أخبار من إسرائيل تمر بلا تعليقات تدعو للحيرة وتثير الفضول وتحث على المتابعة، ظللتُ أستقصي الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية والتي لا تحظى بعناية المستمعين والمتابعين. مع العلم بأن الجماهيرفي الألفية الثالثة ستظلّ أسيرة ما تصبه وسائل الإعلام في آذاننا ، بعد أن أحكمت هذه الوسائل قبضتها على خناقنا، فأرغمت كل الأخبار أن تمر عبر فوهات عدسات تصويرها، وتتلى عبر شفاه جيوش المذيعين والمذيعات في كل أنحاء العالم ! ظللتُ أحاول أن ألتقط الأخبار التي تُذاعُ عرضا ثم تختفي كلمح البصر في المواقع الإلكترونية، وللأسف فإن هذه الأخبار مهمة من وجهة نظري، وربما تفوق أهميتها أهمية الأخبار المشهورة والمنشورة والتي تحظى بالتعليقات والمتابعات . من هذه الأخبار خبر قديم ورد تعليقا على هجوم رئيس وزراء تركيا الطيب رجب أردوغان على إسرائيل وجرائمها البشعة في أعقاب حملة الرصاص المصبوب على غزة نهاية 2008 ، بعد أن اتهم أردوغان إسرائيل بارتكاب مجازر في غزة أمام رئيس الدولة شمعون بيرس في دافوس . فانبرت الصحف الإسرائيلية للرد على أقوال أردوغان ولم أستغرب مناشدة الصحف الإسرائيلية لليهود الأتراك بالهجرة إلى إسرائيل بسبب تنامي ظاهرة اللاسامية فيها ، فأنا أعرف بأن إسرائيل نجحت خلال تاريخها الطويل في الاستفادة من الأحداث، وتحويل الأحداث الفردية في دول العالم إلى رصيدٍ من المهاجرين إلى إسرائيل. ولم أستغرب دعوة الصحف الإسرائيلية إلى مقاطعة البضائع التركية ولا سيما المكسرات كالقهوة والجوز واللوز والبندق ، ولم يُثر انتباهي فتح ملف تركيا التاريخي، ملف القمع التركي للأرمن والأكراد الذي أوردته معظم الصحف الإسرائيلية وناقشه كتًّابٌ كثيرون في سيمفونية موضوعة حسب النوته ، يقودها مايسترو إسرائيلي كبير. ولكن الخبر الذي ورد في يدعوت يوم 15/2/2009 وهارتس 2/3/2009 هو الخبر الذي استوقفني وكان الخبر: " إسرائيل لن تسمح بعد اليوم لتركيا بالاشتراك في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط " !! أما الخبر الثاني المشابه للخبر الأول هو أيضا يماثله ، جاء في معرض تهديد دولة (السويد) التي لم تُذعن لطلب إسرائيل بإدانة الصحفي دونالد بوستروم الذي نشر في صحيفة أفتون بلادت تحقيقا عن سرقة الجنود الإسرائيليين لأعضاء بشرية من القتلى الفلسطينيين ! وكذا الحال فإنني لم أستغرب دعوات الصحف الإسرائيلية إلى اليهود المقيمين في السويد بالهجرة منها لتنامي ظاهرة العداء للسامية ، ولا لطلب الصحف والمعلقين بمقاطعة شركتي أكيا وفولفو السويديتين في إسرائيل ، ولا لفتح ملف الدعم السويدي لمنظمات إرهابية ، فتلك كانت عندي أخبارٌ عادية جدا . ولكنني أيضا توقفت عند دعوة صحيفة الجورسلم بوست يوم 20/8/2009 بأن السويد غير مرحب بها للانضمام إلى مفاوضي السلام في الشرق الأوسط !! وأحدث خبر مسكوت عنه أوردته الإذاعة الإسرائيلية يوم 18/12/2009 وجاء الخبر بعد مذكرة الاعتقال التي قدمتها محكمة بريطانية ضد الوزيرة تسفي ليفني تتهمها بارتكاب مجازر حرب في غزة ، ثم عقب خبر دعوة منظمات بريطانية بمقاطعة استيراد بضائع المستوطنات ، أعلنت الإذاعة الإسرائيلية بأن وزارة الخارجية هددت بريطانيا إذا لم يلغَ قرار المحكمة بأنها غير مرحب بها أيضا في مفاوضات السلام الإسرائيلية العربية والفلسطينية !! أليس هذا الأمرُ غريبا؟ فالمنطق السليم يقول : إن التهديد بعدم المشاركة في مفاوضات السلام كان يجب أن يأتي من (الوسطاء) لا من طرفي النزاع؟ ! فلماذا إذن يأتي التهديد من إسرائيل ، وهي دولة – من المفروض – أن تكون مستفيدة من الوساطة؟ تُرى ما السرُّ الكامنُ وراء هذا التهديد ؟ سؤالٌ أطرحه على المختصين من السياسيين والمعلقين والمعقبين والخبراء ونجوم الفضائيات، ومن في حكمهم ! سأكتفي هنا بطرح بعض الأسئلة التقريرية لعلها تفيد في الموضوع : هل تعتبر إسرائيلُ المفاوضات مهرجانا احتفاليا ، ومناسبة (رياضية) تهدف لعرض عضلات المشاركين والوسطاء فقط بدون أن يكون الناتج عمليا وفق القول : أسمع جعجعة ولا أرى طحنا ؟! أم أن إسرائيل تعلم بأن في مفاوضات السلام أرباحا اقتصادية وتجارية ؟! أم أن المشاركين في المفاوضات يمكنهم استعادة نفوذهم ( الانتدابي) في صورة استعمارٍ جديد ، عندما يقومون بكفالة اليتيم الفلسطيني والعربي ، ويوسعون نفوذ إمبراطورياتهم بتقاسم لحوم الضعفاء ؟! أم أن المقاولات الإعلامية والبريستيجية التي تصاحب مؤتمرات السلام ، هي أساس هذه المؤتمرات ، ولا علاقة للمشاركين بجوهر هذه المناسبات ؟! أم أن إسرائيل تدرك بأن للتاريخ نفوذا قويا ، وسوف يسجل التاريخُ الدول المشاركة وأسماء وفود الدول ، وحيث أن أولى أبجديات المفاوضات أن يتفق الطرفان على الوسيط ، لذا فإن إسرائيل تستخدم حقها الشرعي والقانوني في انتقاء شركاء المفاوضات التاريخيين ؟ !!