معتمد باردو ينفي عدة معلومات بخصوص القطار الذي يمُرّ بالمدينة    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس تشارك في معرض الجزائر الدولي    وزارة التعليم العالي تطلق الدفعة الأولى لمجمّعات البحث في نسختها الأولى    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    بداية من الثلاثاء المقبل: تقلبات جوية وانخفاض في درجات الحرارة    تالة القصرين : الإحتفاظ بمروجي مخدرات وحجز قطع مختلفة الأحجام من مخدر القنب الهندي.    وفاة 14 شخصا جرّاء فيضانات في أندونيسيا    اخصائيون في علم النفس يحذرون من "مدربي التنمية البشرية"    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    تمّ التحوّز عليه منذ حوالي 8 سنوات: إخلاء مقر المركب الشبابي بالمرسى    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    المدرسة الابتدائية 2 مارس 34 بالسرس: يوم تحسيسي تثقيفي حول داء الكلب    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: لجنة الاستئناف تسقط قائمتي التلمساني وبن تقية    نابل: انتشار سوس النخيل.. عضو المجلس المحلي للتنمية يحذر    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات نهاية الأسبوع    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    كأس الكاف: تونسي ضمن طاقم تحكيم مواجهة نهضة بركان المغربي والزمالك المصري    استثمارات بقرابة 2 مليار دينار طيلة الربع الأول من العام الحالي    جندوبة: احداث لجنة جهوية لمتابعة سير موسم الحصاد وتجميع الحبوب    عاجل/ تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة    «لارتيستو» الممثل صابر الوسلاتي ل«الشروق» «رقوج» رسالة في مواصفات الممثل الحقيقي !    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    القصرين: حجز بضاعة محلّ سرقة من داخل مؤسسة صناعية    عاجل/ القبض على شاب شوّه وجه عضو مجلس محلي بهذه الحهة    هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    تونس تعول على مواردها الذاتية.. تراجع الاقتراض الخارجي بنحو الثلث    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    وفاة أحد أهم شعراء السعودية    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    دولة أوروبية تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية خطيرة    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغلب مفكرينا العلمانيين الذين يتصورون أنفسهم ثوارا على الدين غارقون في اللاهوت
نشر في الفجر نيوز يوم 04 - 01 - 2010


أبو يعرب المرزوقي
في سياق البحث عن علم كلام إسلامي جديد، أو سياق تجديد علم الكلام الإسلامي نفسه، أو البحث له عن بديل، على نحو ما نجد في إجتهادات أساتذة متميزين، مثل: الدكتور طه عبد الرحمن، والدكتور أبي يعرب المرزوقي (أولهما مغربي والثاني تونسي) يأتي هذان الدرسان الافتتاحيان من دروس الدكتور المرزوقي في فلسفة الدين.
ونحن ننشرهما هنا هنا لأهميتهما من جهة، ونشدانا لاستثارة العقول من جهه أخرى.
الفرق بين فلسفة الدين ودين الفلسفة
الدرس الأول أحاول أن أوضح المسألتين التاليتين تحليلا لدلالات التصورات وتمهيدا للشروع في علاج ما استعوص من القضايا التي يقتحمها المتكلمون فيفسدون الدين والفلسفة في آن، إما بسبب عجلة التحليل أو بسبب الإغراق في التأويل «1» مع فقدانهم للأدوات المنهجيه والقصد المعرفي بسبب التوظيف الإيديولوجي:
مسألة العلاقة بين فلسفة الدين والدين الفلسفي «2».
مسألة العلاقة بين فلسفة الدين والفلسفة الدينية «3».
المسألة الأولى: العلاقة بين فلسفة الدين والدين الفلسفي
رغم أن فلسفة الدين من حيث هي فرع من فروع البحث الفلسفي تفترض ضمنا أو صراحة دينا فلسفيا معينا، فإنها تختلف تمام الاختلاف عنه، فهو أحد فروع موضوعها وليس هو إياها.
ذلك أن فلسفة الدين تبحث الأديان كلها بما فيها الأديان الفلسفية التي تكون عادة من مباحث ذروة الميتافيزيقا، لذلك فقد عدها فلاسفتنا جزءا مما يسمونه الإلهيات.
ولعلنا نجد في مقالة اللام «4» من ميتافيزيقا أرسطو أو في المقالة العاشرة «5» من كتاب أفلاطون في الشرائع نموذجين تعامل معهما فكرنا في تجربة التفلسف الأولى من تاريخ فكرنا الفلسفي والديني. فلا يكون الدين الفلسفي إلا أصل المنظور الذي يقول به صاحب البحث في فلسفة الدين إذا كان فيلسوفا. لكنه غير فلسفة الدين التي هي أحد فروع البحث الفلسفي أحد فروعه الذي من المفروض أن يكون ما بعدا لعلم موضوعه أعني علم الأديان الوصفي والوضعي والتاريخي.
لكن هذا الدين الفلسفي غالبا ما يكون في نفس الوقت المنظور الذي ينظر به الفيلسوف لفلسفة الدين والغاية التي يعتبر الظاهرة الدينية متجهة إليها في نشوئيتها التكوينية إذا كان يقول ما يشبه التطور الطبيعي للوعي الديني عند الجنس البشري كما يمكن أن نمثل لذلك بفلسفة الميثولوجيا والدين عند شيلنج «6» أو بفلسفة تطور الفكر الديني عند هيجل «7» أو بالردود عليهما بما يشبه أديان الحياه الطبعانيه «8» أو التاريخانيه «9» أو بمحاولات تأسيس ما يشبه الوجوديه الإيمانيه «10» أو الإلحاديه «11». فلكل فيلسوف دين فلسفي صراحة أو ضمنا «12». لكن القليل منهم اهتم بفروع الدراسات الدينية بمقدار يضاهي الفروع الأخرى من اهتماماته «13»، فضلا عن أن ذلك يرد في الغالب في شكل نقد للمعتقدات الشعبية أو في محاولات تفسير نظرية النبوة كما هو الشأن عند جل فلاسفتنا. وأغلب مفكرينا العلمانيين الذين يتكلمون في هذه المسائل يجهلون جوهرها الديني فيتصورون أنفسهم ثوارا على الدين في حين أنهم غارقون في علم الكلام المسيحي إلى الأذقان !
ويمكن القول إن ازدياد الاهتمام بهذا الفرع من البحث الفلسفي قد نتج عن ظاهرتين تاريخيتين متماثلتين من حيث الوظيفة التي أدتاها في تاريخ البشرية الفعلي وفي تاريخ وعيها التاريخي من حيث صلته بالدين والفلسفة أو بالوحي والعقل رغم اختلاف الظرف (ظرف الحضارة العربية الإسلامية وظرف الحضارة الاثينية المسيحية) والنتائج (فشل التجربة الإسلامية بسبب الإنحراف الكلامي الذي أفسد فعليها الجوهريين المشروطين في فلسفة دينها النظرية عقيدة دينية وعلما بالعالم، وفي فلسفته العملية شريعة دينية وعلما بالتاريخ قصدت الاجتهاد أو التواصي بالحق والجهاد أو التواصي بالصبر ونجاح التجربة المسيحية في كلا الأمرين).
