إيداع المحامي مهدي زقروبة السجن    رئيس الجمهورية يركّد على ضرورة انسجام العمل الحكومي    قيس سعيّد: "لا وجود لأي مواجهة مع المحامين ولا أحد فوق القانون"    لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي تبحث تنقيح قانون التعليم الخاص    درجات الحرارة ليوم الخميس 16 ماي 2024    نمو مستمر للإسلام في فرنسا    يوميات المقاومة .. تحت نيران المقاومة ..الصهاينة يهربون من حيّ الزيتون    جلسات استماع جديدة ضد الصهاينة في محكمة العدل ...الخناق يضيق على نتنياهو    العدوان في عيون الصحافة العربية والدولية ..أمريكا تواصل تمويل حرب الإبادة ..دفعة أسلحة جديدة بقيمة مليار دولار    عاجل: بطاقة إيداع بالسجن في حق المحامي مهدي زقروبة ونقله إلى المستشفى    بعد تعرضه لمحاولة اغتيال.. حالة رئيس وزراء سلوفاكيا خطيرة    عقارب: أجواء احتفالية كبرى بمناسبة صعود كوكب عقارب إلى الرابطة المحترفة الثانية.    متابعة سير النشاط السياحي والإعداد لذروة الموسم الصيفي محور جلسة عمل وزارية    ينتحل صفة ممثّل عن إحدى الجمعيات لجمع التبرّعات المالية..وهكذا تم الاطاحة به..!!    الكشف عن شبكة لترويج المخدرات بتونس الكبرى والقبض على 8 أشخاص..    دعوة الى إفراد قطاع التراث بوزارة    أولا وأخيرا .. «شي كبير»    سليانة: إلقاء القبض على سجين بعد فراره من أمام المحكمة    صفاقس: اشتباكات بين المهاجرين غير النظاميين فيما بينهم    القرض الرقاعي الوطني 2024: تعبئة 1،444 مليار دينار من اكتتاب القسط الثاني    البنك الاوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يتوقّع انتعاش النمو في تونس    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    الديوانة تطلق خدمة التصريح بالدخول الخاص بالإبحار الترفيهي    مندوبية التربية بقفصة تحصد 3 جوائز في الملتقى الوطني للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    بمناسبة عيد الأمهات..البريد التونسي يصدر طابعا جديدا    الإعلان عن تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    الفلاحون المنتجون للطماطم يطالبون بتدخل السلطات    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    مجلس عمداء المحامين يصدر بيان هام..#خبر_عاجل    في اليوم العالمي للأسرة: إسناد 462 مورد رزق لأسر ذات وضعيّات خاصة ب 15 ولاية    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    وزير الفلاحة يعرب عن إعجابه بصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ: إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق 7 أشخاص    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    وزير الرياضة في زيارة تفقديّة للملعب البلدي بالمرناقية    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    اليوم إياب نصف نهائي بطولة النخبة ..الإفريقي والترجي لتأكيد أسبقية الذهاب وبلوغ النهائي    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب الى أين : بعد خطابات اللاءات،والنهايات والمابعد،؟(1): د.الطيب بيتي العلوي
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 02 - 2010


د.الطيب بيتي العلوي الفجرنيوز
