الحرس البحري ينجد 11 بحارا كانوا على متن مركب صيد تعرض للعطب قبالة شاطئ هرقلة    جامعة التعليم الأساسي: ترسيم 850 عونا وقتيا مكلّفا بالتدريس    بودربالة والسفير الإيطالي يؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لمواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية تعزيزا للاستقرار في المنطقة    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة    العجز التجاري الشهري لتونس يتقلّص بنسبة 4،16 بالمائة موفى مارس 2024    كيف يتعامل البريد التونسي مع الحسابات المهجورة؟    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا    نابل : الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي"    الرابطة الأولى: إتحاد بن قردان محروم من جماهيره في مواجهة قوافل قفصة    عاجل/ التشكيلة المحتملة للترجي أمام صانداونز    بحوزتهم أسلحة بيضاء ومخدّرات: القبض على 23 مفتّش عنه في هذه الجهة من العاصمة    مأساة جديدة في المهدية: يُفارق الحياة وهو بصدد حفر قبر قريبه    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    5 ٪ زيادة في الإيرادات.. الخطوط الجوية التونسية تتألق بداية العام الحالي    عاجل/ استشهاد 3 أشخاص على الأقل في قصف صهيوني لمبنى تابع للصليب الأحمر في غزة..    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    سوسة: حجز 716 قرص مخدر لدى مروّج    القيروان: تسجيل حالات تعاني من الإسهال و القيء.. التفاصيل    بن عروس: انتفاع 57 شخصا ببرنامج التمكين الاقتصادي للأسر محدودة الدخل    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    صدور قرار يتعلق بتنظيم صيد التن الأحمر    إعلام هامّ من الوكالة الفنّية للنقل البرّي    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    الرابطة الأولى: كلاسيكو مشوق بين النجم الساحلي والنادي الإفريقي .. وحوار واعد بين الملعب التونسي والإتحاد المنستيري    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    طقس الخميس: سحب عابرة والحرارة بين 18 و26 درجة    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هنا اغتيل أبو جهاد وهكذا قُتل أبو أياد

تونس:لم تكن العمليات الأمنية سمة العمل الفلسطيني فوق الأراضي التونسية، التي كانت ساحة تخطيط لهجمات نوعية في أوروبا وفي الداخل الإسرائيلي، إضافة إلى إطلاق الانتفاضة الأولى في عام 1987 في الأراضي المحتلة عام 1967. رغم ذلك، كانت الساحة التونسية مسرحاً لثلاث عمليات أمنية كبرى، بينها اغتيالان لأبرز شخصيتين في
منظمة التحرير الفلسطيني وحركة «فتح» بعد ياسر عرفات. أبو جهاد، الرجل الثاني في المنظمة والقائد الفعلي للعمليات العسكريّة، سقط في عمليّة أمنية معقّدة ل«الموساد»، بينما قُتل أبو أياد في عملية لا تزال الأطراف الضالعة فيها غامضة، فيما كانت مجزرة حمّام الشط من أبرز محاولات اغتيال أبو عمّار
الاطلاع على «الأطلال» الفلسطينية في تونس لا تكتمل من دون زيارة مواقع العمليات الأمنية التي شهدها هذا البلد. الزيارة ليست سهلة، ولا سيما أن المعالم تغيّرت والمواقع عادت إلى أصحابها. كثير من الفلسطينيين الذين لا يزالون في تونس لا يعرفون موقع الفيلّا، التي كان يسكنها خليل الوزير (أبو جهاد)، والتي شهدت اغتياله على أيدي عناصر الموساد. والغالبية الموجودة لا تعلم أيضاً موقع سكن هايل عبد الحميد (أبو الهول)، حيث قتل صلاح خلف على يد أحد حرّاس أبو الهول. طلب زيارة هذه المواقع من المسؤولين في الدائرة السياسية في منظمة التحرير تطلّب بعض الاتصالات والسؤال عمّن يعلم بهذه الأماكن، ومن عايش تلك المرحلة ويستطيع أن يروي مشاهداته عنها.
الاتصالات أوصلت إلى ناصر قبلاوي، الذي كان أحد أقرب مرافقي أبو أياد عند اغتياله، ولا تزال مشاهد الاغتيالات حاضرة في ذهنه. ورغم أنه لم يكن شاهداً على اغتيال أبو جهاد، إلا أن روايات الشهود لم تمح من ذاكرته. روايات قد تتعارض في بعض تفاصيلها مع الكثير مما نشر عن الجريمة وطريقة تنفيذها.