وقد حدثت كلتا الظاهرتين في الميدان الحرام بين طرفي للصراع قصدت بين القول الفلسفي والقول الديني خلال الجدل الدائر بين ضربي الدين الطبيعي والدين المنزل الجدل الذي آل اليه ضرورة تطور كلا القولين الديني والفلسفي في موطن الأديان والفلسفات القديمة، حيث تلتقي القارات الأقدم الثلاث (آسيا وأفريقيا وأوروبا) أو الحوض الشرقي من البحر الأبيض المتوسط بين اليونان وإيطاليا شمالا والشام والمغرب الأدنى غربا.
المسأله الثانية: العلاقة بين فلسفة الدين والفلسفة الدينية
يصعب أن ينكر أحد إمكان الكلام على الفلسفة الدينية لأي دين منزل، فنقول فلسفة الإسلام الدينية أو فلسفة المسيحية الدينية...إلخ.
قاصدين بذلك منظور الدين المعني كما يتعين في منظومة المقومات التي يتألف منها نسق عقائده والتي يختلف بها دين عن دين، لكن ذلك لا ينفي وجود مقومات مشتركة بين الأديان وإلا لما انتسبت إلى جنس الدين من أجناس المنظومات الرمزيه ذات المضمون العلمي أو النظري المنظومات المندمجة التي يخضع لها الوجود الإنساني بصوره كلية. لذلك ففلسفة الدين غير والفلسفة الدينية غير. فتكون الفلسفة الدينية على الأقل جنسا مؤلفا من نوعين قبل ختم الفصل بينهما ببيان وحدتهما الجوهرية في الإسلام:
الفلسفة الدينية التي تستمد من الجهد الفكري الطبيعي أو الفلسفة الدينية التي يمكن استمدادها من الأديان غير المنزلة. ثم الفلسفة الدينية التي تستمد من الوحي الذي يمكن مقارنة علاقته بالنوع الأول بعلاقة العبقرية في الإبداع الفني عامة والأدبي خاصة علاقتها بالصنعة الفنية.
وتختلف هذه المقابلة عن مقابلة تشبهها دون أن تكون إياها. إنها المقابلة بين علم الكلام العقلي
Rational theology وعلم الكلام النقلي Textual or historical theology . فعلم الكلام بصنفيه يمكن أن يكون فرعا من الدين الفلسفي (علم كلام عقلي أو علم كلام تاريخي، وهما مصدر كل المعارف الفلسفية والوضعية للظاهرات الدينية) أو فرعا من الدين المنزل (علم كلام عقلي أو علم كلام نقلي، وهما مصدر كل المعارف النقليه المجردة والتاريخية للظاهرات الدينية). فقد يكون علم الكلام منتسبا إما إلى فلسفة الدين العقلي الدينية، وعنها تفرعت البحوث الوضعية في تاريخ الأديان وعلم اجتماعها وعلم نفسها وعلم مقارنتها. وقد يكون منتسبا إلى فلسفة الدين المنزل الدينية وعنه تفرع الجدل الديني بين النحل داخل نفس الملة أو بين الملل اشرئبابا سلبيا إلى الدين الكلي الذي تكون الملل بالنسبة إليه في نسبة النحل إلى الملة الواحدة «14»: وذلك هو مضمون القصص والجدل القرآنيين اللذين يعتبران كل الرسالات واحدة من حيث هي دين رغم تعددها من حيث هي شرائع. ولا أحد ينكر التجانس الموجود بين هذين الضربين من القول وما ينتج عن التقابل المنهجي بينهما في دراسة الظاهرات الدينية في وجودها الموضوعي (ممارسات ومؤسسات ونصوص ومشاعر) وفي وجودها الذاتي في ضمائر المؤمنين بها ومحاولة فهم التجارب الروحية المرتبطة بها، وما أدى إليه هذا التجانس من جدل حول المنهج التحليلي الوضعي والمنهج التأويلي التأملي في دراسة النصوص والظاهرات التاريخية عامة والنصوص المقدسة وتاريخ الأديان خاصة «15»، ودور ذلك في نشأة ما يسمى بعلوم الروح أو العلوم الإنسانية في بداية القرن السابق.
هوامش لا بد منها:
«1» لا بد هنا من إبراز السر في نهي القرآن الكريم عن التأويل. فاستقراء آيات القرآن المتعلقة بالتأويل تجعله علاجا لضربين من الموضوعات هي تعبير الأحلام (سورة يوسف) وتفسير السلوك غير المفهوم (رد العبد الصالح على موسى في سورة الكهف).
وقد يعترض بالآيات المتعلقة بتأويل الأحاديث المنسوبة إلى يوسف عليه السلام لجعل التأويل منسحبا على موضوع ثالث، لكن الأحاديث هنا هي قص صاحب الحلم لحلمه، ومن ثم فهذا النوع الثالث هو عينه النوع الأول، ويمكن أيضا اعتباره جامعا للنوعين، لأن حكاية الحلم سلوك من الحالم، بل هو تأويل أول للحلم الذي ينتقل عند صاحبيه من حال معيشه في النوم إلى قصة محكية في اليقظة. وإذن فكل ما ورد في قصة يوسف يجعل الأحاديث التي أولها من الجنس الأول ولها علاقة لها بالجنس الثاني. ولما كانت قصة يوسف قد استثنت قدرته على تأويل رؤياه بدليل طلبه من أبيه في بداية القصة وشهادته بحصول التأويل بمعنى الحصول المحقق للرؤية في غلبتها، فإن اعتبارنا حكاية أصحاب الأحلام لأحلامهم بات أمرا مشروعا.
ولنشرح الآن علة النكير على التأويل في القرآن الكريم. لما كان التأويل الذي يتجاوز التفسير ذا معنيين أقواهما هو تحقق الغيب المقصود في المتشابه الذي نهى عن تأويله وتعبير الأحاديث المترجمة للأحداث الرمزية الجارية في الأحلام بات من الواجب النهي عن تأويل القرآن. فهو بيان وليس أحاديث أحلام، ومن ثم فهو غني عن التأويل بهذا المعنى الأول. لذلك فكل الذين مالوا إلى التأويل أضمروا أن القرآن أحاديث للمخيال من جنس الأحلام. لذلك فهو عندهم أحاديث تقتضي التأويل الناقل من ظاهر الأحاديث إلى باطنها مثلما يحصل في تعبير الأحلام.
