الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية على إسرائيل: ضربات على تل أبيب، حيفا وبئر السبع، أكثر من 100 جريح    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    نتائج الباكالوريا 2025: تفعيل خدمة الرسائل القصيرة، والتوجيه الجامعي يسير بخطى ثابتة    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    في واقعة نادرة.. استخراج هاتف محمول من بطن شاب بعد عامين من ابتلاعه    كيف سيكون طقس السبت 21 جوان 2025؟    8 علامات تشير إلى بيع بياناتك الشخصية عبر الإنترنت.. احذرها    باجة: إستقبال شعبي لقافلة الصمود [فيديو]    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    ترامب: قد أدعم وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إذا سمحت الظروف.. مستعد للحديث مع طهران    22 سنة سجناً مع النفاذ العاجل في حق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وقيادات سابقة    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    "الستاغ" تعتذر من حرفائها..وهذه التفاصيل..    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    بلاغ جديد من النجم الرياضي الساحلي    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    وزارة الصحة تجدد دعوة الأطباء المقيمين إلى اختيار مراكز العمل    طبربة: إيداع مربي نحل السجن من أجل تسببه في حريق غابي    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    هجمات اسرائيل على ايران: السعودية تحذّر.. #خبر_عاجل    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    حملة لمراقبة المحلات المفتوحة للعموم بدائرة المدينة وتحرير 8 مخالفات لعدم احترام الشروط القانونية (بلدية تونس)    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الجدار الفولاذي» على قطاع غزة

المعطيات تشير إلى أن وتيرة بناء الجدار الفولاذي تسير بشكل أسرع من نسبة تفاعل معارضيه
قدم مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تقديره ال(20) لشهر شباط، تناول فيه دوافع بناء الجدار الفولاذي على الحدود المصرية، ومبينا الحجج التي تذرع بها النظام المصري لتبرير بنائه الجدار، كما تناول التقرير السيناريوهات المحتملة لبناء الجدار، منتهيا الى ان عملية البناء ستستمر ما دامت المعارضة والتحركات المضادة لبناء الجدار بطيئة، وما دامت الخسائر المتوقعة من قبل صانع القرار المصري اقل بكثير من المكاسب التي من المتصور ان يحققها، وهي مكاسب شخصها التقرير بانها ذات بعد خارجي واخر داخلي.

كانت صحيفة هآرتس أول من أورد بأن مصر تقوم ببناء حاجز فولاذي يمتد تحت سطح الأرض، ففي عددها الصادر بتاريخ 11/ /12 2009 أكدت الصحيفة أن “الجدار” سوف يقام على امتداد الحدود المصرية مع القطاع، بصورة سيصبح معها من الصعب، إن لم نقل من المستحيل، استمرار العمل بالأنفاق الواصلة بين قطاع غزة والجانب المصري من الحدود.
وفي معرض وصفها للمواصفات الفنية لهذا الجدار، أوردت هآرتس معلومات وتقارير تفيد بأنه يتكون من صفائح من “الفولاذ المعالج»، أخضعت لتجارب عدّة أظهرت قدرتها على مقاومة القطع والإذابة، ونقلت بالبحر من الولايات المتحدة إلى مصر.
ولاحقاً، وصفته كارين أبو زيد، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين– الأونروا، بأنه أكثر متانة من “خط بارليف»- وأشارت إلى أن تكلفة بناء الجدار كاملة تعهدت بها واشنطن، مبدية أسفها لاشتراك الحكومة المصرية بمثل هذه السيناريوهات.
