ملامح الهجوم الإعلامي المتواصل على الحكومة لإسقاطها د. حسن محمد أبو حشيش الفجرنيوز رئيس المكتب الإعلامي الحكومي الإشاعة ، الدعاية السوداء ، التلفيق الإعلامي ، الفبركات والأكاذيب والأضاليل ، الكثافة والإغراق ... تنوعت الأساليب ، وتضاعفت الأموال... والنتيجة صفر كبير من الفشل والخيبة اعتمدت فتح على ناطقين مرضى، وأصحاب ملفات خاصة مع حماس، يكنون لها الحقد ومتناقضين مع قيمها ومثلها...و على مواقع هلامية الوجود، و إذاعات محلية سافرة في الحقد والتحريض، وتلفاز فلسطين الذي مثل إحدى أهم أدوات دعايتهم ، وساعدهم وتعاون معهم الإعلام الصهيوني وبعض الإعلام العربي الحاقد على حماس وفكرها. قلنا أن أصل الحكاية لما يحدث في فلسطين على صعيد العلاقات الداخلية أن حركة فتح التي تقود وتسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية رفضت نتائج الانتخابات، وعودة الحركة الإسلامية، ورفضت الشراكة الحقيقية...واستخدمت كل الوسائل والأساليب والآليات لترجمة هذا الموقف المبدئي والفلسفي، فكانت مظاهر الفلتان الأمني بكافة أنواعه وصوره، من قتل العلماء، وتصفية المواطنين على الهوية واللحية والحجاب، والاعتداء على المساجد، وإنشاء المربعات الأمنية، وعربدة فرق الموت، والمسيرات المسلحة ضد الوزارات والمجلس التشريعي، وكل ذلك كان مقدمة لتحرك أمني سياسي انقلابي تقوده الأجهزة الأمنية التابعة لحركة فتح بقيادة أمراء الحرب وعصابات فرق الموت، ففشل تحرك فتح الانقلابي الدموي، وتمكنت الحكومة الشرعية بقيادة حماس أن تبطل وتحبط هذا الانقلاب المدعوم والمسنود إقليمياً ودولياً، وتفككت الهالة الأمنية الفاسدة والقاتلة وكان الموقف الحاسم في منتص ف يونيو2007م . وبدلاً من أن تستفيد حركة فتح والرئيس محمود عباس آنذاك من قدرة الحكومة على إنهاء أمراء الحرب الذين كانوا يعملون ضد عباس نفسه حسب تصريحاته، وبدلاً من إعادة ترتيب الوضع السياسي على أساس الشرعيات التشريعية والحكومية والرئاسية، والعمل كفريق جماعي لخدمة الشعب والقضية...أمعنت فتح في الانقلاب والإقصاء فقررت الانقسام وحصار غزة، واعتبارها إقليماً متمرداً يستحق السحق والتأديب . ومن أهم الأساليب المُستخدمة من حركة فتح ضد حماس بشكل مركز ومكثف وقوي ومتواصل هو الحرب النفسية والإعلامية التي أخذت شكل الدعاية السوداء والإشاعة الكاذبة، متخلية بذلك عن كل أصول الخصومة السياسية، ومتناقضة مع آداب الحوار والخلاف والنقاش. دعاية سوداء وبرزت الحرب الدعائية الفتحاوية السوداء في مراحل ثلاث : المرحلة الأولى: كانت في الدعاية الانتخابية التي وُجهت ضد حماس ورموزها بالدرجة الأولى، وهدفت إلى تخسير حماس الانتخابات، من خلال تشويه صورتها، وزرع صورة نمطية لدى الرأي العام تعتمد على الاتهام بالجهل السياسي لحماس، وعلى الموقف الأيدولوجي المتناقض مع رغبات المجتمع الدولي، وعدم صلاحية حماس للعمل السياسي والعام وهي متمسكة ببرنامجها وثوابتها . المرحلة الثانية:بعد فوز حماس وتشكيل الحكومة العاشرة، وكانت مضمونها السخرية من الأداء، ومن عجز البرنامج، ومن القدرة على التعامل مع المجتمع الدولي والإقليمي، ومن توفير خدمات المواطنين...