عليناألا نتوقف من الاستفادة من الأخطاء المتكررة للماضي،فالعقل خطاء بجبلته،أوليست"معقولية"العالم لهي نفسها أمر"لامعقول"؟تساؤل"أنشتاين"من كتاب "أزمة العقلانية"للفيلسوف الفرنسي المعاصر"جوليان بندا"J.Benda
| اذاكان الأصل في مفهمة الأنظومة الغربية وأهدافهاالكونيةهي المعادات الثقافيةanticuture للثقافات السائدة، سواء
-حسب تحليل الأنثرولوجي الأكاديمي"ربير جولان"Robert Jaulin في مبحثه Décivilisation,pollitique et pratique de l'ethnocide Laحول تفسيره لمرافقة مشروع الغرب الحداثي لاستحداث مشاريع تدميرالثروات الثقافية والحضارية للجماعات الاثنية في العالم كله،
وسواء :-حسب التحليل الرصين للأنثروبولوجي"الكبيرأوجين فيبرEugen Weber الذي يوضح فيه هول فظاظة محوالثقافات الشعبية الغنية في المجتمعات الريفية بأوربا تحت تبريرية دمجها القسري في"التقدم والحداثة"اشباعا للصوصية وجشع الشركات الاستهلاكية الرأسمالية ،وهيمنة ألوهية السوق، حيث كانت هذه الثقافات الريفية الأوروبية المتنوعة والثرية بطقوسها اليومية بأساليب عيش أفرادها الجماعية،تعطي لحياتهم الفردية"المعنى"والقيمة"والحيوية -كمنهج حياة-شبيهة بثقافات مجتمعات العالم الثالث،وهي أروع ما تراه اليوم الأعين في الأرياف النائية في ما يسمي ب"أوروبا العميقة"l'europe
profondeبدل نمطية وغلاظة الخرسانات الاسمنتية الحديثة،وأنماط عيش"المدينيين"في المدن الكبرى "الباردة الروح، والخالية من"الانسانية"و"الحياة"كما رسمتهاجيدا كل الكتابات الفلسفية الموغلة في الغوص في مجاهيل سراديب أزمات "الانسان الحداثي"عند هروبه من"المعقول"الى "اللامعقول"الذي تحولت أدواته التعبيرية الوجودية الى مفردات :السأم والعبث والانتحار(المعنوي عبرممارسة كل أنواع الهروب)،والغثيان،والطريق المسدود،منذ فترة الأربعينات،الى نهاية السبعينات المسماة ب"الزمن السارتري"أوزمن طغيان"الوجوديات"المغرقة في السوداوية المعتمة،مواجهة لوحشية غياب الحلول السرابية القزحية،التي ادعتها أطروحات"الحداثة"
ومنهنا نشأجيل جديد بعد الثمانينات،من المفكرين والفلاسفة والمبدعين"المزيفين والفارغين، صدمتهم"نهاية المثال"الذي حطمته الفظاعات الستالينية،التي كانت الفسلة الأولى لتفكيك الأنظومة الاشتراكية برمتها بتلك السرعة المذهلة،فسقط هؤلاء المثقفين في التيه، ودمرهم"الفراغ"وزيف الطروحات الفلسفية الجديدة المصادمة-وماهي بحقيق الفلسفة ولا خليقهاولاجديرها-اذ الغالب على أشباه الفلسفات المعاصرة هذه،أنهاللموضة تابعة،وللتيارالجارف خاضعة،وأصبح ما يسمى بالفلاسفة أوالمتفلسفين أشبه بالخيوط المعقلة ،أوالأجنحة المحلقة في الفراغ،تميل مع الريح حيثما مالت،لترديهم أرضا ارعابات المابعد،و"اللاءات"،وخطاب النهايات....انها أزمة الفراغ.
وان هذه الصورة القاتمة "للحداثة"التي صورها التفكيكيون الغربيون أنفسهم ،وفي مقدمتهم منذفجر الثلاثينات كلا من "سيغموند فرويد" و"اريك فروم" وغيرهما ووصفوها ب"الصدمة"و"الجرح"و"الخدش"و"التمزق"و"المزقة"و"الشرخ"و"الندب"و"الانجراح" بمفاهيم "الاستطباب النفساني"أكثرمما يتم الحديث عنها بتوسط مفاهيم اقتصادية،أو اجتماعية،أوتاريخية،أواصلاحية،مما زاد مفهوم الحداثة بلبلة وتشويشا وعدم وضوح في كل المعاجيم " الليكسيكية" المتخصصة،حيث تسبب في توليد"حداثة"مشوهة