القاهرة: من الصمت إلى التبرير إلى الهجوم المضاد:
مرت “الرواية المصرية»، أو بالأحرى ردة الفعل المصرية، حيال الأنباء التي بدأت تنتشر انتشار النار في الهشيم، عن خصائص الجدار ووظائفه وتمويله واستهدافاته، بمراحل ثلاث:
الأولى: تميزت بالصمت التام، حيث امتنع المسؤولون الحكوميون عن الرد على التعليقات والأنباء، بل إنهم مالوا إلى إنكار وجود أمر كهذا، أو نفي علمهم بالمسألة برمتها-
والثانية: جاءت بعد أن تناقلت وسائل الإعلام صوراً وتقاريرَ وشهاداتِ شهود عيان على عمليات البناء الجارية، على قدم وساق، وقد تميزت هذه المرحلة بالسعي للتقليل من شأن “الجدار” والقول بأن القوات المسلحة تقوم بأعمال إنشائية على امتداد الحدود المصرية مع قطاع غزة، تندرج في سياق “تحصين الأمن القومي المصري»، ب»دوافع مصرية وأيدٍ مصرية»؛ نافية “المزاعم» عن قيامها ببناء جدار فولاذي، أو أنها تفعل ذلك إرضاءً للولايات المتحدة أو خدمة للأمن الإسرائيلي-
والثالثة: الانتقال إلى الهجوم متعدد الجبهات والأدوات، ضد مختلف القوى والجهات التي انتقدت الموقف المصري أو طالبت بوقف أعمال البناء في “الجدار الفولاذي»، وفي هذا السياق، اشتمل الهجوم المصري المضاد على العناصر والأدوات التالية:
1- التقليل من شأن “الجدار الفولاذي»، والاستعاضة عن هذا الوصف بالحديث عن “إنشاءات» و»أعمال إنشائية»، وإشاعة أجواء من الغموض حيال ما يجري على الحدود المصرية – الفلسطينية، وتجنب التعليق على المعلومات التفصيلية التي توردها وسائل الإعلام بهذا الخصوص.
2- العمل ل»فك الارتباط» بين هذه “الإنشاءات» ووظائفها وأهدافها عن حسابات الأمن الإسرائيلي، كما وردت في ثنايا الاتفاق الأمني الذي أبرمته وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في “ربع الساعة الأخير» لولاية تلك الإدارة.
3- التأكيد المتكرر على أن ما تقوم به مصر، إنما تقوم به على أرضها وداخل حدودها، وفي إطار حقها في ممارسة “السيادة» و»حفظ أمنها القومي»، إلى غير ما هنالك من دفوعات قانونية، لا تأخذ بعين الاعتبار، أبداً، الظروف الخاصة بقطاع غزة المحاصر والمجوّع والمنكوب، واستمرار إغلاق المعابر، بما فيها معبر رفح.
4- محاولة الربط بين ما تقول القاهرة أنه “تحصين» لحدودها وأمنها القومي من جهة، والعمليات الإرهابية التي ضربت المرافق السياحية المصرية في شرم الشيخ وطابا ودهب من جهة ثانية. من دون تقديم دليلٍ واحدٍ يؤكد صلة قطاع غزة بتلك العمليات، تخطيطاً وتنفيذاً، سلاحاً وأفراداً، وهو ما يذكِّر بالمزاعم الإسرائيلية بتحول القطاع إلى ملاذ للقاعدة و»الجهاد العالمي».
5- استنهاض “العصبوية المصرية» في مواجهة الفلسطينيين عموماً، وليس حركة حماس وحدها فحسب، فقد شنت بعض وسائل الإعلام المصري، والمحسوبة على جهات رسمية، حملات حاول القائمون عليها البرهنة على أن أمن مصر وكرامتها وسيادتها هي المستهدفة من الفلسطينيين في القطاع.
6- استنهاض الأدوات والأذرع الإيديولوجية (الدينية)، حيث جرى الاستنجاد بالأزهر وشيخه لإصدار الفتاوى التي “تجيز بناء الجدار»، ومن المؤسف حقاً، أن من أصدر الفتوى من مسؤولي الأزهر الشريف لم يجدوا من يدعم فتواهم سوى وزير الأوقاف في حكومة تصريف الأعمال في رام الله.
الجدار وقصة «القطبة المخفية»:
لم تكن ردات الفعل الغاضبة التي جوبه بها «الجدار الفولاذي» من داخل مصر وخارجها كافية على ما يبدو لإقناع القيادة المصرية، أو إرغامها على التراجع عن موقفها ووقف عمليات البناء. فما حصل كان عكس ذلك تماماً، إذ تعهد الرئيس المصري شخصياً، باستكمال بناء “المنشآت»، وهو قرر الدخول شخصياً على خط الهجوم الإعلامي والسياسي على حركة حماس وحلفائها وأصدقائها، مستخدماً التصريح حيناً والتلميح أحياناً. وقد دفع ذلك المراقبين للتساؤل عن سر تمسك القيادة المصرية ببناء “جدار العار»؛ كما وصفه سياسيون ومثقفون مصريون.