وصاحب ذلك الفوضى الأمنية، والحصار الاقتصادي، والقطيعة السياسية...وركزت دعايتهم على العودة إلى الانتخابات المبكرة، وكان مخططهم من وراء حملتهم في هذه المرحلة هو تنفير الناس من حماس، وتشتيت الجماهير من حولها، وزعزعة الثقة بها وببرنامجها، وحاولوا أن يزرعوا معادلة انتخابك لحماس مرة ثانية يعني الحصار والفوضى الإغلاق والجوع والموت . المرحلة الثالثة: بعد القضاء على التمرد والانقلاب الفتحاوي الأمني، ورغم بشاعة وقذارة الحملة برمتها وبكل مراحلها إلا أن التفاهة والانحطاط بلغ مبلغه في هذه المرحلة واعتمدت على التركيز والتكثيف والإغراق والسرية والأمنية، والتلفيق ونسج الخيال، والأكاذيب والتلفيقات، ويقوم عليها شخصيات تابعة لفلول التيار الانقلابي الأمني من باب الانتقام، وتعويض الهزيمة والفشل، وشخصيات صغيرة تحتاج إلى وظيفة من مثيل تفريغات 2005م، وشخصيات أرادت الحفاظ على الراتب أو الدرجة أو الرتبة...خسرت فتح بدرجة عميقة ما بقي لها من قيم وأخلاق ومُثل، وهبطت إلى درجة سحيقة، ولم تراعِ الدين والعُرف والعادات والتقاليد ولا النسيج الاجتماعي، فكذبت وكذبت وكذبت، وتمادت ضد رموز المقاومة وقيادات حماس، ورموز الحكومة... تعددية المراحل كان هدف حملتهم في هذه المرحلة هو العقاب، والتحريض على الفوضى والفلتان والعصيان، وأن يثور الناس على الحكومة، وتحريض الاحتلال على الحصار والعدوان، وتحريض المجتمع الدولي والإقليمي على استمرار الإغلاق ورفض التعامل مع حماس وحكومتها، والأخطر من كل ذلك هو زرع في ذهنية المواطن أن قيادات حماس (فاسدة) ومتصارعة ومتنافسة، وهذا الأمر يمهد إلى حملات من الاغتيالات والتصفيات ضمن مخطط يشارك فيه الجميع، ثم تُروج الحملة الدعائية الفتحاوية أن هذا يأتي في إطار صراع داخل حماس... وفي كل المراحل اعتمدت فتح على ناطقين مرضى، وأصحاب ملفات خاصة مع حماس، ويكنون لها الحقد ومتناقضين مع قيمها ومثلها...واعتمدت على مواقع هلامية الوجود، سرية وأمنية غير علنية، وعلى إذاعات محلية سافرة في الحقد والتحريض، وتلفاز فلسطين الذي مثل إحدى أهم أدوات دعايتهم وإشاعتهم، وساعدهم وتعاون معهم الإعلام الصهيوني وبعض الإعلام العربي الحاقد على حماس وفكرها. إن الحملة الدعائية الفتحاوية على مدار السنوات الأربع هدفت إلى تحقيق إطار عام وشامل من الأهداف أبرزها : 1- الضغط النفسي والسياسي والمعنوي على حركة حماس وحصارها من الداخل إلى جانب الخارج . 2- تشويه صورة حماس وحكومتها وإبرازها بالعاجزة والفاشلة . 3- زعزعة ثقة الرأي العام بحماس وفك التفاف الجماهير حولها . 4- إفقاد الشارع العربي والإسلامي الثقة بحماس وإضعاف التعاطف الشعبي معها . 5- زعزعة مواقف الأحزاب والهيئات الرسمية وغير الرسمية في المنطقة من حماس وحصارها وإظهارها بأنها تدعم حركة غير مؤهلة بالدعم . 