مجلس نواب الشعب : جلسة عامة غدا الثلاثاء للنظر في اتفاق قرض بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير اسرائيلي: نحن بصدد احتلال غزة وعلى الإسرائيليين تقبّل كلمة "الاحتلال"    الرابطة المحترفة الاولى : برنامج الجولة 29    سليانة: 2735 تلميذا وتلميذة من 22 مؤسسة تربوية يشرعون في إجراء اختبارات البكالوريا التجريبية    عاجل/ قتلى في اصطدام سيارة تونسية بشاحنة ليبية    عاجل/ حملة أمنية في سيدي حسين تُطيح بعناصر خطيرة مفتّش عنها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    تونس تتلقى هبة يابانية تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي    رفض مطلب الإفراج عن النائب السابق وليد جلاد في قضية فساد مالي    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    دوّار هيشر: السجن 5 سنوات لطفل شارك في جريمة قتل    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    بداية من الغد: اضطراب وانقطاع توزيع المياه بهذه المناطق..#خبر_عاجل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    وفد من هيئة الانتخابات في رومانيا لملاحظة الانتخابات الرئاسية    الإدارة العامة للأداءات تُحدد آجال إيداع التصاريح الشهرية والسنوية لشهر ماي 2025    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    بوشبكة.. حجز أجهزة إتصال متطورة لدى اجنبي اجتاز الحدود بطريقة غير قانونية    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    رفع اكثر من 36 الف مخالفة اقتصادية الى أواخر افريل 2025    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثيقة المصالحة:مَنْ وضعَ العصا في العجلةِ الفسطينية؟:دكتور أحمد محمد المزعنن
نشر في الفجر نيوز يوم 27 - 04 - 2010


المنطلق :صَديقُكَ مَنْ صدَقَكَ ،لا مَنْ صَدَّقَكَ.
بعد قراءة متفحصة ونافذة ومتأنية للنص الحرفي للمقترح المصري لاتفاقية المصالحة الفلسطينية لا يسعني إلا التعبير عن حجم الصدمة والشعور بالاستغراب والاستنكار،وأتساءل:
هل حقيقة أن حماس كانت تحاور ممثلي سلطة المفسدين في رام الله، المتسترين خلف اسم فتح على هذه الموضوعات؟
وكيف وافقت على أن تكون هذه الموضوعات هي محاور الحوار العبثي الذي جرى في القاهرة؟
وما الذي كانت حماس والفصائل المتحالفة معها تنتظر في النهاية من مناقشة هذه الموضوعات؟
حماس التي تعرف عن عباس وسلطته الكثير الكثير،وقالت فيه هي ومن ساندها،وناصرها ووقف معها ما لم يقله مالك في الخمر،وكشفت عن بعض ما ابتدعوه من مظاهر التخريب في الأبنية الاجتماعية والفكرية للشعب الفلسطيني،وحاصرها وشعبها في الداخل والشتات باتفاقية المعابر 2005م،ووقف يسفه منهجها،وآخر ترهاته ما صرح به علنًا وفي كل مناسبة:من أنه يسعى لإنهاء الإمارة الظلامية في غزة،ويبدو عليه أنه يستشعر النصر،مستبشرًا بالفوز في نهاية المشوار،يملؤه شعور غامر بالقوة التي يستمدها من بقع الهلام الداعم في لعبة الأتاري العربية على ساحة الوطن العربي ،كيف تسمح حماس لنفسها أن تصدم جماهيرها وحلفاءها وأنصارها،بالجلوس إلى هؤلاء الإفساديين الساقطين فكرًا وسلوكًا؟كيف تسمح لنفسها أن تنساق وراء بنود الورقة الفخ هذه التي تُعرف زورًا بالمصالحة،وما هي إلا وثيقة الذل والاستسلام والتسليم المطلق لهذا الجاسوس الذي لبَّس على الشعب،ودلّس عليه حتى رفعه ومن معه إلى موقع القيادة والرئاسة؟