تُرجِع مصادر ومحللون الموقف المصري هذا، إلى التزام قطعته القاهرة على نفسها في أثناء المداولات السياسية والدبلوماسية التي رمت لوقف عملية “الرصاص المصهور» على قطاع غزة، حيث اشترطت “إسرائيل» الحصول على ضمانات أمريكية وأوروربية ومصرية، بإحكام القبضة على خطوط توريد السلاح والعتاد وكل ما يمكن أن يدخل في صناعة الأسلحة والصورايخ إلى قطاع غزة، لوقف عدوانها عليه. وقد تعهدت الولايات المتحدة وفرنسا وعدد آخر من الدول الأوروبية، بتكثيف رقابتها على الممرات المائية في البحرين، المتوسط والأحمر. فيما طُلب من مصر تكثيف رقابتها البرية على امتداد الحدود مع غزة، وتعهدت واشنطن وباريس بتقديم العون اللوجستي والمادي لمصر للقيام بتشديد الرقابة على الأنفاق والمعابر، على طول خط الحدود مع القطاع، فضلاً عن تعزيز الرقابة البحرية في المناطق المجاورة للساحل الفلسطيني.
ورغم أن القاهرة لم تكن جزءاً من الاتفاق الأمني الأمريكي – الإسرائيلي، وبرغم أنها أبدت امتعاضاً واضحاً من استبعاد واشنطن وتل أبيب لها عن المحادثات الخاصة باتخاذ ترتيبات أمنية ستتم على الأرض المصرية، إلاّ أن الحكومة المصرية وجدت نفسها منساقةً لترجمة هذه الترتيبات وتنفيذها على أرضها، وبما يخدم “نظرية الأمن الإسرائيلية» شديدة التطلّب؛ وهذا ما نطق به مؤخراً مسؤولون إسرائيليون على أية حال، عندما وصفوا ما تقوم به مصر بأنه “يشكل أفضل خدمة لأمن إسرائيل».
في تفسير الموقف المصري هذا، يدرج المحللون السياسيون والاستراتيجيون جملة من الأسباب التي تدفع الحكومة المصرية إلى القيام بهذا العمل، ويمكن تقسيم هذه الأسباب والعوامل إلى نوعين اثنين:
1- العوامل بعيدة المدى
ويدرجها المراقبون في خانتين: الأولى تتعلق بالضغوط والإملاءات المزدوجة التي تتعرض لها القاهرة من الولايات المتحدة و»إسرائيل»، والتي أصبحت واحدة من “محددات السياسة الخارجية المصرية» طوال العقود الثلاثة التي أعقبت التوقيع على معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، التي فرضت قيوداً أمنية وعسكرية وسياسية على مصر، فضلاً عن ميل السياسة الخارجية المصرية للتساوق مع “الاستراتيجية الأمريكية» في المنطقة، لاعتبارات مختلفة.
والثانية تلك التي تتصل بالسياسة الداخلية المصرية، وبالذات ما يخص منها ملفي “التوريث» و»العلاقة مع الحركة الإسلامية»، فالنظام المصري يضع لقضية “التوريث» اعتباراً رئيسياً، يجعله يسعى لتمرير هذا الملف بدعم أو على الأقل دون اعتراض أمريكي، أو إسرائيلي. والنظام المصري الذي ينظر إلى حماس بوصفها امتداداً للحركة الإسلامية في بلاده، أو وجهاً آخر لها، يجد مصلحته في وضع كل ما تقع عليه يداه من عوائق وعراقيل في طريق الحركتين معاً، وبالأخص إسقاط حكم حماس في غزة للبرهنة على “فشل الإسلاميين» في الحكم، و»عدم صلاحيتهم» للدخول على خط المشاركة والانتخاب وتداول السلطة، إلى غير ما هنالك.