6- إيجاد صيغ تبريرية لتواطؤ فتح في الحصار والدفاع عن العجز العربي في ملف الحصار ومقاطعة حكومة حماس وإعمار غزة... حرب إعلامية لقد رأينا وعايشنا وسجلنا أن الحرب الإعلامية كانت بجوار الطائرة والصاروخ والبارجة والبندقية في الحرب العدوانية التي قامت بها قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة نهاية عام2008م، بداية عام2009م ،حيث كانت التصريحات والمقالات والتحليلات من بعض المتحدثين والكتاب والمحللين سواء الفلسطينيين أو العرب والتي تحمل حركة حماس المسئولية, وتُبرأ الاحتلال, وتنشر المعلومات المغلوطة والكاذبة والمبرمجة وخاصة الأكاذيب التي تدعي أن هناك عشرات الشهداء من معتقلي فتح السياسيين وهم يدركون انه لا معتقلين سياسيين في سجون الحكومة في غزة , وهم يدركون كذب ذلك ولكنهم يمارسون دورا محددا لهم للفت الأنظار عن بشاعة وحجم الجريمة ويقدمون خدمة للاحتلال. وهذا المظهر الإعلامي تكثف بشكل قوي وبثته بعض الفضائيات التي تقف ضد المقاومة وحركة حماس, وأبدعت فيه بعض المواقع المحسوبة على التيار الانقلابي القديم المحسوب على حركة فتح... حيث الإشاعات والأكاذيب وفبركة الأمور الخاصة بالوضع الميداني وأمور خاصة بالقيادات الحكومية والحمساوية ... ومن أهم ملامح الخطاب الدعائي لهذا الطابور المتناغم مع التطبيع والتسوية في المنطقة... قدح المقاومة وتحميلها المسئولية ,وتبرئة الاحتلال باعتباره يدافع عن نفسه أمام الصواريخ العبثية, وبأن المقاومة جلبت لنا الدمار والخراب والحصار, وبأن حماس تتخذ من الشعب رهينة لتحقيق مصالحها , وبأن حماس تسرق المعونات وتبيعها في الأسواق, وأن حماس تقتل الناس في الشوارع ,وأن الحل الوحيد هو عودة قطاع غزة للشرعية, وان حماس عليها تعلم الدرس وترك السياسة للسلطة الشرعية برئاسة عباس , وأن حماس تدعي الانتصار أمام هذه المجازر والخراب , وأن قادة حماس هربت عب ر الأنفاق إلى العريش وتركت الناس لمصيرها ,وأن عملاء من حماس هم وراء قتل سعيد صيام , وأن محمود الزهار نقلته سيارة إسعاف وهربته إلى مصر, وأين هي المقاومة التي كانت حماس تتوعد العدو وأين العمليات الاستشهادية... كل هذا الخطاب قد روج له الاحتلال بأدوات عربية وفلسطينية لزعزعة الجبهة الداخلية , ودفع الناس للثورة ضد المقاومة بقيادة حماس ... والشخصيات التي تولت كبر هذا المضمون فلسطينياً هي نفس الأشخاص الذين غرقوا في الأمنيات بأن تُنهي الحرب حماس ووجودها وعودتهم للنفوذ ...وللأسف كان خطاب محمود عباس أوضح شيء , لاحظوا خطابه في الأممالمتحدة وفي القاهرة وفي شرم الشيخ وفي الكويت وفي كل مؤتمراته , ومحمد دحلان , والطيب عبد الرحيم , وأحمد عبد الرحمن, وياسر عبد ربه الذي ما توقف على مدار الحرب، وتوج الأمر بخطاب هو الأسوأ يوم الخميس 22 -1- 2009 م . وهذا الأسلوب يُعتبر إشارة على فشل الأسلوب العسكري في النيل من المقاومة فأطلقوا أبواقهم الناطقة باللكنة الفلسطينية ,لعلها تُطفئ أنوار الصمود , وتنال من العزيمة الصامدة والصابرة بعد عجز السلاح... وضعت الحرب والعدوان أوزارها وفشل الاحتلال وأعدائه في المنطقة في تحقيق ما يريدون، وفشلت هذه الجولة العسكرية والدعائية، ولم تسقط المقاومة ولا حكومتها، ولم يثور الشعب، وكسبت حكومة حماس تعاطفاً وتأييداً شعبياً ومحلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، وبفضل الله ثم بوعي الرأي العام الكبير والرائع والمحترم والذي يستحق التقدير والحب والوفاء والرعاية...