لقد طردت المقاومة الباسلة في غزة هؤلاء العملاء الفاسدين المفسدين حلفاء الصهاينة،وفضحت أمرهم،وقبعوا هناك في رام الله في حماية المحتلين اليهود،واستولت حماس على كمية ضخمة من الوثائق الدامغة التي تفتضح سلطة الخزي،وأجهزة العار الأمنية،وستكون أية نتيجة لهذا الحوار كسبًا حقيقيًا لهؤلاء الجواسيس والسماسرة،فهم وبعد أن فقدوا احترام الجميع،وافتضح أمرهم،وطردوا من غزة يعتبرون أي نتيجة للحوار كسبًا لهم،وهذا يفسر تكالب سلطة أوسلو ومبادرتها وهرولتها إلى التوقيع منفردة استجابة لمقترح قدمته مصر للمنهزمين على تصفية قضية شعبهم ممن انحازوا إلى السلطة المتهالكة لتنفيذ التعليمات والأوامر الأمريكية السرية والعلنية بضرورة البدء في المفاوضات،حتى مع رفض الصهاينة الالتزام بالحد الأدنى من المطالب الأمريكية(الوقف المؤقت للتوسع اليهودي).
ظاهر بنود وثيقة المصالحة المصرية لا مراء فيها،ولا غبار عليها،وإذا طُبقت والتزم بها الجميع فبِها ونِعْمت،غير أنَّ من يتفحص بعض نصوصها بعناية وإمعان نظر يجدها قامت بدسِّ السُمَّ في الدَّسَمِ،وأن ظاهرها فيه الرحمة،ولكن باطنها من قبله العذاب،والشقاء الأبدي لأهل غزة ومن يتعاطف معهم،وتحمل في طياتها نُذُر الويل والثبور وعظائم الأمور،وما لا يمكن تصوره مما يخبئه المقدور،وما لم يكن له شبيهًا فيما سلف في أحوال القرون وكرِّ العصور.(القرون هنا بالمعنى القرآني أي:القرى والأمكنة)،وفي هذه الوثيقة الفخ المصيدة البلوى التي ما بعدها إلا ضياع الأوطان،وهجر الإخوان،والفتن والقهر والإذلال،ولقد أعذر من أنذر.
وما أكتبه أيها السادة الحكام،وولاة الأمور المعنيين بإنفاذ ما يعتبرونه أمرًا نافذًا لا رجعة فيه ليس تحريضًا أو ذمًا أو مدحًا أو رغبة في إثارة فتنة،هي حاليًا كالمِرْجل لا يحتاج إلى من يزيده فورانًا واضطرابًا،إن ما اكتبه موجهٌ مباشرة إلى القيادة المصرية من منطلق الحب العظيم الذي يملأ قلبي وقلوب من هم على منهج الحق الذي نتوخاه لنا ولقومنا ولمصر وأهلها وأرضها وأمنها،والاحترام الوافر لقيادتها وأجهزة أمنها،والتقدير الحقيقي لعلمائها ومفكريها بغض النظر عن منطلقاتهم الأيديولوجية،وفي أي موقع كانوا،والحرص الشديد على عدم تشويه صورة "المحروسة" في قلوب ملايين الفلسطينيين الذين عايشوا عن قرب التضحيات التي قدمها الشعب المصري العظيم،وجيشه الباسل في سبيل المحافظة على فلسطين وشعبها،وصيانة قضيتها من التفكك والضياع،منذ حرب 1948م،مرورًا بالعدوان الثلاثي الغادرعام 1956م ثم الفاجعة القومية عام 1967م،ثم حرب أكتوبر العظيمة 1973م التي أعادت لمصر ثقلها واعتبارات وزنها الاستراتيجي كقوة رئيسة في المنطقة العربية،ولا نزال نذكر قطار الرحمة عام 1953م،والمغزى الإنساني الذي حمله إلى قطاعٍ كان ينوء بأعباء لجوء ما يقرب من نصف مليون لاجىء إلى هذا الشريط محدود الموارد والمساحة المعروف بقطاع غزة تحت الإدارة المصرية،وحتى هذه الساعة التي تتحمل مصر وقيادتها أعباء وتبعات القضية الفلسطينية،على الرغم مما يبدو على الساحة العربية والفلسطينية من التفكك والتحلل والتنصل من استحقاقات الصراع القومي والديني التاريخي مع العدو اليهودي المحتل لفلسطين،واحتفاظ شعب أرض الكنانة الأصيل بثوابت الصراع مع العدو،ومعارضة التطبيع مع ذلك العدو على الرغم من مرور ما يقرب من ربع قرن على ما يعرف بمعاهدة السلام التي أعقبت كامب ديفيد.