في الطريق إلى مواقع الاغتيالات يستحضر المرء كل ما قرأ عن جريمتي الاغتيال. قراءات لا بد أنها ساهمت في رسم صورة سينمائية للمشهد الاغتيالي، وخصوصاً بالنسبة إلى أبو جهاد، الذي كان الانطباع أن «فيلته» مطلة على البحر مباشرة، وأن أفراد الكوماندوس الإسرائيلي خرجوا من الزوارق المطاطية وتوجّهوا سيراً على الأقدام إلى حيث كان يقطن القيادي الفلسطيني.
مشهد لا يلبث أن يتبدد لحظة الدخول إلى الشارع الفرعي في منطقة سيدي أبو سعيد، حيث فيلا أبو جهاد. ورغم أن المنطقة تعد مطّلة على البحر، إلا أن مكان تنفيذ الاغتيال يبعد نحو 3 كيلومترات عن الشاطئ، حيث يُعتقد أن عناصر «الموساد» نزلوا بزوارقهم المطاطيّة.
«يُعتقد؟» تسأل قبلاوي، الذي يجيب بأن الأمر غير محسوم بعد رغم الروايات الإسرائيلية التي نشرت عن الموضوع. حتى وإن كان هناك عناصر من «الموساد» وصلوا عبر البحر، إلا أن جزءاً كبيراً من منفذي الاغتيال، الذين «يقدّر عددهم بالعشرات، كانوا موجودين على البر».
تقديرات قبلاوي لمنفذي الاغتيال تأتي من السيارات التي كان قد استأجرها بعضهم للانتقال من الشاطئ إلى منزل أبو جهاد والعودة بها إلى الشاطئ. فالسيارات، وعددها ثلاث، كانت عبارة عن حافلات صغيرة تتسع كل منها لأكثر من 8 أشخاص.
الحافلات استؤجرت من مكاتب سياحيّة تونسية عبر أشخاص دخلوا إلى تونس بجوازات مزورة، نشرت بعض الصحف الإسرائيلية أنهم لبنانيّون. وبحسب تقديرات الأمن الفلسطيني، التي ينقلها قبلاوي، فإن العدد الكبير من المنفذين كان لتأمين مكان الاغتيال، وإغلاق الشوارع المحيطة بالفيلا قبل التوجّه لإتمام العمليّة.
بالوقوف أمام الفيلا وسماع الرواية، تتشكّل صورة سينمائية أخرى متخيلة: الشارع مظلم (بما أن العملية تمت في الساعة الحادية عشرة من ليل السادس عشر من نيسان 1988). حارس تونسي عند الباب، إضافة إلى سائق أبو جهاد. تقترب سيارة فيها زوجان «سائحان» من الحارس، الذي كان يجلس تحت مكتب أبو جهاد، للاستدلال على مكان ما، فيسارع الزوج إلى إطلاق رصاص من مسدس كاتم للصوت على الحارس ويرديه قتيلاً، قبل أن يتوجه إلى السائق ويقتله أيضاً، وينتقل مع آخرين كانوا في الانتظار للدخول إلى الفيلا.
رواية الداخل معروفة، ولا يمكن أن تقترن بالمشاهدة، بما أن الفيلا حالياً مشغولة بساكنين جدد، قد يعلمون أو لا يعلمون بالجريمة التي شهدتها. الرواية تشير إلى سماع أبو جهاد للجلبة والانتقال بمسدسه إلى خارج مكتبه ليفاجأ بثلاثة أشخاص في ردهة الفيلا. بادر بإطلاق النار من مسدسه، لكن رصاصات الأسلحة الرشاشة كانت أمضى. وبحسب رواية انتصار الوزير (أم جهاد)، التي كانت شاهدة عيان، فإن الثلاثة أفرغوا مخازنهم في جسد أبو جهاد الذي فارق الحياة في لحظتها.
بالعودة إلى المشاهدة الحيّة، يشير قبلاوي إلى أن حارس الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عبّاس (أبو مازن)، الذي كان يسكن في الحي، كان أوّل من تنبّه إلى الحادثة بعد رؤيته سيارات مسرعة تغادر المكان، ثم سماعه صوت أم جهاد. قبلاوي يشكّك أيضاً في رواية مغادرة المنفذين عبر البحر، إذ يشير إلى أنهم تركوا الحافلات قرب البحر ربما للتمويه، وقد يكونون غادروا برّاً.