أما التأويل بالمعنى الثاني فهو ممتنع لعلتين: أولا لأن الغيب محجوب، وتلك هي علة ورود الكلام فيه متشابها، وثانيا لأن تحقق الغيب في الأعيان لا يمكن أن يكون إلا بقدرة الله نفسه. لذلك فهو منهي عنه بالمعنى الثاني. لم يبق إلا التفسير. وقد ورد في القرآن الكريم مفهوم التفسير مرة واحدة وبالذات في سورة اسمها دال على معناه. إنها الآية 33 من الفرقان : «ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا». فالمقابلة هي بين المثل أو التعبير الرمزي على الحقيقة الدينية وبين الحق الذي هو أحسن تفسيرا من كل الأمثال.
وبذلك فالآية تؤيد ما ذهبنا إليه في تعليل النكير على التأويل، الحق المفسر أحسن تفسير مغن عن التأويل بالمعنى الأول. وهو يعلمنا أن المعنى الثاني فوق طاقة البشر : لا يعلم الغييب إلا الله ولا يحققه في الأعيان إلا المنان.
«2» الإضافة ينبغي أخذها من منظور فاعلية المضاف إليه أو انفعاليته. ففلسفة الدين عندما يكون المضاف إليه هو الفاعل هي تفلسفه، وعندما يكون هو المنفعل هي التفلسف فيه. فيكون القصد في الحالة الأولى نظرة المضاف إليه أو منظوره الفلسفي، أما بالمعنى الثاني فالقصد هو كونه موضوعا للفكر الفلسفي. من هنا تأتي ضرورة التمييز بين الأمرين.
«3» نفس الملاحظة بالنسبة إلى فلسفة الدين والدين الفلسفي. فبمعنى الإضافة الفعلية يكون تفلسف دين من الأديان غير الدين الفلسفي. ذلك أن الدين الفلسفي هو الدين الذي تقول به فلسفة من الفلسفات، في حين أن فلسفة الدين بمعنى تفلسف أحد الأديان هي منظوره للأشياء من حيث يكون هذا المنظور نسقا عقليا يصح وصفه بالفلسفي.
«4» انظر المقالة الثانية عشرة من كتاب أرسطو في ما بعد الطبيعة.
«5» انظر المقالة العاشرة من كتاب الشرائع أو النواميس لأفلاطون. ففيها يعالج أفلاطون المقابلة بين النظرة الطبعانية أو الدهرية والنظرة الإلهية لكأن المقالة علم كلام بالمعنى المتعارف في الحضارات الكتابية، ولكن من منطلق عقلي خالص ودون احتجاج بنص معين.
«6» انظر دروس شلينج في المثيولوجيا، حيث يتوحد الدين الطبيعي والدين المنزل في التوحيد المتدرج بين اللاهوتي والناسوتي ليكون الدين المسيحي غاية التجلي
Die offenbarung التي تمثل المسيحية غايتها، فتكون هي الدين الخاتم.
«7» انظر محاضرات هيجل في فلسفة الدين، وفيها يكون الدين المسيحي الدين الخاتم لاكتمال يعقبه التجلي التام للعلم المطلق، وما سنحلله من المنظور الإسلامي لنبين أنه عين التحريف الوجودي (وحدة الطبيعة بين الإله والمألوه) والتحريف القيمي (الإنسان مقياس كل شيء) الذي اكتمل في العولمة.
«8» قلب نيتشه للقيم ليس نفيا للدين، بل هو استعاضة عن الأفلاطونية بنقيضها، ومن ثم فهو دين طبعاني معبوده الأول والأخير هو إرادة القوة الحيوية. وهذا لا يختلف كثيرا عن قلب المسيحية أو بصورة أدق عن بيان جوهرها الحقيقي. فإذا كان الله يحل في الإنسان، فالإنسان الذي حل في الإله يصبح هو الإله، ومن ثم فلا معبود سواه. ولما كان ما في الإنسان من قوة مريدة هو اللامعقول الحيوي، فإن الأمر يصبح أوضح مما يحتاج إلى مزيد تحليل. ولهذا الموقف علاقة وطيدة بنظريات شيلنج رغم ما يبدو من تعارض بينه وبين أساتذة نيتشه (شوبنهاور). ففلسفة الحياه واللاوعي من العناصر الأساسية في فكر شيلنج الذي بنى فكره كله على مفهوم الحياة بما هي عين الإله المحقق لذاته في التاريخ مرورا متدرجا من اللاوعي إلى الوعي بمنطق يمكن وصفه بمقولة نيتشويه بكونه بمعزل عن الخير والشر.
«9» التاريخانية لا يمكن أن تفهم إلا كهيجلية محدثة. ذلك أن نسبتها في العلوم الإنسانية إلى الهيجلية هي نسبة مدرسه ماربور في العلوم الطبيعية إلى الكنطية. هذه كنطية محدثة وتلك هيجلية محدثة. ولعل تاريخ الفكر الغربي لم يتحدد بهما كحدين متقابلين بل بتبادلهما التأثير؛ فمعضلات الهيجلية المحدثة معروضه على حلول الكنطية المحدثة هي التي يمكن أن نعتبرها مصدر إشكالية مايسمى بخصوصه المنهج
Der methodenstreit، ومعضلات الكنطية المحدثة معروضه على حلول الهيجلية المحدثة هي التي يمكن أن نعتبرها مصدر إشكالية ما يسمى بالمنهج الفينومينولوجي أولا والمنهج التأويلي أخيرا. والجامع بين الحدين والتأثيرين المتبادلين هو محاولات إعادة بناء تاريخ الفكر الغربي في فلسفة هيدجر، خاصة بالاعتماد على الفلسفتين الكنطية والهيجلية اعتمادا يتجاوزهما إلى ما تقدم عليهما في التاريخ قصدت إعادة النظر في التأليف الوسيط بين الدين والفلسفة الأرسطية.
«10» ويمكن اعتبار بداية الوجودية المؤمنة ممثلة بكيركيجارد وغايتها ممثلة بكارل يسبرس؛ غاية لأنها من بعدهما أصبحت مضغا لكلام فارغ همه الأساسي الدعوة للتوراة أو للإنجيل مع خلوه من تجربة روحية صادقة.
«11» ويمكن اعتبار بداية الوجودية الملحدة ممثلة بجون بول سارتر وغايتها ممثلة بألبار خموس، غاية لأنها من بعدهما أصبحت مضغا لكلام فارغ همه الأساسي الدعوة للفوضى الثورية من دون رسالة أو للتسيب الخلقي من دون إبداع، وخاصة في ثرثرات الوجوديين العرب المزعومين.