ومع التسليم بحق مصر العروبة أن تدير الأزمات التي تعتبرها مهددة لأمنها بالطريقة التي تمليها مصالحها ،وقطاع غزة منطقة نفوذ قومي ووطني للدولة المصرية،ولا حياة لسكانه،أو تقرير لمصير قضية شعب هم جزء منه إلا برضى مصر وإرادتها،وخرافة القرار الفلسطيني المستقل الذي رفع شعاره حثالات المنهزمين المحتالين بتشجيع أطراف عربية سيطرت عليها الاعتبارات القطرية،ومهدت لفك ارتباطها مع استحقاقات الدور القومي والديني،هذا الشعار لم يعد له وجود إلا في النفوس الخبيثة التي تكيفت مع طبيعة الدور الذي تمثله كوكيلة للاحتلال اليهودي تحت تأثير مشاعر النبذ والضعف،فكانت مخرجات الفعل الوطني المزيف الذي تدعيه لنفسها في غاية التشوه والانحطاط.
من هذه المنطلقات ولاعتبارات كثيرة ربما ليس من المناسب طرحها علانية،وقد تكون القيادة المصرية على وعيٍّ تامٍ بها وبأبعادها،أكتب من القلب لعل ما أكتبه يلامس شغاف بعض القلوب التي لا تزال واعية صادقة الرؤى لما يحمله المستقبل من احتمالات مفجعة.
أولاً:أصل الداء (حقيقة سلطة) رام الله :وألفت نظر المسؤولين عن ملف ما اصطلحت القيادة المصرية بتسميته بالمصالحة الفلسطينية إلى أن سلطة رام الله ومن خلال تحركاتها المسرحية إنما تقوم بمحاولات احتلال مساحات من السياسة المصرية عن طريق خطة معلنة لا مراء فيها ولا جدال تعتمد على التوريط،واللعب والسلوك الاحتيالي الانحرافي،وتلجأ إلى هذا الأسلوب من منطلق الضعف والاحتماء بالجدار المصري تحت جو الأزمة الذي تعيشه؛نتيجة لفساد المنطلقات النفسية والسلوكية والأيديولوجية،وإفساد منطلقات الفعل الذي شوهت بداياته،وجاءت مخرجاته منسجمة مع هذه البدايات الانحرافية.