افتراض قد لا يكون مستبعداً، ولا سيما بعدما كشف الإسرائيليون في مرحلة لاحقة أن نائب وزير الداخلية التونسي في سنوات الثمانينيات، أحمد بنور، والهارب إلى باريس حالياً، عمل لحساب «الموساد» الإسرائيلي لسنوات طويلة، وكان له دور كبير في اغتيال عدد من القادة الفلسطينيين، بينهم أبو جهاد وعاطف بسيسو في باريس.
أبو أياد
الانتقال من سيدي أبو سعيد إلى منطقة قرطاج، حيث فيلا أبو الهول لا تأخذ الكثير من الوقت. غير أن الوصول إلى الفيلا والوقوف أمامها أو تصويرها يعدّ مستعصيّاً، بعدما تحوّلت إلى سفارة لفنلندا. لكن هذا لم يمنع المرور السريع أمام المكان، مترافقاً مع شرح من قبلاوي لعملية الاغتيال التي كان شاهداً عليها، وكان الوحيد الذي أطلق النار على المهاجم.
المهاجم هو حمزة أبو زيد. كان أحد مرافقي أبو الهول، غير أنه اتضح بعد ذلك ارتباطه بجماعة صبري البنا (أبو نضال) الذي كان يقيم في العراق.
قبلاوي يروي الحادثة، وكيف انضم القيادي في «فتح»، فخري العمري (أبو محمد)، إلى أبو أياد أثناء توجهه إلى منزل أبو الهول. حدث ذلك في الرابع عشر من كانون الثاني 1991. حينها تجمّع الثلاثة في المنزل بانتظار وصول أبو عمار من إحدى جولاته الخارجية.
ويؤكد قبلاوي أن تلك الليلة لم تكن موعد مناوبة حمزة أبو زيد، لكنه حين علم بأن أبو أياد موجود جاء على الفور إلى المنزل، وكان يتحيّن الفرصة للدخول. الفرصة جاءت حين انطفأ أحد مصابيح الإنارة في الخارج، فتوجه إلى المنزل لطلب تغييره. وما إن فتح الباب حتى انسل إلى الداخل، وسُمع بعدها إطلاق الرصاص. نفذ حمزة جريمته وتوجّه إلى غرف النوم، حيث كانت زوجة أبو الهول، وقال لها إن «الموساد» قتلهم. لكن في تلك الأثناء كان أبو الهول قد خرج من المنزل مصاباً وأبلغ الحرس بما فعله حمزة.
وبعد مفاوضات طويلة مع الأمن التونسي، سلّم حمزة نفسه في الساعة الخامسة صباحاً، ليسلّم بعد ذلك إلى منظمة التحرير التي أعدمته في اليمن «في عرض البحر»، بحسب قبلاوي.
«الساق الخشبيّة»
كانت تونس أيضاً شاهدة على مجزرة إسرائيلية، راح ضحيتها 61 شخصاً وعشرات الجرحى، حين أغارت الطائرات الإسرائيلية في 11 ت1 1985 على مكاتب منظمة التحرير في منطقة حمام الشط، على الطريق بين تونس وحمّامات.
لم يكن بالإمكان زيارة المنطقة، التي تحتضن أيضاً مقبرة الشهداء الفلسطينيين. غير أن رواية المجزرة كانت حاضرة، وهدفها أيضاً. وبحسب المسؤولين الفلسطينيين، فقد كانت تستهدف اغتيال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمّار) (الصورة).
العملية، التي أطلق عليها اسم «الساق الخشبية»، جرت أيضاً بالتنسيق مع نائب وزير الداخلية التونسي في الثمانينيات، أحمد بنور، الذي أبلغ «الموساد» بموعد قدوم عرفات إلى مقر قيادته.
أبو عمّار نجا كعادته من الاغتيال، غير أن هناك روايتين للنجاة، الأولى تقول إن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة استبقاه في قصره، وأخرى تشير إلى أن أبو عمار كان «يمارس رياضة السباحة» عند وقوع الغارة.
تونس حسام كنفاني
جريدة الأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.