هجينة في كافة المجتمعات التي داهمتها الحداثة بعنف–كماهو الشأن في العالم العربي- الاسلامي ،مما تولدت عنه شروخ في الوعي،وتشوهات في رؤية الذات والآخر،وتخرمات في الواقع نفسه،اذ اقترنت "الحداثة"منذ بداياتها في كل المجتمعات المتخلفة ب"حداثة دخيلة متسللة ملغوزة مسيطرة ومحطمة"لا"كتغييرموضوعي أصيل متولد من الداخل"فكانت حداثة مرتبطة بالصدمة الاستعمارية،وظلتا متقارنتان ومتلازمتان في الأذهان والمشاعر،لاقتران الحداثة بالصدمة"و"الرضة"،وانكسارالوعي واحتلال الأرض،و"الاسفزاز البراني"لا"الجواني"، فجاءت عنيفة مصادمة لا مسالمة، كما هو الشأن اليوم في"فرض"الحداثة"والديموقراطية الغربية في المنطقة عبر"الصهيونية"كمشروع تحديث لمتوحشي الشرق"وكما تمارسه الولايات المتحدة في"تحديث"العراق وأفغانستان وباكستان واليمن،وكما تسعى الى"تحديث" ايران، بوأد دخوله الى عالم الندية العلمية والتقنية والرقي الحضاري، بقصفه أوخنقه أوتدمير بنياته الاقتصادية والحضارية وابادة حوالي تسعين مليون من شعبه،
وأمام هذا الغبش كله،تنتصب اليوم الصورة الزائفة "للتنويرالمنتصرالمزهو"عبراستمرار"الرسالة الأخلاقية الكونية للغرب"في شكل أطروحات المفكرين والفلاسفة الجدد الليبيراليين الذين يحيون فلسفات القرن الثامن عشروالتاسع عشر،التي كانت ترمي الى استغلال العالم الثالث،والى تنصيرالوثنيين الأسويين واللاتينيين والافارقة والعرب والمسلمين(ولوكانواموحدين،أوبوذيين،أوطوطيميين)،اذا بنفس الفلسفات اليوم تعود الى الواجهة عبرأنصارها المحليين"المتنورين"في العالم الثالث، توجه قبلتها-عبرهم الذين هم أشد عداوة من المستشرقين الحاقدين- نحوتحريرالبشرمن بؤس تقاليدهم وثقافاتهم وحضارتهم وخاصة(النساء والأطفال والأقليات والمثليين والمنحرفين)لينتهي هؤلاء-المحررين- الىالاخاء العالمي المزيف،لكفكفة هموم الرجل الأبيض،وتأمين انجاح مشاريع التغريب للعالم،عبرمسخ البشرية وسلخ الناس عن"أناهم"لكي لايكونوا"هم"بل يصبحون"الآخر"المشوه الذي يسميه"نتشه"بمعتوه القرية"- L'idiot de Vilageوالمقصود طبعاهناهو"العالم" عندما أعلن نتشه عن موت الحداثة مبكرا،مماجرعليه نقمة الكثيرين وخاصة من عديله الألماني آخردينوصرات مدرسة فرانكفورت الفلسفية"يورغان هابيرماس"
وبالتالي :
- فتحت وطأةهذا الفراغ–والطبيعة البشرية بفطرتها تكره الفراغ-:أصبحت البشرية تطوح في المطاوح-بقيادة الغرب المتأزم اليوم،الذي هو نبراس التقاليد الفلسفية "الكونية"منذ اغريقيته-حيث كان لكل عقد من الزمن مذهبه وأطروحاته الفلسفية،واستحال لكل دورة عشرية تزيد أوتقل فلسفاتهاومدارسها،ولكل مدرسة اتباع ومذاهب،ولكل مذهب مؤلهون ومريدون،وكل حزب بما لديهم فرحون،وعدنا لانجد تقاليد فلسفية أوفكرية أوابداعية راسخة، تنيرالسبيل،ودأب المفكرون والفلاسفة وعشاق الأناسة على"التقلب"بين"الموجات"والتيارات،حتى صارأمرهم كأمرالمتسوق الغريب المتسكع في سوق الخردوات، ومحلات بيع التحف البالية المعروضة على عشاق الأثريات والحفريات، وما أن تقع عينه على بضاعة مزجاة الا وتزيغ أبصاره الى أخرى، فاماأن يختارأو يحتار،فتسربلت الأفكارالفلسفية الكبرى والصغري بغلالات كثيفة من "الاستحالة"والعدم"و"التيه"و"المسخ"،défuguration،مولدة ضروبا من التشويش والتخبط تحت وطأة هذه الضغوطات المربكة والمرعبة الثقيلةالوطء التي هي:
- ضغوط هيمنة (فراغ القيم واللامعنى واللاغاية واللاقصد والنهاية) الطاغية على كل الطروحات علىالمستوى المعرفي(الفلسفي)التي تعاني منها مراكز بحوث الجامعات الغربية، حيث لن تجدفي أيامناهذه-سواء أتسكعت في المكتبات المتخصصة في معضلات "الانسان"في الحي اللاتيني بباريس،أوأطللت على الأطروحات المعروضة في كليات علوم الأناسة التابعة لجامعة السوربون، الاوأصبت بالدواروالخواروالاحساس ب"اللاعودة" le non-retour والصداع ،نتيجة تغول التحولات الخطيرة والمتسارعة الي ولدت لدى الانسان الغربي المعاصرالمزيد من الشعوربالاضطراب والقلق والارتعاب من المستقبل المعتم، لعدم وضوح الصورة المقبلة"للعالم والانسان الجديدين"التي حفلت بها كتابات فلاسفة الأخلاق وعلم الاجتماع والفلسفة السياسية الى عاية نهاية الثمانينات، بما تضمنته من تشعب الاهتمامات ب"الدولة"و"ما بعد الدولة"و"الثقافة"و"مابعد الثقافة"و"المجتمع"و"ما بعد المجتمع"والسياسة"و"مابعد السياسة"و"فلسفة الدين"ومساءلاتها لميتافيزيقا الدينوالروح و"البيوأخلاقيات"المتعلقة بالروحانيات وعلم الأخلاق،وهموم الحفريات والجدليات حول أيهما أحوط للانسان :الأخلاق التي منبعها الدين–كما هوالشأن لدي المثاليين الأقربين الىالتصوفية المسيحية مثل"هيغل"أو"الحدسيين"مثل بيرجسون، اوالبراغماتيين مثل"ديوي"و"وليم جيمس"أو"الوضعينين الأخلاقيين"مثل كانط، أودعاة المادية المرتبطة بعلاقات الانتاج "ماركس"أودعاة الأخلاق الأرستقراطية المتعالية"للقوة"مثل نتشه و شوبنهاور"أوالأخلاق المربتطة بالمادة البحثة عند" بيركلي"والمنفعة لدى"هوبز" :
تلك الفلسفات"الحداثية"التي تعرض نفسها كلها كلفلسفات بديلةوالتي سقطت في أتون صراعاتها فيما بينها،الىأن تناست الانسان و"خلفته وراءها في الطريق الطويل القاحل الموحش"-على حد تعبير"فوكو"-وذلك بعد فشل كل أطروحات العوالم الجديدة "منذ ادعاء الطرح"الكانطي"المتغطرس عام 1793بسؤاله"من هوالانسان"؟الذي زعزعته صرخة"العدمية النتشية"ومقولاتها في"الانشطارات الغربية الكبرىالذي تلته أطروحات "أحسن العوالم"meilleurs des Mondes من"كاسيرر"و"هكسلي"الى"ماركيوز"و"سارتر وتايلر"تلك العوالم التي أرعبت ما قبلهم من فلاسفة العشرينات والثلاثينات مثل"وندهام لويس"في عام1937الذي قززته"التجربة "الحداثية"لماسأة الحرب الكونيةالأولى، وبوادرانتشار"الأفكارالفاشية والنازية بشكل متسارع كحركات "ديموقراطية" بدأ تمويلها من الولايات المتحدة منذ عام 1922 باعتبارها تلك الديموقراطيات الفتية الرائعة"حسب تقريرالسفيرالأمريكي بايطاليا-زمنها-أوكما وصف سيد"الأنوارالأمريكيين""تيودرروزفلت"،موسوليني بأنه :"ذلك الرجل النبيل الرائع"-وأصبحت"الفاشية"-للغرابة"محسوبةعلى"الحداثة"و"الديموقراطية"،ومنسجمة مع المفهوم الغربي والأمريكي"للديموقراطية"قبل أن تتعارض المصالح المشتركة(الجيو-اقتصادية-ستراتيجية)،لينقلبواعليها لاحقا لا بسبب المبادئ الانسانية،ولكن بسبب انتهاء دورالفاشية كأداة لايقاف المدالشيوعي وتمرد موسوليني على اليانكي الأمريكي وهو نفس سياناريو عراق صدام،بعداستنزافه،وقلم أظافره،ونخرقواه في حرب الثماني سنوات مع ايران..وهكذا هم الأمريكيون،وهكذا سيظلون..