ثانيًا:"القديم باقٍ" و"القديم على قِدَمه": هاتان قاعدتان يُقِرُّ بهما العقلاء من البشر،وهي أصل من أصول التشريع الإلهي والوضعي،وفي ضوء ذلك أُذكر القيادة المصرية بأن القديم الباقي هو مسؤولية مصر بشكل مباشر ومُلْزِم عن شعب غزة وعن تأمين مصالح شعبها،وأن قيام سلطة رام الله،ومن قبلها سلطة ياسر عرفات أمر حادثٌ لا يُلغي القديم،ولا يعفيها من المسؤولية القانونية والدستورية حيال قطاع غزة،فهي مسؤولة بشكل مباشر عن إدارة القطاع،ولم يحتلْ اليهود القطاع من قوات فلسطينية،بل من قوات مصرية عام 1967م،ولم يكن هؤلاء الذين دخلوا قطاع غزة مع محمد عبد الرؤوف القدوة(المعروف بياسر عرفات) بعد طردهم من بيروت،وتشتتهم في المنافي العربية،قد لمست أقدام الغالبية العظمى منهم أرض القطاع،ولا يعرفهم سكان القطاع،وإنما جاؤوا في عملية تلفيق سياسي لبناء سلطة غريبة لا تمت إلى قيم الشعب الفلسطيني بصلة،إنها لا دولة ولا سلطة ولا نظام حياة،وما هي إلا عصابة في مجملها من الفاسدين المفسدين العابثين،ولما افتضح أمرهم في قطاع غزة وجدوا ملجأً لهم تحت مظلة المحتلين في رام الله،وأنتم تعلمون طبيعة التركيب السكاني في الجزء الشرقي المحتل من وطننا،ولن أستخدم تعبير الضفة الغربية عمدًا؛لأن هذا الاسم الدارج كان أحد مظاهر التمييع المتعمد للاسم التاريخي لوطننا.
وأنا أسأل كل مسؤول مصري:
ماذا فعلت سلطة عباس في رام الله بعد طردها من غزة؟
هل يستطيع عباس أن ينتقل من المقاطعة دون موافقة المحتلين؟
هل يستطيع أن يدخل مخيم لاجئين من بين المخيمات المنتشرة في الجزء الشرقي المحتل من وطننا ؟
نحن نعرف تاريخ هؤلاء السماسرة والجواسيس في رام الله واحدًا واحدًا،فلماذا ترفعونهم إلى سدة الرئاسة،وتصرون على منحهم ثقة لا يستحقونها؟
أنتم تعلمون حقيقة أصل ومنبت كل واحد منهم،وإذا كنتم لا تعرفونهم نحن على استعداد لإعطائكم المعلومات الصحيحة عنهم،لا يوجد واحد منهم يكنُّ أي ذرة احترام حقيقي لمصر وأقسم بالله على ذلك فلماذا تصرون على فرض محمود عباس رئيسًا لشعب أنتم أعلم بحقيقة مكوناته؟ومن بدهيات الفكر والمنطق أن بواكير البدهيات الفكرية لا يمكن محو وإزالة آثارها من الإنسان،المثل الشعبي الفلسطيني يقول(طبع اللبن لا يغيره إلا الكفن.)
أنتم تعرفون تفاصيل التفاصيل عن الشعب في غزة،وتربطكم بشعبها وشائج النسب والقربى،وأنتم كنتم فيه منذ عام 1948م،ولا زلتم أصحاب تأثير قوي على توجيه وضبط الأحداث فيه،فكيف تجعلون نكرة لا نقر له بفضل،بل لا نتذكر منه إلا الهبوط والانحطاط والتفريط والتآمر على قضية وطننا،ثم تصرون على فرضه رئيسًا،رغم أنه منتهي الصلاحية،مطعون في شرعيته وشرعية سلطة،ثم تسلمونه روح أي نظام سياسي (جهاز مخابرات )؟
أنتم أعلم الناس بارتباطاته مع اليهود،إن محمود عباس أو أي واحد من فريقه مرفوضون عند السواد الأعظم من الشعب الفلسطيني،فلماذا تريدون عودتهم إلى قطاع غزة،وقد طردوا منه؟هؤلاء حثالات كل واحد منهم له أصل أو انتماء فكري أو حزبي أوعائلي،جاء كل واحد منهم من بلد ،ووجدوا أنفسهم في وضع ضعيف بعد طردهم من غزة،ولا يجمعهم إلا مصالحهم الشخصية التي دلسوا بها على مصر وبقية الأنظمة العربية التي ارتاحت من التبعات القومية والدينية للقضية الفلسطينية،ووجدوا في مصر جدار حماية في ظل اتفاقية السلام مع اليهود،وظنوا أنهم بذلك يوحدون بين موقفهم وموقف الحكومة المصرية الملتزمة بتعهدات اتفاقية السلام.