«12» وغالبا ما يكون هذا الدين الفلسفي صياغة عقلية للدين الذي ربى عليه الفيلسوف إيجابا (بتبني معتقداته الأساسية مع بناءها عقليا)، أو سلبا (بنقد معتقداته الأساسية مع بناء بدائل منها بناء عقليا). ولعموم هذه الظاهرة سنستغني عن التمثيل لها. يكفي أن نشير إلى صراحة ديكارت في تصوريه للأخلاق، تصوريه اللذين يمكن أن نقيس عليهما تصوريه للدين كما كانت ممارسته فعلا حتى وإن لم يصرح بذلك كما فعل في مسألة الأخلاق: أخلاق البداية المؤقتة وأخلاق الغاية النهائية. فهو قبل أخلاق بلده صراحة وسعى إلى تأسيسها تأسيسا أكثر توافقا مع تطور الفلسفة والعلم بعد تجاوز العالم البطليموسي والعلم الأرسطي. لذلك كان ما سعى إلى صياغته في ممارسته الفلسفية ليس أخلاقا نهائية، بل دين عقلي (لا يكاد يختلف إلا في الجزيئات عن التصور الأشعري بدليل حجتين لا تقبلان الدحض: قول ديكارت بتبعية مبادئ العقل للإرادة الإلهية المشرعة في الحقائق -نظام العقل والعالم- والقيم -نظام الأخلاق والتاريخ- ونفي الغائية فيهما، وينتج عنه نفي التحسين والتقبيح العقليين ضرورة. لكن جهل الكثير والعشرون بالفكرين الفلسفي الإسلامي والغربي يجعلهم لا يرون الحقائق الكلية في تاريخ العقل البشري، بحيث إن ديكارت وأعيدها مرة أخرى فكرة أكثر قربا من العقيدة الإسلامية من أغلب مفكرينا الإسلاميين المحدثين المتشدقين بالخصوصية متبعين نسبوية ما بعد الحداثة دون وعي (!) يتماشى مع الممارسة العلمية والفلسفية التي تجاوزت التعليم الرسمي في المدارس الدينية. لذلك فأهم غايات ديكارت كانت إصلاح التعليم في المدارس الدينية ليعوض المتون الأرسطية بالمتون التي كتب أهمها في النهج والمضمون الفلسفي، فضلا عن تصريحه الواضح بتأسيس الإصلاح الديني الذي سعى إليه الكاردينال ده برول بمحاولة فلسفية تجعل الأدلة على وجود الله أكثر بداهة من الأدلة على وجود العالم المادي.
«13» ويمكن أن نعتبر كنط بداية المرور من اللاهوت العقلي والدين الفلسفي إلى فلسفة الدين بمعنيي المصطلح. فهو في كتاب الدين يحسب العقل بمجرده يؤسس لفلسفة الدين تفسيرا لعلل ظهوره الظاهرة الدينية، وهو في كتب النقد الثلاثة وخاصة في آخرها يؤسس للعلاقة الوطيدة بين الفلسفة النظرية والفلسفة العملية التي يعتبر الدين غايتها وصلا للأمرين بفلسفة الجمال وفلسفة الجلال في نقد ملكة الحكم.
«14» وكانت غايته هذا الاشرئباب في الفكر الإسلامي الدرجة التي بلغ إليها تصنيف ابن حزم للعقائد بشرط أن نصوغه صياغة منطقية لم يوفق إلى الوعي بها رغم استعمالها إياها في تصنيفه. فهو قد استعمل القسمة الثنائية الأفلاطونية فقابل بين نفاه الحقيقة (السفسطة) والقائلين بها دون تمييز بين أصناف الحقيقة (الفلسفة والأديان). ثم قسم القائلين بالحقيقة إلى المستكفين بالعقل (الفلسفة والأديان الطبيعية)، والقائلين بالوحي (الأديان المنزلة). ثم قسم القائلين بكلية المخاطبين دون المبلغين (المسيحية) والقائلين بالكلية في الأمرين: وذلك هو الإسلام لذلك كان الخاتم الذي ينبغي أن يقبل بكل ما تقدم عليه باستثناء نفاة الحقيقة. لذلك فرضت العقيدة الإسلامية على الدولة الإسلامية ضرورة السماح لرموز هذين النوعين من الأديان الطبيعية ومنها الفلسفة غير الملحدة (الصابئة وتقاس عليها كل الأديان الطبيعية مثل البوذية)، والمنزلة (اليهودية والمسيحية) بممارسة شعائرهم وتطبيق شرائعهم تحت حماية الدولة الإسلامية، بل أعطاهم منزلة الذمة؛ أي أن الدولة الإسلامية في ذمتها كالدين يجعل من واجبها حمايتهم وتمكينهم من حرياتهم الدينية.
وطبعا فهذا الدين مضاعف العلة، فهو اعتراف له بالسبق في السعي إلى الحق، وهو تشجيع لهم للحاق بغاية هذا السعي في أمة التواصي الحق في الاجتهاد لعلم الحقيقة، والتواصي بالصبر في الجهاد للعمل بها، وكلاهما شرط الإيمان والعمل الصالح المشروطين في الاستثناء من الخسر بمقتضى نص آيات العصر والحرية الدينية التي حددتها الآية 156 من سورة البقرة. وكل ما يستمد من الممارسة الإسلامية مع الأقليات الدينية فيمكن إرجاعه إلى عاملين كلاهما لا يلزم المؤمنين حقا بقيم الرسالة: فأما العامل الأول فهو بنوع ما معذور وسببه ما يشبه ظروف الطوارئ، لأن الأقليات كانت أحيانا تؤدي وظيفة الطابور الخامس؛ ما يوجب بعض الحذر في التعامل معها. لكن هذا الحذر أصبح بسبب غباء بعض الفقهاء وجهل العامة إلى العامل الثاني الذي جعل الأقليات الدينية تعاني من التميز العنصري، فصارت الذمة منزلة دنيا في حين أنها منزلة عليا بمفهوم الكلمة نفسه.
«15» انظر بحثنا حلول مناهج القراءة والفهم في الفكر الإسلامي، وقد يصدر في كتاب عن دار الفكر.
لا يمكن أن نفهم تاريخ الفكرين الديني والفلسفي إذا أبقينا على المقابلة بين النحل ضمن الدين الواحد أو على المقابلة بين الملل ضمن الظاهرة الدينية الكلية ولم نرتفع إلى مستوى التصور الكوني للدين كما يدعونا إلى ذلك القرآن الكريم «1».
