فيما تبدو محاولة للتخفيف من وطأة الاعتذار الرسمي المكتوب الذي اضطرت إسرائيل لتقديمه إلى تركيا عن إهانتها المتعمدة للسفير التركي لدى تل أبيب، رأى تقرير لوزارة الخارجية الإسرائيلية أن هذه الإهانة جعلت أنقرة تدرك أنها تجاوزت الخطوط الحمراء، متهما رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالتشجيع على العداء للسامية.جاء ذلك في تقرير أعده مركز البحوث السياسية، وهو الجهة المسئولة عن التقديرات الاستخباراتية في الوزارة، وتم توزيعه على اللجنة الوزارية السباعية وممثليات إسرائيل في الخارج، بحسب صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، التي نشرت مقتطفات من التقرير اليوم الثلاثاء 26-1-2010. وكان نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني أيالون قد أهان السفير التركي خلال استعدائه لإبلاغه احتجاج تل أبيب على مسلسل "وادي الذائب" التركي، الذي ترى إسرائيل أنه معادٍ لها وللسامية، حيث قام أيالون بسلسة ترتيبات مهينة للسفير، منها جعله ينتظر طويلا قبل استقباله، وتم إجلاسه على مقعد منخفض، وعدم وضع عَلَم تركيا على الطاولة التي ارتفع فوقها علم إسرائيل، وهو ما اضطرت حكومة بنيامين نتنياهو إلى الاعتذار عنه رسميا يوم 13-1-2010. وبحسب التقرير الإسرائيلي فإنه: "بينما سيظل الجرح التركي من هذه الإهانة ينزف لسنوات قادمة فإن الطريقة التي اتبعها المسئولون الأتراك في هذه الأزمة تدل على أن تركيا أدركت أنها تخطت الخطوط الحمراء في علاقاتها مع إسرائيل، وأن ذلك قد يدمر شرعية تركيا في المجتمع الدولي". أردوغان والسعودية واحتل رئيس الوزراء التركي، زعيم حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية، مساحة واسعة من التقرير الذي اعتبر أردوغان "المصدر الأساسي للخلاف الحالي بين الجانبين.. في تقديرنا فإنه منذ أن تولى السلطة دأب على تشكيل صورة سلبية عن إسرائيل في ذهن الشعب التركي عبر الحديث الذي لا ينتهي عن معاناة الفلسطينيين، وترديد الاتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب، واستخدام تعبيرات معادية للسامية ومحرضة للآخرين على أن يتبعوه في معاداتها". وأضاف أنه "دائما ما يؤكد في المنتديات الدولية أن معاداة السامية جريمة ضد الإنسانية، ولكن في الحقيقة فإنه بشكل غير مباشر يحرض على معاداتها في تركيا.. بالنسبة لأردوغان وآخرين من المحيطين به، فإنه لا فرق بين إسرائيل واليهود، ولذلك فإننا نعتبر أن انتقاده لإسرائيل هو انتقاد لليهود". وزعم التقرير أن الصحف التركية باتت مليئة بالمقالات التي تتساءل عما إذا كان اليهود الأتراك موالون لتركيا؛ "ما يهدد اليهود الأتراك"، متهما أردوغان بدعم الصحف "الإسلامية"، مثل صحيفة "وقت" التي كانت تصدر بداية من ألمانيا قبل إغلاقها بسبب "معاداتها للسامية"، على حد قول التقرير. وأرجع ما قال إنها "سياسة" أردوغان في "معاداة السامية" إلى أنه يسعى لكسب شعبية أكبر في صفوف المعارضة التركية وبين أنصار حزبه وفي منطقة الشرق الأوسط التي يريد لبلاده أن تلعب دورا قياديا فيها. وختم التقرير بأن "تركيا اليوم، تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، مختلفة عن تركيا التي عقدت معها إسرائيل تحالفات إستراتيجية في بداية تسعينيات القرن الماضي". وكانت أولى ملامح الأزمة بين تركيا وإسرائيل قد برزت يوم 30-1-2009 حين انسحب أردوغان من جلسة جمعته بالرئيس الإسرائيلي، شيمون بيريز، في مؤتمر دافوس الاقتصادي بسويسرا؛ احتجاجا على عدم إعطائه الوقت الكافي للرد على كلمة بيريز بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة ما بين 27-12-2008 و18-1-2009. ثم توترت العلاقات بشكل أكبر العام الماضي عندما منعت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إسرائيل من المشاركة في مناورة "نسر الأناضول" العسكرية التابعة للحلف، وأرجع أردوغان هذا الموقف إلى الحرب الإسرائيلية على غزة، التي أودت بحياة أكثر من 1400 فلسطيني، معظمهم مدنيون، وإصابة أكثر من 5400 آخرين بجروح، فضلا عن دمار واسع في القطاع المحاصر منذ أن سيطرت عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في يونيو 2007. إسلام أون لاين.نت