فشلت مخططات الرصاصة والقلم والصورة المضللة، لم تنفعهم كثافة الروايات، ولا كثرة الأبواق، ولا ضخامة الآلة والإنفاق عليها، ولا قذارة المواقع السرية، والكذب والتدليس بات واضحاً ومتناقضاً مع العقل والنقل...لذا سجلوا صفراً كبيراً، وأنفقوا أموالهم، وتشربوا الحسرة والفشل، وتجرعوا مرارة الخسارة الجديدة كما خسائرهم المتلاحقة ولولا الحبل السُري الممدود لهم لشاهد الناس نتائج غير الموجودة . ورغم معرفتهم بالأرقام والحقائق والوقائع فشل حملتهم الدعائية السوداء الممتدة عبر عمر الحكومة الشرعية بقيادة حماس...إلا أنهم يمارسون نفس الأدوات والمضامين، ويكرروا الفشل والخيبة وهذا برأيي يعود لسببين: الأول: هم لا يملكون قرارهم، ولا استقلالية لتحركاتهم ومواقعهم فهم ينفذون أوامر وقرارات للأسف أنها تخدم غيرهم ولا تعود عليهم إلا بامتيازات رخيصة ذاتية من مال وجاه ونفوذ وسهولة تنقل وحرية سرقة منظمة . الثاني: لأنهم لا يدفعون الأموال الطائلة التي ينفقونها على الحملات الدعائية ضد شعبهم وإخوانهم وأقاربهم وعوائلهم من جيوبهم ولا من ميزانيات التنظيم بل من أموال الشعب الفلسطيني المُحصلة من الضرائب والجمارك ومن الدعم الذي يأتي لخزينة فياض، ويضطر للإنفاق منه لأمراء الحرب كسباً للود، وكسباً للأنصار وشراءً للذمم حتى يتمكن من تحقيق المخطط الكبير ضد القدس واللاجئين والحدود...إنهم ينفقون من أموال كهرباء غزة، ودواء غزة، وتعليم غزة، وإعمار غزة...إذن في حسابهم المادي هم غير (دافعين من جيوبهم) فلماذا لا يمارسوا هواية النذالة والسفالة التي تربوا عليها، ويحاولوا إسقاطها على كل الشعب الفلسطيني؟! شهوة للانتقام للسببين السالفين بالذكر، تعمقت الشهوة الانتقامية لحركة فتح من خلال الحرب الدعائية السوداء، وبعد فشلهم الكبير في كل ما سبق، انطلقوا مجدداً في حملة مكثفة ومركزة تعدت الخطوط الحُمر، ووصلت النذالة إلى الهاوية ولم يتركوا أحداً إلا نسجوا له في مقاعدهم وهم ثمالة وفي بيوت الليل والهوا الخاصة قصصاً خيالية وبأوامر من أعلى جهة إعلامية في فتح . ومن خلال القراءة الميدانية، والملاحظة للواقع، والمتابعة الدقيقة للوضع السياسي والأمني لحكومة فتح في الضفة، وعلاقات فتح الإقليمية والدولية، نستطيع أن نقول أن فتح وضعت أهدافاً جديدةً إضافة للسابقة من وراء حملتها الأخيرة من أبرزها : 1. أرادوا أن يُشعروا الرأي العام الفلسطيني أن فتح فاسدة ولكن حماس كذلك فاسدة، وأن فتح فشلت وحماس كذلك، لذا على حماس عدم المزايدة وإدعاء النزاهة والطهارة . 2. إن استمرار اعتقال المئات من أبناء الضفة الغربية من قِبَل فتح على خلفياتهم السياسية والحزبية والمقاومة، وتدهور حالة حقوق الإنسان والحقوق الإعلامية والسياسية...كل ذلك كشفهم وفضحهم فكان لزاماً خلط الأوراق وبعثرة الوقائع وتعمية الرأي العام . 