ولحسن الحظ فقد فهم العقل الإنساني ذلك الآن بفضل تقدم الوعي الفلسفي بوحدانية الدين ليس من حيث هو إحدى خصائص الإنسان النوعية في جنس الحيوان، بل كذلك من خلال مقارنة ثوابت الأشكال التاريخية لتعيناته المشعرية والعقدية في التاريخ الفعلي للممارسة الدينية لكل الجماعات البشرية التي أمكن للعلم استقراؤها «2». فقد التقى في تكوين فلسفة الدين مساران:
1- أولاهما انطلق من تطور الفكر الديني تطوره الذاتي إلى أن بلغ مرحلة الرسالة التي يعتبرها القرآن الكريم حصيلة الرسالات السابقة ومن ثم خاتمتها. وذلك بفضل إعادتها كل الرسالات إلى الفطرة الإنسانية في صلتها بالمطلق، حيث يلتقي الدين الطبيعي بالنور الطبيعي «3».
2- والثاني انطلق من تطور الفكر الفلسفي إلى مرحلة الفلسفة التي تعتبرها صيغها النسقية الأخيرة حصيلة الفلسفات السابقة ومن ثم خاتمتها. وذلك بفضل إعادة كل الفلسفات إلى الفطرة الإنسانية في صلتها بالمطلق، حيث يلتقي النور الطبيعي بالدين الطبيعي «4».
وبصورة أدق، فإن المسارين نتجا عن الجدل بين الفكرين الفلسفي والديني في موطن مولدهما الذي أشرنا إليه الجدل الذي كان الطور الأوسط «5» غاية طوريه الأولين «6»، أعني فكر المسلمين الإسلامي بشقيه، أعني محاولات الفهم النابعة من القرآن والسنة. وعلم الكلام النابع من الفكر الفلسفي الذي هو في نفس الوقت بداية طوريه الأخيرين «7»، لذلك فلا بد من بحث المسألة من هذه المداخل الثلاثة:
1- من مسار تطور الفكر الديني بمنطقه الخاص.
2- ومن مسار تطور الفكر الفلسفي بمنطقة الخاص.
3- ومن مسار الجدل والتأثير المتبادل بين مساري الفكرين: منطق الجيئة والذهاب بين النظر والعمل بين المنطقين السابقين منعزلين ثم متأثرين التفاعل بينهما.
وهذا المسار الثالث هو المسار الذي اعتبره أصل المسارين البسيطين ومعللا لما مر به كل منهما من مراحل أوصلته إلى فلسفة الدين الفلسفية وفلسفة الدين الدينية اللتين تلتقيان في الترابط الثابت بين فلسفة التاريخ المقدس والتاريخ العادي رغم تقدم الأول على الثاني في العروض التاريخي وفي الحقيقة التصورية بل تصور الأول كان مصدر تنظيم الثاني حتى في أكثر التصورات المادية للتاريخ لأن بدءها بنقد التصور الديني للتاريخ يقتضي تقدم الأمر المنقود على فعل نقده «8».
المسار الأول: منطق فلسفة الدين الدينية
أشرنا إلى أن ظاهرتين حددتا نشأة فن جديد انفصل عن محاولات الفهم الديني بفرعيها المنطلقين من الآيات النصية إلى بحث أوسع منطلقه الآيات الكونية التي تعد الآيات النصية والتاريخية صنفين من أصنافها.
وقد حدثت أولى الظاهرتين في القرآن الكريم نفسه نصه الذي يعرف الإسلام بكونه إصلاحا للتحريف الديني وعودة إلى الأصل الصافي الواحد المشترك بين كل الأديان
(أي السؤال الذي أتى في القرآن على لسان إبراهيم عليه السلام: عدم كفاية المتناهي والفاني وطلب اللامتناهي والباقي أو المتعالي المطلق)، مزيلا بذلك الفواصل بين الأديان الطبيعية والأديان المنزلة، ومؤسسا كلية الظاهرة الدينية إيجابا على مفهوم الفطرة، وسلبا على تخليص البشرية من وساطة السلطة الروحية بين المؤمن وآيات ربه.
2- وأما الظاهرة الثانية، فحدثت في إصلاح المسيحية إصلاحها الذي حاول العودة بالمؤمن إلى الاتصال المباشر بالنص المقدس في محاكاة واضحة للثورة الإسلامية وردة فعل على فكرها ودورها التاريخي في أوروبا نفسها أولا (المؤثر الخارجي) وعلى فساد المؤسسة الدينية المسيحية وعلاقتها المتوترة مع السلطان السياسي (المؤثر الداخلي) ثانيا «9».
لكن الإصلاح كما نبين لاحقا تحول إلى تحريف مضاعف: فهو تحريف للتحريف في الاتجاه المقابل، أو بلغة نيتشوية مجرد قلب للقيم بجعل السعي إلى الخلاص من المحايثة في المسيحية المحرفة سعيا إلى الخلاص من المفارقة والغرق في السيلان الأبدي الذي هو منطق الإصلاح المحرف الذي تأسست عليه الحركة الجنونية لإرادة القوة.
ويبرز التماثل الشكلي بين الحركتين إيجابا بالعودة إلى آيات الله النصية والكونية، وسلبا بنقد المؤسسة الدينية نقدا يخلص المؤمنين من هيمنتها على النفوس بالسلطان الروحي الذي تستمده من التوسط بين الله وعبيده. ولعل أفضل ممثل للتماثل بين الحركتين محاولة تحرير البشرية من التنافي المطلق بين الحياة الدنيا والحياة الروحية التي لم تبق أمرا يستثني القيم الدنيوية بل يضفي عليها المعنى ويسمو بها فلا يكون ذا وجود من دونها «10»، فضلا عن محاولة الربط بين الديني والسياسي «11».
فالإسلام سعي إلى تخليص الإنسانية من هذا السلطان، وحلل علل تكونه ونتائجه وآلياته في سورة آل عمران تحليلا لو أدرك المسلمون معناه ومغزاه لما حصل لهم ما آل بهم إلى أسفل سافلين. فالسلطان الروحي للمستحوذين على الحقيقة الدينية يحرف الأديان من أجل خدمة مصالح أصحاب السلطان الروحي في تحالفهم مع أصحاب السلطان السياسي، فيعود بالإنسانية إلى نموذج الدولة الفرعونية، حيث يكون هامان خادما لفرعون الذي يجزل له العطاء مقابل استعمال سلطانه الروحي لإخضاع الناس بدل تحريرهم من الطاغوت «12».