وهكذا ارتعب"وندهام لويس"وجيله من الفلاسفةالذين نظرواوراءهم إلى ماخلفته"الحداثة والحضارة"من دماروخراب،ومستشرفين المستقبل الذي وصفه"ونهام"بهذه العبارة المرعبة قائلا"إننا لسنا فقط آخرالرجال في حقبة زمنية،بل نحن أكثرمن ذلك،نحن الرجال الأوائل في مستقبل مرعب لم يتعين بعد"حيث انسدت كل منافذ المستقبل أمام المفكرين والفلاسفة الحداثيين اللاحقين،سواءأكانوامن أتباع هيغل أو كانط،أوهايدغر،أوجادامير،أوفيتجنشاين،أوفوكو،أودريدا،وسواءأكانت التقاليد"فينومولوجية"او"هرمنوطيقية"او"تفكيكية"أوغيرها،
ضغوط المزالق والمآزق والمآسي في كل مناحي الحياة نتيجة اعتلال الحضارة العضوانية المعاصرة"التي قدمت للانسانية أشياء لم يطلبها في الأصل–حسب تعبير"ألتوسير"المتمثلة في تخمة(الاشباع الاستهلاكي-العضواني) والاستهبال الفكري والايروتيكي والابداعي
- ضغوط متاهات السلوك الهمجي لدي الشباب الغربي الحالي الذي هو"الأنموذج الكوني" لكل شباب العالم في ظل"عولمة القذرات" وخاصة في سلوكه الانحطاطي تفكيرا وسحنة وهندمة التي تهيج المزيد من استفحال البرابرية الخلقية لدي الشباب"العولمي المعاصر" مما يزيد من حالات الارتعاب الكوني،بتفاحش ملايين حالات الأمراض العقلية والنفسية والروحية، التي غصت بها المستشفيات الحكومية والمصحات الخصوصية في عوالم الشمال المتخمة المدللة، وفي عوالم الجنوب الجوعانة والمرعوبة،وتزايد ملايين المحبطين والمنحرفين،والمعتوهين،والشواذ،وعتاة الجناة وملايين العصاةالمحتملين-الصامتين منهم والمدجنين واللاهين،-وظواهرالمتمردين والمغتربين والمهمشين،والمجرمين القاصرين(ظاهرة اكتظاظ السجون في أوروبا الغربية والولايات المتحدة بالشبيبة والأحداث التي أصبحت تقض مضاجع الدول والخبراء والمنظمات الدولية) الى آخرالأوجاع الكونية الجديدة ،والنوائب الوجودية التي باتت تقصم ظهورالبشرعلى امتداد المدارين،بموجب الاخلاق الزولوجية الجديدة المتطيشة في التجمعات الثقافية والسياسية والكروية والغنائية وغيرها،بسبب فراغ العقول والبطون والأرواح والأفئدة،حيث أصفرالنوع البشري- بعد موات كل مشاريع الحداثة- من أية قيمةأنطولوجية،أوصبغةانسانية،
-ضغوط تهديدات الفوضى الاقتصادية العارمة،والبطالة الخانقة في الجنوب المعسر، والمتعملقة في الشمال الموسر،المؤذنة باندلاع الثورات في داخل الأنظمة الرأسمالية الغربية، ومحاولات التمويه عليها وتحويل الأنظارعنها،وشغل قطيع البشر،بمشاريع اشعال الحروب في الخارج أو باختلاق "ثورات وانقلابات مخملية" داخل البلدان المتمردة على المشروع الغربي كيفما كان لونها الحضاري أوالعرقي اوالطائفي في العالم ،سواء اكان المتمردون مسيحيون،أومسلمون،أوبوذيون،أو قوميون،أولا دينيون،
غيرأن هذا الشرق- سيظل بالنسبة للغرب–لأسباب جد معقدة - هوالحمام التركي الذي يغتسل فيه من أدرانه وأوساخه وأوصابه وقاذوراته،...وسيظل أرضيته المستباحة لتجارب هذياناته، منذ الاسكندرالأكبر،ومن اقتفي آثاره لاحقا مرورابنابليون،وعبركل ملحمات الغرب المظفرة الكولونيالية البشعة، وصولاالى ما يجري اليوم في مناطق العالم العربي والاسلامي وما سيجري على أرضه -غدا يقينا- من فظاعات،