ثالثًا:منظمة التحرير:كيف ستقنع مصر الفلسطينيين المعارضين لسلطة أوسلو العميلة إعادة بناء منظمة التحرير بعد أن رتبَّ محمود عباس أمره،وقام بتزييف انتخابات مسرحية على مسرح رام الله،وملأ المراكز الشاغرة في منظمة التحرير،وزاد عليها من أنصاره باستحداث مراكز ووظائف جديدة؟من يستطيع أن يصدق أنكم ستقومون بإعادة ترتيب منظمة التحرير سوى بالأسلوب والشكل اللذين سيخدمان برنامج سلطة أوسلو،ويجعلها دعمًا إضافيًا لقطار التسوية المتوقف حاليًا في محطة القاهرة التي تحاور وتداور وتلف وتدور لإدخال حماس وفصائل المقاومة في قفص أوسلو،وإعطاء محمود عباس وزمرته مفاتيح ذلك القفص؟ومن الضامن ألا يعود محمود عباس بقواته وأجهزته الأمنية التي تدربها أمريكا وتغرس في رؤوس قادتها وأفرادها عقيدة جديدة هي أبعد ما تكون عن الحرفية المهنية،وهي أقرب ما تكون إلى قوة ميليشيا عميلة لا تطيع إلا أوامر من يغدق عليها بالراتب؟
رابعًا: شعب فلسطين :وهل هو سكان الضفة والقطاع فقط:وأين الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني المقيمون خارج الأراضي التي تديرها سلطة أوسلو العميلة؟ولماذا تجاهلت بنود المصالحة ذكرهم؟ولماذا اقتصرت بنودها على العلاقات بين السلطة والفصائل الأخرى؟ما مصير ما يقرب من أربعة ملايين في الشتات يقيمون في بعض البلاد العربية خارج أرض الوطن،وفرضت عليهم ظروف طلب الرزق الانتشار في بلاد الغربة؟ولكنهم أبدًا لم ينسوا وطنهم،ومن حقهم كما من حق كل إنسان أن يعود إلى وطنه،لماذا أغفلت المبادرة المصرية ذكرهم؟وهل هذا تمهيد لاندفاع محمود عباس في المضي قدمًا في مفاوضات التسوية التي تعتبرهم مقطوعي الصلة بوطنهم حسب اتفاقية 2005 م بين سلطة العملاء في رام الله واليهود المحتلين؟لا علاقة لعباس والكثيرين الذين يقيمون بالضفة خاصة بفلسطين من قريب أو من بعيد،فمعظمهم جاؤوا مع محمد عبد الرؤوف القدوة،وبعد وفاته وجدوا الأجواء النموذجية لممارسة الفساد والتخريب الذي مهروا فيه في المناطق التي نشأوا فيها خارج فلسطين من خلال ارتباطاتهم المشبوهة،وانتماءاتهم الحزبية الغامضة.