3. فضائح الفساد المالي والإداري والأخلاقي لرموز في فتح وجهت للحركة صفعات ذاتية قوية كان لابد من لفت الأنظار وعكس التيار نحو الشرفاء . 4. كذلك استمرارها في تجفيف منابع المقاومة، ومحاربة المقاومة المسلحة، ودورها في حصار قطاع غزة وتأخر الإعمار، ودور حكومة فتح في أزمة الكهرباء في غزة الآن...يجب في اعتقادهم ألا تبقى هذه الفضائح في فم الرأي العام، وبالتالي يتطلب الأمر إيجاد قصص تخلق حالة من التوازن في الشارع . 5. التغطية على وجود أسماء فتحاوية ضمن قوائم اغتيال القائد الوطني الكبير محمود المبحوح في دبي . 6. التستر على موقف فتح وحكومتها وسفاراتها في تقرير غولدستون وتقرير ريتشارد فولك، حيث كان الموقف مخزي ولا مسئول ومتهاوي، وطاعن لكل الشهداء والجرحى والأسرى . 7. موافقة فتح على العودة للمفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال في ظل عدم تجميد الاستيطان، شكّل تراجعاً سياسياً فاضحاً يحتاج التمويه عنه . 8. أرادت فتح من وراء الحملة الأخيرة التغطية على عجزها في التعاطي الجماهيري والسياسي والقانوني في قضية تهويد المقدسات في القدس والخليل وبيت لحم، حيث أن مدن الضفة التي تحكمها فتح هي أقل المناطق في العالم تحركاً وتفاعلاً، وهذا يُسيء لفتح . لكل ما تقدم فإن فتح للأسف مازالت مستمرة في عنتريتها وعنفوانها الإشاعي رغم فشلها وفضحها، فالشارع يدرك استلابها لقرارها، ولعجزها عن اتخاذ موقف واضح، وأن حملتها السوداء ضد الحكومة بقيادة حماس لم ولن تغير شيئاً، لقد تطور وعي الناس أضعاف ما تطور وعي القادة المتنفذين الذين يسيطرون على فتح فهم الذين قادوها نحو فشل الانقلاب الأمني، وقادوا فتح في تحقيق الأمر المطلوب للحصار الذي شاركوا فيه ضد غزة، وهاهم أنفسهم يقودون فشلهم الجديد في حملتهم الدعائية السوداء، وسيبقى الفشل مادام جمود العقل مسيطر وخبث الهدف بائن . إن الجبال تذوب من فظاعة وقذارة الحملة الدعائية السوداء على مدار أربعة سنوات ولكن صبر الأحرار، وإرادة الأقوياء، وثقة الواثقين بربهم ودينهم وقادتهم تبطل كل المؤامرات . زيارات قيادات فتح .. دعاية فارغة بالتأكيد لا اقصد بقيادات فتح تلك القيادات الأمنية التي ولغت في دماء أبناء شعبنا، ولا اقصد بهم تلك الأبواق الناعقة التي تبث السموم والآثام يوميا على شاشات الانترنت والفضائيات ظلما وزورا، ولا اقصد بهم تلك الأقلام الفاجرة التي تسترزق من وراء هتك الأعراض، ونشر الافك الباطل والتي تسعى إلى كسب من يمول ومن يدفع ومن يمنح الدرجات ويعلق النجوم ويزيلها. بل اقصد هنا القيادات التي تقدم نفسها على أنها صاحبة نهج وحدوي، وسلوك تصالحي، وتسعى للمصالحة، وهدفها إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة إلى الشعب الفلسطيني...ونسمعها تتغنى يوميا بضرورة التفاهم والتعاون والخروج من الأزمة الداخلية.. سمعنا طحنا، ولم نجد دقيقا، ورأينا قدرا كبيرا على النيران، ولم نذق طعاما بل وجدناه حصى مغلي بدون ثمر وأثر. يقف الدكتور زكريا الأغا والنائب اشرف جمعة والمحافظ عبد الله أبو سمهدانة والوزير السابق هشام عبد الرازق...