والنتيجة،أن الكل يتصارخ :أين المفر؟
فقد أعلن مفكروالغرب بالاجماع ،عن أن أطروحاته المركزية الجديدة الضامنة لاستمرارشرعية الغرب ورؤاه المستقبلية قد تبخرت،وتقلصت حتيتا متدرجة الى المزيد من الانحدار،ولم يتبق منها سوى فرضية واحدة وهي :"موت الحداثة"، حيث لم يعدالتفكيرالغربي يتساءل في مراكزبحوثه،فيما اذا انتهت الحداثة أم لا(فهذه من خصوصيات جبلة الثرثرة العربية والثالثية الصرفة المصابة ب"عقلية"التكرارية الاركية الاجترارية السقيمة للابيستيمولجيات و"الحفريات"و"التفكيكات"البائدة التي لم تعد تذكرمنذ أواخر السبعينات من برشلونة الى سيدني-سوى عند ديناصورات عباقرة نخبنا العربية)،
فثمة أوضاع عالمية جديدة متعلمقة ومتزئبقة،أودت بكل المراحل الانتشائية المزدهرة للأطروحات الكانطية والهيغلية(سواء لدى الهيغليين والكانطيين القدامىأم الجدد)التي كانت تتمحورحول السلام الدائم،وانتصارالعقل،وحيث تم الاعتقاد–خطئا-"بأن نهاية الحرب الباردة، تمثل لحظة يمكن التحكم فيها في مصائر البشرية،والعمل على نشرالمحبة والأخوة والعدل العالمي"كما وضح ذلك جيدا"زاكي لعيدي"في كتابه القيم Un monde privé du sens"عالم بلا معنى"حيث أصبحت طروحات"اللاءات"لكل القيم، تتطفح على سطوح الفكرالغربي وعلى جلد حضارته المعتلة مثل البثور"الديرماتولوجية"،والتورمات الخبيثة المنذرة بتجذر"الغرغرينات السرطانية"المستعصية، تتجلي في مشاريع فكرية مبهمة جديدة غيرمرئية،تنفلت من كل تحديد مفهومي نهائي ويقيني،بعد أن أصبحت هذه الحضارة تعاني من ظاهرة جديدة اسمها :"الخوف من التخلف"و"الفقر"ورعب العودة الى"الظلامية الدينية المسيحية الكاثوليكية-كما يرسخونها في الأذهان،-وكأن المسيحية الحقة كانت عدوة للانسان التي لم تسعفها جرعات الاصلاحات"اللوثرية"و"الكالفانية البروتستنانية"التى حولت"دين عيسى عليه السلام"الى توارتية ظاهرية"مكثلكة" والروح تلمودية، والى وصفات اقتصادية دنيوية مطعمة(بيهودية تلمودية استرارية-قبالية–ترشيدية-مالية) لكل مناحي الحياة المعيشية المندسة في تدبيرالأبناك والأعمال وتصاميم العمارة والبنيان، وتنظيم المجتمعات والأحزاب وتوزيع الأدوارعليها، وتوجيه الرياضات والفنون والثقافات الجديدة، وعقلنة زولوجيات الرفث والخنا،مواجهة ل"فوبيا"هاجس مرض العودة الى"القرون الأوسطية"،التي أفرزتها مفهومية "فرانكشتانية"التحديث الذي أصبح مثل الوحش الذي انفلت من عقاله،وعاد من المستحيل السيطرة على"هستراته" التخريبية في غياب الحلول الجاهزة التي لم يعرف لهاالغرب-في جميع أحواله-مخرجا في تاريخه الطويل الاعن طريق الحروب الداخلية والخارجية منذ ما قبل مسيحيته وصولا الى مشاريع الحروب القادمة بعد 2010 :المدرجة في أجندات التوليفة الجديدة(الأورو-اسرائيلو- أطلنطية)عبرمشاريع التغيير"الحداثي" بالحروب المدمرة ،لا بالحواروالمجبة والعدالة والاقناع بقيادة الأرباب الجدد (أوباما-ناتانياهو-ساركوزي-براون -ميركل)