خامسًا:الانتخابات:كيف يمكن إجراء انتخابات في الأراضي المحتلة بين سلطة تملك المال والنفوذ والدعم العربي والدولي،وقطاع محاصر مدمر منعت أهله أبسط مقومات الحياة؟كيف ستجري هذه الانتخابات في ظل مجموعة من المفسدين الفاسدين المجربين بكل أنواع الفساد والتفريط،وبين مقاومين يجردون من أسلحتهم بحجة النطاق الوظيفي لاستخدام السلاح؟أي مجنون ذلك الذي سيصدق أن محمود عباس وأجهزته الأمنية الأمريكية الصهيونية الغريبة عندما تعود إلى القطاع أنها لن تفعل الأفاعيل في القطاع؟ولكن بخطط نفسية وأمنية غاية في الكيد والقسوة والعنف لا جتثاث فكرة المقاومة من الشعب المنكوب بهم؟وإذا حدث ذلك فكيف ستثق حماس وغيرها من الفصائل في هذه السلطة اللعينة الغادرة الفاسدة حليفة اليهود والأمريكان الغزاة،ولا يكون حالها حال الحية التي قالت لطالب ثأر أخيه منها:كيف أصدقك وهذا أثر فأسك؟كيف ستثق حماس في هذه السلطة ولما تجف دماء شهداء قادتها وجماهيرها من جراء عدوان لا تزال تعاني من ضراوة آثاره،وثبت لديها بالأدلة القاطعة تواطؤ محمود عباس وجواسيس حركة فتح من بقايا الخونة والعملاء مع اليهود الذين دمروا بيوت أهلهم على رؤوسهم؟وآخر الأدلة الدامغة ما أقدمت عليه سلطة أوسلو العميلة في موقفها الإجرامي من تقرير القاضي جولدستون؟
إذا كان المسؤولون في القيادة المصرية يرغبون في سماع نصيحة صديق يَصْدُقْهُم،وليس مقولة صديق ينافقهم ويُصَدِّقهم فعليهم أن يعرفوا أن رابع المستحيلات أن يعود محمود عباس وسلطته إلى غزة بوضعهم الحالي ولو انطبقت السماء على الأرض،ولو لم يبقَ من الشعب في غزة لا ديَار ولا نفَّاخ نار كما يُقال،وليبحثوا في الأمور الحقيقية التي يكسبون بها ثقة شعب تربطه بشعب مصر العزيز وشائج القربى والنسب،وسيل من دماء الشهداء الذي رووا بدمائهم الزكية شجرة الحرية التي غرسها عبد الناصر ورجاله وإخوانه النبلاء،بدلاً من الإصرار على تعذيبه والتشديد في معاناته،والاشتراك في قتله بتبنيهم لهذه العصابة الفاسدة عباس وفريق أوسلو المشؤومة،وأهل مصر الكرام لا يزالون مسؤولون مسؤولية مباشرة إنسانيًا وقانونيًا عن الوضع الذي يعيشه أهل القطاع.
سادسًا: قوات الأمن الفلسطيني :ما اصطلحت عليه الوثيقة (الأمن الفلسطيني) هو بيت القصيد في القضية كلها،وحجر الأساس في موضوع المصالحة هو الجانب الأمني،فهو الذي فجَّر أحداث غزة والجزء الشرقي المحتل من وطننا،وعليه مدار هذه الحيلة التي أُلبست خداعًا لباس الدبلوماسية والسياسة،إنها الهم الرئيس لليهود الغزاة المجرمين،وهي كذلك همُّ محمود عباس وسلطة الجواسيس والسماسرة في رام،وهمُّ ومهمة كل متخاذل جبان من الشعب الفلسطيني،وقضية كل من أغراه المال والمنصب بمعاداة أهله،والتآمر على قتل إخوانه،والتخابر مع أعدائه،وتزويدهم بالمعلومات عن كل صغيرة وكبيرة من حياة مجتمعه،إن الاهتمام بهذا الجانب الذي توقفت عنده الوثيقة طويلا سببه :أنه مصدر القوة،ومن يمتلك القوة يمتلك القرار،ومن يمتلك القرار من مصدر القوة يحكم ويتصرف،ويقوم بالفعل الذي تتوفر له مقومات التنفيذ وإحداث الأثر الفردي والاجتماعي.
إن ما ورد في هذه الوثيقة من تفاصيل عن الجوانب الأمنية هو الفخ الحقيقي المنصوب لحماس وللفصائل الجهادية المقاومة،وإذا جانبت هؤلاء كياسة المؤمن وصدق البصيرة،وخصائص الإيمان الصادق للمجاهدين المحتسبين؛فسوف تكون الطامة الكبرى،وسوف تكتب هذه الفصائل التي ستوقع على الخطة آخر فصول تصفية القضية الفلسطينية.