ومن جنس هذه الثورة القرآنية، يبدو مشروع الإصلاح في مسيحية القرآن السادس عشر. فمحاولة تخليص المسيحيين من فساد الكنيسة وسلطانها والسعي إلى جعل المؤمن على صلة مباشرة بآيات الله وأولها النص الديني من دون وسطاء معصومين، فضلا عن العلاقة الجديدة بين الديني ممثلا للقيم المتعالية على التاريخي والسياسي، ممثلا لتعيناتها التاريخية كان يهدف إلى استرجاع دور العقل والتدبر دورهما الذي هو البديل من السلطان الروحي كما دعت إلى ذلك كل آيات القرآن الكريم. لكن هذا الإصلاح بمقتضى مبادئ العقيدة المسيحية نفسها انقلب إلى ضده، لأنه لم يتمكن من إزالة علل الفساد، بل هو أزال عنها الملطفات التي صاحبت التحريف السابق في المسيحية وأضاف إليه تحريف اليهودية:
1- فعقيدة نبوة عيسى لله لم تبق أمرا رمزيا فحسب، بل هي أصبحت تأليها فعليا للإنسان، ومن ثم استبدادا بالكون والتاريخ ليس للخلافة فيه والعناية به، بل للفساد في الأرض.
2- وامتناع شمول التأليه كل البشر في التصور فضلا عنه في الواقع أدى إلى تحول التأليه إلى استعباد البعض للكل أي التحقيق الفعلي لنظرية شعب الله المختار.
وانطلاقا من هاتين الثورتين المتماثلتين شكلا كان لا بد أن يصبح فرع فلسفة الدين أو التفكير العقلي المتدرج نحو البحث العلمي الوضعي في الظاهرات الدينية من مشاغل الفكر الفلسفي بعد زوال الحاجز المائز بين الفكرين الديني والفلسفي عند كلا الفريقين النابع من الفكر الديني الخالص والنابع من الفكر الفلسفي الخالص الفكرين اللذين التقيا وإن بصورة محرفة لم ترتق إلى ما يسعى إليه القرآن الكريم: كل فكر فلسفي اليوم فكر ديني متنكر، وكل فكر ديني فكر فلسفي متنكر. فكلاهما كان ينبغي أن يكون مجاهدة شخصية ومجاهدة جماعية بالمعنى القرآني سواء كان ذلك في الملة الواحدة أو بين الملل. لذلك فكل من يقرأ القرآن الكريم بعين فاحصة سيجد فيه أمرين مهمين هما أصل كل تفلسف في الأديان وقيمتين أساسيتين هما أساس التوالج المتزايد بين الدين والدنيا في الحياة اليومية ومعانيها الوجودية وفي الحياة السياسية ومعانيها الخلقية:
الأمر الأول: التحرر من الوسطاء بين المؤمن وربه والاتصال المباشر بآياته سواء كانت مخلوقاته الطبيعية والتاريخية أو نصوصه التي بلغها رسله والتي هي آيات من القوة الثانية، لأنها تحدد الموقف من الآيات التي من القوة الأولى في القيم الخمس ذوقا ورزقا ونظرا وعملا ووجودا. ويعني ذلك التحرر أن المؤمن يجرب بنفسه المعاني التي تعبر عنها الآيات النصية التي لا تفهم من دون التحقق في ذات متدبرها ليدرك الآيات الكونية إدراكا شخصيا فيكون إيمانه صلة مباشرة بربه، ولا تكون سنن الأنبياء إلا نماذج من التجربة الخلقية الموصلة إلى الحقيقة الدينية والوجودية بالإضافة إلى تبليغهم مضمون الرسالة.
الأمر الثاني: اعتماد التأمل العقلي بعد هذا التحرر في أهم مسألتين كان الأوصياء في الدين يعتبرونهما حكرا عليهم قتلا للبحث العقلي وحصرا للعلم في مضغ السنن النقلية الخالية من التأمل الذاتي للمؤمن فتحولت من ثم إلى تبرير لشرعية الحلف الطاغوتي بين سلطان السلطة الروحية بحجة وراثة العلماء للأنبياء وسلطان السطلة الزمانية حتى صارت هذه تدعي هي بدورها الحق الإلهي في الحكم ادعاء تلك الحق الإلهي في النطق بمقاصد الله عقيدة (المتكلمون) وشريعة (الفقهاء) وجمعا بينهما (المتصوفة).
القيمة الأولى: التوالج بين قيم الدين وقيم الحياة الدنيوية في حياة الأشخاص العاطفية والفكرية ومعانيها الوجودية والتوالج بين قيم الدين وقيم الحياة الدنيوية في حياة الجماعات الاجتماعية والسياسية ومعانيها الخلقية.
القيمة الثانية: الحرية الدينية «13» بدرجة وصلت إلى اعتبار الدولة الإسلامية راعية لعدة شرائع، ومطالبة بموقف يتراوح بين الإرجاء في التعامل مع الحقيقة الدينية والتسامح مع الأديان الأخرى بما فيها الشرك «14» وبين تبرئة أصحاب أغلب الأديان المعروفة «15».
المسألة الأولى
أصل المدخل الفلسفي لكل معرفة طبيعية تنتهي إلى المعرفة الخلقية.
فالبحث في الوجود الإلهي من منطلق آياته أعني الوجود عامة والوجود الطبيعي والوجود التاريخي والواسطة بين هذه الوجودات الأربعة، أعني الوعي والإدراك والمعرفة والتدبر لا يمكن إلا أن ينتهي إلى الدلالات الخلقية لنظام الوجود الطبيعي ولنظام الوجود التاريخي. وتلك هي مسائل الفلسفة والدين على حد سواء مع تقابل في الترتيب بين النظامين:
1- الوجود عامة.
2- الله 3- الطبيعية والعالم.
4- الإنسان والتاريخ.
5- الإدراك والعلم.
المسألة الثانية
المدخل الديني لكل معرفة خلقية تنتهي إلى المعرفة الطبيعية
والبحث في السنن النقلية المتعلقة بهذه المجالات في الدين الواحد (مباحث النحل) وفي الظاهرة الدينية ككل (مباحث الملل) على حد سواء لا يمكن إلا أن ينتهي إلى نفس النتيجة. وتلك هي علة وجود الفن الذي يسمى بمباحث الملل والنحل المباحث التي انفصلت تدريجيا عن علم الكلام، وبدأت تتجه نحو علم مقارنة الأديان.
لكن المسعى الأول انتكس، فآل إلى الفلسفة الشكلية الخالصة قصدت التأسيس المعرفي والمنهجي لسلطان الأدوات المحدود في الغايات الكلية سلطانها ببعديه الوضعي النظري (فلم يبق من العلم إلا دور الخادم المطيع للرغبات الدنيوية أو التكنولوجيا) والوضعي العملي (ولم يبق من العمل إلا الخادم المطيع للنزوات الدنيوية أو الأيديولجيات).
والمسعى الثاني انتكس فآل إلى الدين المضموني الخالص قصدت التأسيس العقدي والسلوكي لسلطان الغايات المحدودة على الأدوات الكلية سلطانها ببعديه العقدي النظري (فلم يبق من العقيدة إلا بنود التعليم الكلامي المذهبي خادم الدنيا أو سلطان المذهب الكلامي) والشرعي العملي (فلم يبق من الشريعة إلا بنود التعليم الفقهي المذهبي خادم الدنيا أو سلطان المذهب الفقهي).