2- العوامل المباشرة
في هذا السياق، تسعى الحكومة المصرية إلى تحقيق جملة من الأهداف التكتيكية، أهمها:
أ- خنق حماس في قطاع غزة، وتأليب الرأي العام الفلسطيني هناك ضد حكومتها؛ توطئة لعزلها وإسقاطها، أو التسليم بفشلها في تجربة الحكم والحكومة، وهذا أضعف الإيمان.
ب- تقليم أظافر حماس، وتجفيف مصادر الدعم الخارجي لها، تسليحياً ومالياً؛ فالحركة التي خاضت حرباً مع “إسرائيل» ثلاثة أسابيع، أصبحت في أمسّ الحاجة لتجديد وتطوير ترسانتها العسكرية استعداداً لجولات قادمة محتملة مع الجيش الإسرائيلي، والأرجح أن الأنفاق هي واحدة من أهم قنوات تهريب هذه القدرات.
ج- إرغام حماس على “التساوق» مع مسعى القاهرة الرامي للاستحواذ على “الملف الفلسطيني» بمختلف صفحاته وأوراقه، فالقاهرة التي استيقظت متأخرة على تآكل دورها الإقليمي، تريد استرجاع هذا الدور وإعادة لملمة الأوراق بيدها.
د- معاقبة حماس على عدم توقيع ورقة المصالحة المصرية، في سابقة تظهر ميل قوى فلسطينية للتعامل باستقلالية و»ندية نسبية» مع القاهرة، وهو أمر لم تألفه الدبلوماسية المصرية من قبل، وهذا ما يفسر حالة الغضب غير المسبوقة على حماس والتي عبر عنها أقوى رجلين في النظام المصري: الرئيس ومدير مخابراته.
ه- من المحتمل أن هناك رغبة بمعاقبة حماس على قبولها “الوسيط الألماني» في صفقة تحرير الأسرى ومبادلتهم بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الأمر الذي اعتبر استبدالاً للدور المصري، وكشفاً لعجزه عن إدارة هذا الملف.
الجدار: السيناريوهات والتبعات
يبدو أن السيناريو المرجح حالياً هو سيناريو استمرار عملية البناء، حيث إنه في المدى المنظور، ليس من المتوقع أن تتراجع الحكومة المصرية عن قرارها بناء الجدار الفولاذي، بل إن من المرجح أن تتواصل عمليات البناء وتتسارع في المرحلة المقبلة، وسيواصل النظام اللعب على “أوتار مصرية شعبوية» حساسة، وسسيستمر في تكرار مقولات “السيادة» و»تحصين الأمن القومي».
وسيظل هذا السيناريو هو الاحتمال الواقعي المرجح، طالما أن حملة مقاومة الجدار وإدانته لم تصل بعد إلى مستوى إقناع صانع القرار المصري بأن “خسائره ستفوق مكاسبه»، إن هو استمر في إدارة الظهر لنداءات الفلسطينيين والمصريين والعرب والمسلمين وأصدقاء الشعب الفلسطيني وكل الأحرار والشرفاء في العالم برفع الحصار ووقف التجويع، والتوقف عن بناء “المنشآت»، خصوصاً أن المعطيات حتى تاريخ إعداد هذا التقدير، تشير إلى أن وتيرة بناء الجدار أسرع من نسبة تفاعل معارضيه.
أما التبعات المترتبة على هذه الخطوة، فمن الممكن أن تسير نحو أحد اتجاهين:
الضغط على حركة حماس:
مما لا شك فيه، أن استكمال بناء الجدار، ستكون له تبعات ثقيلة على حركة حماس وحكومتها وسكان القطاع على حد سواء.
في البعد الأمني والعسكري، سيخدم الجدار بعض الوظائف التي أنشىء من أجلها “جدار الفصل العنصري» في الضفة الغربية، والذي أسهم من دون شك، في خفض “منسوب» العمليات الفلسطينية ضد الاحتلال، وحدّ من قدرة فصائل المقاومة على “تهريب» السلاح والمقاتلين إلى داخل “الخط الأخضر»، وستكون لما أسماه المصريون أنفسهم “جدار العار» ذات الوظيفة.
