ضاع الكثير من الوقت والأمال الطموحة والتي صاحبتنا لعقود من الزمن لبناء الحضارة العربية المتمثلة في دول المعرفة التي من خلالها نحصل على الصناعة والتكنولوجية والثقافة التي تحصيننا من الأطماع الخارجية صرفنا كثيرا من الأموال عقدنا اجتماعات اجتلبنا خبراء من الخارج ،وفي كل مرة كنا نعيد من حيث بدأنا من الصفر طبعا كان السؤال يتكرر لماذا تقدم غيرنا من الدول وملكت ما فتقدناه نحن رغم المحاولات المتكررة. أسئلة كانت مشروعة ولازالت كذلك ولابد ان تلح علينا هكذا أسئلة ،لكن من الجهة الأخرى كنا نتهرب من الأسئلة الأن الجواب له استحقاقات لتي . حتى الديمقراطية قلدناها ولم تنجح عندنا !!وإنشائنا أحزابا لكنها بقيت أحزاب هزيلة لم تقدم الوطن بل بالعكس أفرغت الوطن من أشياء كانت جميلة .اذا: هذا حالنا رجعنا الى سنوات الانحطاط التي كان يسأل فيها عن جنس الملائكة ،هذا هو وقعنا وحالنا .اذا لم ننتبه لماذا تقدم غيرنا وتأخرنا نحن رغم أن أموالنا تفوق أموالهم وخيراتنا تفوق خيراتهم وشعبنا الأكثر عددا والأكثر شبابا وأوطاننا الأكثر مساحة والأكثر ثروات .هنا يبرز السؤال الكبير لماذا وكيف والى متى ؟ هنا يحضرني كتاب قرأته لمثقف جزائري كبير عاش ثلاثون سنة في المنفى وعاشر الثقافة الغربية وجمع بينها وبين الثقافة الإسلامية ونتقد تقريبا في جميع مكتبه كيفية تعاملنا مع الحضارة لأننا في الحقيقة نظهر كأطفال سذج .يقول مالك بن نبي رحمه الله في كتابه "ميلاد مجتمع":فليست الثقافة سوى تعلم الحضارة ،اعني استعمال ملكتنا الضميرية والعقلية في عالم الأشخاص.وليس العلم الا سوى بعض نتائج الحضارة ،أي انه مجرد جهد تبذله عقولنا تستخدم في عالم الأشياء فالأولى تحركنا وتقحمنا كلية في موضوعها .وأما الثاني يقحمنا في مجاله جزئيا والأولى تخلق علاقة بيننا وبين النظام الإنساني والآخر يخلق علاقة بيننا وبين نظام الأشياء ومن هنا يتبين لنا ان الذين عملوا على تحرير غرائزنا مدعين انهم يحضروننا بعلمهم هذا –يكشفون تماما عن جهلهم :فهم يعرفون كلمة (حضارة)،وما كان مصدر تعلمهم هذه الكلمة معجم لغوي ،أو صحيفة سيارة،على حين يجهلون تماما ماذا تعني ي الواقع . هؤلاء الأساتذة المتساهلون في الحضارة هم في لواقع شر أعداء التقدم:إنهم قوارض، يقرضون جوهر الحضارة ذاته، كما تقرض الفئران كومة من القمح لتحيله غير صالح لشيء فإذا احتجنا اليوم ان نعد في بلادنا دفاعا من اجل الحضارة ،فمن الواجب ان يكون دفاعا ضد هذه القوارض ومن الواجب ان يعد مجتمعنا جائزة كبرى لمن يكشف عن أحسن مبيد للفئران،دفاعا عن شبكة علاقته ضد هذه القوارض ومع ذلك فليست هذه القوارض وحدها النوع الحيواني الذي يهدم المجتمع حين يقرض شبكة علاقته التي تعينه على اداء نشاطه المشترك ، بل ان هناك نوعين لخيانة المجتمع نوع يهدم روحه ،وآخر يهدم وسائله" الى متى التجاهل؟