع الأوروبي عن الصيغة السويدية للقرار والتي تحدد القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية، وهو ما حدث نتيجة ضغط اسرائيلي هائل على دول الاتحاد، وثانيهما ضعف الاتصال والتنسيق الداخلي في المؤسسة السياسية الفلسطينية قبل المعركة وأثناءها وبعدها. وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي دعوا الأسبوع الماضي، بعد مداولات واسعة، إلى «اقتسام القدس» وجعلها عاصمة للدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، في إطار اتفاق سلام. وقال بيان وزراء الخارجية الأوروبيين إن الاتحاد «لن يعترف بأي تغييرات على الحدود السابقة لعام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، غير تلك التي تتفق عليها الأطراف ... وهو لم يعترف يوماً بضم القدسالشرقية». وفي تعقيب له على القرار، قال عباس ان صيغة القرار «مبهمة ولا تصل إلى مستوى المسودة التي اقترحتها السويد» والتي تدعو الى اعتبار القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المقبلة. واعتبر القرار الأوروبي تراجعاً عن المواقف القديمة لأوروبا من القدس، موضحاً: «المشروع السويدي كان جيداً كونه واضحاً في شكل لا لبس فيه في شأن مسألة القدسالشرقية، ثم جاءت الصيغة الأخيرة مبهمة. ومع الأسف بعض مواقف الدول الأوروبية ليست بمستوى المواقف الأوروبية السابقة في الثمانينات والتسعينات». وانتقد مساعد عباس موقف وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير من القرار، وقال الأمين العام للرئاسة الطيب عبد الرحيم في بيان له: «ننتقد موقف كوشنير في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في شأن القدس، ونعتبر هذا الموقف يتناقض مع موقف الرئيس نيكولا ساركوزي الذي أعلنه مراراً، وهو أن القدسالشرقية جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967». وأضاف: «هذا الموقف لكوشنير لاقى استياء من الشعب الفلسطيني على رغم أن الشعب الفلسطيني وقيادته يكنون احتراماً كبيراً للشعب الفرنسي وللرئيس ساركوزي وللسياسة الفرنسية تجاه الشرق الأوسط». ويقول مسؤولون فلسطينيون ان السلطة الفلسطينية خاضت واحدة من أصعب المعارك الديبلوماسية مع اسرائيل في أروقة اجتماعات مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، وإنها حصلت على الصيغة النهائية للقرار بصعوبة قاهرة. وقال مسؤولون ان فياض تفرغ بصورة شبه كاملة في الأيام العشرة الأخيرة قبل صدور القرار لإدارة المعركة مع اسرائيل في الميدان الأوروبي. وأوضح احد المسؤولين ان فياض كان يجري اتصالات على مدار الساعة مع وزراء خارجية اوروبيين، وأنه وقف معهم على كل كلمة في البيان قبل صدوره، وأن الصيغة النهائية للبيان كانت اقصى ما يمكنه الحصول عليه في ضوء الهجمة الديبلوماسية الإسرائيلية الضارية. وقال فياض امس للصحافين في لقاء في مكتبه في رام الله ان اسرائيل خاضت «حرباً» في الأيام العشرة الأخيرة التي سبقت صدور القرار بهدف «اخراج البيان عن مضمونه». لكن فياض قال ان هناك اربع اشارت جغرافية وسياسية للقدس في القرار. وأضاف: «ما هو وارد في مواقع مختلفة في البيان الأوروبي يعادل، من حيث المضمون، النص السويدي، اذ تضمن البيان اربع اشارات جغرافية للقدس، فأولاً الفقرة الثامنة من البيان اوردت اللغة التي استخدمها ساركوزي في خطابه امام الكنيست، وثانياً تم التأكيد على عدم الإقرار بشرعية قرار اسرائيل ضم القدسالشرقية، وثالثاً الإشارة الواضحة في الفقرة الثانية من القرار التي تتحدث عن انطباق مفهوم حدود عام 1967 على القدس، ورابعاً البند العاشر الذي يتحدث عن الضفة الغربية، بما فيها القدسالشرقية». ووصف التعبير الوارد في البيان الأوروبي بأنه «غير مسبوق جماعياً»، مشيراً الى انه يجمع المواقف المؤيدة للفلسطينيين وتلك المنحازة لإسرائيل. وأضاف: «اذا ما أخذنا هذه الإشارات الجغرافية والسياسية سوية فأعتقد انه يكون في ايدينا شيء يوازي من ناحية عملية القول إن القدسالشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية». وأشار الى نقاط ايجابية اخرى في البيان منها تأكيده ضرورة وقف الاستيطان وإعادة فتح مؤسسات القدس والتنديد بالممارسات التمييزية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في القدس. الحياة محمد يونس