وفي البعد الإنساني، سيزيد الجدار من معاناة أبناء القطاع، فهو يكمل دائرة الحصار المحكم من “جهاته الخمس»، وسيفقد القطاع جزءاً كبيراً من موارده واحتياجاته، خصوصاً إذا ما أُخذ بعين الاعتبار، أن ما يقرب من 60 بالمائة من احتياجات القطاع الغذائية والعلاجية تأتيه عبر الأنفاق.
أما في البعد السياسي، فمن المتوقع أن تكون للجدار عند استكماله، نتائج مباشرة في إطلاق جولة جديدة من الجهود السياسية والدبلوماسية على مسارات: استئناف الحوار وإتمام المصالحة، إنجاز صفقة شاليط، وفتح المعابر والشروع في إعادة الإعمار؛ تقوم بها مصر وأطراف عربية ودولية، لاستطلاع إمكانية توظيف “الجدار” لانتزاع تنازلات من حماس في هذه الملفات جميعها، فالحركة التي أظهرت حتى الآن قدرة على الثبات على مواقفها، والصمود على الأرض، وفاجأت كثيرين ممن توقعوا انهيار تجربتها سريعاً (4-5 أشهر) تحت ضربات الحصار والعقوبات والحرب والتآمر الداخلي والخارجي، من المتوقع أن تتعرض لاختبارٍ قاسٍ جديدٍ في غضون الأشهر القليلة القادمة.
الضغط المضاد على مصر
في المقابل، فإن الأطراف المختلفة (وليست حماس وحدها) ستجد نفسها في وضع حرج أيضاً، يملي عليها التحرك على هذه المسارات، فالقيادة المصرية التي ستصبح شريكاً (رسمياً) في حصار قطاع غزة، ستظل تواجه طاقة الغضب والانتقاد المتّقدة في مصر وفلسطين وخارجهما لدورها هذا، وهي تواجه أيضاً أزمات داخلية تتسبب في تآكل صورتها. و»أصدقاء غزة الحرة، وحركة التضامن مع شعبها المحاصر»، سيصعّدون أنشطتهم التضامنية المحرجة لكل “الشركاء» في تنفيذ “هذه السيناريوهات سيئة السمعة»، وفقاً لوصف كارين أبو زيد.
في حين تواجه السلطة الفلسطينية مأزق انحباس عملية السلام وانهيار خيار “المفاوضات حياة»، واستخفاف نتنياهو بمطالبها شديدة التواضع (تجميد الاستيطان سراً ولبضعة أشهر)، وميله لجعل “اعترافه بحل الدولتين» مقبرة للحلم الفلسطيني بالحرية والاستقلال.
وكذا الحال بالنسبة لواشنطن التي يبحث رئيسها جاهداً عن نصرٍ، أي نصر، في الداخل أو الخارج، فلا يجد غير الأعذار يقدمها تبريراً للفشل، واعتذاراً عن نقصٍ في المعرفة، وسوءٍ في التقدير، فيما “مهمة ميتشيل» التي من المقرر لها أن تبدأ ب»إجراءات بناء ثقة» لن تقوى على تجاهل الكارثة الإنسانية المتجسّدة في القطاع، وسيجدُ الموفدُ الأمريكيُّ نفسه مضطراً لإدراج بعض البنود المتعلقة بالقطاع في المبادرة الجديدة، الآخذة في التشكل، على الأقل من باب حفظ المصداقية وماء الوجه، وهذا ما اتضح على أيةِ حالٍ، من التسريبات المبكرة حول بنود مبادرة ميتشيل الجديدة ومضامينها.
مقترحات
1- مطالبة الحكومة المصرية بالإلغاء الفوري لبناء الجدار الفولاذي، وفتح معبر رفح وإنهاء الحصار.
2- تفعيل الأنشطة الإعلامية والثقافية التي توضح الآثار السلبية للجدار، والحصار، وتكشف معاناة أهل غزة بأشكالها المختلفة.
3- تفعيل التحركات القانونية ضد كافة أشكال الحصار للشعب الفلسطيني بما في ذلك الجدار الفولاذي.
4- مطالبة الحكومة المصرية بتفعيل دورها الرائد في دعم الشعب الفلسطيني، وحمايته ورفع معاناته.
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 11/2/2010
تاريخ النشر : 14/02/2010
السبيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.