-أوليس هؤلاء هم آلالهات الجدد "الحداثيون،العقلانيون،المتنورون،واللا دينيون التقدميون العلميون الذين أنيطت اليهم -بالاقتراعات الحرة والديموقراطية- مهمة ترشيد شؤون الغرب "الحداثي"اليوم واقتياده الى الطريق الأقوم؟
تساؤلات مشروعة :
وبعيداعن التردادالأهبل للمهاترات"الأدباتية"والخربشات الشعرية الطفولية لمصلطلحات "الحداثات"،فان الغرب يتحدث عن"الحداثة"بصيغة الجمع،ومهرطقونا يتحدثون عنهابالمفرد، كما أن الغرب يتحدث عن"العلمانية"بالجمع ونحن نتحدث عنها بالمفرد،علما بأن لكل مجتمع وبلد وحضارة "حداثتها"و"علمانيتها"،وبالتالي فان"الحداثة"والعلمانية ليستا واحدة، فهما افرازان لحاجات( سوسيو- ثقافية- حضارية –خصوصية أوروبية) وليدة حضارة الغرب التكنولوجى المعاصر، التى تعكس قيمه المتصارعة داخل أمهاته الكبرى : الهيلينية والرومانية والتوراتية والمسيحية، الوضعانية، و اللادينية ،والتنويرية والاستعمارية والحداثية وما بعد –الحداتية -وهلم جرا،مع انعكاساتها على تاريخه الطويل والمعقد الذى أفرزمفاهيم انقلابية تستجيب لتساؤلاته وصراعاته التى هى من مميزات كيانه العام التىلا يخرج عنها في تفاعله اليومىأو الدوري مع الارتجاجات التى تصيبه مع "الآخر"أو"العوالم الدونية"، وهذه من صلب طبيعة الغرب الجوهرية-لمن لا يعرفه من الداخل ايبيستيمولوجيا-
كمالايجب اغفال أن ازدهار تيارات ايديولوجية وفكرية ومذهبية فى فرنسا مثلا لا يفيد بالضرورة انسحابها على العقلية الجرمانية أوالانجلوساكسونية، أوالفالونية(البجيكية والهولاندية)،أوالاسكندنافية،أوالسلافية، فأوروبا ليست واحدة،كما يتوهم سذج ساستنا ومثقفينا ،فبنيات القوميات والعرقيات الأوروبية وخصوصياتها التاريخية والمحلية منتوعة بل وتناقضة أحيانا-وهى المتجاورة جغرافيا واثنيا وتاريخيا وثقافيا واجتماعيا– غيرأن مصالحها تتقاطع وتلتقى استراتيجيا واقتصا ديا، بل ان هذاالغرب "الحداثي والانسانوي" نفسه،يدبراليوم مكائد لاقصاء دول من الخارطة الأوربية مستقبلا مثل بلجيكا،وتفقيروتجويع دول مثل اليونان واسبانيا والبرتغال لتدفع ثمن التناقضات "الحداثية والديموقراطية الأوربية"، فما بالك بشعوب وحضارات تقع خارج المحيط الأوروبى ذى البعد الواحد
،فمن الغباء اذن اسقاط مصطلحات"الحداثة"بكل وبلادة على سائرالثقافات ،أو تفرض على جميع المثقفين استظهارمصطلحاتها، والتحذلق بدلالاتها علىأسواِ ما تكون من الرطانة والاصطخاب الأجوف..
وما يمكن تطبيقه من "حداثة أوعلمانية في لبنان-مثلا-لا يمكن صرفه بكل صفاقة على العراق، أو السعودية،أوسلطنة عمان أو المغرب،كما أن كل مفاهيم"الحداثة" ليست استلهاما منزلا ومنزها ومقدسا،و كل حداثة أوعلمانية بدون أخلاق،ولاعتاد روحي قويم تدعم أسسها فسيكونان"مجرد فوضى وهسترة منظمتين"
للبحث صلة
د./م. الطيب بيتي/ باحث مغربي في الأنثروبولوجيا /باريس/فرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.