وبذلك انتكس المسعى الثاني فآل إلى أيديولوجية المفاضلة بين النحل داخل نفس الملة وإلى أيديولوجية المفاضلة بين الملل دخل الظاهرة الدينية ككل. وبين أن المآل الثاني يؤدي إلى الصراع الديني بين الشعوب بدل التعارف وأن المآل الأول يؤدي إلى المفاضلة بين النحل في نفس الملة. وذلك هو ما أعاد الأمة إلى الفتن الطائفية بين القبائل في جميع التقاليد الدينية المعلومة في التاريخ.
وقد حصلت الانتكاسة عندنا لعلتين:
1- لأن الوسطاء الروحيين استعادوا سلطانهم إما صراحة كما هو الشأن عند الشيعة (الإمام وفقهاؤه) أو ضمنيا كما هو الشأن عند السنة (الخليفة وفقهاؤه).
2- ولأن علم الدين قد انحط فصار علم كلام أي مجرد دفاع عن نحلة في ملة أو ملة بين الملل في الظاهرة الدينية عامة بدل من أن يكون كما هو في الأصل طلبا للحقيقة في المسألتين اللتين هما مطلوب الفكر الديني والفكر الفلسفي على حد سواء رغم اختلاف الأساليب كما سنرى.
وبذلك، فالتمييز بين الأمرين واجب. ففلسفة الدين فرع من فروع الدراسات الفلسفية مثل فلسفة الفن أو فلسفة العلم وفلسفة الأخلاق. أما الدين الفلسفي فهو خيار الفيلسوف الديني وهو جزء ضروري من النسق الفلسفي عندما يكون تاما بحسب السنن الفلسفية المعروفة.
هوامش توضيحية
1- كونية الظاهرة الدينية ووحدتها في القرآن الكريم هما أساس محاورة الرسول لنصارى نجران في آل عمران، وهما المبدأ الأساسي في الدعوة الإسلامية التي تحاول من بداية القرآن إلى نهايته بيان دعوى واحدة: أن جميع الرسالات لها مضمون عقدي واحد، وأنها لا تختلف إلا بالشرائع التي هي السبل المتعددة لتعدد الظروف خلال المحاولات الساعية إلى تحقيق نفس العقيدة.
ولولا نكد المتكلمين لكانت الناس أمة واحدة بداية وغاية: فبداية هي كذلك بنص القرآن خبرا. وغاية هي كذلك بنصه إنشاء. البداية حاصلة. والغاية مطلوبة التحصيل وواجبة الحصول لصدق الختم والوعد بإرث الأرض للمؤمنين. لكن ذلك لا يكون ليس بالكلام بل بما حددته الآية 125 من النحل تحديدا للمنهج وتعليلا لكونه ما ينبغي أن يكون.
2- تقدم الوعي الفلسفي خلص الفلسفة من التصور الوهمي للمعرفة العقلية المنافية للمدارك الحدسية سواء كانت ذوقية جمالية أو ذوقية وجودية وتقدم الوعي الديني خلص الدين من وهم المفاضلة بين التعينات الدينية بمعيار آخر غير معيار التدرج في تحقيق التطابق بين التصور والتحقيق أو بين الصورة المثالية للعبادة وتعيناتها التاريخية.
3- تاريخ الدين الإسلامي يمكن تحديد مقوماته من ضروب القصص القرآني ومن دركه لمراحل الوحي. ويمكن اعتبار أهم مقوم لهذه التاريخ علاقة الرسالتين المحرفتين (اليهودية والمسيحية) بالرسالتين الأصلين (الآدمية والنوحية) ومنزلة إبراهيم مركزا بين الأوليين والأخيرتين ودلالة العودة إليه في ذاتها، ثم في تحديد طبيعة الخطاب القرآني الذي يغلب عليه السؤال المعرفي الوجودي الكوني والتوجه الكوني للإنسانية قاطبة، بل إلى كل الموجودات حيها وجامدها.
4- وليكن المثال تصور هيجل لعلاقة تاريخ الفلسفة بتاريخ الدين كما يحدده في فينومينولوجيا الروح وفي محاضرات فلسفة الدين ومحاضرات تاريخ الفلسفة ومحاضرات فلسفة التاريخ والمبادئ الأساسية لفلسفة الحق.
5- الطور الأوسط بين الطورين الأولين والطورين الأخيرين هو علم الكلام الإسلامي. وعلينا أن نثبت أمرين حتى يتبين للقارئ المقصود بالطور الأوسط بين مرحلتين مضاعفتين. فما قبل علم الكلام الإسلامي يمكن حصره في مرحلتين أولاهما تقدمت على تعميم الحضارة الفلسفية اليونانية على المشرق بفضل الغزو المقدوني وتمسح النخب المؤثرة في سياسة الدولة المهيمنة فيه، والثانية ما ولي ذلك إلى نزول القرآن الكريم ومحاولات الكلام حرف النهج القرآني فحال دون البلوغ إلى مستواه، ومن ثم نكص بفكر الأمة إلى الكلام السابق على نزول القرآن سعيا إلى تأسيس سلطان روحي يقسم الناس إلى خاصة وعامة ورعاة ورعية.
وما بعد التجربة الإسلامية يمكن كذلك حصره في مرحلتين ما قبل الإصلاح البروتستنتي وما بعده. فما قبل الإصلاح كان محاولات للتصدي للحضارة الإسلامية وما بعده يمكن اعتباره استئنافا للدين المسيحي من منظور شبيه بالمنظور الإسلامي، ولكن مع تفوق نقدي وفكري يحصل دائما عند من يؤسس على مرحلة بتجاوزها حتى وإن صاحب هذا التفوق الفكري بحكم الإفراط إلى تدن خلقي واضح لما حصل فيه من انتقال، مما يكاد أن يكون نفيا للدنيا إلى ما يكاد أن يكون نفيا للآخرة. وعلينا الآن أن ندرس خصائص المرحلة الوسطى كما عرفها ابن خلدون في تاريخه لعلم الكلام. فعنده أن علم الكلام انتهى إلى الامتزاج التام مع الفلسفة بعد الرازي وعنده أن مهمة الكلام الدفاعي انتهت بحيث إذا جمعنا بين المقولتين يصبح الكلام الوحيد المتبقي هو الكلام الفلسفي فلم يعد أي معنى للتمييز بين فلاسفة الإسلام جميعهم ومتكلميه المتأخرين.