وغيرهم الكثير من قيادات فتح الوطنية المقيمة في قطاع غزة...يقفوا جميعا ليرددوا نفس الاسطوانة المعسولة حول إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة... لكن ما هي خطواتهم العملية؟ الإجابة لا شيء، لم يقدموا خطوة واحدة نحو ما يصدحون به. ويأتي الدكتور نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لفتح وأحد ابرز وجوه السلطة منذ تأسيسها، إلى غزة فاتحا وباسما وواعدا بجنة عدن، خطابه فيه أمل فيه وحدة فيه تفاؤل فيه وعود، أكد انه سيفعل المستحيل لعدم قطع حكومته في رام الله الكهرباء عن شعبه في غزة، حيث إن الظلام لا يعرف فتح وحماس وشعبية وجهاد وحكومة ومعارضة، ولكن ما هي إلا خطوات بعيدا عن غزة، فإذا بخطابه ينقلب ويكشر عن أنيابه وبدلا من أن تعود الكهرباء بقوة، إذا بها تنقطع بقوة بفعل حكومة فتح في رام الله. غادر شعث غزة بتناقضاته وحاء صخر بسيسو عضو مركزية فتح ومسئول ملف غزة فيها ودخل بنفس الشيء فاتحا مادحا هادئا داعيا للوحدة لاعنا الانقسام، ولكن ما عساه فاعل لا شيء كسلفه، وفجأة دخل فاتح جديد من قيادات فتح، إنه الدكتور سفيان أبو زايدة عضو المجلس الثوري، وإذا به يرى غزة كارثية، ويتهددها الظلام والفقر والحصار، ويعلو صوته لابد من التوقيع على الورقة، لابد من الوحدة ... وينتظر سكان غزة، فتحها وحماسها فاتح جديد. هؤلاء شخصيات تعتبر نفسها لم تشارك مباشرة في الخلاف ولا في الانقلاب ولا في الدعاية السوداء ولا في الاقتتال ... ويعتبرون أنفسهم لا علاقة لهم بما يحدث من تداعيات الانقسام. لا يا سادة زيارتكم كلها شكل من أشكال الدعاية الشخصية، وإثبات الذات، الكل يسعى لبيته وسيارته ومكانته ومؤسسته ولتذهب فتح في غزة كغيرها إلى الجحيم، ولتذهب كذلك الضفة إلى المجهول، فكررت زياراتكم وصوركم وابتساماتكم وموائد طعامكم ولكن مع كل زيارة لكم تزداد أفعال حكومتكم وحركتكم، ولم تثبتوا لنا ولا لأصغر شبل أنك قادرين على وقف التطهير الحزبي في الضفة، وعلى وقف سياسات فياض الكارثية على القضية باسمكم، وعلى وقف تدهور قيم المواطنة والآدمية في الضفة، وعلى استرداد قرارات حركتكم الوطنية. عجزتم وفشلتم يا سادة يا كرام عن وقف تدهور قيم المنظومة الإعلامية الهابطة التي تقود دعاية رخيصة ضد شعبكم وأهلكم وقيمكم ويقف وراءها شخصيات مرتزقة مرتهنة فاشلة على مدار عمرها. كما عجزتم عن وقف التحرك ضد قطاع غزة باسم فتح في قطاع الرواتب، ومنع جوازات السفر، وفشلتم في إقناع تياراتكم المتناحرة للتوجه للمصالحة، وأخيرا نجحت حركتكم وحكومتكم باقتدار بقطع الكهرباء عن غزة كما منع الإعمار وإغلاق معبر رفح. هنيئا لكم نجاحكم في استمرار عجزكم وشللكم ... إذن أرجوكم ارحمونا من تصريحاتكم وزياراتكم وإلا فاجلسوا في بيوتكم ولا داعي لفرد العضلات أمام الكاميرات، وإلقائها في الميدان المطلوب الإنجاز فيه. اعلموا أن سلوككم هو شكل أهدأ من الحملات الدعائية السوداء التي تعكر الأجواء وتسمم الهواء ولن تغنيكم ولا تسمنكم من جوع، فالفعل المشين يساوي الصمت المقصود والعجز المطلوب.