لو كان الأمر كذلك لما تهرب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من اللقاء مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية"يوكيا أمانو" الذي وصل الى اسرائيل بترتيب مسبق وتلبية لدعوة من مدير عام لجنة الطاقة النووية الإسرائيلي "شائول حورف" وهي الزيارة الأولى بعد تسلمه الموقع خلفا لسلفه محمد البرادعي الذي اتسم عهده مع اسرائيل بالجمود ان لم يكن التوتر، من هنا تأتي أهمية الزيارة لو أن اسرائيل تنوي التعاون الحقيقي والتوقيع وليس تذويب الجليد وترطيب الأجواء مع الوكالة التي تتبع الأممالمتحدة والمعنية بالإشراف والرقابة على البرامج والمنشآت النووية الدولية، ومنها الإسرائيلية، وتعمل على إنهاء الغموض النووي الإسرائيلي، والكشف عن ما لديها في هذا المجال. لكن اسرائيل لا تريد أن تتهرب من التوقيع على معاهدة حظر الإنتشار النووي الدولية فحسب ، بل تريد أن تأخذ شهادة واعترافا من الوكالة الدولية بأنها متعاونة في هذا المجال وأنها تفتح الأبواب المغلقة أمام المؤسسات الدولية، وتخدعه وتخدع العالم وتؤكد من جديد على غموضها النووي من خلال السماح لفرق الوكالة الدولية بزيارة المفاعلات البحثية الإسرائيلية مثل "نحال" وهو الذي منحته الولاياتالمتحدة لاسرائيل في نهاية الخمسينات وهو فقط الذي يخضع لرقابة الوكالة الدولية بحسب الإتفاق، كما أنها ستعتبر الزيارة مناسبة لمخاطبة العالم والمقارنة بين دعوتها مدير الوكالة لزيارتها وبين رفض ايران تنفيذ قرارات مجلس الأمن في ما يتعلق بالبرنامج النووي الخاص، وتسليط الأضواءعلى المشروع النووي الإيراني وستحاول إقناع مدير الوكالة بأن مشروعها النووي لا يشكل خطرا بل الخطر من المشروع الإيراني وليس عليها فحسب بل وعلى العالم أجمع. مدير الوكالة الدولية "يوكيا أمانو" ينظر للزيارة على أنها تنفيذا لقرار تبنته الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال مؤتمرها السنوي العام في ايلول /سبتمبر 2009 دعت فيه اسرائيل الى الإنضمام لمعاهدة حظر الإنتشار النووي ووضع كل منشآتها النووية تحت إشراف الوكالة الدولية، إضافة الى أنه أعلن أنه سيتدخل شخصيا مع السلطات الإسرائيلية لإقناعها بالتوقيع على المعاهدة، كما أن العديد من الدول العربية طلبت مناقشة البرنامج النووي الإسرائيلي وعلى أمانو أن يعد نفسه لذلك ويجيب. القاسم المشترك للزيارة بين مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والقيادة الإسرائيلية هو محاولة كلاهما ترطيب الأجواء وتذويب الجليد والتوتر الذي نشأ بينهما في عهد المدير السابق للوكالة الدولية محمد البرادعي الذي زار اسرائيل مرتين خلال 12 سنة، ولم يستطع تحقيق أي تقدم يذكر في هذا المجال. اسرائيل ستقنع مدير الوكالة أمانو بأن "مفاعلات نحال" مفتوحة أمام فرق التفتيش الدولية، كما هي "مفاعلات بوشهر الإيرانية"، أما ديمونة فهو ما زال مصنع النسيج الذي اشتراه الرئيس الحالي "شمعون بيرس" من فرنسا عام 1962 في عهد "ديفيد بن جوريون" وأثناء حكم الرئيس الأمريكي "جون كنيدي" الذي شك في الأمر وطلب إخضاعه للتفتيش، وحضر المفتشون وتم اصطحابهم الى غرفة تحكم "مزيفة" في الطابق الأرضي من المبنى في الوقت الذي حجب عنهم ستة طوابق أخرى تحته وهي التي يتم فيها تصنيع مادة "البلوتونيوم" وأقنعوا الزوار بأنه مصنع نسيج، ولو أنه انتج 200 – 300 سلاح نووي، أما أخوات ديمونة فسيزورها مدير الوكالة "يوكيا أمانو" على اعتبار أنها مصانع للألبان والأجبان والكوزماتكس ليس إلا، ولا نتفاجأ بعدها إن علمنا بامتلاك اسرائيل 300 – 400 سلاح نووي. وهنا تكمن خطورة الزيارة. خبير ومحلل عسكري