إن إمكانات الشعب الفلسطيني متمثلةً في جزء محطم محاصر في غزة،وفي كل جوانبها لا تقاس بإمكانات النظام المصري الذي ألقى بثقله خلف السلطة العميلة الفاسدة بسبب أن الفريقين ملتزمان بالسلام الخيالي مع اليهود المحتلين والتطبيع المستحيل المتصادم مع المنهج الإلهي في تفسير الصراع مع اليهود الغزاة المجرمين،ويُسوِّقان للمبادرة العربية التي تهرب بها العرب من تحمل تبعات قضيتهم القومية الأولى،ولو أمعنت تلك الأنظمة في دراسة وفهم وتفسير المشكلات الداخلية والخارجية لأوطانها وأنظمتها فستجد أنها كلها ترجع بشكل أو بآخر إلى جانب أو أكثر من جوانب الصراع مع اليهود الغزاة،ولكنهم يمعنون في الاغتراب الفكري،والتقوقع القطري،والتشريعات والأنظمة الشوفونية بهدف التهرب من تحمل تبعات الصراع مع الغزاة اليهود الذين يصرون على التعامل مع العرب والمسلمين من منطلق العداء والحرب والقتال،والعرب يعرضون عليهم المبادرة تلو الأخرى للسلام والتطبيع الذي لا يوجد لهما أي مكان في الفكر والسلوك اليهودي الصهيوني.
إن اعتبارات الأمن الصهيوني هي التي أملت ما ورد في هذه الوثيقة الفخ عن أجهزة الأمن الفلسطينية،والتدخل العربي الداعم لسلطة أوسلو ورأس الخيانة محمود عباس،إن التطبيع هو الذي فرض كل حرفٍ من حروف هذه الوثيقة،إن محمود عباس مجرد مقدمة مهترئة لمركبة عربية متداعية يسيل لعابها للتطبيع مع اليهود،وتقدم الشعب الفلسطيني ومقدمته حماس والجهاد لقمة شهية للوحش اليهودي المستقوي بالصلبيين الغزاة،ولن تتصور حماس ما سيحدثه الأمن الفلسطيني القادم من الضفة بعد أن غسلت رؤوسهم ترهات فلسفة ممثلي قلعة الظلم والوحشية أمريكا وحليفها الصهيوني المجرم،ولن تكون هناك فرصة لجولة أخرى بين الحق والباطل على أرض غزة؛لأن كافة الأطراف التي وكَّلَت مصر بكم لن تسمح بها.
ويُخطىء من يظن أن الحل سيكون حلاً أمنيًا يعتمد على الحيلة والتلاعب بالمقدرات الوطنية،ونصب الفخاخ ،لن يكون الحل إلا اعترافًا بالحقائق الموضوعية على الأرض،وأي تنازل من حماس عن مكتسباتها التي هي مكتسبات الشعب الفلسطيني في كل مكان سوف ينعكس على مجمل تفاصيل القضية الفلسطينية،أو ما تبقى منها بعد أن فتتها الجواسيس،وباعها السماسرة.
وللمرة الألف بل المليون نقول لحماس وللجهاد ولجميع المخلصين:لا توقعوا لو انطبقت السماء على الأرض،ولا تعيدوا محمود عباس الفاسد الذي نزعتم بيعته من رقابكم،وأنتم في الأصل لا تعترفون بأوسلو المشؤومة واستحقاقاتها ونتائجها المدمرة،فكيف تقدمون أيديكم لجلاديكم مختارين؟وكيف ترضون أن تكونوا بمنزلة العبد الآبق الذي يُسلم قياده لسيده الظالم الخائن الطاغية ،الذي لم يرقبْ في مؤمن إلآًّ ولا ذمة؟
اطلبوا النصرمن الله يا جند الإسلام،ويا حفظة كتاب الله،واعلموا أن النصر مع الصبر،وأنه لن يغلب عسرٌ يسريْن،وأن لله عبادًا إذا أرادوا أراد،وأن الله مع الصابرين،وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ،والله مع الصابرين.
اللهم هل بلغت،اللهم فاشهد،ولقد أعذر مَنْ أنذر.
(... والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .)(يوسف 21)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.