ورغم أن الكلام الإسلامي قد تأثر بالكلام اليهودي والمسيحي المتقدمين على نشأته، فإن الكلام اليهودي والمسيحي المتأخرين على الإسلام واضحا التأثر بالكلام الإسلامي المتفلسف. ويكفي دليلا على ذلك كتاب دليل الحائرين الذي اعتبر ابن تيمية صاحبه غزالي اليهود وكل كتابات القديس طوما الأكويني ودانس سكوت المتأثرين شديد التأثر بابن سينا والغزالي وابن رشد.
6- الطوران الأولان هما طور الفلسفة اليونانية القديمة من بدايتها إلى تكون الأفلاطونية المحدثة ومنها إلى نزول القرآن.
7- الطوران الأخيران هما: علم الكلام المسيحي المتقدم على الإصلاح إلى أن تحققت صيغته الفلسفية في الكنطية ثم ما بعد ذلك. وخاصة المثالية الألمانية وما نتج عنها من أيديولوجيات شمولية وأخص بالذكر منها أربعة كلها بنت التنوير ورد الفعل عليه في الرومانسية والمثالية الألمانية: الفاشية والنازية والاشتراكية والرأسمالية.
8- فالإنسوية التي تعتبر غاية التاريخ في المادية الجدلية هي عينها وإن بقول رمزي نظرية تسخير الكون للإنسان واستخلافه فيه مخصوم منها ما نتج عن التفريط أي القدسية والدلالات الروحية ومضاف إليه ما نتج عن الإفراط أعني تأليه الإنسان والكفر بالرحمن.
9 - وينبغي أن نعترف بأن ردة الفعل هذه كانت مثمرة حقا، لأنها كانت أكثر وعيا بشروط التخلص الموجب من المؤسسة الدينية من دون الحذف المبدئي سدا للذرائع والإبقاء الواقعي في أشكال متنكرة تحافظ على كل مصادر الفساد التي من أجلها وقع الحذف المبدئي. ولنشرح المقصود؛ فالنقد المحتج في الإصلاح المسيحي لم يلغ الكنيسة، بل ألغى سلطانها ونظم وجودها وعلاقتها بالدولة.
لكن المسلمين ألغوا الكنيسة إلغاء كاملا دون أن يدركوا ضرورة وجود مؤسسة دينية بالشروط التي حددها القرآن. فكان هذا الحل غير المحلل عقليا علة في عودة ما هو أفسد حتى من المؤسسة الكنسية قصدت المرجعية الشيعية وسلطة المتكلمين والفقهاء عند السنة.
وقد جمع التصوف وجهي التحريف الشيعي والسني فكان ذروة الداء الذي تعاني منه الأمة. والسلطة الدينية في تاريخنا الفعلي أفسد حتى من الكنيسة، لأنها تستمد سلطانها الوحيد من شروط لا تؤدي إلا إلى انحطاط الأمة. ولعل أهم هذه الشروط وأخطرها هو تعميم الجهل والتناحر حول القشور العقدية والتعبدية ونسيان ثمراتها الفعلية حتى صار الشعب عامة يقاد من خارج بشعارات كلها نفاق ودجل: فلكي يكون لرجال الدين المراجع السلطان الذي يريدون لا بد من تعميم الجهل من حولهم، وإلا فإنه لا معنى للوظيفة التي يريدون أن يجعلوها ضرورية لحياة المؤمنين بمعنيي التوسط بين المؤمن وربه وبين المواطن ومن صاروا يسمونه بولي الأمر دون أن يوليه أحد، لكأن ولاية الأمر يمكن أن تكون مشروعة من دون أن تستمد من أصحاب الأمر الذين وصفهم القرآن الكريم بكونهم أصحابه لأن الأمر شورى بين المؤمنين.
01- أشار هاينه
Heine شاعر ألمانيا الكبير إشارة بليغة إلى هذا المعنى في تاريخه للرومانسية وتعليقه على التقابل بين المسيحية الكاثوليكية وحركة الإصلاح بالقياس إلى قيم الإسلام ومؤلفات جوته في تبرئة قيم الحياة الدنيا دون إهمال قيم الحياة الأخرى.
11- لكن هذا الربط الذي هو مبدئي في الإسلام كان ثمرة الظرف في الإصلاح المسيحي لكونه نتج عن تأييد أصحاب السلطة السياسية الثورة على السلطة الدينية التي كان تهيمن في العصور الوسطى. فالتحالف المعلوم بين لوثر وولي العهد في القيصرية الألمانية هي التي جعلت حركة لوثر ضد الكنيسة تؤتي أكلها. لكن العلاقة المبدئية في الإسلام جعلت تكوين الدولة مساوقا لصوغ الرسالة، بل إن صوغ الرسالة كان أحد أبعاد المشروع السياسي المتمثل في التطبيق الفعلي لنظرية التدافع من أجل تحقيق القيم في التاريخ. فلا يمكن تصور الدعوة الدينية من دون المشروع السياسي والدولة التي تحقق مؤسسات الدعوة بمعناها الإسلامي: سلطة سياسية فوق الشرائع المتعددة رغم كونها تقول بوحدة العقيدة التي ينبغي أن تكون كونية بالضرورة لكونها عقيدة الوحدانية الفطرية أو الإسلام الفطري. لذلك فكل محاولات المقارنة بين المسيحية والإسلام لا يمكن أن تكون ذات فائدة بسبب هذا الفارق الجوهري الذي أشار إليه ابن خلدون عند التمييز بين الخلافة والبابوية والكوهنية: «والملة الإسلامية لما كان الجهاد فيها مشروعا لعموم الدعوة وحمل الكافة على دين الإسلام طوعا أو كرها اتخذت فيها الخلافة والملك لتوجه الشوكة من القائمين بها إليهما معا. أما ما سوى الملة الإسلامية فلم تكن دعوتهم عامة ولا الجهاد عندهم مشروعا إلا في المدافعة فقط فصار القائم بأمر الدين فيها لا يعنيه شيء من سياسة الملك، وإنما وقع الملك لمن وقع (له) منهم بالعرض ولأمر غير ديني، وهو ما اقتضته لهم العصبية لما فيها من الطلب والملك بالطبع لما قدمناه، لأنهم غير مكلفين بالتغلب على الأمم كما في الملة الإسلامية، وإنما هم مطالبون بإقامة دينهم في خاصتهم». ( المقدمة ص.1967 ص.408 ).
21- والمعلوم أن الآية 256 من البقرة قرنت الإيمان بالله بالكفر بالطاغوت، معتبرة ذلك تبينا للرشد من الغي واستمساكا بالعروة الوثقى أي بالإسلام.
13- البقرة 256.
41- الأديان المرجأة أصحابها الحج 17: «إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة».
51- الأديان الأربعة المبرأة أصحابها بالإضافة إلى الإسلام طبعا تبرئة تامة أو إرجائية (بشرط الإيمان والعمل الصالح): البقرة 62 والمائدة 69.
السبيل الاردنية
تاريخ النشر:04/01/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.